في اطار زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الراهنة للولايات المتحدة الاميركية والتي جاءت في توقيت دقيق نظراً لما تمر به المنطقة من تحولات واحتمالات مفتوحة على كل الاتجاهات في ظل الاضطرابات والحرائق المشتعلة في الشرق الاوسط وما قد تحمله من تطورات وامكانية دخول المنطقة بأسرها في حال من الفوضى, جاء لقاء جلالته بممثلي القيادات والمنظمات العربية والاسلامية الاميركية ليضيء على جملة من الحقائق والمعطيات المهمة التي لفت اليها جلالته إن لجهة ضرورة تكاتف الجهود الدولية لايجاد حل شامل للازمة السورية أم لجهة إعادة تذكير المجتمع بما كان الاردن قد طرحه ودعا الى عدم تفويت فرصته المتاحة وهي ان حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام.
من هنا جاءت قراءة جلالته العميقة والدقيقة للمشهد السوري لتضع الامور في سياقها الصحيح والطبيعي وبخاصة في شأن ايجاد الحل الشامل للازمة السورية بما يعني ذلك ضرورة تكاتف الجهود الدولية لبلورة حل كهذا اضافة الى ما تحمله الازمة من خطر إذا ما ازدادت تفاقماً وما سينتج عنها من تدفق المزيد من اللاجئين الى دول الجوار والذين وكما هو معروف للعالم اجمع, تجاوز عددهم نصف مليون لاجىء في الاردن, بكل ما يفرضه هذا العدد الضخم من اللاجئين من ضغوطات واستنزاف تتعرض لها البنية التحتية والخدمات في المملكة نتيجة تدفق اللاجئين السوريين بما في ذلك المدارس والمشافي التي تقدم خدماتها التربوية والرعاية الصحية ما يعني وبالضرورة قيام المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته لدعم الاردن كي يتمكن من التعامل مع هذا الظرف الطارئ.
اقوال جلالة الملك خلال لقائه ممثلي القيادات والمنظمات العربية والاسلامية الاميركية حظي باهتمام اعلامي ودبلوماسي وسياسي لافت وبخاصة في تأكيد جلالته على العواقب الوخيمة التي تنتظر الجميع إذا ما فشل المجتمع الدولي في ايجاد حل للازمة السورية ما سيزيد بالتالي من حالة التوتر وتزايد وتيرة العنف وما يحمله كل ذلك من اثار سلبية على مستقبل الشرق الاوسط, الامر الذي يؤكد مواقف الاردن الثابتة والمعلنة منذ اندلاع هذه الازمة وهي ان الحل السياسي الانتقالي الشامل والمحافظة على وحدة سوريا ارضا وشعبا هو السبيل لانهاء اراقة الدم السياسي لأن الاوضاع الراهنة في سوريا كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. الأمر الذي حدا بجلالته الى اطلاق تحذير بأن استمرار الازمة السورية سيعني تعاظم التطرف والارهاب وهو أمر لا نحسب ان احدا في المنطقة يرحب به أو يدعو إليه.
القضية الفلسطينية احتلت مكانتها الرئيسية والأولى في حديث جلالته الى ممثلي القيادات والمنظمات العربية والاسلامية وبخاصة تشديد جلالته على مركزية القضية الفلسطينية وان عدم ايجاد حل عادل لها يشكل عاملاً رئيساً لعدم الاستقرار في المنطقة وقد اثبتت الايام ووقائع الاحداث ما كان دعا اليه الاردن منذ زمن طويل وهو ان السبيل الوحيد لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين هو حل الدولتين وتمكين شعوب المنطقة من العيش بأمن وسلام.
زيارة جلالة الملك الراهنة للولايات المتحدة الاميركية تندرج في اطار الجهود المباركة والمتواصلة التي يبذلها جلالته لخدمة القضايا العربية والاسلامية وبما يعيد حقوقها ويخدم مصالحها, نظراً لما يتمتع به جلالته من احترام وتقدير في الاوساط الدولية وما راكمته الدبلوماسية الاردنية من نجاحات وانجازات وانحياز لثقافة الحوار والسلام ونبذ العنف والارهاب والانتصار للشرعية الدولية وحقوق الانسان وعدم التفريط بحقوق الامتين العربية والاسلامية.