سرايا - سميح العجارمة - القوانين المؤقتة التي تم إقرارها في عهد حكومة علي ابوالراغب ذهب ضحيتها المواطن الأردني ' فتحي محمد مصطفى أبورمان ' الذي نعرض قضيته هنا لأنها لا تمثل قضية خاصة بل هي قضية عامة مست وتمس كل أردني يقود مركبة ومعرض لأن يكون طرفاً في حادث سير دون إرادة منه.
لقد احتوى قانون مؤقت خاص بقطاع التأمين أقرته حكومة أبوالراغب على تعديل ظالم ينحاز لشركات التأمين على حساب ضعفاء الوطن من السائقين الذين ابتلاهم الله بوقوعهم في حادث سير رغماً عنهم.
التعديل المقصود يٌحَمِل ' المؤمن له والسائق بالتضامن أية مبالغ يحكم بها تزيد عن حدود مسؤولية شركة التأمين، علماً أن حدود مسؤولية شركة التأمين في ذلك القانون المؤقت الجائر تم تقليصها لدرجة كبيرة جداً بحيث اقتصرت على أن تتحمل شركة التأمين بالتضامن (!) مع المؤمن له والسائق المسؤولية عن الضرر الذي يلحق بالغير!
وهنا نتساءل هل من العدل أن يتم تحميل المؤمن له والسائق المسؤولية بالتضامن مع شركة التامين؟ لماذا لا تتحمل المسؤولية كاملة شركات التأمين التي تتقاضى مبالغ باهظة من المؤمنين لديها؟ ذلك القانون المؤقت أفرغ التأمين من محتواه الاجتماعي المتمثل بتوفير الأمن الاجتماعي عندما يدفع التعويضات والخسائر كاملة، وعندها لا يتم إفقار من كان طرفاً في حادث سير وقع قضاءً وقدراً، بعد أن تم مسخ قوانين قطاع التأمين بقوانين مؤقتة لم يعد التأمين في الأردن عامل استقرار واطمئنان، بل تحول إلى قطاع يمتص دماء المجتمع دون أن يقدم خدمة حقيقية ملموسة كما كان الوضع قبل قوانين حكومة أبوالراغب المؤقتة.
والدليل الأكبر ما حدث مع المواطن الأردني'السائق فتحي محمد أبو رمان' العامل في سلطة المياه الذي انضم إلى طوابير فقراء الأردن المعدمين بسبب قوانين التأمين الظالمة، وأصبح أمله ومطلبه الوحيد هو إعفائه من المبالغ المترتبة عليه لصالح خزينة الدولة، ونذكر هنا أن هذه المبالغ ترتبت عليه ظلماً وبهتاناً لأنه كان من المفترض أن تترتب تلك المبالغ على شركة التأمين وليس عليه هو، ولكن قوانين التأمين التي تم تعديلها وصدرت كقوانين مؤقتة - وإلى الآن مازالت مؤقتة - قلبت الحق باطلاً فحولت ما يجب أن تدفعه شركة التأمين غلى المؤمن عليه والسائق، لذا من حق السائق أبورمان أن يصرخ بالصوت العالي مطالباً حكومته - التي ياأل بها خيراً - أن تعفيه مما ترتب عليه وذلك إحقاقاً للحق ومراعاة لظروف المواطنين الصعبة المتهالكة.
ونذكر أحداث قصة السائق فتحي محمد أبورمان المؤلمة لكل من لديه ضمير في حكومتنا، أبورمان يعمل سائقاً في سلطة المياه ووقع معه حادث سير أثناء عمله الرسمي، وكان خروجه في سيارة السلطة في يوم الحادث وساعته بأمر حركة، ونتج عن الحادث وفاة شخصين، وألزمته الصلحة العشائرية بدفع مبلغ عشرين ألف دينار، فاضطر لبيع منزله لإتمام الصلحة ودفع المبلغ المذكور.
ومع أنه حقق مطلب الصلحة العشائرية بدفعه العشرين ألف دينار بعد بيعه ما فوقه وتحته إلا أن ذوو المتوفين اقاموا دعوى قضائية ضد السائق ومالك السيارة ، دعوى حق مدني، وتم الحكم بمبلغ مقداره خمسون ألف دينار بالتكافل بين السائق ومالك السيارة'سلطة المياه'، ولأنه على الطرف المقتدر أن يدفع قامت سلطة المياه بدفع الخمسين ألف دينار لذوي المتوفين، وطالبت السائق أبورمان بالجزء المترتب عليه والبالغ 25 ألف دينار.
وأبو رمان بعد أن باع بيته واستدان نتيجة دفعه العشرين ألف دينار شروط الصلحة العشائرية ليس لديه ديناراً وحداً يدفعه وقد أصبح على 'الحديدة ' بفضل قانون التأمين المؤقت الجائر، ورغم الفقر المدقع الذي وقع في براثنه السائق فتحي أبورمان فقد قررت سلطة المياه خصم 100 دينار شهرياً من راتبه المحدود أصلاً!
هذه مأساة ابورمان التي جارت عليه القوانين المؤقتة المحبوكة لمصلحة القوي ضد الضعيف، وجارت عليه الصلحة العشائرية التي ألزمته بعشرين ألف دينار قام بدفعهم ظاناً أن تلك الصلحة أخرجته من مصيبته، ولكنها أوقعته بمصيبة أكبر عندما تم وضع شرط في الصلحة العشائرية ينص على أنه من حق ذوو المتوفين المطالبة بالحق المدني، فوافق مرغماً على هذا الشرط الغريب بعد أن أكد له من سعوا بالصلحة أنه لا خوف عليه من هذا الشرط، وقد دمره تماماُ هذا الشرط ، فق تم مقاضاته وإلزامه بعشرات الألوف من الدنانير التي لا يملك منها شيئاً.
من ينصف السائق الأردني فتحي محمد أبورمان؟ توجد الآن فرصة كبيرة بين يدي حكومة الدكتور عبدالله النسور لإنصاف هذا المواطن الذي دهسته القوانين المؤقتة الجائرة ودهسته شروط الصلحة العشائرية غير المنصفة، وتتمثل الفرصة لدى حكومتنا بإحقاق الحق من خلال الموافقة على الاستدعاء الذي تقدم به السائق فتحي أبورمان لوزير المياه طالباً إعفائه من المبالغ المترتبة عليه نتيجة ذلك الحادث المشؤوم، وذلك بوقف خصم 100 دينار شهرياً ولإبراء ذمته من هذا الظلم وهذه المبالغ الخيالية بالنسبة لمواطن بسيط ، وقام وزير المياه الدكتور حازم الناصر بالتنسيب لرئيس الوزراء بالموافقة على إعفاء ابورمان من المبالغ المتبقية عليه والبالغة ( 23368 ) دينار لغاية تاريخ 30/6/2013.
الآن موجود بين يدي رئيس الوزراء د. عبدالله النسور تنسيب من وزير المياه بإعفاء ابورمان مما ترتب عليه تاريخه 8 / 7 / 2013، وكذلك يوجد في ملف ابورمان في رئاسة الوزراء قرار من مجلس إدارة سلطة المياه صادر بتاريخ 12/11/2011 يتضمن موافقة المجلس على إعفاء المذكور من المبالغ المترتبة عليه، فما المانع من أن يتخذ رئيس الوزراء قراراً إنسانياً برحمة هذا المواطن البسيط والموافقة على تنسيب وزير المياه بإعفائه؟
لا نعتقد ان هناك ما يمنع الحكومة من التفاعل مع قضية ابورمان والموافقة على إعفائه بعد تنسيبات مجلس سلطة المياه وتنسيب وزير المياه، إلا إذا رأى وزير المالية - كما حدث قبل سنوات - أن ينسب بعدم الإعفاء لأسباب غير مقنعة، رغم أن القانون يسمح للحكومة بإعفائه من المبلغ، بالإضافة للتنسيبات المذكورة التي قررت الموافقة على الإعفاء بعد أن درست ملف مأساة السائق فتحي أبورمان.
* ننشر هنا أهم الوثائق المتعلقة بهذه القضية الإنسانية...
رد مع اقتباس
المفضلات