خلال استقبال رئيس الوزراء د. عبدالله النسور ممثل منظمة الصحة العالمية رئيس بعثة المنظمة الدكتور اكرم علي التوم في عمان يوم امس, لخص ممثل المنظمة الدولية الرفيعة وذات الدور المهم في المشهد الدولي, طبيعة المهمة الانسانية والاخلاقية والاخوية التي ينهض بها الاردن تجاه اللاجئين السوريين في عبارة مكثفة ومثقلة بالدلالات يجدر بالمجتمع الدولي ان يأخذها في الاعتبار وان يتخلى عن دبلوماسية الاقوال والتصريحات التي لا تطعم جائعاً ولا تؤوي لاجئاً, لصالح دبلوماسية الافعال الميدانية عبر تقديم الدعم للاردن لمواجهة هذا الاستنزاف الخطير في الموارد والامكانات الذي يعيشه منذ اكثر من عامين بعد تدفق مئات الاف اللاجئين السوريين الى اراضيه فاتحاً حدوده وواضعاً امكاناته وموارده على تواضعها وعدم تلبيتها اصلاً احتياجات مواطنيه, لخدمة هؤلاء اللاجئين وعدم السماح بتدهور اوضاعهم المعيشية او الصحية او الخدمية.
ان منظمة الصحة العالمية تنظر الى المبلغ الذي تقدمه لوزارة الصحة على انه استحقاق وليس مساعدة نظراً للدور الذي يقوم به الاردن في استضافة اللاجئين السوريين, هكذا قال ممثل المنظمة في معرض تقديمه مبلغ خمسة ملايين دولار اميركي الى وزارة الصحة الاردنية وفي شكل عاجل كانت تسلمتها منحة من دولة الكويت بهدف تلبية الاحتياجات الصحية والعلاجية للاردنيين واللاجئين السوريين في اكثر المناطق المستقبلة لهم خاصة في محافظات الشمال.
هذا هو المشهد في شمال المملكة على اكثر درجاته وضوحاً أمام المجتمع الدولي حيث لا يتوقف الحديث ولا ما تورده التقارير الاخبارية والمقالات الصحفية وتصريحات المسؤولين الدوليين الذين يزورون محافظات الشمال الاردني عن تثمين للدور الذي تنهض به المملكة بكافة مؤسساتها ومرافقها لتقديم الخدمات للاجئين السوريين وبما يفوق بكثير ما قدمه المجتمع الدولي من دعم كي تتواصل هذه الخدمات التي تثقل كاهل موازنتنا وترهق مرافقنا ومواردنا وتزيد من الاعباء علينا وتسهم في إحداث نقص جوهري في الخدمات التي يتلقاها الاردنيون انفسهم نظراً للعدد الكبير من اللاجئين الذين حلّوا في شمال المملكة وايضاً ودائماً في محدودية مواردنا وشح امكاناتنا وتلكؤ بعض الدول والمنظمات الدولية في تقديم الدعم العاجل المادي واللوجستي الذي ينعكس سلباً على الخدمة المقدمة للاجئين والتي آل الاردن على نفسه ومهما كانت التضحيات والمعاناة ان لا ينتقص من هذه الخدمة وان يواصل تقديمها.
إن مثلاً واحداً عمّا تتعرض له المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة في محافظات الشمال, يؤكد مدى وحجم الضغوط التي تتعرض لها مؤسساتنا الوطنية والتأثيرات السلبية على الخدمات الاساسية وحرمان الاردنيين من تلقي هذه الخدمات التي هي حق اساسي لكل مواطن, إذا ما علمنا وبناء على دراسات ميدانية وارقام مؤكدة ان حوالي عشرة بالمائة من مراجعي هذه المشافي والمراكز الصحية هم من اللاجئين السوريين الأمر الذي يعني في لغة الارقام عبئاً على الخدمات الصحية ونقصاً خطيراً في الادوية والمستلزمات الطبية ما يستدعي تقديم الدعم والمساعدة لضمان توفير الخدمات للمواطنين الاردنيين واللاجئين بكفاءة وجودة عالية ناهيك عما تتعرض له البنية التحتية والمرافق العامة الاخرى من اعباء وضغوط.
آن للمجتمع الدولي ان يتخذ خطوات جادة وعملية وسريعة لتقديم شتى انواع الدعم للاردن كي يواصل تقديم خدماته لهذا العدد الضخم من اللاجئين السوريين الذين لا يزالون يتدفقون على بلدنا.
رد مع اقتباس
المفضلات