الحقيقة الدولية – عمان – معاذ البطوش



لم يكن يوم الجمعة الماضية يوما عاديا في الأردن بشكل عام وسياسته الداخلية والخارجية بشكل خاص حيث شهدت محافظة اربد أحداثا مؤسفة بعد خروج مسيرتين الأولى للحركة الإسلامية والحراك الشعبي بالمحافظة والثانية لمن يعرفون بالموالاة الأمر الذي أدى إلى تطور الأحداث لينتج عنها تدخل قوات الأمن وقوات الدرك التي عملت على مدار عامين ماضيين على ضبط النفس والمحافظة على سلامة المشاركين بالمسيرات والاعتصامات والإضرابات والتي تفوق 13 ألف بحسب ما صرح به نائب مدير الأمن العام اللواء محمد الرقاد.



محللون سياسيون قالوا ان أحداث مدينة اربد شمال الأردن وبعد فترة هدنة لم يكن عاديا بعدما تلاها ردود فعل وتشكيك واتهامات متبادلة بين الأجهزة الأمنية والحركة الإسلامية بشقيها جماعة الإخوان وحزب جبهة العمل الإسلامي ومطالبات نيابية وحزبية ونقابية بضرورة فتح التحقيق بالأحداث ومحاسبة المتسببين.



الكل يدعي بأنه مظلوم والآخر ظالم والكل يدعي بأنه معتدى عليه والآخر معتدي ليصبح لدينا روايات كثيرة لا نجزم بصدق أو كذب أي منها خاصة في ظل تقارير صحفية وصور وفيديوهات تتحدث عن جرحى ومصابين من الطرفين الحراك الشعبي والإسلامي ورجال الأمن وقوات الدرك.



مصدر حكومي موثوق قال: أن دولة قطر طلبت من جماعة الإخوان التحرك بشكل مباشر وسريع ضد النظام الأردني وذلك كردة فعل على ما صرح به نواب بالبرلمان الأردني من توجيه الانتقادات لدول الخليج وتحديدا دولة قطر والمملكة العربية السعودية أثناء مناقشة البرلمان الأردني للازمة السورية وانعكاساتها على الواقع الأردني.



وأضاف المصدر أن جماعة الإخوان وبعد مرور ثلاثة شهور على حالة الفتور التي تمر بها في التعاطي مع المطالبات الإصلاحية بما فيها عودة اختيار عبدالله النسور لتشكيل الحكومة البرلمانية إلا أنها بقيت تعيش حالة من التراخي لكن نشاطاتها انتعشت منذ انتقاد البرلمان لدور قطر والسعودية في سوريا ووصفهما ببقايا يهود بني قريظة ويهود خيبر على حد تعبير بعض النواب.



ولم يكتف المصدر بما سلف من حديث بل ذهب للإشارة إلى أن جماعة الإخوان سارعت على الفور إلى إصدار بيان أدانوا فيه هجوم النواب على قطر معتبرين هذا الأمر بأنه لا يصب في مصلحة الدولة الأردنية في التعامل مع الأشقاء العرب على حد تعبيرهم.



وهنا يؤخذ على الحركة الإسلامية أنها لم تقم في يوم من الأيام بإصدار بيان واحد يدين أي اعتداء لفظي على الأردن من قبل أي مسؤول خليجي بما فيهم النائب الكويتي محمد البراك الذي شتم الملك عبدالله الثاني والشعب الأردني وسبقه المؤرخ المصري محمد حسنين هيكل الذي قدم مجموعة من الحلقات التلفزيونية على فضائية الجزيرة القطرية تحدث فيها عن اتهامات جزافية بحق الراحل الكبير الملك الحسين بن طلال إضافة إلى عشرات المرات التي يتم فيها شتم الأردن عبر وسائل الإعلام الخليجية.



محللون سياسيون ربطوا ما بين رغبة "الاخوان" للعودة الى الشارع بقوة، وافتعال ازمات مع الدولة رغبة منهم بالعودة الى المشهد المحلي الذي غابوا عنه طيلة الفترة السابقة ليقولوا للدولة "نحن هنا"، وكعادتهم استخدموا "الحراك" في الواجهة، علما بان شبابهم هم من اشتبك في بداية الامر مع رجال الامن الذين وضعوا حاجزا بشريا بينهم وبين مسيرة الموالاة، مع الاشارة الى ان شباب الموالاة هم عبء امني ايضا على اجهزة الامن، وليس رديفا لها.



التقارير الإخبارية المنشورة اتهمت مؤخرا الحركة الإسلامية بأنها لم تتوقف عند هذا المستوى بل ذهبت إلى اللعب بالنار والعبث بأمن الوطن من خلال جر النار خارج العاصمة عمان باتجاه المحافظات منطلقة من محافظة اربد ومحاولة جر المخيمات الفلسطينية لتهديد امن الأردن وزعزعة استقراره على الرغم من أن اربد تعتبر من المحافظات الساخنة التي لا تحتاج إلى من يشعل النار بها كونها لا تبعد كثيرا عن محافظة درعا السورية نقطة انطلاق شرارة الثورة السورية.



وتتابع وسائل الإعلام أخبارها بالحديث عن أن الحركة الإسلامية بشقيها جماعة الإخوان وحزب جبهة العمل الإسلامي تلقوا اتصالات وتوجيهات من قطر تطلب منهما الرد على هجوم النواب على دولتهم من خلال إرباك الدولة والصدام مع الأجهزة الأمنية وهو ما تحقق في محافظة اربد يوم الجمعة الماضية وظهر من خلال الشعارات التي رددها شباب الحركة الإسلامية في اليوم الذي يليه أمام رئاسة الوزراء ضد النظام الأردني وطال رمز النظام مما يشير إلى أن الروح قد دبت من جديد في الحراك الأردني ولكن بتوجيهات خارجية.



واستشهد المصدر بالخطة التي تعمل قناة الجزيرة القطرية مؤخرا على تنفيذها من خلال فتح ملف الحراك الأردني في محاولة منها لإرسال رسائل سياسية وتهديدات أمنية بالنيل من الأردن ومحاولة العبث به وزعزعة استقراره الأمر الذي دفع الشارع الأردني إلى عدم متابعة هذه المواد الإعلامية بالرغم من تكرار إعادته لإيصالها للشارع الأردني إلا أنها أخفقت في تحقيق ذلك كما اخفق مكتبها في عمان بايصال رسالته خلال اليومين الماضيين للأردنيين بالرغم أيضا من إعادة حواراته بشكل مستمر.



ويوم الأحد نقلت قناة الجزيرة مباشر وقائع البيان الوزاري الذي قدمه رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور أمام أعضاء مجلس النواب وعلى الهواء مباشرة وذلك في محاولة منها إلى اختراق البيت الأردني والدخول إليه لابد من فتح المعركة مع الأردن والتشويش عليه ومحاولة إدخال مواد إعلامية سامة للبلاد لإقناع الشارع بها كما افتعلت ذلك في دول الربيع العربي مثل مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا بينما تجاهلت المشهد البحريني.



وتعتبر دولة قطر بقيادة العائلة الحاكمة "آل ثاني" من الداعمين الرئيسين لتنظيم جماعة الإخوان في العالم العربي والتي تتلقى دعما ماليا ومعنويا وإعلاميا بمختلف أشكاله وأنواعه من دولة قطر بينما تدعم السعودية التيار السلفي الأمر الذي أحدث صراعا سعوديا قطريا بالملف المصري بينما توحدت الجهود بين البلدين على الأرض السورية والليبية.



لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم من هو الطرف الثالث المتورط بأحداث اربد إذا سلمنا بان جماعة الإخوان والحكومة لهم ضلع في الأحداث فمن هو الطرف الثالث وأين يتواجد ومن يغذيه وماذا يخطط للأردن في المستقبل وكيف سيتعامل مع أي مشهد قادم.