هنالك فئة من طلبة المدارس معرضون لأن يُظلموا مرتين ، الأولى لأنهم يُسـاء فهمهم وينظر إليهم المعلمون والآباء على أنهم كسالى ومشاغبون وغير مهتمين بينما هم في حقيقة أمرهم مرضى، والثانية عندما يُحرمون من العلاج فيبقون فريسة مرضهم الذي قد يؤثر بشكل كبير على مستقبلهم الدراسي، ويحطم ثقتهم بأنفسهم ويسيء كثيراً إلى علاقاتهم الاجتماعية. هؤلاء هم الطلبة الذين يعانون من مرض تشتت الانتباه وفرط الحركة حيث يجد الطالب صعوبة في البقاء منتبهاً ومركزاً انتباهه على شيء غير شائق وجذاب جداً، وحيث يغلب أن تكون حركته ونشاطه زائدين كثيراً عن المستوى المتوقع مما يجعله كثير الحركة واندفاعياً يتكلم أو يتصرف دون تفكير كافٍ ويكون للمشكلات الثلاث هذه ( تشتت الانتباه والنشاط الزائد والاندفاعية ) أثرها السلبي على حياته الدراسية والاجتماعية.
مظــاهر مرض تشتت الانتباه وفرط الحركـة :
مظاهر هذا المرض ثلاثة:
1- نقص الانتباه.
2- فرط النشاط والحركة.
3- الاندفاع والتسرع.
نجد الطفل المصاب بهذا المرض _ في الحياة اليومية _ كثير الحركة في كرسيّه لا يستقر فيه مدة طويلة، بل يظلُّ أغلبَ وقته يعبث بأشياء على طاولته أو يتلوى ويتحرك وهو جالسٌ على مقعده، وقد يقوم من مكانه دون إذن أو يتحجج بأي عذر بحيث يقوم ربما إلى الحمام مثلاً المهم أن يتحرك، إذ أنه يشعر بالتوتر والانزعاجِ في داخله ولا يرتاح إلاّ إذا حرك جسمه أو مشى.
_ وهو سريع الملل، يلفت انتباهه أيَّ شيءٍ ويشده إلى النظر إليه أو الإصغاء إليه أو التفكير به، فحتى خواطره وأفكاره يمكن أن تأخذه بعيداً في #شرود_ذهني ينسيه أنه في الصف وعليه الانتباه إلى الشرح أو أنه مع أمه في البيت يؤدي واجباتهُ المنزليّة وعليه التركيز معها، ومايجبُ الإشارةُ إليه أنَّ الطفل المصاب بالِ (adhd) يريد الانتباه إلى الدرس لكنه غير قادر على البقاء منتبهاً أكثر من دقائق قليلة، وغير قادر على مقاومة إغراء أي مثيرات تصل إليه سواءً من أفكاره وخواطره وذكرياته أو مما هو حوله سواءً كان ما يسمعه من أصوات أو ما يراه من أشياء.
* لكن الكثير من هؤلاء الأطفال يمكنهم البقاء منتبهين جيداً للألعاب الإلكترونية وألعاب الكومبيوتر ربما لساعةٍ كاملة أو أكثر، وهذا لا ينفي إصابتهم بالمرض لأنَّ مرض تشتت الانتباه في جوهره هو ضعف القدرة على #إهمال المثيرات الشائقة (أي تجذبه هذا النوع من المثيرات) وضعف القدرة على المحافظة على الانتباه للأشياء المملة في طبيعتها مقارنةً بالمثيرات الشائقة مثل الألعاب الإلكترونية، وواضح أنَّ شرح المعلمة للدرس أو عمل الواجب المدرسي في البيت ليسا شائقين وجذابين للانتباه مثل ألعاب الفيديو مثلاً.
وهؤلاء الأطفال الذين يعانون من مرض تشتت الانتباه وفرط الحركة كثيراً ما تجدهم المعلمة مشغولينَ بأشياء غير التي كلفتهم بها، فبينما يكون باقي التلاميذ منهمكين في حلِّ مسائل الحساب أو كتابة موضوع تعبير في الصف يكون هذا الطفل مشغولٌ بشيءٍ آخر كترتيب أقلامه وجمعها في المحفظة، أو يتصفح الصور في كتابٍ أمامه أو يتحدث إلى زملائه.
أما إذا ما انخرط في عملٍ ما طُلب منه فإنه اندفاعيٌّ، متسرّع، يجيب قبل أن يفكر جيداً وقبل أن يفهم السؤال أو أن يقرأه جيداً حتى آخره، لذا تكثر لديه أخطاء التسرع وعدم الاهتمام، وهؤلاء الأطفال لديهم صعوبة في تنظيم عملهم وأشيائهم وحتى خطوطهم تكون رديئة ودفاترهم غير مرتبة، وهم كثيروا النسيان وتضيع منهم الأشياء بكثرة، ويفتقدون الدقة والاهتمام بالتفصيلات، كما إنهم بسبب اندفاعيتهم واستعجالهم يجيبون قبل أن يسمعوا تتمة السؤال ويجيبون دون أن يرفعوا أيديهم وقبل أن تأذن المعلمة لهم لأنَّ من أصعب الأمور عليهم #الصبر حتى يأتي دورهم، وهم في الغالب صاخبون وكثيروا الكلام، وفي اللعب يصعب عليهم #التعاون في ألعاب مشتركة مع الأطفال الآخرين لها قواعد وفيها انتظارٌ للدور، وقد يلفت انتباه الطفل المصاب بمرض تشتت الانتباه شيء فينسى ما كان يفعله مع أصحابه وينشغل عنهم ويترك لعبهم فيتضايقون منه.
والطفل المصاب بتشتت الانتباه وفرط الحركة في الغالب هو طفلٌ صعبٌ منذ ولادته، إذ كثيراً ما يكون نومه قليلاً وبكاؤه كثيراً وإرضاؤه صعباً، وما أن يمشي حتى تبدأ مشكلة الحركة الزائدة بالظهور واضحة، إذ قد يتسلق الأثاث وينتقل من مكان إلى آخر بشكل ملفت للنظر، وكأنه لعبة تعمل بالبطارية ومحركها لا يتوقف، فما أن تضعها على الأرض حتى تتحرك هنا وهناك.
وشكوى الأم عادةً تكون من الحركة الزائدة في السنوات الأولى من العمر إلى أن يدخل الطفل المدرسة، ويظهر عجزه عن الانتباه الطويل فتكون شكوى المعلمة من حركته الزائدة ومن انتباهه الضعيف معاً.
و الملاحظ أنه في الأعمار الصغيرة تكون غالبية الأطفال المصابين من الذكور، لكن الإناث يصبن بالمرض أيضاً، و قد يكون لدى البنت تشتت الانتباه شديداً، و يكون تشتت انتباهها بفعل أفكارها و خواطرها وبتأثير أحلامها، فنجدها سارحةً شاردة حالمة في أغلب الوقت و هادئة ليس لديها صخب الذكور ونشاطهم الزائد، و قد يؤدي هذا إلى عدم انتباه المعلمة أو الوالدين إلى احتمالية أن تكون هذه البنت مصابة بمرض تشتت الانتباه وفرط الحركة، لأنَّ فرط الحركة مظهر من مظـاهر المرض لكن لا #يشترط وجوده في جميع الحالات.
ومما يجب ملاحظته أنَّ أعراض المرض لا توجد عند الطفل بنفس الشدة في كـل الأوقات، إنما تتراوح شدتها من حين إلى آخر ومن موقف إلى آخر، لكنها ملحوظة في أحيان كثيرة ومتكررة بشكل يجعل منها مشكلة. لذا يجب أن لا ننخدع بهدوء الطفل أمامنا فلا ننتبه أنه زائد النشاط، لأنه قد يمنعه الحياء أو الهيبة مِن مَن هو في حضرته من الانطلاق في حركته الزائدة.
منقول ..
رد مع اقتباس
المفضلات