دور خالد بن الوليد في فيلم الرسالة.. أبرز أدواره

أبواب- وليد سليمان - رحل الفنان محمود سعيد الملُقِب بصقر الشاشة العربية في آخر يوم من السنة الماضية 2014، لكن ارثه الذي تركه مازال يذكرنا به ويروي جميل الايام.
سعيد ممثل لبناني من أصل فلسطيني المولود عام(1940 )، أشتُهر بتمثيله الأدوار البدوية والتاريخية قديماً، فقد أدى دور القائد العسكري الشهير «خالد بن الوليد» في فيلم مصطفى العقاد « الرسالة» في منتصف السبعينات من القرن الماضي وفي المسلسلات البدوية « فارس ونجود» والذي يعتبره البعض من أوائل المسلسلات العربية البدوية في نفس الفترة السابقة تقريباً.

عمان تحتضن بداياته
اتجه بعد الحرب الأهلية اللبنانية إلى الأردن وعاش هنا عدة سنوات... وخلال لقاء صحفي اجريته معه في رابطة الفنانين الاردنيين العام 1985 نُشر في مفكرة الرأي.
ومن اللقاء القديم معه والذي كان بمناسبة عرض المسلسل العربي الذي مثل فيه أيضاً الفنان الراحل أسامة المشيني دور «المعتمد بن عباد» بينما كان دور الفنان محمود سعيد يتمثل بشخصية «ابن عمار» صديق المعتمد.
ومن بعض الحوار أذكر انني سألته مثلاً :
-من كان برأيك بطل هذا المسلسل؟! أنت أم أسامة المشيني!؟.
لقد كان محور هذا العمل الفني التاريخي هو أسامة المشيني ، أما أنا ولأول مرة لم أكن محور هذا المسلسل ، ولقد كان من المفروض ان ألعب دور المعتمد!! أما دور ابن عمار كان من المفترض ان يقوم به الفنان عبدالله غيث...لكن الأمور تبدلت ،ومع ذلك كنت مقتنعاً بهذا الدور والشخصية الداهية!! وكان اسامة المشيني رائعاً أيضاً بدوره للشاعر والحاكم المعتمد بن عباد.
-عن دولة او دويلات الاندلس والتي تدور معظم الاحداث فيها..ماذا يمكن ان يستفيد المُشاهد برأيك من شخصية المعتمد وابن عمار؟!.
نستفيد من ابن عمار مثلاً في الحرص والحذر من وُجود أمثاله، بيننا في حياتنا المعاصرة.. فهنالك الكثير من الانتهازيين والمنافقين.
اما بالنسبة للمعتمد فإننا ننظر بانزعاج كمشاهدين الى هذا الاستسلام الغريب لابن عمار في كل أموره وأمور دولته.. وهو المعتمد وفي موقع المسؤولية.. ثم ان ابن عمار هو اقل منه مركزا.. ثم اننا نركز على الثقة.. هذه الثقة العمياء التي وهبها المعتمد لصديقه ابن عمار والتي بالنهاية اودت به شخصيا وبدولته وشعبه كما لاحظنا في المسلسل.
مثل عددا من الافلام السينمائية التاريخية وغيرها.. وكان آخر عمل سينمائي لي هو فيلم (غزلان) في سنة 1976م.. اما عن المسرح فقد مثلت كذلك عدداً من المسرحيات منها «المهرج» من تأليف محمد الماغوط في 1972.. هذه المسرحية استمرت في عروضها لمدة سنة كاملة وكان ذلك في بيروت , وهنالك مسرحيات اخرى مثل «الشوط الاخير».. طارق بن زياد.. ثم رواية الكاتب السوداني الطيب صالح «موسم الهجرة الى الشمال» والتي حولت الى مسرحية , وقام على اخراجها المخرج اللبناني الشهير يعقوب الشدراوي وقد مثلت باللهجة السودانية المبسطة.

ولادة الموهبة في لبنان
ومن خلال إطلاعنا على العديد من المقالات واللقاءات مع الفنان الراحل في الصحافة العربية يمكن ان نلخص مسيرة هذا المبدع الدرامي ببعض تلك المعلومات ومنها مثلاً:
أنه يمكن لأي مستمع للإذاعة والتلفاز أن يميز صوت الفنان محمود سعيد من بين كل الأصوات الفنية إنه صاحب الحنجرة الرخيمة التي جعلته، إلى جانب موهبته، نجماً من دون منازع في عشرات المسلسلات التلفزيونية والإذاعية الدرامية والبدويةالتي سُجّل له إطلاق مجدها.. فمحمود سعيد هو بطل المسلسل البدوي «فارس ونجود» الذي ترك بصمات في وعي المشاهد التلفزيوني اللبناني والاردني والعربي، خصوصاً في فترة السبعينيات.
في العام 1948 أثر نكبة فلسطين وهو ما زال في سنّ السابعة، حملت والدته (وهي من آل البنّي البيروتيين)، أصغر أبنائها وأتت به إلى صيدا، فيما كان أشقاؤه يجاهدون في جيش الإنقاذ دفاعاً عن فلسطين.
وبسبب وفاة الوالد، سجّلته أمه في «دار الأيتام الإسلامية» حيث تابع دروسه حتى المرحلة الثانوية، والتحق بمدارس «الأونروا»، ليدرس فيها حتى السنة الثانوية الثانية.. في ذلك الوقت، كان يتردد على دار الأيتام رئيس قسم المذيعين في «الإذاعة اللبنانية» شفيق جدايل لينظم عملاً مسرحياً في نهاية كل عام دراسي. هناك، اكتشف جدايل موهبة الطفل محمود سعيد في التمثيل والأداء.
وصار ينسب إليه أدوار البطولة في عدد من المسرحيات... و في 1959، لم يتردد الشاب المولع بالفن في التقدم إلى مباراة أجرتها «الإذاعة اللبنانية» لممثلين وإذاعيين. كانت اللجنة تتألف من إيلي ضاهر ووجيه ناصر ونزار ميقاتي ومحمد شامل وغيرهم، واختير محمود سعيد ليكون ممثلاً ومؤدياً في الإذاعة.
ويقول محمود سعيد عن تلك البدايات : « وما أن سلكت درب الفنّ، حتى أطلقت على نفسي اسم محمود سعيد، وساعدني أنّ القيّمين على برامج الإذاعة هم أهمّ الذين خلقوا الفن الإذاعي في العالم العربي، مثل عبد المجيد أبو لبن، وصبحي أبو لغد، وغانم الدجاني، وكامل قسطندي، وصبري الشريف..و تعلمت اللغة ومخارج الحروف من هؤلاء، مستنداً إلى رصيد كبير من سماع تلاوة القرآن في بيتنا بصوت شقيقي ومن قراءات لما أزل أواظب عليها حتى الآن».

جملة واحدة
وفي تلفزيون لبنان، كانت إطلالته الأولى عام 1961 بجملة «بدوية» وحيدة في برنامج «من وحي البادية» أسندها إليه رشيد علامة. وبين إطلالات في مسلسلات «أبو ملحم» إلى «حكمت المحكمة» و»مسرح الخميس» و»بيروت في الليل» وتقديم شخصيات مثل الاسكندر المقدوني وعمر الخيّام؛ راح رشيد علامة يختاره في أكثر من عمل لـ»تلفزيون لبنان والمشرق» مثل «سرّ الغريب» (1967) من إخراج أنطوان ريمي وإعداد السيناريست جلبهار ممتاز، وهو أول مسلسل باللغة العربية الفصحى. في هذه الفترة، كانت له مشاركات سينمائية في عدد من الأفلام مثل «عنتر يغزو الصحراء» (1960) و»غارو» (1965) و»صقر العرب» (1968) و»أسير المحراب» (1969).
ويُشير أيضاً قائلاً : وبعد فترة، سيصبح تلفزيون لبنان محوراً محلياً وعربياً، وسيعرض مديروه على محمود سعيد عقد «احتكار» لصالح المحطة، مقابل ثلاثة مسلسلات في العام الواحد «ويترك لي أمر تحديد الكاتب والممثلين ونوعية العمل وأن أشرف على الإنتاج التنفيذي... هكذا كرّت سبحة الأعمال التي أطلقتني أكثر فأكثر محلياً وعربياً».

الأسمر.. والغريب
في العام 1970، ستُطلق شهرة صاحبنا في المغرب وشمال أفريقيا مع تأديته البطولة في مسلسل «التائه» المقتبس عن رواية إميليبرونتي «مرتفعات ويذرنغ». «حقق لي هذا المسلسل المقدم بالعربية الفصحى نقلة كبيرة، خصوصاً بعد عرضه في تلفزيون المغرب وشمال أفريقيا، حيث تلقفه السكان لأنهم يعرفون كثيراً عن الرواية الأصلية.
ويقول : «عندما زرت تلك المنطقة وجدت الناس ينادونني باسمي في المسلسل، «غريب»... لازمني هذا الاسم فترة طويلة، حتى هنا في لبنان».
وبعد «التائه»، قدّم في برنامجه «من تراثنا» (1970) 18 شخصية تاريخية منها ابن سينا، والرازي، وابن خلدون، والفارابي. كما قدّمه أنطوان ريمي في مسلسل «السراب» مع زوجته هند أبي اللمع في إطلالتها الأولى وجمعهما أيضاً في مسلسل «غروب».

فارس ونجود
جاء المسلسل البدوي الأول في العالم العربي «فارس ونجود» (1974) الذي تقاسم فيه دور البطولة مع سميرة توفيق (خراج إيلي سعاده عن نصّ لنزار مؤيد العظم). حقق «فارس» المسلسل، الشاب البدوي الأسمر، شهرة واسعة ظلت أصداؤها تتردد لسنوات طويلة وأسّست لمجموعة أعمال تلفزيونية وسينمائية على النمط البدوي تلقفتها المحطات العربية كافة، وقد شاركته سميرة توفيق بطولة معظمها.

في فيلم الرسالة
وفي عام 1976، قرّر المخرج السوري مصطفى العقاد تصوير فيلم «الرسالة» عن سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وراح يختار شخصيات الفيلم من العالم العربي، فهمس له زميله على مقاعد الدراسة ومدير التلفزيون الكويتي محمد ناصر السنعوسي باسم محمود سعيد، فدعاه العقاد إلى لقاء في مكتبه في بيروت. لم يطلب العقاد من سعيد تقديم عرض تمثيلي، بل استمع إليه وهو يقرأ من سير الشخصيات التاريخية. «بعدها، اتصل به وقال «اخترناك لتؤدي دور خالد بن الوليد في الفيلم». كانت فرحتي عارمةً حينها كما قال.

موسم الهجرة الى الشمال
شارك في مجموعة من الأعمال عن فلسطين منها المسلسل التاريخي الضخم «وتعود القدس»، وفيلم «فداك يا فلسطين». وعندما اشتعلت الحرب الأهلية اللبنانية، غادر إلى أثينا حيث أقام ثلاث سنوات، ثم إلى الأردن حيث أقام نحو خمس سنوات قدم خلالها عدداً كبيراً من الأعمال التلفزيونية. أما في المسرح فقد شارك في أعمال مثل «المهرّج» لمحمد الماغوط، و»موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح وإخراج يعقوب الشدراوي، و»موقعة عنجر» من إخراج نزار ميقاتي، و»موال الأرض» مع عايدة عبد العزيز.
الجمعة 2015-02-27