رغم ادراك ولمس المدخنين لاضرار التدخين الصحية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الجمالية الا انهم يصرون على التدخين بذريعة التنفيس عن الغضب والاحوال الاجتماعية والسياسية والاقتصادية السائدة او لممارسته كعادة وجمعة اصدقاء واقارب وان الاعمار بيد الله ،دون الاعتراف بالادمان او المشاكل الصحية التي المت بهم نتاج التدخين .
( ابواب- الراي) رصدت 37 مدخنا التقتهم ،خلال اجراء التحقيق .حيث وجدت ان نسبة الذين أكدوا ان (معرفتهم بإصابة قريب لهم مدخن بالسرطان لن يؤثر على قرار تركهم التدخين ) بلغت 60% ونسبة الذين أجابوا بأنه سيقلعون عن التدخين عند ذلك بلغت 40% .
واظهر الاستطلاع الذي شمل 28 من الذكور و9 إناث تراوحت أعمارهم بين( 22 سنة – 60 سنة) ان النصف بدوا التدخين بعمر دون 18 سنة والنصف الأخر بين سن 20-25 سنة وقلة منهم بعد بلوغ سن 30 سنة .
وتراوح حجم الإنفاق على التدخين بين ثمانين قرشا ولغاية سبعة دنانير ونصف يوميا .ويتراوح معدل الاستهلاك من بكيت إلى أربعة يوميا .
أجاب 30% من المستطلعين إنهم يقدمون على التدخين كعادة و8% منهم في إطار لمة الاصحاب فيما 62% منهم أجابوا بأنه لأسباب مختلفة كالفرح والغضب ولمة أصحاب وكعادة وللتركيز بالعمل .
واظهر الاستطلاع ان 84 % من المستطلعة أراؤهم لن يمتنعون عن التدخين إلا في حالة إصابتهم بمشاكل صحية فقط و3% لأسباب اقتصادية و3% خشية الإصابة بالسرطان و5% لأسباب دينية و5% للبقاء مع الأسرة والأحبة .
ورغم ان أضرار التدخين تتعدا الجانب الاقتصادي لتشمل الصحي والاجتماعي إلا ان إنفاق مئات الدنانير سنويا على المستوى الفردي لكل مدخن في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية أمر يدعو إلى إعادة التفكير.
(بسام ) المدخن منذ أكثر من 35 سنة تفاجأ - عندما استخدم حاسبة معرفة تكاليف الإنفاق على التدخين - انه انفق على شراء السجائر طوال الفترة الماضية 25 ألفا و200 دينار كونه كان يدفع يوميا دينارين ثمن باكيت الدخان اليومي.
ويأسف (بسام ) على ذلك المبلغ الذي أنفقه على التدخين .منوها ان كان يستطيع شراء شقة بالتقسيط بهذا المبلغ لو كان لديه هذا الوعي بأضرار التدخين كما هو حاله الآن .
ويستذكر ان بدايته مع السجائر كانت بعمر 15 سنة بداعي الولدنة وبقي مدخنا طوال 35 سنة إلى ان كره الدخان وانقطع طوال 3سنوات ونصف إلا انه عاد للتدخين مجددا .مؤكدا انه رجع إليه بعد الانقطاع بسبب تأثير صاحب له مدخن قدم له سيجارة مما أرجعه للموضوع .
و(أبو شاكر) 60 سنة ليس أفضل حالا من (بسام )الذي إنفق على التدخين نحو 36 ألف دينار وفقا للحاسبة نفسها منذ ان بدا التدخين بسن المراهقة قبل نحو 50 سنة .
يقول (أبو شاكر ) عندما يصبح الإنسان مدخنا لا يلتفت إلى التكاليف المادية أو الأضرار الصحية للتدخين ليتفاجأ لاحقا بذلك الحجم الكبير لكليهما مع مرور الأيام والسنوات.
أما( سيف ) 35 سنة الذي ينفق 7,5 دينار يوميا على شراء 3-4 بكيتات دخان منذ 15 سنة فقد انفق ما قيمته 40 ألف دينار ونصف على شراء السجائر لغاية الآن . ويرى (سيف ) انه لا يستطيع العيش بلا تدخين مهما كانت النتائج والسلبيات الصحية والاقتصادية .
فيما تشير أرقام وزارة الصحة إلى ان الإنفاق المباشر للدولة على السجائر يبلغ 480 مليون دينار فيما يباع سنويا أكثر من 350 مليون باكيت من السجائر.وتتساوى التكاليف غير المباشرة للتدخين التي تتكبدها وزارة الصحة على علاجات الأمراض ذات الصلة بالتدخين لهذه الأرقام .
ورغم حرمة التدخين من الناحية الدينية بحسب دائرة الإفتاء الأردنية والعديد من العلماء محليا وعربيا وعالميا إلا ان 5% فقط ممن تم استطلاع أرائهم سيقلعون عن التدخين في حالة ثبات حرمته فقط .
وكانت دائرة الإفتاء العام قد حرمت التدخين في أكثر من فتوى منها قرار رقم (109) حول حكم الدخان وبيعه بتاريخ 2006 .حيث رأى المجلس ثبات حرمة التبغ (الدخان) والتمباك نظراً لثبات أضراره الكثيرة على الصحة والبيئة والمجتمع والاقتصاد ويتعدا ضرره إلى غير المدخنين المتواجدين في مكان تدخين المدخن .
ويتأكد تحريمه على كل شخص ثبت بأن التدخين يؤدي إلى إلحاق ضرر كبير به، أو يؤخر في شفائه .كما يتأكد التحريم في حق كل شخص ينفق ما لديه من مال على التدخين ويحرم نفسه ومن هو مكلف بإعالتهم مما هو ضروري لمعيشتهم .كما يتأكد تحريم الدخان في الأماكن العامة كي لا يضر المدخن غيره.
ولذلك يرى مجلس الإفتاء وجوب مكافحة التدخين بالوسائل المتاحة، وتحريم الترويج والإعلانات التشجيعية للتدخين.كما ينصح بعدم بيع الدخان والتمباك والأرجيلة وتأجير المحلات التجارية، سواء لغايات البيع أو الاستخدام والشرب.
وحول دور وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في مكافحة التدخين بين الناطق الإعلامي للوزارة احمد عزت ان للمساجد دورا أساسيا في الحث على الامتناع عن التدخين وبيان حرمته وأضراره وخاصة ان الأطباء يؤكدون ضرره ودائرة الإفتاء حرمته .
وأكد عزت ان الوزارة تحث الأئمة للتطرق لهذا الموضوع نظرا لأهميته وكونه مصروفا إضافيا يعد تبذيرا .منوها ان كتاب خطب الجمعة النموذجي – الذي وضعته الوزارة ليستأنس به الأئمة - يتطرق أيضا لموضوع حرمة التدخين .
وبحسب الأرقام العالمية فان تعاطي التبغ يسبب وفاة شخص من كل 10 أشخاص بالغين، حيث يسبب التبغ وفاه ( 5 ) ملايين شخص عالميا كل عام ويقتل شخص واحد كل 8 ثوان بسبب التبغ .
وإذا استمرت الاتجاهات الحالية سينجم عن ذلك حدوث 10 ملايين وفاة سنوياً بحلول عام 2025 مما يقتل شخص واحد كل 3 ثواني .
فيما ستكون 70% من هذه الوفيات في البلدان النامية ، حيث أصبحت دول العالم الثالث أسواقا رائجة لمنتجات التبغ. وتعد فئة الشباب هي أكثر فئة مستهدفة من قبل شركات التبغ العالمية.
ووفقا لأرقام وزارة الصحة الأردنية فان التدخين يتسبب بوفاة واحد من كل مدخنين نتيجة للأمراض القاتلة الناجمة عن التعرض للدخان المنبعث عن احتراق السيجارة.
وللحديث عن الآثار الصحية السلبية للتدخين على الجسم بينت رئيس قسم الوقاية من أضرار التدخين في وزارة الصحة الدكتورة فاطمة خليفة ان كل سيجارة تحتوي على (10- 15) ملغم من النيكوتين. إذا تم حقن( 60 ملغم) من النيكوتين دفعة واحدة عن طريق الدم فإنها تؤدي إلى الوفاة مباشرة.و يفقد المدخن (7) دقائق من حياته مقابل كل سيجارة يدخنها.
(محمد) - الذي بدا التدخين بعمر 6 سنوات في الصف الأول الابتدائي سنة 1979 ظل مدخنا طوال 23 سنة متواصلة بشراهة تصل إلى ثلاثة بكيتات يوميا – إلى ان استطاع ترك التدخين كون أولاده يتحسسون من رائحته داخل المنزل فترك التدخين لسبع سنوات متواصلة إلى ان رجع منذ أربع سنوات لبديل عنه هو الارجيلة .
أما( فؤاد ) فقد ترك التدخين مجبرا بعد 15 سنة من التدخين المتواصل نتيجة اضطراره لإجراء عملية قلب مفتوح إلا انه سعيد حاليا بتركه التدخين منذ سنة وربع . ويؤكد ان التدخين كان السبب المباشر لإصابته بالقلب وعدم القدرة البدنية . ناصحا كل مدخن بالإقلاع عنه بإرادته وليس مكرها بعد الإصابة بالمشاكل الصحية .
ووفقا لخليفة فان تعاطي التبغ بجميع أشكاله يعرض الجسم لخمس آلاف مادة كيميائية سامة تسبب الإدمان والعديد من الأمراض والسرطانات. وان المدخنين سلبيا يتعرضون لنفس الخطر الذي يتعرض له المدخنون أنفسهم. فيما يزداد احتمال الوفاة مبكراً بنسبة 50% لدى المدخنين طوال حياتهم بسبب الأمراض الناجمة عن التدخين.
وبحسب خليفة فان التدخين يؤثر على جميع أعضاء جسم الإنسان.حيث يتسبب بفرط ضغط الدم في القلب ، والإقفار، وتوقف القلب المفاجئ والوفاة, ويسبب الغرغرينة وبتر الأطراف, واختلال الوظائف الفكرية في الدماغ ,وقرحة المعدة وسرطاناتها, ويسبب التجاعيد وفقد الشعر.
والى جانب تسبب التدخين بالإدمان فتشير الأرقام ان (85-90%) من حالات سرطان الرئة هي ناتجة عن التدخين .وان المدخنين معرضون للإصابة بسرطان الرئة باحتمال يصل إلى 20-30 مرة .إضافة لتدمير المجاري التنفسية في 80% من المدخنين. فضلا عن تليف الرئة ، ونزف الرئة والربو .
كما ان التدخين يؤدي إلى تضيق وانسداد الأوعية الدموية التي تروي القلب إلى جانب خطر الإصابة القلبية لدى المدخنين قد تصل احتمالاتها إلى 3 أضعاف للرجل ، 6 أضعاف للنساء.
كما يؤدي إلى الخرف في سن مبكرة تصل إلى 43-53 سنة و يؤدي إلى الزهايمر .ويؤدي إلى ترقق العظام خاصة لدى النساء والمسنات منهن .
ويعد التدخين سبباً رئيساً في العقم لدى الرجال والنساء . حيث ان 81 % من مرضى العجز الجنسي هم مدخنون حاليون أو سابقون ويعد المدخنون أكثر قابلية للإصابة بالعجز الجنسي بمقدار مرة ونصف .
وأثبتت الدراسات أن خطر التدخين على المرأة أكثر من تأثيرها على الرجل. كما يظهر التدخين عمر المدخن أكبر 10 سنوات من عمره الحقيقي لتأثيره السلبي على البشرة .
ويسبب التدخين سرطانات الجهاز الهضمي , الرئة ، الحنجرة ، المريء، المثانة، البنكرياس ، الكلية ، جوف الفم ، البلعوم ، المعدة , القولون ، الكبد ، عنق الرحم ، الجيوب الانفية ، ابيضاض الدم والمبيض ، الرحم ، والثدي.
أما بالنسبة لصحة الفم والأسنان فيؤدي إلى سرطان الفم والبلعوم والتهاب الفم النيكوتيني وتآكلات في الحنك واللسان وتلون الأسنان وتآكلها واضطرابات اللثة وارتفاع نسب الفشل في الزراعات السنية.
كما يؤدي التدخين إلى مخاطر الإجهاض والولادة المبكرة وعدم نمو أطراف الجنين بشكل متساو ومتكامل إضافة إلى تصلب الشرايين لدى الجنين والوفاة المفاجئة له بعد ولادته لما يحدثه الدخان من تثبيط لمركز التنفس في الدماغ.
ويشير المسح العالمي للتدخين بين الشباب في الأردن الفئة العمرية ( 13- 15 سنة ) لعام 2009 أن نسبة التدخين هؤلاء الأطفال للسجائر فقط تبلغ 11.5% ونسبة تدخين الارجيلة 21.4% .
فيما بينت دراسة عوامل الخطورة لعام 2007 أن نسبة التدخين بين البالغين عمر 18 سنة فما فوق بلغت (29%).
وتبين خليفة ان من المكاسب الصحية للإقلاع عن التدخين قبل عمر 50 سنة يؤدي إلى خفض خطر الوفاة في الـ 15 سنة التالية إلى النصف مقارنة بالمداومين على التدخين.وخفض خطر التعرض لسرطان الرئة، النوبات القلبية، الصدمات، الأمراض الرئوية المزمنة.
وبحسب (خليفة ) فان الارجيلة تعد أكثر ضرراً من السجائر حيث ان تناول الشيشة لمدة ساعة يعادل تدخين (100- 200 سيجارة).
كما ان الارجيلة تحتوي على النشادر الذي يجعل النيكوتين أكثر قدرة على الذوبان في الفم وبالتالي يعمل على التسريع في عملية الإدمان.لأن امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون عند تدخين الارجيلة يكون أكثر منه عند تدخين السجائر مما يجعل المدخن أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والرئتين.
كما ان الارجيلة تحتوي على سبعين مادة كيماوية تسبب سرطان الفم وتجويف الفم والشفاه..فيما يعمل بربيش الارجيلة على نقل العدوى لأمراض مختلفة بين مستخدميها.إلى جانب ان الماء داخل زجاجة الارجيلة يعمل على فلترة بعض الصبغات الموجودة في التبغ ولا يفلتر المواد السامة والمسرطنة الموجودة في التبغ والمعسل.
وتحذر وزارة الصحة خلال العشرين سنة القادمة من تحول شباب الأردن نتيجة تعرضه المزمن لتدخين السجائر والارجيلة إلى عبء صحي واقتصادي على الدولة .
عن الرأي
رد مع اقتباس
المفضلات