نظمت رابطة الكتاب الأردنيين ولجنة تأبين الشاعر الراحل محمود درويش بالتعاون مع مؤسسات رسمية وأهلية حفلاً تأبينياً جماهيرياً كبيراً في مدرج الحسن بالجامعة الأردنية، أداره الشاعر جريس سماوي، وتضمن كلمات ألقاها أصدقاء الشاعر وعرض لفيلمين حول حياته، ومقطوعات غنائية بصوت الفنان مارسيل خليفة.
وقال سماوي في كلمته: سلام الصدق مع الذات والانتماء والحلم والقصيدة الذي تركه لنا محمود درويش، باسم رابطة الكتاب الاردنيين ولجنة التأبين فنحن نؤبن شاعرا وإنسانا وأرحب بكم باسم وزارة الثقافة وأمانة عمان.
وأضاف: من عمان التي احبها درويش فماذا نقول عن درويش في رحيله الجارح، يا درويش ها انت تركت الحصان وحيدا وصهيله العالي وحيد كل شيء وتركت فنجان القهوة وطاولة النرد في بيتك العماني الجميل، ارفع نعشك بجناحي الاثنين، أتراك كنت تعلم قبل ان تأتي الينا في حياتك السابقة انك ستعود الى بيتك الأول قوس قزح، فيا محمود ايها الكوكب الثاني عشر انت يا من تريد ما تريد ، اتلو عليك تطريز الثوب الفلسطيني اتلو كل الغياب نقصتني وأنا حضرت لأكملك.
وألقى كلمة رابطة الكتاب الشاعر زهير أبو شايب (نائب رئيس الرابطة) الذي اشار فيها الى اهمية محمود دوريش بانخراطه في المجتمع الاردني الذي أحبه فقال: لعل اول مرة يخرج الناس فيها وراء جنازة تخصهم، جنازة شاعر قضى عمره يسعى نحو الحياة ليموت، في ذلك الغياب الساطع لمحمود، كان ألما جامعا ذلك الذي اصابنا بغياب محمود، يمكن لنا ان نعد عشرات الاسباب لتبرير هذا الحزن العام لغياب درويش.
وأضاف: بادرت رابطة الكتاب في فتح بيت للعزاء للراحل لأن محمود يمت بصلة قربى لكل واحد منا، إن درويش شاعر عربي، شاعر اردني وسوري وتونسي ومغربي وعراقي ولبناني ومصري، فإن المثقف العربي سيبقى مشغولا بحمل الضوء الذي خلفه درويش.
كلمة لجنة التأبين ألقاها صديق الراحل درويش غانم زريقات وقال فيها: نحن الليلة في عمان نكرم محمود بإجماع أردني بكل الاطياف السياسية وبكل نقاباتهم، لأن محمود يحب الحوار ويكره احتكار الحقيقة، كان يعرف ان اسرائيل لا تريد السلام فلجأ الى الشعر للحفاظ على الذاكرة، رحل محمود ومهزلة الاقتتال مستمرة، ونقول لهم ان تحاوروا، نحن نحتفل بك الليلة ولا نرثيك.
من جانبه قال المفكر اللبناني فواز طرابلسي في كلمة اصدقاء درويش: على مدى عقود من الزمن نعمت بصداقة محمود درويش ، من بيروت السبعينات الى بيروت القرن الحادي والعشرين ، نما هذا التواطؤ وتطور عابرا البحار والبلدان والتجارب، خلال حصار بيروت 82 كانت اللقاءات شبه يومية.
وأضاف: لطالما عجبت كم ان محمود لا يشبه سائر الشعراء ، او انه لا يشبه على الاقل الصورة النمطية الشائعة عن الشاعر: لا لحية له ولا شارب، وهو حليق كل الوقت، ليس حزينا ولا مكتئبا او انه لا يريك وجهه اذا سيطر عليه الغمّ.
وألقى الشاعر مريد البرغوثي كلمة الكتاب الفلسطينيين فقال: بداخلي حزن يخصني كأنه من مكونات قلبي، كأنه سر يليق به الظل، وشعرك هو المهم الآن لا الشعر الذي يرثيك، قصيدتك المهمة لا مراثينا، هو أجملنا وأحلانا وأولنا، مودته قمرا لا يشكو احدا من قيظ او إلحاح، بعض خشونته هو خجله كله، وحضوره بيننا يستعصي على كل تبسيط او تملك، حيّرني في المجالس اراه شاعرا مهما كالسيد المهاب، يطمئنني مكر المعنى في قصائده، تطمئنني ذائقته النقدية في النقد العربي المريض، تطمئنني قسوته على نفسه بعد كل كتاب يكتبه، سيصدر ديوانك الجديد لا تحزن لأنك لم توقعه، انت وقعت اسمك في دفتر زمنك والتاريخ ووضعت القلم ونمت سعيدا، انا جئت اقدم لك التحية لا الرثاء.
رئيس الجامعة الاردنية د.خالد الكركي ارتجل كلمة مؤثرة خاطب فيه صاحب المناسبة قائلا له: يا ابن عمي فهذه جامعتك وهؤلاء اهلك. شكرا لك انك بيننا وكنت لنا وانت من علمنا ذلك.
اما شقيق الراحل احمد درويش قال في كلمته: كم اشعر بالارتباك والضعف ونحن نستحضر معا محمود الكبير بكبريائه وشموخه وهذا الانسجام المتألق وصوته المشحون بمعاني القصيدة. واشار الى معاناة درويش منذ بداية حياته مع الاحتلال والمرض تاليا.
وفي نهاية كلمته شكر جلالة الملك والاردن ورابطة الكتاب الاردنيين وأمانة عمان الكبرى على هذا الاحتفاء الذي يعبر عن التلاحم بين الشعبين الشقيقين، كما شكر جميع اصدقاء محمود درويش اردنيين وعربا.
واختتم الحفل بتحية خاصة من الفنان الكبير مارسيل خليفة حيث عانق عوده بحنو وكأنه يحتضن محمود وقصائده نشيدا وطنيا لكل المتعبين على اطراف الارض، فغنى وغنى معه الحضور: "ريتا"، و"أحن الى خبز امي". وشدا صوته بقصيدة درويش التي يقول فيها: "قل للغياب نقصتني وأنا حضرت لأكملك".
وكانت شكلت لجنة تحضيرية للإعداد لتأبين الراحل ضمت: غانم زريقات، جريس سماوي، طاهر رياض، د.محمد شاهين، د.محمد عصفور، خيري منصور، زهير أبو شايب، بسمة النسور، علي حليلة، رائد عصفور، فخري صالح، وجهاد هديب. وقد كلفت اللجنة المخرجة سوسن دروزة بالاشراف فنيا على وقائع حفل التأبين وعلى عرض الفلمين القصيرين.
شارك في الحفل عدد من أصدقاء الراحل من بينهم: فواز طرابلسي، مارسيل خليفة، زاهي وهبي، محمد شعيبي، مريد البرغوثي، زكريا محمد، غسان زقطان، إبراهيم هشهش، وخالد الكركي. وحضرته وزيرة الثقافة السيدة نانسي باكير، والعين ليلى شرف، ورئيس رابطة الكتاب الأردنيين سعود قبيلات، ورموز ثقافية وإعلامية أردنية وعربية.