القاهرة - بترا - تولت المملكة الاردنية الهاشمية امس الرئاسة الدورية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية وعلى مستوى المندوبين الدائمين.
وتسلم نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جوده رئاسة اعمال الدورة العادية 143 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري خلال الجلسة الافتتاحية للدورة امس بمقر الامانة العامة للجامعة في القاهرة من وزير خارجية جمهورية موريتانيا التي كانت ترأس الدورة العادية السابقة للمجلس الوزاري وتستمر رئاسة الاردن حتى شهر أيلول 2015. وشكر في كلمته الافتتاحية لأعمال الدورة، وزير خارجية موريتانيا على رئاستها للدورة السابقة، وكذلك الامين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي وطاقم الامانة العامة على عملهم المخلص في تعزيز العمل العرب المشترك من خلال جامعة الدول العربية (بيت العرب).


وقال جودة ان المملكة الاردنية الهاشمية تتولى رئاسة هذه الدورة العادية للمجلس الوزاري في ظرف دقيق، تتراكم في جملة من الاخطار المحدقة بوطننا العربي الكبير ودوله وشعوبه، وتتكاثر فيه تحديات وتهديدات كبيرة وغير مسبوقة تحيق بنا جميعا، وتتطلب منا العمل الجماعي الفوري، والجاد، والمنسق لمواجهتها والتعامل الفاعل معها ودرء مخاطرها توطئة لاجتثاثها، ويأتي في المقدمة من هذه المخاطر المحدقة والكبيرة والحقيقة، التنامي الخطير والمقلق للإرهاب والفكر المتطرف.
وباتت عصابات ارهابية واجرامية تسيطر على مساحات كبيرة من اراضي دول عربية شقيقة، وتهدد امن وسلامة شعوب دولنا وامنها القومي، وبابعد من ذلك تهدد ايضا الامن والسلم الدوليين، وتقوم هذه العصابات الظلامية المجرمة، بارتكاب موبقات وجرائم يندى لها جبين الانسانية، وتتجاوز في بشاعتها ووحشيتها كل تصور، وكل هذه الجرائم الشائنة تقترفها هذه العصابات الاثمة والمجرمة-زورا وبهتانا وتزييفا- باسم ديننا الاسلامي العظيم، الذي هو بحق انوذجا مثاليا-لا نظير له- في ما يحض عليه من ضرورة اجلال واحترام الكرامة الانسانية وحياه الانسان وحقوقه، واحترام الحوار والاختلاف والتنوع، والنهي عن الاذى والضرر والشطط، والتطرف، ضمن منظومة انسانية عظيمة وشاملة قدمت للانسانية جمعاء اسهامات كبرى على مر العصور والازمان، مثلما ان هذه الجرائم التي ترتكبها هذه العصابات الضالة تسيء الى ثقافتنا العربية الاصيلة التي تزخر بانبل مثل الشهامة والفروسية والتسامح والتسامي والرأفة، ولذلك، وشدد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية على ما قاله صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، ان الحرب مع الارهاب والطرف، هي حربنا نحن العرب والمسلمين في المقام الاول، دفاعا عن ديننا العظيم وحضارتنا النبيلة وحماية لهاما، ودفاعا عن امن شعوبنا ودولنا.
واضاف جوده ان المطلوب من جامعة الدول العربية(بيت العرب) الان، ومن الدول العربية الاعضاء فيها، العمل فورا على بناء وتطوير منهجية عربية منسقة، وان امكن موحدة، وعاجلة وشاملة تتضمن محاور عسكرية وامنية في المدى المنظور المباشر ومحور فكري وثقافي، للمدى الابعد ايضا، للتصدي الفاعل لعصابات الارهاب والتطرف هذه وفكرها الضال، ومن هنا تعين علينا جميعا العمل في اطار ما تتيحة اليات العمل العربي المشترك ومن ضمنها اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وتطوير وايجاد اليات جديدة ناظمة ان اقتضى الامر لتشكل الاطار المؤسسي لعمل عربي مشترك وموحد للتصدي لهذا الخطر الحقيقي والداهم، مؤكدا ان المملكة الاردنية الهاشمية، كانت وسنبقى في طليعة الصفوف في كل جهد يهدف الى مجابهة عصابات الارهاب ودعاة واتباع الفكر المتطرف، وومذكرا بان الاردن دفع ضريبة الدم في معارك الشرف التي خاضها مع هؤلاء ولعقود خلت، حيث قدم شهداء قضوا، كان اخرهم ابننا الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبة الذي اغتالته هذه العصابات المجرمة بوسيلة وحشية تنتهك صلب تعاليم ديننا العظيم، ظنا منها بانها سترهب الاردنيين الاشاوس الذين خيبوا ظنون واضغاث احلام هؤلاء القتلة، عبر سطر ابهى صور التلاحم الوطني المتاصل في الاردن والعزم والعزيمة على اجتثاث هؤلاء الارهابيين والمتطرفين.
وبين نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين/رئيس الدورة (143) لمجلس جامعة الدول العربية ان هذه العصابات الارهابية وهذا التطرف ينتعش ويتمدد وينمو بوجود عوامل اضطراب وحالة فراغ في اي دولة او مجموعة دول، و وبانه و من هنا يتعين علينا ان نعمل على عدم السماح بنشوء مثل هذه الحالات في اي من دولنا، وان لا نتهاون في التصدي لكل محاولات التمدد والتدخل الخارجي في شؤوننا العربية، وان نسعى الى تهيئة كل اسباب عودة الاستقرار والوئام الى دول عربية شقيقة تضرر نسيجها المجتمعي او انزلقت الى حالة عدم الاستقرار والفراغ بصرف النظر عن اسباب هذا الانزلاق، وان نسعى ايضا الى تحقيق التكامل الاقتصادي العربي بشكل يخفف من المصاعب والتحديات الاقتصادية التي تواجه بعض دولنا وخاصة لقطاع الشباب الذي يشكل السواد الأعظم من الأمة العربية، مشيرا في هذا الصدد بانه لا مناص من العمل على الدفع باتجاه انجاز الحل السياسي في سوريا وهو الحل الذي قال الاردن دوما بانه الحل الوحيد للازمة الماساوية هناك، والذي يلبي تطلعات الشعب السوري، ويحقق الانتقال السياسي الى واقع جديد تشارك في صياغته وفيه كل المكونات السورية، ويستند الى مقررات (جنيف1)، ويستعيد وئام سوريا المجتمعي، ويعيد اليها الاستقرار، وينهي حالة الفراغ، ويؤدي الى اجتثاث الارهاب فيها الذي اصبح ممتدا عبر الحدود الى بعض دول جوارها، ويصون وحدة سوريا الترابية واستقلالها السياسي، ويسمح بالعودة الطوعية للاجئين السوريين المتواجدين في دول الجوار السوري، والذين تحتضن المملكة الاردنية الهاشمية ما يقرب من مليون ونصف المليون منهم نتقاسم واياهم مواردنا المحدودة اصلا، ويرتبون علينا اعباء اقتصادية كبرى تتجاوز بكثير طاقتنا، و عبر عن الشكر لمن قام بمساعدتنا من الاشقاء والاصدقاء والمنظمات الدولية، وشكر دولة الكويت الشقيقة على استضافتها بمبادرة كريمة من اميرها سمو الشيخ صباح الاحمد الصباح، مؤتمرين دوليين للمانحين خاصين بهذا الموضوع وهم على وشك استضافة المؤتمر الثالث، ودعا جوده الى مساعدة الاردن في التعامل مع هذا التحدي والعبء.
وشدد جوده على انه لا بد لنا من دعم جهود الحكومة العراقية بالتصدي لعصابات الارهاب ودحرها وانهاء سيطرتها على كل مساحة تغتصبها الان من ارض العراق، وتقديم كل اوجه العون والمساعدة لها للقيام بذلك بنجاح، والاستمرار في مساندة منهجية التمكين والاستيعاب السياسي، وعدم الاقصاء لكل مكونات العراق لما لهذه المنهجية من اثر ايجابي مباشر في ترسيخ حالة وطنية جامعة يحتاجها العراق ويحتاجها العرب جميعا لعودة العراق العربي القوي العزيز المنيع الى ممارسه دوره الهام في محيطه العربي والدولي
وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين بانه يتعين علينا العمل المنسق والسريع على استقرار الاوضاع المقلقة والخطرة في ليبيا، التي تشهد تنام مقلق في سيطرة عصابات اجرامية وارهابية على مساحات فيها، لا تهدد شعبها العزيز ومقدراتها فحسب، بل تهدد دول جوارها العربية الشقيقة والافريقية الصديقة، و دعم البرلمان الليبي المنتخب والحكومة الشرعية المنبثقة عنه برئاسة السيد عبد الله الثني رئيس الوزراء والمعترف بهما عربيا ودوليا ومساعدتها في مسيرة بناء مؤسسات الدولة في ليبيا كلها، بما فيها المؤسسة العسكرية من خلال جيش وطني مجهز بكفاءة و كذلك الاجهزة الامنية، وتحقيق احتكارية مؤسسات الدولة للسلاح، وتفعيل حظر تزويد الجماعات الارهابية والميليشيات المسلحة بالسلاح، ودفع مسيرة الحوار الوطني الجامع الذي يضم كل المكونات الليبية التي تنبذ الارهاب، وحول اليمن قال باننا نتابع بقلق بالغ مجريات الاحداث فيه، معيدا التاكيد على ضرورة العمل الجاد لحمايته وصون وحدته الترابية واستقلاله السياسي ورفض التدخل الخارجي في شؤونه الداخلية عبر بعض اوجه التوظيف المذهبي، و ندعم مسيرة الحوار الوطني فيه تحت رعاية فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونشدد على الاهمية المستمرة للمبادرة الخليجية، وتاييدنا لمضامين قرار مجلس الامن الدولي الاخير حول اليمن الذي تبنيناه ونسانده بالكامل، من خلال عضويتنا الحالية في مجلس الامن، وندعو لتطبيقه، بما فيه دعمنا للجهود التي يقوم بها المبعوث الدولي السيد جمال بنعمر.
ولفت جوده الى ان خطر الارهاب والتطرف لا يعترف بالحدود السياسية ويطال الكثير من دولنا وشعوبنا والعالم باسره، وبانه يتعين علينا ان نتنبه الى هذه الحقيقة، وان نعمل في اطارها، بما يتطلب توثيق التعاون مع الجوار الافريقي ودول غرب اسيا واسيا الوسطى، وايضا التشبيك الايجابي مع المجتمع الدولي الذي يتهدده خطر الارهاب والتطرف ايضا، والدفع باتجاه تعزيز التعاون الدولي الرامي الى رفع سوية التعاون الدولي في جمع المعلومات وتبادلها واساليب التتبع، وتجفيف تمويل الارهاب، مشددا على اهمية التعاون في مجال تطوير الخطاب الديني التنويري الذي يبرز صحيح الاسلام العظيم وما يتضمنه من مبادىء انسانية عظيمة، وذكر نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين بان صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، تنبه مبكرا ومنذ سنوات لاهمية البعد الايديولوجي والعقائدي وضرورة ابراز صحيح الدين الاسلامي العظيم قطعا للطريق على من يحاول اختطافه والاساءة اليه وتشويهه، فاطلق مبادرة «رسالة عمان» التي تحدد بوضوح الشروط العلمية والشرعية الواجب توافرها في من يتولى مهمة وشرف الافتاء الديني، ومبادرة «كلمة سواء»، وغيرها من المبادرات الملكية التي اصبحت ذات صيت واثر عالمي.
وشدد جوده على ان غياب حل القضية الفلسطينية، عبر قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكامله على التراب الوطني الفلسطيني على خطوط الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية في اطار حل الدولتين، يظل هو جوهر واساس كل التوترات في المنطقة، و بأن استمرار هذه القضية بدون هذا الحل يبقى العامل الاساسي المسهل لقوى التطرف والارهاب لاجتذاب المؤيدين والمناصرين من الشباب الغاضب والمحبط لعدم الوصول الى هذا الحل والحق الفلسطيني، من خلال توظيف هذه القضية العادلة لاجتذاب هذا الشباب المغرر به لخدمة اجندات لا صلة لها بعدالة القضية الفلسطينية وطهارتها، واضاف نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين باننا في الاردن الاقرب لفلسطين واهلها والاكثر تاثرا بقضيتها، ونعتبر قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة الكاملة يمثل مصلحة حيوية عليا لنا، في سياق حل يعالج ايضا قضايا القدس، واللاجئين والمياه والحدود والامن بشكل نهائي وفقا للمرجعيات الدولية المعتمدة لعملية السلام وللشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية بعناصرها كافة، وبما يتسق بالكامل مع المصالح الحيوية العليا للاردن المرتبطه بهذه القضايا، ويصونها بشكل كامل، مضيفا بانه، وتاسيسا على كل هذا فاننا ندعو لتكثيف الجهود العربية الرامية الى دفع القوى الدولية المؤثرة للعمل على استئناف المفاوضات المباشرة الرامية الى تجسيد حل الدولتين وانجاز الحل الشامل هذا، ومبينا ان هذه المفاوضات يجب ان تكون جادة، وان تتم بحسن النية، وان تحدد باطار زمني معقول وواضح، وان يواكبها التزام جدي بالفعل والقول بالامتناع عن الاجراءات احادية الجانب كلها التي تتهدد استمرارها او تستبق نتائجها، بما في ذلك الاستيطان الذي يجمع العالم على عدم شرعيته.
وبالنسبة للقدس الشريف ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، قال جوده، باننا ومن منطلق ان جلالة الملك عبد الله الثاني هو صاحب الولاية على المقدسات، واستنادا الى واجب وشرف الرعاية الهاشمية التاريخية للقدس الشريف ومقدساتها، فاننا سنستمر ببذل كل جهد ممكن لصيانة وحماية المقدسات فيها خصوصا الحرم القدسي الشريف وفي القلب منه المسجد الاقصى المبارك، اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وسنستمر بالتصدي لاي انتهاكات او اجراءات تقوم بها سلطات الاحتلال الاسرائيلية بازاء المقدسات، او انتهاكات واستفزازات قطعان المستوطنين وغلاة ساسة اليمين الاسرائيلي المتطرف المستهدفة للمقدسات الاسلامية والمسيحية، مذكرا بان موقفنا الحازم ازاء تصاعد وتيرة الانتهاكات والاستفزازات الاسرائيلية في المقدسات وخصوصا المسجد الاقصى المبارك نهاية الصيف الماضي، واتصلاتنا الدبلوماسية المكثقة في حينها، و التي قادها جلالة الملك، ادت الى قيام سلطات الاحتلال الاسرائيلي بالتراجع عن اجراءها الخطير قبل اشهر باغلاق المسجد الاقصى المبارك، وخلال ساعات قليلة، مثلما ادت هذه الجهود الى عدم اعاقة سلطات الاحتلال الاسرائيلي للمصلين من اداء صلاة الجمعة فيه لمختلف الفئات العمرية بعد ان كانت منذ عام 2000 تمنع من هم دون الاربعين عاما من العمر، من اداء صلاة الجمعة في المسجد الاقصى، مضيفا بانه ومنذ نحو ثلاثة اشهر فان عدد المصلين ايام الجمع في المسجد الاقصى يصل الى أكثر من 60 الف مصل، وبان الاردن يراقب يوميا ما يجري في القدس الشرقية المحتلة وما يجري في المقدسات عبر الاوقاف الاسلامية التابعة لوزارة الاوقاف الاردنية، ومشددا بان الاردن لن يتوانى عن اتخاذ كل الاجراءات الدبلوماسية والقانونية ازاء اي انتهاك او اجراء يستهدفها، وعلى الاستمرار بالعمل على الحفاظ على عروبة القدس الشرقية، ووضعها القانوني كمدينة واقعة تحت الاحتلال العسكري الاسرائيلي، وتعزيز صمود اهلها.
وختم نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين/رئيس الدورة العادية (143) للمجلس الوزاري لجامعة الدول العربية كلمته بالقول بان ان طبيعة التحديات الجسام التي نواجه، وتنوع وتشعب تجليات التهديدات التي تتعرض لها دولنا وشعوبنا، يحتمان علينا العمل على اصلاح جامعة الدول العربية وتطويرها وتفعيلها، ونامل ان نتمكن خلال هذه الدورة، وفي القمة العربية القادمة نهاية هذا الشهر، من السير باتجاه تعديل ميثاق الجامعة والنظام الاساسي لمجلس الامن والسلم العربي، وايضا ان نتمكن خلال هذه الدورة من انهاء الخطوات الاصلاحية الضرورية للجامعة بمختلف جوانبها المضامينية والمالية والادارية، وعلى نحو يعزز عمل الجامعة، ويحفز كوادرها، ويرشد بعض اوجه الهدر ويجدد دمائها.
من جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي ان هناك حاجة ماسة إلى «إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة» لمواجهة «الإرهاب وأنشطة المنظمات الإرهابية» التي تواجهها الدول العربية.
الثلاثاء 2015-03-10