الحقيقة الدولية – عمان





تعقد المشهد المهني والسياسي في نقابة المعلمين، ويسير باتجاه المزيد من التأزيم، وفي القلب من هذا المشهد تقف حركة الأخوان المسلمين لتصبح في نظر كثيرين مكونا من مكونات التأزيم، لا جزءا من الحل، وتُحسب على جهة من الجهات السياسية المتصارعة داخل مجلس النقابة الذي يسيطر عليه معلمون من مرجعيات إسلامية.



فقد دخلت الحركة كطرف فاعل في صلب عمل نقابة المعلمين وبدأت ترسم سيناريوهات المواجهة المحتملة مع أطراف في الدولة وذلك بعدما تسربت أنباء من بعض اعضاء مجلس النقابة، وقبل ذلك ألمح نقيب المعلمين النائب مصطفى الرواشدة الى وجود مؤشرات ودلائل عن مثل هذه التدخلات في قرارات مجلس النقابة بعد مرور عام على تأسيسها.



ولعل البيان الثوري الذي أصدره أعضاء في مجلس النقابة هاجموا من خلاله النقيب الرواشدة على خلفية تصريحاته اللاذعة لحركة الأخوان ودورها المتنامي في النقابة ومن قبل هذا كله الإرهاصات والاحتقانات التي لازمت الانتخابات وبدأت آثارها في وقت لاحق تطفو بشكل متسارع على السطح، حركت الأرضية الرخوة تحت الأقدام، وأخذ الجميع يطلق إشارات التحذير على مستقبل أول تنظيم نقابي للمعلمين الأردنيين.



ويأتي بيان تكتل النقابة للجميع ليزيد من حرارة الأوضاع المتأزمة، حيث هاجم بشكل لاذع أعضاء المجلس الإسلاميين، الذي وصفهم "بالعشوائيين"، ووصف المجلس بالضعيف الذي لا يقوى الا على لغة الإقصاء والتهميش والتضليل الإعلامي بهدف زعزعة ثقة المعلمين بنقابتهم حتى يتسنى لأعضاء المجلس المنتمين الى حزب جبهة العمل وحركة الأخوان من عقد صفقات سياسية مع الدولة لتحقيق مكاسب حزبية على حساب حقوق المعلمين".



ويرى أعضاء في مجلس نقابة المعلمين، وفق تحليل اخباري في "العرب اليوم" للزميل وليد شنيكات أن "حرب البيانات" التي بدأت تسيطر على لغة الحوار بين الفرقاء داخل النقابة لن تتوقف حتى يستجيب أحد الطرفين لمطالب الآخر، الإسلاميون يرون أنهم هم الأكثرية ولهم الحظوة أمام "شارع المعلمين" وبالتالي يتوجب على الباقين في فروع النقابة الخضوع والجلوس على طاولة الحوار وفق الشروط التي يضعونها هم، غير أن رؤساء الفروع يرون في هذه الدعوات لغة تهديد مبطن، لا يمكن السكوت عليها، كونها تمس بالجسم النقابي برمته، الأمر الذي سيفضي الى مزيد من التعقيد بانتظار مزيد من الإنشقاقات، التي ربما قد تصل موقع النقيب نفسه.



بدءا بأزمة النظام الداخلي الجديد للنقابة الذي يحاول المعلمون الإسلاميون تجييره لصالحهم، ومرورا بالدعوات المتوالية التي اطلقتها هيئات مركزية في نقابة المعلمين بشأن إلغاء الزامية التأمين الصحي الحكومي، التي جوبهت في حينها بانتقادات واسعة من قبل قطاع المعلمين، وحتى القنبلة التي فجرها نقيب المعلمين قبل أيام، تكون نقابة المعلمين كمن يحفر قبره بيديه، وهي خطوة تصب في مصلحة جهات عديدة في الدولة.



حالة الشك والريبة التي تسيطر على أعضاء مجلس نقابة المعلمين منذ اللحظة الأولى، أفقدت نقابة المعلمين هيبتها وأفرغتها من محتواها، ودفعت بعدد من الأعضاء الى تقديم استقالاتهم احتجاجا على الطريقة التي يتم بها إدارة النقابة واتباع سياسة الإقصاء والتهميش عند مناقشة كثير من القرارات الحساسة مثل النظام الداخلي وزيادة رسوم الانتساب وغيرها، وهي مسؤولية يتحمل القسم الأكبر منها المعلمين الإسلاميين بسبب الإدارة الفاشلة كما يقول معلمون.



كما ترى أوساط تربوية أن سوء إدارة الإسلاميين لنقابة المعلمين والاحتكام الى لغة التصعيد والمبالغة في ردات الفعل شوه صورة التيار في النقابة بل تعدى الأمر الى زعزعة اركان النقابة نفسها وصار كثير من المعلمين ينفرون من نقابتهم بسبب الممارسات الخاطئة لزملائهم من مرجعيات إسلامية ، بيد أن هذه الأوساط لا تنكر على هؤلاء المعلمين حقهم في رسم مستقبل النقابة، باعتبارهم الجهة الأكثر تنظيما، في ظل غياب تكتلات حقيقية للمعلمين من توجهات أخرى.



وتبدي أوساط المعلمين مخاوف حقيقية من اندلاع مواجهة جديدة بين المعلمين أنفسهم قد تستدعي النزول مجددا الى الشارع, لوضع حد للخلافات الناشبة الأمر الذي سيؤدي الى انهاء مستقبل النقابة وذلك على خلفية تزايد الغضب من محاولات جهات حزبية وحكومية تدجين نقابة المعلمين على حد قولهم وانتهاك استقلالية التنظيم الجديد، الأمر الذي يصب في مصلحة جهات عديدة في الدولة طالما راهنت على هذه اللحظة بحيث يكون الانهيار من الداخل.



مع حالة الاستقطاب الحاد التي تشهدها نقابة المعلمين في الوقت الراهن، فإن آراء المعلمين تتفاوت بشأن الأزمة الراهنة، وهل ستتجه نحو الهدوء رغم سلسلة الاستقالات والانشقاقات التي أعلن عنها عدد من المعلمين منذ أيام، أم أنها قد تتجه نحو الاشتعال حسب آخرين.