يرتكب أولياء الأمور والمدرسون خطأ في التعامل مع الطفل الضعيف في تحصيله الدراسي من خلال تعريضه
للاضطهاد ومقارنته بإخوته وأقرانه ظنا منهم أن هذا سينعكس إيجابا على تحصيله كما يؤكد الخبراء والمعنيون.
ويبرر الأهل قسوتهم على ابنهم المتأخر في تحصيله بأنهم يحاولون شحذ همته وإشعاره بالتقصير ليتدارك الأمر كما
تؤكد على ذلك معلمة تعمل في القطاع الحكومي مبينة أن ابنها ذا العشرة أعوام لا يبدي اهتماما بالدراسة حتى مع
إشعاره بالنبذ والاضطهاد.
وتضيف أن جميع الأهل يشعرون بالقلق لدى اكتشافهم أن تحصيل ابنهم ضعيف ما يؤدي إلى فشله الدراسي لاحقا
وضياع مستقبله بحسب التعبير الدارج لذلك يمارسون الضغط على هذا الطفل بكافة الوسائل الأمر الذي يؤدي إلى حالة من الانطواء والانسحاب والتأثر النفسي العميق.
وتؤكد أنها مقتنعة تماما أن القسوة والاضطهاد للطفل المتأخر دراسيا ينعكس بشكل سلبي على نفسيته ومع ذلك هي لا تشعر بنفسها عند تعنيف طفلها واسماعه الكلام الجارح والقاسي على حد تعبيرها.
ويعلق الأهل عموما آمالا كبيرة على طفلهم ويرفضون في كثير من الأحيان الاعتراف بضعفه الدراسي وبقدراته على التحصيل، الأمر الذي يؤدي إلى خيبة أمل متواصلة في حال لم يكن الطفل عند حسن ظنهم ولم يبدِ التركيز الكافي والمثابرة على الدراسة.
وعلى هذه الأمر يعلق الأخصائي التربوي الدكتور محمد أبو السعود قائلا إن التأخر الدراسي للطفل يبدأ بالمراحل
الدراسية الأولى ويؤدي إلى بطء في عملية تعلم الطفل للمهارات الأساسية من قراءة وكتابة وحساب.
ويبين أن الطفل الضعيف دراسيا يعاني في كثير من الأحيان من ضعف سمع أو بصر أو تركيز أو ضعف في حركة اليدين أو القدمين، الأمر الذي يجب أن ينتبه له الآباء والأمهات.
وفي مشهد يتكرر دائما يبدو المعلم في الصف أكثر تفاعلا مع الطلاب النشيطين والأذكياء الذي يظهرون تركيزا وانتباها مع إهماله في معظم الأحيان للطفل الخامل وغير المتفاعل مع الحصة أو الذي لا يحرز علامات مرتفعة في الامتحان باستثناء بعض المعلمين والمعلمات الذين يدخلون تحدي رفع سوية الطفل الكسول وإدماجه في الصف ورفع مستوى تحصيله الدراسي.
وفي هذا الإطار يبين السعود أن إهمال المعلم للطفل الكسول ينعكس سلبا على نفسيته، الأمر الذي يؤدي إلى ظهور علامات الانسحاب عليه والانطواء الاجتماعي.
ويتابع أن الأهل عليهم مسؤولية كبيرة تجاه الطفل الذي لا يبدي تركيزا وانتباها في الدراسة أن يحاولوا متابعته قدر الإمكان ومتابعة تحصيله والقيام على تدريسه بخاصة في المراحل الأساسية التي تتطلب ترسيخ مهارات القراءة والكتابة والحساب إلى جانب متابعة ملاحظات المعلم المكتوبة على دفاتر الواجب.
ويستنكر أبو السعود ممارسة الاضطهاد على الطفل الضعيف في تحصيله الدراسي "القسوة والاضطهاد مرفوضان جملة وتفصيلا سواء من قبل المعلمين أو الأهل وكذلك العقاب البدني".
ويدعو الأهل إلى الاعتراف بقدرات الطفل وإمكانيات الذكاء والتركيز لديه وعدم تكليفه بما يفوق احتماله والتفكير بشكل عملي بمستقبل الطفل بخاصة عند وصوله الصف العاشر الذي يقرر بعده التخصص الذي سيكمل به سواء أكاديمي أو مهني "التعليم الثانوي المتشعب يعطي فرصة لإبداع الطالب الضعيف في التحصيل الأكاديمي".
ويلفت أبو السعود إلى أجواء المباهاة والتفاخر بالشهادات والمستوى العلمي السائد في مجتمعاتنا مع عدم ابداء الاحترام والتقدير الكافيين للمهن اليدوية المختلفة الأمر الذي يأتي على حساب ميول الطفل وقدراته "هذا يعكس عدم وعي عند الأهل الذين يحصرون طموحهم في ان يكون أبناؤهم أطباء أو مهندسين لذلك يجب تغيير النظرة المجتمعية على ضوء إمكانيات الطالب وتوجهه".
وفي تجربة لوزارة التربية والتعليم الهادفة إلى التوجه للأطفال المتأخرين دراسيا ورفع سويتهم بدأت الوزارة قبل أعوام بتنظيم صفوف خاصة لبطيئي التعلم وصعوبات التعلم.
وعن هذه التجربة توضح معلمة صعوبات التعلم في إحدى مدارس الاونروا نهى يحيى أن تجربة صفوف صعوبات التعلم في المدارس عملت بشكل ناجح على إخراج الطفل المتأخر دراسيا من عزلته بعد أن فتحت المجال أمامه ليلحق بركب زملائه في الصف من ناحية التحصيل الدراسي.
وتوضح أن دور معلمة أو معلم صعوبات التعلم لا تنحصر بالبعد الأكاديمي إنما تتعداه للبعد النفسي من خلال العمل على إعادة دمج الطفل الذي يعاني من أية مشكلة تنعكس سلبا على أدائه الدراسي وتؤدي إلى الضرر النفسي المتمثل بالانعزال والانطواء.
ويتم اختيار الأطفال الذين يعانون من صعوبات وبطء في التعلم من خلال ملاحظات المدرس الذي يترتب عليه عمل كشف على الطالب واختبار تشخيصي يخضع له من قبل معلم صعوبات التعلم وبناء عليه يتم تحديد هل هو بحاجة لانخراطه في صف الصعوبات أم لا إلى جانب تحديد نقاط الضعف لديه.
وتتابع أنه يتم إخضاع الطفل إلى مناهج تناسب قدراته بطريقة علمية مدروسة تساعده على اللحاق بركب زملائه وزيادة قدرته على التركيز والاستيعاب بطرق معينة.
منقول ...
رد مع اقتباس
المفضلات