عمان - بترا - عقد رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ورئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني جلسة مباحثات في دار رئاسة الوزراء امس الاربعاء بحضور عدد من الوزراء من الجانبين تركزت على سبل تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات كافة وتطورات الاوضاع على الساحة الليبية.
واكد رئيس الوزراء موقف الأردن الداعم للشرعية في ليبيا والمنبثقة من الشعب الليبي عبر الانتخابات الديمقراطية التي تمخضت عن انبثاق هذه الحكومة بصورة منتخبة وعبر الاقتراع.
كما اكد قناعة المملكة بأن حل القضية الليبية لا يمكن الا ان يكون ديمقراطيا «ولا يمكن لمن يدعي لنفسه المسؤولية ان يكون في الحكم ما لم يستند على اصوات الناخبين».
ولفت رئيس الوزراء الى ان الاردن كان له موقف واضح منذ بداية الثورة الليبية ومساهمة فاعلة وايجابية في دعم خيارات الشعب الليبي.
ورحب رئيس الوزراء بزيارة رئيس الحكومة الليبية الى الاردن والتي تحمل رسالة واضحة على العلاقات بين البلدين، لافتا الى ان زيارات رئيس الحكومة الليبية في هذه الفترة محددة وتستهدف زيارة الدول التي لها رؤية واضحة وموقف معلن تجاه القضية الليبية.
ولفت الى ان البلدين تمتعا منذ سقوط النظام السابق بعلاقات اقتصادية قوية بنيت على الثقة والمصالح المشتركة في مختلف المجالات بما فيها التجارة والطيران والاشغال العامة والبناء والإسكان والمعالجات الطبية لعشرات آلاف الليبيين، مشيرا الى وجود اعداد كبيرة من الليبيين في الاردن حاليا.
ولفت بهذا الصدد الى أن الاردن سيبقى «الحضن الدافئ» لأشقائه العرب حيث يستقبل حاليا نحو مليون و 400 الف سوري، و 500 الف عراقي ومليون ونصف مليون فلسطيني من غير الاردنيين من اصول فلسطينية ونحو 35 الف يمني.
واكد ان هذا البلد معتاد على ان تكون ابوابه مفتوحة لإخوانه وان يسهم, ما وسعه الحال رغم امكاناته المحدودة, بأن يكون عونا لأشقائه مع احترامه لإرادة الشعوب ودون تدخل في شؤون الآخرين الداخلية.
من جهته ثمن رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبدالله الثني مواقف الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني الداعمة لليبيا منذ بداية ثورة 17 فبراير، وقال «نشكر الاردن على مواقفه الثابتة وهذه اصالة في الشعب الاردني وقيادة الاردن وعلى رأسها جلالة الملك».
ونوه بأن الاردن احتضن اعدادا كبيرة من الجرحى الليبيين وقدم مساعدات طبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مثلما ان الاردن كان سباقا في إنشاء المستشفيات الميدانية وتجهيزها بالأطقم الطبية، مؤكدا انه ليس غريبا على الاردن ان يحتضن هذه الايام جرحى حادثة الانفجار في مدينة القبة الليبية الذي وقع مؤخرا والذين تم نقلهم بالكامل الى الاردن وعددهم 45 جريحا.
واكد ان ليبيا تأثرت بحادث اغتيال الشهيد الطيار معاذ الكساسبة الأليم، لافتا الى الهجمة الشرسة التي يقوم بها تنظيم (داعش)، مؤكدا ان الوطن العربي بأجمعه مستهدف من شرور الإرهاب.
وقال «نحن ايضا نعاني من هذه المشكلة، في ظل امكانيات محدودة، ووقوف العالم وخاصة لجنة العقوبات الدولية امام تسليح الجيش الليبي، لافتا الى ان «الدولة الليبية تعاني منذ اكثر من اربع سنوات من انتشار السلاح في كل مكان ومن مجموعات ارهابية على الساحة الليبية».
واكد ان التحديات التي تواجه الأمة العربية تتطلب اعتماد دولها على نفسها في مواجهة هذه التحديات او تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وقال «في مواجهة العديد من الدول العربية لمخاطر تنظيم داعش علينا ان نضع آلية واحدة لمكافحة هذه المجموعات».
واكد ان الاولوية حاليا ستكون لإعادة هيكلة الجيش الليبي وتأهيل القيادات، لافتا الى حرص الحكومة الليبية على توطيد العلاقات مع الاردن على قواعد اساسية ومتينة.
وتحدث خلال اللقاء عدد من الوزراء من الجانبين حيث ابدى الجانب الليبي الرغبة في الاستفادة من الخبرات الاردنية في المجالات العسكرية والامنية وفي مجالات العدل والشرطة القضائية. وثمن الجانب الليبي الدبلوماسية الاردنية لدعم القضايا العربية ومنها القضية الليبية على كافة المنابر، مؤكدا انه يتابع باهتمام نشاطات وتحركات جلالة الملك عبدالله الثاني على الصعد كافة. واكد الجانب الليبي انه يعول كثيرا على تسلم الاردن للرئاسة الدورية لمجلس الامن الدولي في شهر نيسان القادم وتسلمه الرئاسة الدورية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري خلال الشهر الحالي في دعم القضايا العربية.
كما ابدى الجانب الليبي الرغبة بالاستفادة من الخبرات الاردنية في مجالات التدريب القضائي والقانوني وإدخال التكنولوجيا في عمل المحاكم وإعادة هيكلة الجهاز الاداري.
وابدى الجانب الاردني ترحيبه واستعداده لتزويد الاشقاء في ليبيا باحتياجاتهم من الخبرات والكفاءات والتدريب في مجالاته المختلفة.
وتطرق الحديث خلال المباحثات الى الديون المترتبة على المرضى الليبيين جراء معالجتهم في الاردن لصالح العديد من المستشفيات الاردنية والمكاتب السياحية والفنادق.
وحضر المباحثات عن الجانب الاردني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جودة، ووزير العمل الدكتور نضال القطامين، ووزير الدولة لشؤون الاعلام الدكتور محمد المومني، ووزير العدل الدكتور بسام التلهوني.
وحضرها عن الجانب الليبي وزراء الخارجية والعدل والاعلام وعدد من المسؤولين. وكان جرى استقبال رسمي لرئيس الحكومة الليبية المؤقتة لدى وصوله الى دار رئاسة الوزراء حيث كان في استقباله رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور وعدد من الوزراء والمسؤولين، وحيته ثلة من حرس الشرف.
واقام النسور مأدبة غداء تكريما لرئيس الحكومة الليبية والوفد المرافق حضرها رئيس مجلس الاعيان ورئيس المجلس القضائي ورئيس الديوان الملكي الهاشمي وعدد من الوزراء.
ورحب النسور برئيس الحكومة الليبية المؤقتة ،مؤكدا ان جلالة الملك عبدالله الثاني اوعز له بوضع جميع الامكانات والخبرات الاردنية بتصرف الاشقاء الليبيين وقال « جلالة الملك والحكومة تضع بين ايديكم الخبرات والكفاءات الاردنية برغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المملكة «. واعرب عن الامل بان يحظى الشعب الليبي الشقيق بالأمن والاستقرار وان يخرج قويا من هذه المحنة.
واكد النسور ان الاردن عمل منذ بدايات تأسيسه على الاستثمار بالعنصر البشري حتى اصبح الانسان الاردني هو الثروة الحقيقية لهذا البلد ،لافتا الى ان الاف من الاردنيين اسهموا في بناء بلدهم الثاني ليبيا.
كما اكد ان التحدي الابرز الذي يواجه المملكة حاليا هو محاربة الارهاب الذي اصاب الاردن مثلما اصاب ليبيا ،لافتا الى اهمية تطهير الاسلام من هؤلاء الذين يقومون بأعمال باسم الاسلام وهو منهم براء.
من جهته ثمن الثني الدعم والمساندة التي قدمها الاردن للشعب الليبي مثلما اشاد بحكمة جلالة الملك في قيادة الاردن والمحافظة على امنه واستقراره في هذا الاقليم المضطرب.
وابدى رغبة الجانب الليبي في الاستفادة من الخبرات والتجارب الاردنية لبناء المؤسسات في ليبيا ،لافتا بهذا الصدد الى ان النظام السابق في ليبيا لم يعمل على بناء اجهزة الدولة بشكل مؤسسي مما اسفر عن وجود قطاعات دون المستوى المنشود خاصة التعليمية والصحية داعيا الدول العربية التي تعيش في اجواء الامن والاستقرار الى دعم الشعب الليبي لمواجهة الظروف والتحديات التي يمر بها.

الخميس 2015-03-05