كتب- د. صلاح العبّادي - لم تشهد جماعة الاخوان المسلمين في الاردن اسوأ من هذه المرحلة التي تمر بها، جراء المواقف السلبية الهدامة لقيادات في تيار الصقور المتشدد، وهو ما يظهر للعيان من خلال؛ التخبط الذي وصل بهم إلى الهتاف ليلة امس امام مسجد الجامعة الاردنية بهتافات يدعون فيها أن رئيسهم هو محمد مرسي!
غريب الامر أن الفعالية التي دعت اليها ونظمتها جماعة الاخوان المسلمين في الاردن وليس في القاهرة، الامر الذي يدل على أن السيل بلغ الزبى، وأن الحكومة يجب ان تتخذ الاجراءات القانونية المناسبة بحقهم، جراء خروجهم على طريقة وادوات العمل السياسي المحترم، اذا ما اخذ بالاعتبار انهم في الاردن وليس في جمهورية مصر العربية.
وامام هذه التجاوزات التي لا يمكن السكوت عليها، التي يحملها تيار الصقور المتشدد، والاساءة للوطن ورمزه، فإن ذلك شأنه أن يعمق الفجوة داخل جماعة الاخوان المسلمين، خصوصاً وأن تيار الحمائم المعتدل داخل الجماعة، يعرف بمواقفه الوطنية المتزنة، وكذلك بمواقفه القومية التي لا يمكن أن تطغى على الجانب الوطني.
جماعة الاخوان المسلمين في الاردن التي تعاني من وهن وعدم تنسيق بينهم وقيادات الجماعة، عليها أن تدرك خصوصية الاردن ونظامه السياسي، وان شعارات بعينها تصلح لشعب ما في دولة ما، لكن للاردن خصوصيته التي لا يمكن أن تتقبل شعارات على هذه الشاكلة، تستفز الاردنيين الذين يلتفون حول القيادة الهاشمية، في دولة نظامها ملكي ديمقراطي.
الاسبوع الماضي تجاوز نفر من شباب الحركة الاسلامية الخطوط الحمر في تصرفهم ، عندما طالبوا باقامة جمهورية في الاردن، وهو ما يشير الى الروح الانقلابية لديهم، وتفكيرهم المأزوم، المسيء لجماعة الاخوان المسلمين صاحبة المواقف الوطنية في الاردن على يد قيادات الحمائم المشهود لها باخلاصهم للوطن وقيادته الهاشمية، وها هم يوم امس يهتفون الى محمد مرسي باعتباره رئيسهم، وهم ينعمون بخيرات الاردن، الدولة محدودة الموارد الاقتصادية، ويشربون من بئر يلقون به حجارتهم!.
الشعارات التي رددها شباب من «الاخوان» خلال فعالية الاربعاء وكذلك السبت الماضيين، تؤكد سوء النية لديهم، وانهم يبحثون عن اثارة الفتنة داخل المجتمع، في وقت يحمل تاريخ جماعة الاخوان المسلمين في المنطقة العربية خبرات عتيدة من العمل السياسي السري المنظم، وهو ما يتطلب عدم التهاون بتجاوزات صقورهم، وأن يأخذ تيار الحمائم زمام امور القيادة، كما كانت في عهدهم السابق، لأنهم العقلاء الذين يعتد بهم ويشتد بهم الظهر.
ما تقوم به قيادات تيار الصقور من عمل مشبوه، وفق مخططات خبيثة سيتصاعد في الأيام القادمة وستكون عواقبه وخيمة في ضوء الرفض الشعبي لنهجهم وسياساتهم، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى وأد الجماعة واستئصالها من العمل السياسي اذا ما بقيت على هذه الحال، دون ان تصلح نفسها وتعود الى مسارها الصحيح الذي كان يعتز به.
تولي قيادات الصقور مواقع قيادية في الجماعة، لا يعني أنهم الاذكى والاقوى والالمع في الجماعة، لكن بالضرورة يجب أن تكون هذه القيادات الأكثر قدرة على فهم الرجال والتفرس فيهم واختيار اللجان على نحو يقوّي كافة جوانب الضعف فيها، ويساعدهم في قيادة سفينة الجماعة بتوازن واقتدار، وأن يكون لديهم الأفق الواسع، والتأني في القرارات، وان تتوافر فيهم مواصفات رجالات الدولة في فكرهم وفهمه وأدائهم وسعة أفقهم ورحابة صدرهم والمامهم بالجوانب المختلفة للدولة التي يمارسون فيها العمل السياسي.
بعض قيادات الاخوان من تيار الصقور المتشدد قد تكون من أتقى الناس وأكثرهم ورعاً او عكس ذلك – وهذا امر لا اريد الخوض فيه- لكن ممارسة العمل السياسي لا تبحث عن التقي الورع فقط، ولكن تبحث عن الوعي بخصوصية الزمان والمكان، ومفاصل الدولة، والمجتمع وغير ذلك من متطلبات العمل السياسي.
بكل اسف فإن جماعة الاخوان المسلمين فقدت توازنها في الأداء السياسي منذ سنوات قليلة عندما صعد تيار الصقور لقيادة مواقع مفصلية في الجماعة، وانتكاسة هذا التيار على صعيد الاداء السياسي، واتسام غالبيتهم بالعشوائية والتخبط بشكل لا يليق مع تنظيم سياسي احترم في حقبة من الزمن، نظراً لمواقفه الوطنية ونصاعة تاريخ قياداته من تيار الحمائم.
قيادات في تيار الصقور تتجاهل اهمية دور التنظيمات والاحزاب السياسية باعتبارها أداة للتواصل والتفاهم بين مؤسسات العمل السياسي ونزع الاحتقان وتوضيح وجهات نظر الناس، واذكاء روح العمل السياسي الديمقراطي.
الأداء المتخبط لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن على يد تيار الصقور في هذه المرحلة جعل شعبية الإخوان المسلمين بشكل عام تتراجع يوماً بعد يوم بشكل كبير، وإذا استمر هذا التخبط فسوف يفقد تنظيم الجماعة مكانته بعد أن اضمحل دوره، وعلى الإخوان المسلمين أن يتقوا الله في الاردن وشعبه وأن يقدموا مصالح الوطن على مصالح الأفراد.
رد مع اقتباس
المفضلات