كتب- حاتم العبادي - ما هو هدف «التعليم العالي» من تشكيل لجان لتقييم اداء الجامعات؟ وما هي محاور التقييم، هل تصب في اتجاه الاداء الاكاديمي ام تذهب الى البعد المالي أم ماذا؟ وما هي آثار التقييم على تلك المؤسسات؟
عند محاولة الاجابة عن هذه التساؤلات، لابد ان نشير الى آليات عمل الجامعات، والتي باتت مجردة من الاستقلالية وانها مجرد اداة منفذة لقرارات وسياسات واستراتيجيات مجلس التعليم العالي، الذي يراسها وزير التعليم العالي والبحث العلمي.
فعلى الصعيد الاكاديمي، عند تقييم أداء الجامعات، فلابد ان يستند هذا التقييم لقرارات وسياسات الجامعات، لا ان تحاسب تلك الجامعات على سياسات فرضت عليه وان الاشخاص القائمين عليها مجبرون على تطبيق تلك القرارات والسياسات، والتي تشكل عائقا وعاملا سلبيا في اداء الجامعات.

فبحسب أسس القبول، فإن مجلس التعليم العالي، الذي يراسه الوزير، هل الذي يحدد عدد الطلبة الذين يقبلون فيها سنويا، دون ان يكون للجامعات دور في وضع اسس القبول او تحديد عدد المقبولين سنويا ، او حتى تمثيل في مجلس التعليم العالي.
وبحسب مراقبون، فإنه عند تحديد تلك الاعداد لا تتم مراعاة الطاقة الاستيعابية للجامعة، ولا ما يترتب على الاعداد الزائدة عن الطاقة اثار سلبية على الاداء الاكاديمي وبالتالي على مخرجات تلك المؤسسات، هذا في الاطار العام للقبول. وفي الخوض في التفاصيل، فإن مجلس التعليم العالي لا يميز عند إقرار الاعداد بين التخصصات المطلوبة لسوق العمل وتلك المطلوبة او الراكدة، وبالتالي ينعكس ذلك على خريجي تلك الجامعات من ناحية «البطالة»، وهذا المحور ( نسبة التشغيل لخريجي اي مؤسسة تعليمية ) احد المحاور الرسمية لعملية تقييم تلك المؤسسات.
وتشير الاحصائيات الى ان اربع جامعات فقط من اصل عشر جامعات عدد الطلبة الملتحقين فيها اقل من الطاقة الاستيعابية للجامعة، بينما باقي الجامعات ملتحق فيها طلبة أكبر من طاقتها الاستيعابية.
وفي ظل هذا الواقع، هل يحق لمجلس التعليم العالي تقييم اداء الجامعات؟
كما ان صاحب الصلاحية الاكبر في قيادة الجامعات يتمثل في مجلس امنائها، الذي توكل له مهام كبيرة، يتم تعيينه من قبل رئيس الوزراء، بمعنى آخر، يتم التنسيب بالتعيين دون الاستناد الى اسس ومعايير تراعي الوضع الوظيفي والمهني لهم، ولا خصوصية المؤسسة كمؤسسة تعليمية.
وعلى الاغلب، يرى مراقبون ان عملية التعيين في مواقع مجالس الامناء، تأتي في إطار الترضية والمحسوبية وتبادل المصالح، مع التأكيد انه ليس كل من يتم تعيينه، لا يصلح ان يكون عضو في هذه المجالس ، إنما غياب الاسس والمعايير، يشكل عائقا امام تطور الجامعات وسياساتها واستراتيجيتها، والتي يريد مجلس التعليم العالي الحالي تقييمها.
وفي هذا الصدد، تظهر رئاسات وعضوية مجالس الامناء، حالات من التناقض في المصالح، فهنالك رؤساء لمجالس امناء هم اصحاب ومساهمو في جامعات خاصة، فكيف له ان يوفق بين متطلبات العمل في مجالس امناء الجامعة الرسمية، التي رشح لرئاسة مجلس امنائها او عضويتها، وبين متطلبات مصلحته كصاحب او مساهم في جامعة خاصة؟
اما على صعيد التقييم المالي للجامعات، فإن الوضع المالي للجامعات مرتبط بعناصر كبيرة جزء كبير منها مرتبط بسياسات الحكومة ومجلس التعليم العالي، ففرض اعداد طلبة على الجامعات ضمن البرنامج العادي يفرض تكاليف مالية، خصوصا وان الرسوم في تلك البرامج في اغلبها، لا تغطي الكلفة الحقيقية للتعليم، وهذا بإقرار من وزراء ورؤساء جامعات، بالمقابل، فإن الحكومة تتحصل على ملايين الدنانير تحت بندا رسوم جامعات لا تحصل «الاخيرة» إلا على فتات من تلك الرسوم ضمن مخصصات الموازنة السنوية لقطاع التعليم.
اما إذا كان الهدف من التقييم ايجاد مبررات لتغيير رؤساء جامعات، فبداية، جميع رؤساء الجامعات يتم تعيينه بقرار حكومي، وانه في الفترة الاخيرة، تم تشكيل لجان لاختيار مرشحين. والامر الاخر، فإن صلاحية تقييم اداء رؤساء الجامعات يجب ان تكون لمجالس الامناء، وليس لمجلس التعليم العالي او وزير التعليم العالي.
وفي الفترة الاخيرة، منعت الحكومة ادارات الجامعات من اتخاذ قرار ملء حاجاتها من الفنيين او المدرسين او الاداريين، إلا بموافقة مسبقة منها، واخيرا اتخذت قرارا بشمول التعيين في الجامعات من خلال ديوان الخدمة المدنية، والسؤال لماذا؟
وللاجابة على هذا التساؤل، فإن الحكومة مدانه، فإذا كان السبب منع تعيين المحوسبيات، وضمان الشفافية والعدالة فأين الاقسام الرقابية في تلك الجامعات عن تلك القرارات؟ ولماذا لم تحاسب الحكومة اي من القيادات في الجامعات على الاخطاء إن وجدت. وكيف ستراعي الحكومة في قراراها الاخير خصوصية الجامعات في التعيينات التي تريد؟ ولماذا لم يستأنس برأي الجامعات عند اتخاذ هذا القرار؟
الثلاثاء 2015-04-14