غدير سالم - يعتقد الآباء واولياء الامور ، الذين يعاني اولادهم من صعوبة في الرياضيات ان التعليم المكثف هو افضل وسيلة لمساعدتهم على التحكم في المهارات المهمة ، وجاء في دراسة جديدة أنه حتى هذا سيكون غير مجد بالنسبة لبعض الاطفال.
الدراسة تقول إن حجم بنية رئيسية في المخ والصلات بينها وبين مناطق اخرى يمكن أن يساعد في تحديد الاطفال ما بين سن الثامنة والتاسعة الذين يصعب استفادتهم من تعلم الرياضيات.
ولمعرفة مدى صحة هذه الدراسة وما الحل لها تحدثنا مع مجموعة من المختصين لمعرفة آرائهم في هذا الموضوع .
مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة
مدير ادارة المناهج والكتب المدرسية في وزارة التربية والتعليم «وفاء العبداللات « قالت: « الأصل في المنهاج المدرسي أن يكون مرنا وأن تكون الكتب المدرسية وأدلة المعلمين وغيرها من المصادر مراعية للفروق الفردية بين الطلبة ، فالمعلم يحدد مستوى الطلاب والفروقات بينهم ، وفي نهاية العام يجب ان يصلوا جميعهم الى نفس المستوى « .
وأضافت :» في المراحل الأساسية يجب أن تدرس الأساسيات في الرياضيات ، حتى يتمكن جميع الطلاب من الإلمام بها ، وفي التربية يوجد مناهج خاصة بالمتفوقين ، وانشطة علاجية للطلاب الذين يعانون من المشاكل ، ويجب على المعلم أن يعمل لهم الأنشطة ، والأصل ان تتناسب المراكز التي تقدم دروسا في الرياضيات مع المناهج المطلقة ، أما صعوبات التعلم فيعمل لأجلهم انشطة تناسب مستواهم ، ويوجد في المدارس غرف صفية خاصة بهم ، وانشطة معينة توصلهم لمكان معين، فالأصل هو المعلم ومن خلاله يحدد الفروقات بين الطلبة ويحل مشاكلهم ، فليس الأصل وجود برامج واسماء لهذه البرامج بقدر ما هو مهم من المعلم ان ينتبه لطلابه ويهتم بهم «.
اسباب الضعف التحصيلي في الرياضيات
التربوية والإعلامية « بشرى عربيات» تحدثت عن اسباب ضعف التحصيل في الرياضيات لدى الطلبة قائلة :»يعاني بعض أبنائنا الطلبة من الضعف التحصيلي في مبحث الرياضيات ، ويعود ذلك للأسباب التالية : الترفيع التلقائي ،وضعف التأسيس في بعض المدارس، وإعطاء علامات لا يستحقها الطالب ، ومن هنا تبدأ المشكلة حيث يصل الطالب الصف السابع أو الثامن وهو لا يتقن أبسط المبادئ الأساسية».
الحلول
وأضافت فيما يتعلق بالحلول :» هنا يكمن السؤال هل يوجد حل ، يوجد هناك بعض الحلول المقترحة ومنها ، إعداد بطاقات ملونة لجداول الضرب والتركيز على حفظها ومتابعة ذلك وخصوصا من جدول 2 إلى 12 ، والعودة إلى العدّاد الخشبي لتيسير عمليات الجمع والطرح إن لزم الأمر على شكل لعبة ، عدم اللجوء إلى الآلة الحاسبة أبدا، وإعداد مسائل حسابية بسيطة يتدرب عليها الطالب يوميا لتنشيط العمليات الحسابية ، لأن الرياضيات مثل الرياضة تحتاج تدريب وممارسة، وأخيرا يمكن اللجوء إلى مختصين في حالة عدم نجاح الخطوات السابقة ، علما بأن تلك الخطوات ذات نتائج إيجابية وقد تستغرق وقتا طويلا حوالي سنة لكن هذا لا يمنع أن يكون تعليم الطفل ومتابعة ضعفه خطين متوازيين بحيث لا يتأثر تحصيله العلمي».
ملكة التجريد
الكاتب والباحث في الفلسفة « مجدي ممدوح « تحدث عن قضية الرياضيات وملكة التجريد قائلاً :» قضية الرياضيات تخص ملكة مهمة وهي التجريد ، كيف أن يجرد الشخص الصورة من الأشياء المادية ، وهذه الملكة مرتبطة بتركيبة الدماغ ، فبعض الناس لديهم هذه الملكة متطورة بسبب منطقة موجودة في مقدمة الدماغ ( جبهة الرأس) ، وفي ظل تطور الكائنات الحية نمت وتطورت هذه المنطقة الأمامية ، ويجب ان تكون هذه المنطقة واضحة ونامية ومكتملة النمو حتى نخمن ما إذا كان الطفل عبقريا أم لا «.
وأضاف :» أي يطفل يستطيع من خلال مادة الرياضيات أن ينمي دماغه ، لان الرياضيات عملية تمرين على التجريد في دماغ الإنسان ، مثلما ينمي عضلاته عن طريق التمارين الرياضية ، فهو ينمي دماغة من خلال تمارين الرياضيات ، فينمو دماغه بشكل اسرع وهذه هي الوظيفة الأساسية وأن يقوم على تطبيقها في الحياة العملية ، فتعليم الرياضيات من ملكات السيطرة على الطبيعة «.
اللغة والتجريد
تابع حديثه ليخبرنا عن الملكتين الاساسيتين لأي طفل فقال :» أهم ملكتين للطفل في بداية عمره أولا اللغة وكيف يوظف الطفل الطبيعة ومفرداتها من خلال اللغة ، وبعد ذلك يحتاج إلى لغة أدق وهي الرياضيات ، وعن طريق هاتين الملكتين يستطيع الطفل أن يمسك (بالوعي والفهم) بالطبيعة حوله ، فالرياضيات من المهارات الأساسية للطفل ومرتبطة بالتجريد وبدون التجريد لا يستطيع الطفل ان يفكر ، فهذه الملكة تساعده على تعلم العلوم ومعرفة ما يدور حوله «.
وعن معنى مصطلح التجريد في الفلسفة قال ممدوح :» التجريد هو أن نستغني عن الشئ المادي ونضع له رمزا ، بحيث أن العقل الإنساني لا يستوعب مادة وإنما رمزا ، مثلاً الكرسي الطفل لا يأخذه ويضعه في رأسه وإنما يستغني عنه برمز وصورة يضعها في مخيلته «.
الطريق الصحيح للتفكير الصائب
وبيّن أحد المدرسين « خالد» رأيه في الرياضيات وسبب عشقه له منذ الصغر فقال :» عشقت الرياضيات منذ الصغر لعشقي لمعلم الرياضيات ، فقد كان مميزا من حيث الأسلوب وطريقة التعامل مع التلاميذ ، وما زلت لغاية الآن أحبها فهي رياضة للعقل وأي رياضة ، هو الطريق الصحيح للتفكير الصائب وتجنب الأخطاء في كل أمور الحياة الدراسية «.
وتحدثنا مع العديد من الطلبة لمعرفة علاقتهم ومحبتهم بالرياضيات .
معقد وصعب جداً
عبر عبد الفتاح عن كرهه لبعض أجزاء من الرياضيات قائلاً :» أكره الرياضيات والعمليات الحسابية والكسور والمعادلات لأن حلها معقد وصعب جداً ، ولكن أحب الطرح والجمع والضرب والقسمة ونظرية فيثاغورس «.
للأذكياء فقط
ليث محمد يعتبر ان الرياضيات للأذكياء فقط فقال :» مادة الرياضيات بشكل عام صعبة جداً وتتطلب أن تصغي لها وأن تشغل جميع تفكيرك بها ، بأختصار هي للأذكياء فقط «.
تعتمد على المعلم
محمد إختلف في رأيه معهما من ناحية صعوبة مادة الرياضيات لأسباب معينة فقال :» ان الرياضيات مادة جميلة ولكن فيها درجة من الصعوبة ، وتعتمد على المعلم إذا كان المعلم يتفهم الطلبة ويوصل هذه المادة لهم بطريقة جيدة سنفهمها غير ذلك تبقى صعبة وتتطلب جهد كبير «.
يفكر ويحرك دماغه
سليم يحب الرياضيات ويؤكد أهميتها قائلاُ :أحب مادة الرياضيات كثيراً ، فهي مادة علمية جميلة ومهمة وتجعل الشخص يفكر ويحرك دماغه ، فهي مادة أساسية «.
كامل وضع صعوبة المادة على الطلبة فقال :» الرياضيات من المواد الممتعة دراستها والتعامل معها ، لكن المشكلة تكمن في أن أغلب الطلبة يتعبون منها ولا يحاولون دراستها او التدريب عليها».
تشغل دماغك
حسن تحدث عن متعة الرياضيات واهميتها قائلا :» أعتقد أن الرياضيات من المواد السهلة ، ولكنها تحتاج الى تركيز ، كما ان فرق المستوى بين الطلبة هو ما يحدد ان كانت سهلة ام لا ، وبالنسبة لي الرياضيات ممتعة جدا بسبب انها تعلمك الحساب وتحسب امورا لم تكن تعرفها ، كما انها تجعلك «تشغل «دماغك وتنشط ذاكرتك ، واجمل ما فيها ان لا توجد معادلة لا تحل «.
دقة الملاحظة
ورغم صعوبة الرياضيات على مرح الا انها ممتعة بالنسبة لها فقالت :» الرياضيات من المواد الممتعة والتي تجعلك أكثر ذكاء وتنمي عقلك على التفكير ودقة الملاحظة ، ويصعب التعامل معها إذا كان الطالب لا يحب المواد العلمية ، عدا ذلك فهي سهلة وبالنسبة لي أواجه صعوبة في بعض الأحيان ولكن أستطيع التغلب عليه في حال أردت التحدي «.
استمتع بالتغلب على المعادلات
دعاء تجد متعة في التغلب على المعادلات فقالت : « علاقتي بالرياضيات جميلة جدا ، حيث أني استمتع عندما اتغلب على معادلة وأجد قيمة متغيراتها، وفي حال انني واجهت صعوبة اطلب المساعدة ، ولكنها جميلة جداً «.
تحتاج للوقت
رهف تحدثت عن المناهج قائلة : « مناهج الرياضيات صعبة جدا ، وكبيرة بالنسبة لأعمارنا ، فيجب التقليل منها بسبب ضيق الوقت لدراسة المنهاج كامل ، فالقوانين والمعادلات تحتاج إلى انتباه وتركيز وحل العديد منها ، وكل هذا يحتاج لوقت «.
وعودة على محور الدراسات البحثية ، قال « فينود مينون» استاذ في الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية الطب بجامعة ساتنفورد والذي رأس البحث «بامكاننا توقع كم ما سيتعلمه الطفل من التدريس بناء على قياس بنية المخ والقدرة على الاتصال.»
وهذه اول دراسة تستخدم تصوير المخ للبحث عن وجود صلة بين سمات المخ والقدرة على تعلم الحساب ، ونشرت الدراسة في طبعة «دوريات الاكاديمية القومية للعلوم» على الانترنت ، ولكن على الرغم من نشرها في دورية تحظى باحترام فقد تعرض البحث على الفور لانتقادات.
فاين نحن من كل ذلك؟!
كشف سبب تفاوت الأطفال بالمهارات الحسابية
قلما يعتبر أطفال المدارس مادة الرياضيات من المواد الدراسية المحببة لهم ، وفي حين يمكن تحسين نتائج الامتحانات عن طريق الدروس الخصوصية، إلا أن ليس كل الطلاب يستفيدون بنفس القدر من هذه الدروس الإضافية.
واكتشف علماء أمريكيون يرصدون أسلوب الآليات السلوكية والعصبية التي تدفع بعض الأطفال إلى اكتساب مهارات حسابية بشكل أسرع من الاخرين أن تصوير بنية الدماغ بإمكانه أن يوفر دلالة بالغة الدقة على اكتساب المهارة بدرجة أكثر من التدابير السلوكية.
ونشر الفريق العلمي بقيادة كاوتسوب سوبيكار من كلية الطب بجامعة ستانفورد بالولايات المتحدة نتائج الأبحاث في مجلة «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم» (بي.إن.أيه إس) .
واستخدم الباحثون صورة بالرنين المغناطيسي لقياس كيفية استيعاب 24 تلميذا بالمرحلة الابتدائية تتراوح أعمارهم بين ثمانية وتسعة أعوام، لثمانية اسابيع من تلقي دروس خصوصية في الرياضيات بشكل فردي .
وأظهرت الدراسة أن سرعة ودقة حل المسائل الحسابية زادت بالدروس، مع تحسن بعض الأطفال بصورة كبيرة عن الآخرين.
ووجد العلماء أن حجم ودقة التوصيل في المنطقة المسؤولة عن التذكر في المخ يعمل على اختزان الذاكرة، كان له تأثير على مستوى التقدم الذي أحرزه كل تلميذ .
وكتب الباحثون «توفر نتائجنا دليلا على أن الفروق الفردية في قياس الأشكال والتوصيل بين مناطق الدماغ المسؤولة عن التعلم والذاكرة، وليس في المناطق المعنية عادة بالعمليات الحسابية، هي مؤشرات قوية لمدى الاستجابة لدروس الرياضيات عند الأطفال».
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمير محمود ابوزيد
المفضلات