تاريخ أدب الطفل هو تاريخ الطفولة بالأساس، وهو أيضاً تاريخ اكتساب اللغة وتعلُّم مبادئ الحياة عن طريق الأدب.
في مذكراته «الطفل الذي بَنَتْه الكتب» يحيلنا الكاتب الإنجليزي فرانسيس سبافورد على تذكُّر القراءات الأولى التي أحدثت فينا تحوُّلات، كي نتوقَّف عند الأوقات التي وقع فيها كتاب معين داخل عقولنا وهي على استعداد تام له، شأنه شأن محلول شديد الإشباع، وفجأة تغيّرنا.

عبر التاريخ، تحكمت فوارق ثقافية واجتماعية في النظرة إلى الطفل. وإذا كانت العصور القديمة تتَّصف باستغلال الأطفال وإهمالهم، فإن العصر الحديث لا يخلو من بقايا هذه النظرة في بقاع البؤس النائية على تخوم المجتمعات المتخلِّفة عن قطار التنمية، حيث لا يكون مكان الأطفال الحقيقي هو المدرسة. وعبر التاريخ، أيضاً، تحكَّمت بنيات ثقافية واجتماعية واقتصادية متفاوتة في تطوُّر نظرة المجتمعات إلى الطفل، فمن المنفعة إلى التربية أخذ الطفل مكانته التي يستحقها داخل العائلة وداخل المجتمع. وهكذا أصبح أدب الطفل في المجتمعات المتقدِّمة، كما استوعبت ذلك مجتمعاتنا العربية حديثاً، عنصراً هاماً في عملية التربية والتلقين من أجل بناء شخصيات مستقبلية فاعلة في محيطها ومشاركة في تحضُّر المجتمع.

وبحسب تقرير صدر مؤخَّراً عن معهد «بروكينغز» الدولي فإن ثمانية ملايين ونصف مليون طفل في العالم العربي مهمَّشون تعليمياً، أرقام صادمة تجعل الحديث عن أدب الأطفال في العالم العربي مرهوناً بتحدِّيات بنيوية وتنموية عميقة.

ومن ناحية أخرى فإن عصر الفضائيات ووسائط الميديا الجديدة تدخل على الخط
لتزيد من تعميق إشكالية القراءة وإنتاج ثقافة للطفل.


منقول