وفي هذا الصباح الجميل .. تابعت كلمات جميلة
ولأنها أمي .. رحمها الله .. تذكرت صباحاتها الجميلة أيضاً
كانت توقظني للصلاة صباحاً .. رحمها الله .. وكنتُ أقول لها .. أتركيني لأكمل حلمي الجميل
وتأبى إلا أن توقظني من سباتي العميق .. هي أمي .. رحمها الله
وأنقل ولكم كل التقدير والاحترام
أقبل الليل مزيجا من ظلمة حالكة و سحب من الهموم و الأحزان ... و أنا ها هنا قابعة في مخدعي أنتظر حلولك
يا ليل .. انتظرتك و انتظرت .. و طال انتظاري .. لكن أو تدري لم كل هذا الانتظار، أو تدري ما سببه ؟ ما هدفه ؟
ما غايته ؟
انتظرتك لأحكي لك همومي ، أحزاني و آهاتي ... انتظرت غروب الشمس لأتأكد من أنه لا يوجد في هذا الوقت من يسمع آهاتي و عذابي غيرك ...
سأشكي لك إذن عن آمالي وآلامي، عن أحلامي و أوهامي ، سأشكي لك أوجاعي ، سأفسر لك سبب دموعي اليومية
و ضحكاتي الهسترية ، سأخبرك عن جروحي التي لم أجد من يضمدها لي ، لم أجد من يداويها و يسهر على الاعتناء
بها و يغير ضماداتها ... لم أجد يا ليل أحد غيرك أبثك أحزاني فلتكن صديقي وقت ضيقي ، لتكن رفيقي في وحدتي،
لتكن أخي أشكيه همي و أحكي له سري و يحتفظ به ... أتعلم يا ليل أني متأسفة كثيرا على حاضري
و خائفة من مستقبلي ... متأسفة على هذه اللحظات التي تضيع مني و لا أعلم كيف أستفيد منها ...
و خائفة من مستقبلي، خائفة لأني لا أعلم عما يخفيه لي الزمن ، لا أعلم عن طعناته القادمة
و لا الأشواك التي سيزرعها لي في طريقي ...
أما الآن يا ليل فاسمح لي بأن أحكي و أشكي لك همي ، ألمي و حزني
عشت و ما عشت ، سعدت و ما سعدت ، بكيت و ما بكيت ... لكني علمت أنني خلقت للعذاب ، للآهات
و للدموع ... أستفيق على وقع عذاب الماضي .. أتجرع أهات الحاضر .. و أشرب حتى الثمالة من برك دموعي ...
تأسفت يا ليل ، تأسفت لأنك علمت من أين تشرب هذه الفتاة .. أأجد شرابا أصفى و أنقى من دموعي .. إيه يا ليل ...
لم ابتعدت ، لم أحجبت سمائك عني وجهك .. أريد أن أشبع نظراتي منه ، تعالى يا ليل .. اجلس هنا لأكمل لك بقية الحكاية فحديثي لم ينتهي بعد و لن ينتهي إلا مع صياح الديكة و إعلان صباح جديد ..
تعبت يا ليل ، تعبت من الكتمان ، ضحكاتي غلاف مطاطي يخفي ألاما و عذابا ... يخفي سرا علي بأن أبوح به لأرتاح و لم أجد غيرك أأتمنه على سري المدفون داخل هذا القلب الحزين .. هل تعلم يا ليل بأني أموت في اليوم ألف مرة ،
هل تعلم بأني أ..
ما بك يا ليل أراك تود قول شيء و لكن شيء ما يمنعك ، فقل لي ماذا تريد قوله ، ما الذي تريد مصارحتي به ، تكلم ...
" صغيرتي أريد أن أقول لك أشياء و أشياء... أولها لا تبكي حتى و لو كنت و حيدة لا يراك أحد ، لا تحزني ، و لا تفكري في الفشل ... فالعمر فترة أو بالأحرى شمعة ما احترق منا لا يعود .. صغيرتي لا تجزعي ، لا تخافي ، لا
تتألمي و لا تحزني و كوني واثقة من نفسك ... صغيرتي تشبثي بأحلامك و لا تستسلمي للفشل ، عليك بتحقيق حلم والدتك الذي هو ليس بالمستحيل فيكفي أن تكوني صامدة و صبورة و سيتحقق بإذن الله ... صغيرتي ، عيشي حاضرك و تمني لمستقبلك ، الماضي دعيه جانبا ، دعيه في خزانة قلبك و كلما فتحتها ستنفتح لك أبوابا و آمالا ... صغيرتي، اتركي البكاء جانبا ، البكاء ليس حلا و لن يكون واجهي مكر الحياة بابتسامتك العذبة و تأكدي من أن أملا ما ينتظرك
في منعطف من منعطفات الطريق ... صغيرتي ، قبل عبورك لطريق حياتك ، ارسميه في مخيلتك ، أحيطي جوانبه
بسياج عال صعب الوصول إليه ، قومي بتعبيد طريقك بزرع ورود جميلة على الجانبين ، و في وسط الطريق ضعي زربية لتمري عليها مرفوعة القامة و الهامة ...
صغيرتي ، اعبري هذا الطريق مرفوعة الرأس و على فاهك ابتسامة الأمل ، ابتسامة المستقبل ... "
كنت خلال حديثة الجميل مستمتعة بكلامه الرائع ، تدور في مخيلتي أفكار و أفكار ، أسئلة عديدة ، كلام لم أفهمه من
خلال حديثه ، حاولت أن أتدخل ... أن أقول له شيء ... لكن لا أعلم ماذا سأقول ... لا اعلم ماهي الكلمات
و المفردات التي يجب أن أقولها في هذه اللحظات ...
و بعد لحظات قليلة من الصمت واصل حديثه قائلا :
" صغيرتي أنين قلبك الحزين ، لا يجب أن يسمعه أحد غيرك و حتى أنت أيضا عليك بعدم الاستماع إليه و حاولي
الاستماع إلى أغان عذبة ..
صغيرتي حافظي على قوة إرادتك ، على أحلامك ، على أمانيك و على أهدافك ... لاتسجدي لأحد غير خالقك الأعلى
و لا تسمحي لأحد أن يستوطن أفكارك و لا أن يتدخل في شؤونك ..
صغيرتي كوني متفائلة للغد ، ... صغيرتي انتبهي جيدا، خذي حذرك منهم ( ؟ ) .. لا تسمحي لهم بالاستحواذ على ممتلكاتك الخاصة .. كشري لهم عن أنيابك .. إياك و الخوف .. إياك و الألم و لا الضعف .. إياك أن تضعفي .. تذكري صورة والدتك ، ضعيها أمامك حتى تتذكري دعائها لك .. آمالها فيك .. أمانيها .. أحلامها .. إياك و إياك من اليأس ...
صغيرتي .. إياك أن تضيع منك اللحظات فتتأسفي عليها ... إياك و الوقوف فطريقك مازال طويلا ، لذلك عليك
بمروره ، عليك بالوصول إلى آخر الطريق ... عليك بقطف زهرة الأمل من حديقة النسيان ... عليك بالبحث عن
مفتاح قلبك ... عليك بجني ثمار تعبك ... عليك بالمحافظة على صداقتك مع حبيبتك الغالية ، صديقتك العزيزة ،
و كل أصدقائك لأنهم يحبونك و لا يتمنون فشلك و لا انهزامك فكوني عند ثقتهم و لا تيأسي و لا تخيبي ظن الكل بك
قبل أن أودعك صديقتي و صغيرتي البريئة .. قفي أمام المرآة و تذكري دائما الحديقة الصغيرة و القصر المتواضع
الذي ستصلينه بإذن الله قريبا..."
ثم غادر مخدعي .. و تركني أتخبط و أتأرجح بين الألم و الأمل .. بين السعادة و الحزن .. بين البكاء و الضحك ...
تركني وحيدة دون أن أكمل له شكواي مع الأيام .. مع الحياة و أنيابها ... تركني لأن الشمس قد بزغت فهي التي
حجبت عني صديقي العزيز ...
فلا تقلق يا ليل و كن مطمئنا باني لن أيأس ، لن أتخاذل ، لن أبكي ، لن أشكي ، لن أضعف ، ستكون صورة أمي أمامي و سأكون متفائلة للغد .. لن أسجد إلا لله رب السموات و الأرض .. سأتشبث بأحلامي .. سأعيش حاضري
و أتمنى لمستقبلي .. سأترك البكاء جانبا .. سأواجه الحياة و على فاهي ابتسامتي .. سأمر من الطريق مرفوعة الرأس
.. لن يسمع أحد أنين قلبي .. سأقطف زهرة الأمل .. سأحافظ على صداقتي بصديقتي الغالية و بكل أصدقائي ..
سأجني ثمار تعبي .. لن أتخلى عن أحلامي .. سأحافظ على قوة إرادتي .. لن أفكر في الفشل .. سأحقق حلم والدتي
.. سأكون صامدة و صبورة .. سأتكتم عن أسراري .. يا ليل يا صديقي سأقف كما أمرتني أمام المرآة ... و سأتذكر الحديقة و القصر الذي سأعيش فيه ... "
ثم نمت نوما هادئا و حلمت حلما جميلا لم أشأ أن أستفيق منه .. لكن أفقت على يد رقيقة تداعب خصلات شعري .. إنها أمي الرائعة .. تطلب مني الاستيقاظ فالساعة تجاوزت منتصف النهار ... و أنا لازلت أغط في نوم عميق .. لم أشأ أن أفتح عيني لأني لا أود أن أطرح نفسي من حلمي ..لا أود أن أستفيق لأني سأرتطم بالواقع وسيخيب ظني و ظن الليل ....
وردتي الضائعة .. . ما أروع اللحظات القليلة التي تجمعنا .. صديقي الليل
وبحق .. راقت لي كثيراً ,اعجبتني .. أرجو أن تنال أعجابكم .. ولكم مني ألف تحية وسلام
رد مع اقتباس
المفضلات