مفاتيح كنيسة القيامة .. «آل جودة» يحتفظون بالمفتاح... و«آل نسيبة» يفتحون الباب
ولما فتح الخليفة عمر بن الخطاب مدينة القدس سنة (15هـ - 636م)، ودخل كنيسة القيامة، حان وقت صلاة العصر فدعاه أسقف الكنيسة إلى الصلاة فيها!! لكن عمر بن الخطاب رفض أن يصلي بداخلها خشية أن يحذو المسلمون حذوه.. وربما ادى ذلك إلى تحويل الكنيسة الى مسجد، وفي ذلك اعتداء على المسيحيين، فصلى عمر رضي الله عنه خارجها في مكان مجاور للكنيسة، حتى بُني هناك مسجد سمى بمسجد عمر بن الخطاب.
وكانت العهدة العُمرية التاريخية الشهيرة في ذلك الوقت التي قطعها الخليفة عمر للبطريرك صفرونيوس عند فتح بيت المقدس:
العهدة العُمرية
«بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبدالله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء (القدس) من الامان اعطاهم امانا لانفسهم واموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها انه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم ولا يُنتقص منها ولا من حيزها ولا من صليبهم، ولا شيء من اموالهم ولا يكرهون على دينهم ولا يُضار احد منهم ولا يسكن بإيلياء معهم احد من اليهود..» وذلك بناء على طلب بطريرك القدس صفرونيوس.
وفي لقاء «ابواب – الرأي» في عمان مع السيد مروان جودة آل غضية اطلعنا على بعض المعلومات والصور والوثائق المصورة عن فرمانات عثمانية قديمة كتبت بخط الطغراء القديم بلغ عددها اكثر من (150) فرماناً.
ومن ذلك مثلا ان مناصب آل غضية السياسية والدينية والادارية في مختلف الازمنة، ومن أهمها مشيخة الحرم القدسي الشريف والتي امتدت لاكثر من اربعة قرون، وقائمقامية التولية على وقف السلطان وامانة (مفتاح كنيسة القيامة)، ونقيب الاشراف، والتولية على اوقاف الانبياء موسى ويونس ولوط عليهم السلام، ورئاسة مؤذني الحرم القدسي الشريف لعدة قرون، وشرف قراءة القرآن الكريم في الصخرة المشرفة والمسجد الاقصى..الخ.
هذا وكان من احد شروط تسليم العائلة (مفاتيح كنيسة القيامة) الانتماء إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد تم الربط بين الماضي والحاضر فيما يتعلق بالفرمانات السلطانية الصادرة عن الباب العالي للخلافة الاسلامية وحجج المجالس الشرعية الموجودة بحوزة عائلة جودة آل غضية وسجلات المحكمة الشرعية بالقدس وشجرة عائلة آل غضية، وقد تم التدقيق، والتطبيق في ذلك بشكل محكم.
* زمن صلاح الدين الايوبي
وتدل قصة آل غضبة مع (مفاتيح كنيسة القيامة) هذه الكنيسة التي تعتبر من اقدس المواقع الدينية لدى مئات ملايين المسيحيين في العالم، عن سماحة الدين الاسلامي والدين المسيحي وخاصة في بيت المقدس، ذلك عندما اعلن الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب امام جيوشه التي فتحت القدس بانه اعطى لاهل الذمة من النصارى عهدا يتضمن السماح لهم بممارسة شعائرهم الدينية في مسرى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقال: «تذكروا عباد الله قول الرسول الحبيب: من آذى ذمياً فقد آذاني».
وقبل (800) سنة وعندما حرر السلطان الايوبي صلاح الدين الايوبي بيت المقدس من الصليبيين في مدة لا تتجاوز الاربعين يوما، الا انه سمح لهم ايضا باصطحاب نسائهم واولادهم بعد دفع الفدية لخزينة المسلمين، ولان صلاح الدين كان يعي ان السكان النصارى هم غير الصليبيين الغزاة فقد ابقى عليهم في مساكنهم واديرتهم ومنحهم حرية التعبير الدينية واقامة الشعائر التي ورثوها عن اجدادهم وكل ذلك تيمنا بالخليفة العادل الفاروق عمر بن الخطاب.
ومن ذلك فان امين مفتاح كنيسة القيامة تحدث قبل حوالي 15 عاما موضحا هذا الامر بقوله: «ان نظرة السلطان الصالح صلاح الدين اشعرت المسيحيين في بيت المقدس بان هناك امكانية لبناء حياة جديدة في ظل حكم صالح، فصلاح الدين لم يفعل كما فعل الصليبيون المحتلون بل انه ميز بين الانتماء الديني والانتماء القومي.
وبموجب اتفاق مع الصليبيين فقد سمح صلاح الدين لحجاج الافرنج بالقدوم الى القدس وبدأت بعد ذلك الافواج تتوالى بازدياد وتجمع الكثيرون منهم اثناء احتفالات عيد الفصح وتضاعف العدد في السنوات التالية فخشي صلاح الدين ان ينقض الافرنج الاتفاقية وان يصيبوا اهل بيت المقدس بشر فأمر باتخاذ اجراء وقائي يجنب اهل بيت المقدس (القدس) المخاطرة وكان اول ما قام به ان امر باغلاق ابواب كنيسة القيامة مع ابقاء باب واحد فقط للدخول والخروج، وامر بتسليم (مفتاح كنيسة القيامة) الى عائلة مقدسية مسلمة يتصل نسبها بنسب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى ان تكون لهذه العائلة جذور عميقة في مدينة القدس، وكانت هذه العائلة هي عائلة «آل غضية» التي تعرف اليوم بعائلة (آل جودة) والتي لا تزال تحمل مفتاح كنيسة القيامة. والمفتاح الان يحتفظ به السيد اديب عبدالقادر جودة آل غضية من سكان القدس.
* تحت الانتداب البريطاني والاحتلال الاسرائيلي
وعند انتهاء الخلافة العثمانية ووقوع فلسطين والقدس تحت الانتداب البريطاني استدعى محمد اديب جودة آل غطية للمثول امام الجنرال البريطاني اللنبي الذي احتلت جيوشه القدس وقد سأله الجنرال الموصوف بالشدة والبأس عن تاريخ وجود المفتاح بيد عائلته ؟
فقال له: «لقد ورثت هذا المفتاح عن آبائي واجدادي منذ فتح السلطان صلاح الدين للقدس وفلسطين». فما كان من الجنرال اللنبي الا ان قال: «انني أعيد هذا المفتاح لتقوموا بواجباتكم كما كنتم تقومون بها في السابق.
وقد حصل نفس الامر عندما احتلت اسرائيل القدس اثر نكسة عام 1967، وان دل هذا المفتاح على شيء فانه يصلح
لأن يكون رداً مباشراً على كل محاولات التشكيك بوحدة شعب فلسطين مسلمين ومسيحيين، وهذا الأمر ذو مغزى خاص بالنسبة للمسلمين في فلسطين الذين يُمنعون الا حسب السن من الصلاة داخل حرم المسجد الاقصى المبارك..
وكأن الصلاة لله تحتاج الى تصريح من بني آدم وبالذات من المحتلين!!.
* آل نسيبة لفتح أبواب الكنيسة
ومما جاء من قلم المؤرخ الفلسطيني المعروف عارف العارف حول آل جودة الذين يحتفظون بمفاتيح كنيسة القيامة،
وآل نسيبة الذين يفتحون ابواب كنيسة القيامة تقول ما يلي:
ومن الفرمانات التي رأيتها بيد آل نسيبة والتي تقول انهم هم البوابون لكنيسة القيامة:
1- فرمان تاريخه 1229هـ - 1813م اي في زمن السلطان محمود الثاني، ذكرت فيه اسماء السادة محمد نسيبة وعبدالله وخليل مصطفى اخوان كبوابين لكنيسة القيامة، يتناوبون عوائدهم من اوقاف خاصكي سلطان.
2- امر من المير محمد متسلم لواء غزة والرملة ويافا ومتولي اوقاف القدس السيد مصطفى آغا وكيل العامرة في محروسة القدس الشريف، تاريخه 1231هـ -1815م جاء فيه ان بوابة القيامة في عهدة السيد عمر نسيبة وان هذا تسلمها من ابيه.
3- اعلام صادر من المجلس الشرعي الشريف بالقدس في السنة نفسها جاء فيه ان السيد عمر نسيبة متصرف بنصف بوابة القيامة اصالة عن نفسه، وبالنصف الآخر وكالة عن السيد خليل وانه هو الذي يقوم بتلك المهمة دون معارضة بأمر من السلطان، وقد حضر المجلس يؤمئذ كل من قاضي القدس والمفتي ونقيب الاشراف ومتسلم القدس عبدالكريم آغا،
و آغا الانكشارية، ووكيل التكية (خاصكي سلطان) وعدد من الأعيان.
4- كتاب من قاضي القدس الشريف محمد اسعد الامام تاريخه 14 شوال 1232هـ - 1816، موجه الى علي افندي زاده، والسيد مصطفى افندي والي وكلاء الديورة الثلاثة يخبرهم فيه ان الدولية العلية اصدرت بتاريخ 14 شعبان 1231هـ - 1815م امراً جاء فيه ان ريع وظيفته بواب القيامة للسيد يوسف واخيه عبدالقادر تيمي المرحوم السيد مصطفى نسيبة وثلاثة ارباع الوظيفة المذكورة، نصفها للسيد خليل نسيبة والنصف الثاني لأولاد السيد محمد نسيبة
(وهم السيد عمر حلبي والسيد ابو بكر والسيد يوسف والسيد يحيى والسيد عبدالغني واولاد ابنه السيد عمر وهم السيد
علي والسيد حامد بالسوية بينهم).
وان يكون مباشرة البوابة وادارتها وضبط ايرادها الى السيد عمر حلبي (أصالة عن نفسه) وبالوكالة عن عمه السيد خليل وبقية شركائه، والذي امر بذلك هو الحاج سليمان باشا والي صيدا المتولي على وقف خاصكي سلطان ..
وهناك فرمانات اخرى .. الخ.
رد مع اقتباس
المفضلات