ماجد جبارة - مازال موقع المغطس يعتبر الموقع الاهم والمتميز على صعيد السياحة الدينية في العالم العربي ويحظى باهتمام عا لمي متزايد تؤكده نتائج الاكتشافات الاثرية ونتائج الفحوص المخبرية الجارية على المكتشفات التي ظهرت من خلال اعمال التنقيبات الاثرية واتباع منهج البحث العلمي في معالجة المكتشفات.
الدكتور محمد وهيب استاذ علم الاثار في الجامعة الهاشمية ، المدير السابق لموقع المغطس اصدر سلسة من الكتب والمقالات العلمية حول نتائج اعمال التنقيبات التي جرت في موقع عماد السيد المسيح المغطس خلال الفتره من العام 1996-2002 , قال: ان احدث النتائج التي اكدتها المكتشفات الفخارية ترجع الى العصر الروماني المبكر أي ما يعادل القرن الميلادي الاول ويطلق عليها علماء الاثار الفترة الهيرودية نسبة الى حاكم الشرق خلال العصر الروماني( هيرودس الكبير), وكذلك ابنه الحاكم «هيرود انتيباس»، الذي عاصر زمن النبي يحيى (يوحنا المعمدان) واتخذ من مكاور مقرا له ,واضاف ان اثبات هذه الحقبة التاريخية في الموقع يعتبر انجازا هاما ودليلا علميا يثبت ويؤكد احداث تاريخية هامة جرت خلال فترة الحكم الروماني الذي تميز خلال تلك الفترة باضطهاد المؤمنين برسالة عيسى عليه السلام وملاحقتهم , الامر الذي اضطرهم الى اللجوء الى الاماكن البعيده والمغاور والكهوف والبراري بحثا عن الامان بعيدا عن المدن الرئيسية .
ما بعد الاستقرار
بعد ذلك ،استقروا وبالقرب من الينابيع والسهول الزراعية بعيدا عن الانظار وهذا ما يفسر سبب وجود احد الموقع الهامة بجوار تل مار الياس والذي اطلق عليه تسمية موقع (المخيم) حيث يتميز الموقع بامتداده الطبيعي المسطح مما سهل اقامه المؤمنيين الاوائل فيه واظهرت المكتشفات في الموقع نشاطا سكنيا واضحا خلال العصر الروماني المبكر أي خلال فترة النصف الاول من القرن الاول الميلادي.
واظهرت المكتشفات وجود اواني فخارية وحجرية ،تتمثل في معظمها من بقايا اواني فخارية لجرار الطبخ والمياه والسوائل, كما ويعزز الاستخدامات المدنية والدينية لهذه الاواني الطوابين التي اكتشفت في ارضيات هذا الموقع,جنبا الى جنب ظهور بقايا كسر الاسرجه الفخارية والتي يطلق عليها تسمية الاسرجه الهيروديه حيث كانت تستخدم لاغراض الانارة خلال الليل ويتم تزويدها بالزيوت والشحوم لديمومة اشتعالها حيث استخدمت لانارة اماكن الاقامة وكذلك التنقل بين موقع السكن وتل مار الياس، الذي يبعد مسافة مائة متر فقط الى الشمال من هذا الموقع.
عدم وجود فجوة تاريخية
ان ابرز ما تم التوصل اليه من نتائج ايجابية خلال اعمال التوثيق الجارية ، يتمثل في عدم وجود فجوة تاريخية ما بين القرن الاول الميلادي وحتى القرن الرابع الميلادي وهي الفترة التي طالما بحث عنها العلماء والباحثون ورجال الدين المرتبطة بنشوء الديانة المسيحية و بزوغ فجر الايمان في ذلك الوقت .
حيث اظهرت المكتشفات المادية مثل الكسر الفخارية والاواني الحجرية جنبا الى جنب مع البقايا العمائرية والتي ما زالت محتفظة بمعالمها في الموقع الى الجنوب من تل مارالياس وحدة متكاملة خلال العصر الروماني المبكر زمن النبي يحيى (يوحنا المعمدان) ، حيث ان هذا التل حظي باهتمام بيزنطي غير مسبوق بعد زيارة القديسة هيلانة( ام الامبراطور قسطنطين ) له في القرن الرابع الميلادي الامر الذي ادى الى اقامة كنائس وابنية ومنشات عليه دينيه الى اختفاء بعض البقايا العمائرية السابقة التي ترجع الى ما قبل القرن الرابع الميلادي بالرغم من بقاء بعضها شاهدا الى وقتنا الحاضر مثل الكهوف المتواجدة على الجانب الغربي في التل والتي ترجع في تاريخها الى العصر الروماني المبكر اي خلال الفترة الزمينة لكل من السيد المسيح والنبي يحيى (المعمدان ) عليهما السلام ، كما اكدت نتائج الدراسات ان بعض المواقع المتواجد بجوار التل والمؤرخة للعصر الروماني لم يلحقها تغير خلال العصر البيزنطي .
حل اللغز المرتبط برحلة السيد المسيح
استقر في هذه المنطقة، العديد من التجمعات الحضارية، منذ فترة ميلاد السيد المسيح عليه السلام في القرن الاول والثاني والثالث الميلادي و لعل هذه الاكتشافات والنتائج ،تعتبر بارقة الامل المنشود في حل اللغز المرتبط برحلة السيد المسيح ودعوته خلال هذه الفترة التي اشغلت بل وحيرت العلماء والباحثين في مختلف دول العالم على مدار عدة عقود.
د. وهيب لفت الى ان النتائج العلمية التي يتم التوصل اليها من خلال منهج البحث العلمي يتم نشرها في مجلات عالمية مرموقة تحظى باهتمام كبار علماء العالم المتخصصين في مجال التراث و الاثار والتاريخ حيث تعتبر اعمال البحث العلمي الجارية ذات قيمة عالمية متميزة نظرا لوجود فجوات في التاريخ البيزنطي يتم حاليا ايجاد الحلول والاجابات عليها من خلال البحث العلمي الجاري في منطقة محيط المغطس والسفوح الغربية لمدينة مادبا استنادا على نتائج التنقيبات والمسوحات والدراسات، الامر الذي يسهم في اعادة كتابة تاريخ الديانة المسيحية وخاصة المراحل الاولى لظهورها وارتباطها بعوامل جغرافية واقتصادية واجتماعية وفكرية ودينية.
ويرى د. وهيب ان حدود موقع عماد السيد المسيح الحالية لا تعكس امتداده الحقيقي الذي يشمل على مناطق الى الشرق من نهر الاردن وعلى طول امتداد وادي غرابه ووادي الكفرين ووادي الرامة والاجزاء السفلية من و ادي حسبان, حيث ان المرحلة الثانية من اكتشاف المغطس قد بدأت فعليا بظهور موقع (عين نون صفصاف). ولعله اصبح واضحا ان اكتشاف و ظهور موقع عين نون سالم على مسافة 6 كيلو مترات الى الشرق من الموقع الحالي يمثل المرحلة الثالثة الهامة و يجعل مسألة الربط بين المركز والاطراف قد اصبحت قاب قوسين او ادنى من الربط الاوسع والاشمل المتمثل برحلة السيد المسيح في ربوع الاردن والمحطات المرتبطه بموقع العماد الرئيسي بدأ من حمامات جدارا (ام قيس) وكهف المسيح في ام قيس ثم كهف المسيح في بيت ايدس في لواء الكوره وكهف عيسى في بلدة بيرين وكهف عيسى في وادي السير و تجمع كنائس الرامه والكفرين(ليفياس) قديما وصولا الى مركز انطلاق الديانه المسيحية الى كافة ارجاء العالم من موقع عماد السيد المسيح (المغطس) في وادي الاردن .
عين نون سالم
واكد د. وهيب على ان الدراسات الجارية حاليا اكدت على الربط بين موقع عماد السيد المسيح المغطس, بموقع عين نون سالم وقلعة مكاور في مادبا حيث تتشابه هذه المواقع مع بعضها البعض من حيث المكتشفات والدلائل المؤكدة لاستخدامها خلال القرن الاول الميلادي أي خلال العصر الروماني المبكر مما يشير الى ان حركة النبي يحيى (المعمدان) في هذه المواقع الثلاث مؤكده وواضحه من خلال ربطها مع مركز الحكم الروماني المتمثل في حصن مكاور وكذلك مع المنتجعات الهيروديه في كل من حمامات الزاره(كالروهي) ومنتجع ليفياس (تل الرامه حاليا ) حيث تميزت المكتشفات العمائرية في هذه الاماكن بالفخامة والضخامة , الامر الذي يؤكد ان هنالك سلطه حاكمه قوية سياسيا و عسكريا واقتصاديا كانت خلف هذه المنشأت والمباني .
رد مع اقتباس
المفضلات