كل صباح نخرج فيه من منازلنا لنبدأ بدوامة ذلك الروتين المعتاد ، وأهم مشاهده الطريق ، فنخرج من الشوارع الفرعية المحيطة بمنطقة السكن بكل هدوء وسلاسة على أنغام فيروز مستشرقين بشمس يوم جديد أو متفائلين بيوم خير ماطر على أنغام فيروز التي أضحى سماعها صباحا سمة يتمتع فيها معظم أبناء بلدنا العزيز ، قبل الخروج من تلك الشوارع الهادئة المحيطة بمنطقتنا.
ولنصل إلى أول إشارة ضوئية ، لنبدأ نصحو من ابتسامة الصباح بزامور سائق متعجل يريد أن تتحرك المركبات لأنه شعر أن الضوء الأحمر سيصبح أخضر بعد ثواني .

" فالله يعين السايق كتير طول باله لحتى شافوا السواقين الضو الأخضر وبدوا يتحركوا ". ثم لنتحمل مسؤولية ذلك
السائق الذي يتجاوز المركبات يمينا ويسارا وبسرعة لأنه استيقظ متأخرا

"لأ وبالآخر بزعل منك لأنه كنت ماشي بمسربك وما خبطت السيارة اللي جنبك لحتى تمرقه ".

وبعض ما نلخصه من يوميات الطريق تلك الغفوات التي تكون فرصة لك أثناء أزمات الطرق الرئيسية والدواوير والوقوف الطويل، وأتمنى أن تكون غفوات أفضل من التفكير بهموم الدنيا أثناء وقت فراغ أتيح لك ، وسائق آخر برفقته امرأته الحامل إلى المستشفى لتضع مولودها وهو متوتر جدا. وزوامير المركبات وهذا يصرخ هنا وهذا يدخل عليك من هناك وذاك يريد أن يأخذ الأولية منك ... وهكذا. ثم وبالسلامة تصل إلى عملك وتصف مركبتك لتعود وتسمع أو حتى تتذكر أنك في لحظة جميلة لا تعوض من هذا اليوم استمعت لأنغام فيروز فتطفئ الراديو والمركبة. لتبدأ يوم جميل في العمل مع ابتسامة جديدة. ونتمنى لك التوفيق.

إلى متى هذه المعاناة ؟؟ على الرغم من وضع القوانين المرورية والإشارات الضوئية وإنشاء طرق وجسور ودوارات جديدة و فتح مخارج ووصلات لهذه الطرق والكثير الكثير من المشاريع إلا أنه وللأسف الشديد فإن مشكلة الازدحام المروري مازالت موجودة في بلدنا، وما زالت الطرق ممتلئة بالمركبات المتراكمة فوق بعضها البعض، فالازدحام المروري أصبح تفكير كل إنسان مواطنا كان أم مقيما قبل خروجه من منزله لقضاء أعماله أو الذهاب إلى المستشفيات والمراكز الصحية إذ يجب عليه أولاً التفكير في كيفية التخلص من الازدحام ، والتفكير بأي الطرق سوف يسلك وبأي اتجاه سوف يتجه ، ولكن حتى لو فكر الشخص في كل ذلك فلن يجد حلاً. لأن كل الطرق مغلقة والشوارع مكتظة بالمركبات ..

ومن آثار الازدحام المروري :

1. الإضرار بالصحة العامة للسكان : بسبب ما يحدثه الاكتظاظ والبطء في حركة المرور والبقاء لفترات طويلة داخل المركبات وهي لا تكاد أن تتحرك من قلق حاد في نفوس سائقين وركاب المركبات العامة والخاصة فيؤثر ذلك تأثيرا كبيرا على الأعصاب، خاصة إذا كان التعرض له بشكل يومي.
2. التأثير على السلامة المرورية : حيث أن التوتر العصبي والقلق اللذين يصاب بهما السائق في حالة الاكتظاظ المروري غالبا ما يدفعانه إلى ارتكاب مخالفات خطيرة تؤدي إلى وقوع حوادث مرورية مأساوية، وكذلك عدم مراعاة وجود مسافة أمان بين المركبات في حالة الاكتظاظ المروري.
3. تعطيل المصالح : إن قضاء ساعات في الطرق بسبب اكتظاظ المرور ينال الكثير من جهد الفرد، فزيادة على التأخر في الوصول إلى مكان العمل ، فإنه يفقد قسطا معتبرا من طاقته فيبدأ نشاطه منهكا متعبا .
إضافة إلى تعطيل مصالح الناس نتيجة ضياع الوقت ولتأخر عن المواعيد وغيرها.
4. تلوث البيئة : إن الازدحام في حركة المرور يحتم سير المركبات ببطء حينا، والتوقف عن السير أحيانا، مما يجعلها تقضي وقت أطول ومحركاتها مشغلة فتستهلك كمية أكبر من الوقود تزيد من نفث غازات سامة تلوث الجو.
5. الخسائر المادية : إن ضياع الساعات بشكل يومي في الاكتظاظ يقلل من فترات العمل والإنتاج، وهذا يؤثر سلبا على دخل الفرد والمؤسسات والشركات، وبالتالي يمس باقتصاديات البلدان لما يشكله من نزيف خطير.

كما أن الازدحام المروري يزيد من فترات سير المركبات ومدة تشغيل محركاتها وهو ما يتطلب كمية أكبر من الوقود ، ويقصر من مدة صلاحيات قطع الغيار المخصصة لشراء الوقود ونفقات الصيانة.

ويتسبب التلوث كذلك في الإصابة بأمراض عديدة تتطلب معالجة صحية تكلف أموالا باهظة للحكومات والأفراد، لاسيما أمراض القلب والتنفس.

ومن الحلول التي يمكن أن تكون ناجعة لحل هذه المشكلة ؛ وتتطلب تعاون الجهات المعنية ، وكذلك تعاون من المواطن نفسه:

1. تنظيم وقت العمل
2. تحسين قطاع النقل العام من إيجاد للقطارات ، والتركيز على وسائل النقل الجماعي
3. توزيع الخدمات على المحافظات
4. إقامة المشاريع الخدمية خارج المدن
5. تحسين وضع الطرق والبنية التحتية والصرف الصحي
6. نوعية المشاة وتوفير الجسور والممرات الخاصة للمشاة
7. تنظيم التصاريح الإنشائية للمباني والخدمات
8. إقامة المواقف العامة والمواقف الخاصة للمباني التي يتم إنشائها
9. نشر ثقافة توعوية بشأن الاكتفاء بسيارة أو سيارتين للعائلة الواحدة، وأن لا يكون لكل فرد في المنزل سيارة.
لأن الوضع عندنا أصبح لا يطاق في الشوارع. فالمواطن أصبح يستغرق المشوار منه قرابة الساعة، وحتى سيارات الإسعاف والحالات الطارئة تعاني من الازدحامات المرورية، كما أن التوسع الحالي في الطرقات الرئيسية والحيوية في وقت واحد زاد من حدة الاختناقات المرورية، على الرغم من أنها لها جانب عمراني هام .

منقول
الكاتب : الوكيل ولاء ابو طالب - موقع أمننا ... مديرية الامن العام