كتب - فيصل ملكاوي

المنطقة مشتعلة وهي في في ذروة الحريق والاردن محاط بلهيبه لكنه نجا وبقي قويا ويتعزز دورالدبلوماسية الاردنية كدولة قوية تقف على قدميها على ارضية صلبة في هذا المشهد بقيادة صوتها مسموع في كل مكان في العالم لصوابية رؤيتها حتى بات هناك ضرورة براي الاوساط الدبلوماسية في طيف واسع لاخذ الاردن دورا محوريا في قضايا المنطقة وملفاتها .
الاردن قام بدروه لكن هذا الدور السيادي كان وسيبقى « دورا محوريا مبادرا ليس مغامرا» في الاقليم وازماته الخانقة التي تضرب في العمق العربي خصوصا وكذلك عملية السلام المجمدة والمتوقع لها الاسوأ بفوز نتيناهو في الانتخابات الاسرائيلية .
وكل ذلك وسط مؤشرات كبيرة على تحول «ازمة ايران مع الغرب « الى على اتفاق وشيك عبر اطار 5 + 1 وسيكون له ارتداته الكبيرة التي ستحدث تحولات في الاقليم برمته وتتعداه الى الساحة الدولية .
طالما ثبت للجميع صوابية الدبلوماسية الاردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ، حيال كافة قضايا المنطقة ، لذا هناك في هذه المرحلة حالة اقليمية ودولية تريد الاصغاء لصوت الملك ورؤيته المستندة الى ثوابت واضحة لا تتغير مكنت الاردن على الدوام من مرونة التحرك والقدرة على التحدث الى كافة الاطراف .
وكانت ولازالت وستبقى القضايا والمصالح العربية في مركز اجندة جلالة الملك وهي دوما
مصانة خصوصا القضية الفلسطينية في اطار التحرك الدبلوماسي الاردني والاردن سيرأس مجددا مجلس الامن في بداية الشهر المقبل ويرأس الان مجلس الجامعة العربية .
الاردن في اطار رؤية «الدور والمبادرة دون المغامرة « يذهب الى التفاعل وحث كافة الاطراف والمشاركة في احداث مقاربات متعددة ان على المستوى الثنائي و العربي والدولي لاحداث اختراق في لهيب الشرق الشرق الاوسط للبحث عن الحلول في ظل تطورات باتت غاية في التعقيد والتازم .

العلاقة مع إيران
خلال الفترة الاخيرة انشغل المحللون والاوساط الدبلوماسية بنوع من الحراك الاردني ازاء ايران ، خصوصا بعد ان قام نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ناصر جودة بزيارة الى طهران وحمل رسالة من جلالة الملك عبدالله الثاني الى الرئيس الايراني حسن روحاني وكذلك لقاء الوزير بنظيره الايراني وكبار المسؤولين هناك .
ثارت اسئلة كثيرة بعد الزيارة مثل هل هي فكرة اردنية ثنائية محضة مع طهران وهل تقع في اطار جهد عربي خصوصا خليجي وهل ما قيل بعدها ان فاتحة لحوار عربي ايراني صحيح ام لا ؟
الزيارة بمركزها هي ثنائية بعد زيارتين خلال السنتين الاخيريتن لوزير الخارجية الاريراني السابق على اكبر صالحي صالحي والحالي محمد جواد ظريف الى عمان وتبادل زيارات لمسؤولين اخرين على المستوى السياسي ليس صحيحا ان بينها زيارة لرئيس الحرس الثوري الايراني سليمان قاسمي اذ ان مثل هذه الزيارة لم تحدث وفق مصادر وثيقة الاطلاع .زيارة طهران هي اعادة فتح قنوات اتصال ومواصلة وتفعيل قنوات اتصال موجودة اصلا ولم يكن ايضا في مركزها وتفاصيلها اي طرح لفتح حوار عربي ايراني على مستوى الجامعة العربي اذ ان الموقف الاردني في هذا السياق واضح ومنسجم مع الموقف العربي والخليجي الواضح ازاء تدخل ايران في العديد من الدول العربية بالشكل الذي تشهده الساحة حاليا .
كذلك لاربط بين قرب توقيع اتفاق نووي بين ايران والغرب والتحرك الاردني اذ ان الاردن استقبل وزيري خارجية ايران وقت كانت الضغوط الدولية في اوجها على طهران في كافة الاتجاهات لدرجة احتمالات الضربة العسكرية التي رفضها الاردن على الدوام وبالنسبة لتوقيت الاتصالات هذه المرحلة تقع في سياق الخيارات الاردنية مثل كافة الدول في المنطقة وخارجها التي تتحدث ثنائيا او جماعيا مع ايران وغيرها من العواصم المختلفة .
كذلك الاردن لا يتراجع عن ثابته الدبوماسي التاريخي ان علاقته مع اي طرف ليست على حساب طرف اخر وثابته الراسخ ان القضايا العربي اولوية اردنية لاحيدة عنها في البعد الثنائي او الجماعي العربي .

عملية السلام ونتنياهو
قضايا المنطقة المترابطة يراقب الاردن تطوراتها عن كثب ويستمع الى وجهات كافة الاطراف حيالها وبشكل مباشر اذ ان مراقبة التقارب الغربي الايراني باي حال سيكون ذي صلة مباشرة مع ملف عملية السلام المجمدة ومسقبل القضية الفلسطينية اذ ان اميركا التي لن توقع بالنهاية على اتفاق مع ايران الا برضا اسرائيل ستواجه بالضرورة لنيل هذا
الرضا « حلبا « من نتياهو في كافة الملفات والخشية وفق اوساط عربية ان يكون هذا «الحلب «خصوصا من ادارة الرئيس اوباما على معادلة « تمرير ملف ايران مقابل تجميد ملف السلام «.
نتنياهو العائد اكثر يمينية ويتوقع ان يشكل اكثر حكومات اسرائيل يمينية مع نهاية نيسان على ابعد تقدير ان كان سيتغير فالى الاسوا والقادم اصعب في التعامل معه .
لكن الاردن الذي لم يعتد الوقوف متفرجا على الاحداث خصوصا القضية الفلسطينية سيواصل النشاط والتحرك بالنسبة للقضية الفلسطينية كما ان العالم لن يكون مقبولا له تصفية عملية السلام وعلى الارجح سيواجه نتنياهو بردود دولية تذهب الى اعتراف مزيد من الدول بدولة فلسطين وليس فقط على المستوى البرلمانات .
القدس والمسجد الاقصى المبارك ومقدساتها بالنسبة للاردن ستبقى هي الخط الاحمر بعينه اذ لا يتوقع احد السماح بالاعتداء عليها والتحرك سيكون قويا بكل تاكيد في حال اي مساس يتجاوز هذا الخط.
وفي السابق اتخذ الاردن خطوات سيكون سقف الانطلاق فوق الخطوات السابقة وليس مثلها او اقل منها في حال تعرض اسرائيل للاقصى والمقدسات في القدس .
لكن منذ الحسم الاردني السابق بالنسبة للقدس والاقصى المبارك المؤشرات تحت المراقبة المكثفة والحكومة الاسرائيلية حافظت على نسق ما تم الاتفاق عليه الى حد بعيد وتحسنت الامور كثيرا في القدس والاقصى بالنسبة للقيود وعدد المصلين الذي ناهز السبعين الف في احد الجمع الاخيرة.

شبح التقسيم في العالم العربي
الخطورة الاكبر في راي دبلوماسيين هو خطر التقسيم الذي بات يحيق بالمشهد والواقع العربي في ظل تمزق العديد من الدول العربية والاستقطابات العميقة التي تشهدها .
هذا الخطر يستدعي وفقهم مقاربة عربية واضحة تعيد «ترتيب البيت العربي « درءا لتداعيات اخطر خلال الفترة المقبلة ومن ابرز المسائل في هذا الشان اضافة الى حل الازمات العربية هو وحدة الشعوب العربية ودرء خطر المزيد من التشظي خصوصا على مستوى الشعوب وخطر التقسيم الطائفي والمذهبي وكذلك انهاء خطر افتي الارهاب والتطرف .

لا تغير على السياسة السعودية
لم تلمس الاوساط الدبلوماسية العربية اي تغيير في سياسة المملكة العربية السعودية منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم في المملكة.
ورات بعض المصادر ان للملك سلمان اسلوبه الخاص في التعاطي مع الملفات لكن دون اي تغيير في جوهر السياسة السعودية التي سارت عليها الممكلة منذ فترة طويلة ازاء مختلف القضايا .
ولفتت المصادر الى ان هذه السياسة غاية في الاهمية للقضايا العربية التي تضعها المملكة العربية السعودية في صلب اهتمامها على الدوام .


الملف السوري
الطرف العربي لا يرى تغيرا جوهريا في الموقف الامريكي ازاء الوضع في سوريا , وان تصريحات وزير الخارجية الاميركي جون كيري تقع في سياق اطر الجلوس على طاولة جنيف والعودة لهذا الاطار ومخرجاته التي يعبر الغرب في نهاية المطاف عملية انتقالية في سوريا تعتمد الحل السياسي وان لا وجود للاسد في سوريا المستقبل .
وهنا موقف الاردن ثابت ايضا بحل سياسي في سوريا يحفظ وحدة شعبها وترابها ويوقف نزيف الدم فيها ، وصيغ جنيف ايضا مناسبة وان كان الاميركيون لغويا بدأو مؤخرا يشيرون الى اسم الاسد في اطار طروحات الحل بعد ان تعقد المشهد
في سوريا بين من يرى الاولوية لمحاربة الارهاب او محاربة النظام او كلا الطرفين معا في حالة لاجراء توازن بين
الاستقطاب الدولي حول الازمة السورية المدمرة التي دخلت عامها الخامس قبل ايام .
الاردن على صلة ويتابع عن كثب هذه الازمة ودائم الاتصال ايضا مع اطياف المعارصة السورية المعتدلة في لقاءات معلنة وغير معلنة واستقبل مؤخرا في اطار هذه اللقاءات رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض خالد خوجه وعلى الارجح سيكون هناك لقاءات اوسع نطاقا اردنيا على هذا الصعيد في عمان قريبا .
وفي هذا السياق قال مصدر مطلع « سترون المزيد من هذه اللقاءات قريبا « .

عصابة داعش الإرهابية
في العراق وسوريا
يؤمن الاردن ويعمل على اجتثات الارهاب في العراق وسوريا لكنه يدرك كما هو طيف دولي واسع ان الضربات الجوية لا تحسم المعركة بل الحل في عمل على الارض تنفذه مباشرة في العراق الحكومة العراقية وقوات البشمركة الكردية وفي سوريا المعارضة المعتدلة وفي كلا البلدين بدعم جوي من طيران التحالف واشكال من الدعم الاضافية المحسوبة بدقة التي تمكن من الحسم دون اختلالات تضر بالهدف المراد تحقيقه .
معركة الموصل حاسمة وبحسب اوساط دبلوماسية « فانه من الهم للغاية تحت اي علم ستخاض هذه المعركة « وهو الامر الجوهري في مجريات الاحداث وزيادة لحمة الشعب العراقي تحت هدف واحد بعيدا عن الاستقطابات والاصطفافات والمخاوف .


الاحد 2015-03-22