د . فايز أبو حميدان

يقول المثل الألماني « من لا يهتم بصحته يدمن « ، هناك أشكال كثيرة للإدمان منها، استخدام المواد الكيميائية كالكحول والمخدرات والتدخين، أو الإدمان على عادات معينة كلعب القمار والورق، أو حتى الإدمان الإلكتروني كاستخدام الكمبيوتر والهواتف النقالة، والإدمان على الأشخاص، أو ادمان الإنسان على تناول شيء أو ممارسته بشكل دائم بغض النظر عن العواقب الضارة بصحته أو حالته العقلية أو حياته الاجتماعية. وتقدر أعداد المدمنين في العالم بخُمس سكان الكرة الأرضية، وفي بعض الأحيان يكتسب الإدمان صفات إجتماعية فتصبح ممارسته أمرا عاديا كما هو الحال في تناول القات في اليمن وبعض الدول الإفريقية.
و الإدمان لا يميز بين ذكر وأنثى ، ولا يقتصر على عمر معين ، فأصغر مدمن على التدخين في العالم عمره سنتين و يعيش في الصين، حيث أن الصين تحتل المركز الاول فى العالم من حيث عدد المدخنين، كما وتوصل باحثون واخصائيون في مجال التأمين الصحي الى أن تكاليف الرعاية الصحية للمدمنين تقدر بثلث مصاريف التأمين الصحي في الدول الصناعية، التي يتم انفاقها على علاج حالات الإدمان أو الأمراض الناتجة عنها، وقد فاجأ هذا الرقم العالم مما دفع الدول المتقدمة لوضع أولويات للتحذير ، وانتهاج طرق للسيطرة على الإدمان ، منها زيادة الضرائب على السجائر والكحول ، وتخصيص مليارات لنشر التوعية الصحية انطلاقاً من مبدأ الوقاية خير من العلاج ، كما ونشرت منظمة الصحة العالمية مؤخراً دراسات أكدت فيها أن المدمنين في الدول الفقيرة ينفقون حصة كبيرة من دخلهم على تناول الخمور مقارنةً بالدول المتقدمة ويعانون أكثر من ويلاتهــا التي تتمثل في العنف الأسري والجريمة .
إن ظاهرة التدخين في الأردن تشكل الحالة الأكثر شيوعاً للإدمان، والمأساة هي ظاهرة الاقبال المتزايد والسريع للسيدات على التدخين، وعدم وجود وعي أو تقبل لمبدأ الإقلاع عنه كعادة، بل وتصل الأمور في بعض الأحيان إلى الاستهزاء ممن يرغبون بالإقلاع عن التدخين واعتبارهم بعيدين كل البعد عن العادات والتقاليد العصرية.وأي عصرية هذه !
وحسب تعريف منظمة الصحة العالمية فإن أهم أعراض الإدمان هو التعلق والطلب وهو ما يدعى كرافنج Craving))، بالإضافة إلى عدم مقدرة الجسم على تخفيف كمية المواد المسببة للإدمان عند تناولها، وظهور أعراض انسحابية (كالعصبية والعنف وعدم السيطرة ) ، وكذلك الاستخدام المفرط لمادة الإدمان من أجل الوصول إلى حالة الإشباع ، فمن يصل إلى هذه المرحلة وهذه الأعراض فهو في حالة إدمان وبحاجة إلى مساعدة من قبل الأخصائيين.
ومن أهم حالات الإدمان الشائعة في الوقت الحاضر، بين الشباب هي تناول المخدرات وحبوب التنشيط والمرتبط بتناول الكحول والتدخين ، فهذا الخليط الخطر من الإدمان له تبعات صحية كارثية ، ويتسبب بأمراض خطيرة كأمراض الرئة والكبد، السرطان ، الشيخوخة المبكرة، ضعف الجسم والقدرة الجنسية ، وربما تؤدي حالات الإدمان إلى تغير في الصفات الوراثية مما يزيد من التشوهات الخلقية عند الأطفال ، و يتسبب بخفض نسبة الذكاء لديهم، إضافة لتغير المعايير الأخلاقية وانحرافها، إذ يصبح المدمن مستعداً لفعل أي شيء من أجل الحصول على كمية صغيرة من المادة المسببة للإدمان فهو مستعد للجوء إلى أمور غير اخلاقية و مخالفة للقانون من أجل تحقيق مراده ، و تكمن الخطورة عندما تنعدم لديه المبادئ بشكل كلي.
وعلى الرغم من اختلاف طرق علاج الإدمان إلا أن أهم عوامل النجاح تكمن في إرادة المريض، وتركيزه على ممارسة العادات التي تُبعده عن المادة المسببة للإدمان وخاصة ممارسة الرياضة لما لها من أبعاد نفسية وجسدية مفيدة، وهناك علاجات باستخدام العقاقير في حالات الإدمان على الكحول مثلاً فإنها تساعد بالابتعاد عن تناولها ولكن نجاحها له علاقة بما ورد سابقاً .
إن من واجبنا مراعاة هذه الحالة الاجتماعية المرضية الصعبة والتي تتطلب تعاون بين العائلة والأخصائيين، بالإضافة إلى وجود مراكز متخصصة لعلاج هذه الحالات ، ونشر التوعية اللازمة لتشجيع المدمنين على البدء بمرحلة العلاج والامتثال لقوله تعالى : « وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ»
الخميس 2015-04-02