أمينة منصور الحطاب - عالم الأطفال عفويٌ جذاب ، تملؤه الحكايا والضحكات ، الخيال فيه مسموح والإبداع به مرغوب ، ألوانه زاهية ولفتاته رائعة ، الحديث عنه ممتع ويحمل في طياته البراءة والحنين لأيام كان اللعب محورها والمسؤولية آخر اهتماماتها ، ونظراً لأهمية الطفولة كحجر أساس في بناء شخصية الإنسان و لدروها الكبير في تحديد خصائص وسمات المراحل المقبلة ، فقد أدرك علماء النفس أهمية دراسة مشاكل الأطفال بجميع أشكالها وعلاجها في سن مبكرة قبل أن تستفحل وتؤدي إلى ضعفٍ في الصحة النفسية والتفاعل الإجتماعي المقبول في مراحل العمر القادمة .
إن توافق الإنسان في المراهقة والرشد مرتبط إلى حد كبير بتوافقه في الطفولة ، فمعظم المراهقين والراشدين المتوافقين
مع أنفسهم ومجتمعهم توافقاً حسناً ، كانوا سعداء في طفولتهم وقليلي المشاكل. بينما كان معظم المراهقين والراشدين سلبيي التوافق تعساء في طفولتهم وكثيري المشاكل في صغرهم ، لقد أوضحت الدراسات دور مشاكل الطفولة في نشأة
الاضطرابات النفسية والعقلية عند البالغين والكبار ومن أبرز هذه المشاكل :
1-مشكلة العناد
العناد هو عصيان الطفل للأوامر وعدم استجابته لمطالب الكبار. وهذه المشكلة قد تكون عابرة وتحدث لفترة وجيزة وقد تكون نمطاً متواصلاً ، أو صفة ثابتة في سلوك وشخصية الطفل . ومن أسباب مشكلة العناد لدى الأطفال : إصرار الوالدين على تنفيذ أوامرهما التي لا تلائم الطفل واحتياجاته مما يدفعه للعناد كردة فعل على ذلك . رغبة الطفل في تأكيد ذاته واستقلاليته عن الأسرة لا سيما إذا كانت الأسرة لا تنمي له ذلك . كما أن القسوة من أهم أسباب هذه المشكلة ؛ فالطفل يرفض اللهجة القاسية و يلجأ للعناد للرد عليها ، وكذلك تدخل الوالدين في كل كبيرة وصغيرة في حياته وتقييده بالأوامر الصارمة وعدم تلبية رغباته ومطالبه إلا إذا لجأ لأسلوب العناد ، فيتخذ هذا السلوك وسيلة لتحقيق أغراضه ورغباته .
2-مشكلة الغيرة
تعد الغيرة حالة انفعالية مركبة من حب التملك والشعور بالغضب ، يشعر بها الطفل عادةً عندما يفقد الامتيازات التي كان يحصل عليها . ومن الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه المشكلة ظروف الأسرة الاقتصادية ؛ فبعض الأسر دخلها الاقتصادي محدود أو أنها شديدة البخل على أبنائها مقارنة بالأسر الأخرى ، فتنمو بذور الغيرة في نفس الطفل لعدم حصوله على ما يريد من أسرته ، وكذلك عند قيام الوالدين بالمفاضلة بين الأبناء ، فبعض الأسر تفضل الذكور على الإناث أو الصغير على الكبير ، أو كثرة المديح للأخوة والأصدقاء أمام الطفل دون تعزيزه بأي صفة تخصه وتبرز أهميته.
3-مشكلة الغضب
إن الطفل الغاضب هو الطفل الذي يكثر الصراخ والبكاء ، يضرب ويرفس الأرض بقدميه ويصاحب ذلك صوت مرتفع ، ويعمد إلى تصليب جسمه عند حمله لغسل يديه أو قدميه ، وقد يصاحب ذلك تكسير الأشياء ورميها على الأرض . وتكون هذه التعبيرات عن الغضب منتشرة في سن الثالثة و حتى الخامسة تقريباً ، أما بعد سن الخامسة فيكون التعبير عن الغضب في صورة لفظية أكثر من كونها فعلية . وتظهر هذه المشكلة نتيجة تكليف الطفل بأداء أعمال فوق إمكانياته
ولومه عند التقصير ، وحرمانه من الاهتمام والحب والعطف من قبل الكبار ، وكثرة فرض الأوامر عليه واستخدام أساليب المنع والحرمان ، كما تحتد هذه المشكلة عند نقده أو لومه أو إغاظته أمام الآخرين ممن لهم مكانة عنده أو ممن هم في سنه.
4-مشكلة السرقة
إن السرقة هي استحواذ الطفل على ما ليس له فيه حق ، وهي من السلوكات التي يكتسبها الطفل من بيئته عن طريق التعلم وتبدأ السرقة كاضطراب سلوكي واضح في الفترة العمرية ( 4- 8 ) سنوات وقد تتطور لتصبح جنوح في عمر
( 10 – 15) سنه وقد يستمر الحال حتى المراهقة المتأخرة , وهنالك أسباب لهذه المشكلة مثل البيئة الخارجية التي تحيط بالطفل ، فوجود الطفل وسط جماعة تمارس السرقة تجعله ينصاع لأوامرها حتى يحصل على مكانته فيها ، وكذلك عوامل داخلية في الطفل كشعوره بالنقص أمام أصدقائه وغيرته ممن حوله فضلاً عن حرمان الطفل من شيْ يريده ويجب أن يمتلكه سواء كان الحرمان متعلق بالأمور الماديه أو المعنوية ، وقد يكون سبب هذه المشكلة ردة فعل عدوانية من الطفل ورغبة في الانتقام والتمرد على سلطة الكبار.
5-مشكلة الكذب
يعّرف الكذب بـ تجنب قول الحقيقه وابتداع ما لم يحدث مع المبالغة في نقل ما حدث ، واختلاق وقائع لم تقع ، وهو سلوك مكتسب من البيئة التي يعيش فيها الطفل يؤدي إلى العديد من المشكلات الإجتماعية ، ولعل أبرز أسباب مشكلة الكذب عند الأطفال هي : افتقار الطفل لوجود القدوة الحسنة في بيئته التي يعيش فيها ، وانفصال الوالدلين ، والقسوة في التعامل مع الطفل عندما يخطأ؛ فيلجأ الطفل للكذب ليحمي نفسه من العقاب ، فضلاً عن التفرقة في المعاملة بين الأبناء يدفع الطفل للكذب على أخيه لغيرته الشديدة منه ، وحباً للانتقام .
6- مشكلة الألفاظ النابية
إن هناك عدة حالات ومسببات تدفع الأطفال إلى تعلم السبّ والشتم والتعود عليه ، ومنها عند حدوث شجار ونزاع أثناء اللعب مع الآخرين حيث تتولد لديهم الرغبة في استخدام كلمات عدائية للتعبير عن عدم رضاهم فيستخدمون غالباً الكلمات التي يسمعونها من والديهم عند الغضب ، وهنالك أسباب أخرى كجذب انتباه الآخرين أو على سبيل المرح .
7-مشكلة النشاط الزائد لدى الأطفال
ويصفه علماء النفس بأنه الاندفاع والتهور بدون تفكير لأداء الأعمال وعدم الانتباه والحركة المفرطة غير الموجهة وقد تصاحبها أعراض ثانوية مثل : ضعف التحصيل ، والسلوك العدواني ، وعدم الطاعة ، وضعف القدرة على تحمل الاحباط وعدم الاتزان العاطفي ويعود هذا الاضطراب إلى عدة أسباب وهي : أسباب عصبية ( دماغية ) وأسباب وراثية ، واسباب أسرية ، وأسباب بيئية غذائية. علماً بأن معدل انتشار هذا الاضطراب - وفق الإحصائيات - يزداد عند الذكور بنسبة
6 حالات للذكور مقابل حالة واحدة للإناث.
8-مشكلات الإتلاف والتخريب
وتظهر أعراضها في رغبة الطفل في إتلاف الممتلكات الخاصة بالآخرين أو بالمرافق مثل : الحديقة أو مقتنيات الأسرة في المنزل من أثاث وملابس وكتب وألعاب وغير ذلك . ومن أسباب الاقبال على هذا السلوك التخريبي : النشاط المفرط والطاقة الزائدة ، ومشاعر الغيرة التي قد تظهر عند انجاب مولود جديد أو نتيجة التفرقة في المعاملة بين الأبناء ، وقد تكون بسبب مقت الطفل لبعض الأشخاص وإجباره على التعامل معهم ، وقد تكون من باب حب الاستطلاع والميل الى التعرف على طبيعة الأشياء
وبعد؛
هنالك مشاكل أخرى لم يتم طرحها ، لأنها أقل ظهوراً وانتشاراً مما سبق ذكره ، نحن لا نملك حلاً سحرياً لكل المشكلات لكننا طرحنا أسباباً متنوعة لها ، لنترك المجال أمام الآباء والأمهات والمهتمين بها لتحديد سبب المشكلة وإيجاد العلاج المناسب لكل حالة على حدا ، وإذا عُرف السبب بَطلُ العجب .
رد مع اقتباس
المفضلات