شكل لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني ووزير الخارجية الاميركي جون كيري في عمان يوم أمس فرصة أمام الدبلوماسية الاردنية لاعادة التأكيد على ثوابت الموقف الاردني ازاء قضايا المنطقة وملفاتها والتي اثبتت الاحداث ووقائع الأيام صحة قراءتها ووقتها, هذه القراءة التي تستند الى خبرة وتراث عميقين في التعاطي مع تلك الملفات والقضايا انطلاقاً من قناعات ومعطيات تلحظ على الدوام طبيعة المتغيرات وموازين القوى والادوار والاحجام والاوزان في المنطقة بأسرها وتداعيات هذه الأمور على الامن والاستقرار فيها.
من هنا جاء تأكيد جلالة الملك على ان الطريق الوحيد الذي يؤدي الى تحقيق السلام والامن والاستقرار في الشرق الاوسط هو اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ليضع الأمور في سياقها الطبيعي والقانوني بعيداً عن لغة الاستيطان وغطرسة القوة وثقافة الاحتلال والتنكيل الذي تمارسه اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وخصوصاً تحذير جلالته من ان العقبة التي تضعها اسرائيل باجراءاتها الاحادية واعتداءاتها المتكررة على المقدسات الاسلامية والمسيحية تهدد فرص ومساعي السلام.
وإذ حفل جدول أعمال اللقاء بكثير من الموضوعات والقضايا, إن لجهة الاتفاق على تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية أم لجهة المساعي التي تقودها الولايات المتحدة الاميركية لاعادة اطلاق مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين استناداً الى حل الدولتين, باعتباره السبيل الوحيد الذي يقود الى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية, فإن تأكيد جلالته مواصلة الاردن الدفع باتجاه تقريب وجهات النظر لاحياء مفاوضات السلام التي تعالج مختلف قضايا الوضع النهائي يكتسب اهمية اضافية في ظل ما يبذله جلالته على اكثر من صعيد وما تنهض به الدبلوماسية الاردنية في هذا الشأن اضافة بالطبع الى تجديد جلالة الملك وتأكيده على مبادرة السلام العربية التي ما تزال تشكل فرصة حقيقية لتحقيق السلام الشامل في الشرق الاوسط بأسره.
الازمة السورية كانت حاضرة بقوة خلال لقاء جلالته والوزير الاميركي وبخاصة ان الموقف الاردني ثابت ومعلن من هذه الازمة منذ اندلاعها, حيث كان جلالة الملك اول من دعا الى تكثيف المساعي للوصول الى حل سياسي انتقالي وشامل لها يوقف نزف الدم ويحفظ وحدة سوريا وسلامة اراضيها, ويحدّ من تداعياتها الكارثية على المنطقة برمتها والتي تتبدى اكثر ما تتبدى في الاعباء المتزايدة التي يفرضها استضافة الاردن لاكثر من نصف مليون لاجئ سوري على اراضيه وما تشكله الخدمات الاغاثية والانسانية من استنزاف وضغوط شديدة على موارد بلدنا المحدودة والمستنزفة اصلاً ما يستدعي بالفعل استمرار المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته من خلال دعم المملكة وامكاناتها لتتمكن من مواصلة تحمل هذه الاعباء المتزايدة على مواردها وبما يضمن أيضاً استمرار تقديم الخدمات لهذه الاعداد من اللاجئين التي تزداد يومياً.