عكس جدول أعمال زيارة العمل التي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني الى بلجيكا, طبيعة وحجم الجهود المكثفة
والحثيثة التي يقوم بها جلالته لخدمة المصالح الاردنية العليا والعمل الدؤوب الذي يقوم به للدفاع عن الحقوق العربية المشروعة وحشد الدعم الدولي لها وبخاصة لدى دول الاتحاد الاوروبي التي تشكل ثقلاً اقتصاديا وسياسياً واستثمارياً
في عالم اليوم الذي يعج بالملفات والقضايا الساخنة.
من هنا جاءت المباحثات التي اجراها جلالته مع الملك فيليب عاهل بلجيكا باكورة زيارة العمل واضاءة على قضايا المنطقة ومستجدات الاوضاع فيها وبخاصة الجهود المبذولة لتحقيق السلام العادل والشامل على اساس حل الدولتين
الذي يحظى بتوافق عربي ودولي الامر الذي يستوجب عمليا وميدانياً دعم مساعي تحقيق تقدم ملموس في العملية السلمية, وصولاً الى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني ناهيك عن تأكيد جلالة الملك على موقف الاردن الداعم لحل الازمة السورية سياسياً وعلى نحو شامل ينهي معاناة الشعب السوري ويحمي وحدة سوريا ارضاً وشعباً.
وإذ شكل لقاء جلالته مع رئيس المجلس الاوروبي هيرمان فان رامبوي فرصة لاعادة التأكيد على ضرورة تعزيز العلاقات التي تجمع الاردن بدول اوروبا وتعميق التعاون الثنائي بينهما في شتى المجالات فإن ما حفلت به المباحثات من موضوعات وملفات لفت في جملة ما لفت اليه الرغبة المشتركة في مواصلة التنسيق والتشاور وبما يضمن حشد الجهود الخيّرة بين عمان وبروكسل كعاصمة للاتحاد الاوروبي ليس فقط لما اكد عليه جلالته من اهمية دعم المجتمع الدولي لمساعي تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وصولاً الى قيام دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس بما هي مصلحة استراتيجية اردنية عليا وانما ايضا في استمرار وتعزيز الجهود
المبذولة لايجاد حل سياسي شامل للازمة السورية يضع حداً للعنف واراقة الدماء بما في ذلك دعم المساعي المبذولة لانجاح مؤتمر جنيف2, الذي تحدد 22 كانون الثاني المقبل كموعد لانعقاده.
ولا يخفى على أحد التقدير والاحترام التي تحظى به مسيرة الاصلاح الشامل التي يقودها جلالة الملك شخصياً في
الاردن, لدى دول الاتحاد الاوروبي حيث يتمتع بلدنا بوضع متقدم في علاقاته مع الاتحاد الاوروبي وحرص جلالته على تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية الاردنية الاوروبية والبناء عليها في مختلف المجالات, الأمر الذي تجلى أيضا في اشادة رئيس المجلس الاوروبي بحكمة جلالته في التعامل مع قضايا الشرق ووصفه الاردن بعبارة بليغة ودقيقة في الوقت نفسه وهو ان الاردن في نظر الاوروبيين والعالم, جزيرة أمن واستقرار في منطقة ملتهبة.
ولعل اعلان رئيس المفوضية الاوروبية خوسيه مانويل باروسو, إطلاق المفاوضات بين الاردن والاتحاد الاوروبي حول اتفاقية منطقة التجارة الحرة الشاملة, يؤكد طبيعة وحجم نهج المتابعة الحثيثة الذي كرسه جلالة الملك في علاقات الاردن الخارجية وبخاصة الاوروبية حيث ان اطلاق هذه المفاوضات يأتي تنفيذا لاتفاقية الشراكة الاردنية الاوروبية التي دخلت حيز التنفيذ عام 2002 ما يعني توفير الفرصة لتعزيز التجارة الثنائية وتمكين المنتجات الاردنية من الدخول الى اسواق الاتحاد الاوروبي فضلاً عن اتفاقية تسهيل حركة الافراد بين الجانبين بما في ذلك تخفيف اجراءات منح التأشيرات للمواطنين الاردنيين الى الاتحاد الاوروبي.
جلالة الملك في زياراته الخارجية يبدي حرصاً لافتاً على الالتقاء بالنخب والقيادات الفكرية والسياسية في الدول التي يزورها وكانت زيارة العمل الملكية لبلجيكا في الاطار ذاته حيث التقى جلالته يوم امس بقيادات فكرية وسياسية في المعهد الملكي للعلاقات الخارجية الدولية إيغمونت الذي يتفق الجميع على انه احد اهم المراكز الفكرية في اوروبا وكان اللقاء مثمراً وناجحا اضاء منه جلالته على المشهد الوطني الاردني سواء في ما خص مسيرة الاصلاح التي ينتهج فيه الاردن مساراً متدرجاً مبنياً على جملة التعديلات الدستورية والقوانين الناظمة للحياة السياسية وبما يضمن مشاركة شعبية واسعة
ام لجهة الاشارة الى حجم المسؤولية التي ينهض بها الاردن تجاه اللاجئين السوريين في بلدنا والذي وصل عددهم الى
ما يزيد على نصف مليون لاجئ بكل ما تمثله هذه الاعداد الضخمة من استنزاف لمواردنا المحدودة ومرافقنا الخدمية التي لم تعد قادرة على تلبية الاحتياجات الانسانية والاغاثية ما لم يقم المجتمع الدولي بمسؤولياته تجاه الاردن ويقدم دعماً مادياً ولوجستياً يتناسب وهذه الاعباء التي يرزح تحت ضغوطها اقتصادنا الوطني وفي كل المجالات.
زيارة العمل الملكية لبلجيكا, شكلت فرصة اخرى امام الدبلوماسية الاردنية لاعادة التأكيد على ثوابتنا الوطنية والاصرار على المضي قدما في مسيرة الاصلاح وفي الان ذاته العمل بدأب ومثابرة لحشد الدعم لجهود السلام في المنطقة وعدم السماح بانزلاقها الى الفوضى والعنف وسفك الدماء.