اسطنبول - الرأي - أكد وزير خارجية تركيا أحمد داوود أوغلو أن ما تمر به المنطقة العربية اليوم وما ستؤول إليه إفرازات "الربيع العربي" سيعيد صياغة تاريخ "طبيعي" للعلاقات التركية العربية بعد حال من "اللاطبيعية" عاشها الطرفان منذ بداية القرن الماضي، "فاليوم هناك عرب جدد، وكذلك هناك رؤية تركية مختلفة للعلاقة مع جيراننا العرب تجلت بوضوح في الحكومات التي تعاقبت منذ العام 2002."
كلام الوزير التركي جاء اليوم خلال الجلسة التي حضرها ضمن فعاليات "الملتقى الاقتصادي التركي-العربي الثامن" الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والاعمال بالاشتراك مع الحكومة التركية ممثلة بوزارة المالية ومجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا وبالتعاون مع جامعة الدول العربية في اسطنبول بحضور نحو 700 مشارك من تركيا وبلدان عربية وأوروبية مختلفة.
الجلسة التي ضمت إلى أوغلو كلا من وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية د. خالد بن محمد العطية والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وأدارها نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة الاقتصاد والأعمال فيصل أبوزكي تميزت بالمواضيع السياسية الحساسة التي قاربتها، بدءا بالواقع الحالي للعلاقات العربية - التركية ومستقبلها، وصولاً إلى الملف النووي الإيراني والأزمة السورية.
بعد مقدمة مقتضبة لأبو زكي لفت فيها إلى أن المنطقة العربية تقف اليوم على مفترق طرق خطير، والأسئلة كثيرة إلى أين سيكون العبور من بعدها، إلى مزيد من الازمات أم إلى مرحلة من الإستقرار والتنمية، كان الكلام لأوغلو.
قدم الوزير التركي عرضا تاريخيا للمنطقة وعلاقات شعوبها ببعضها منذ الإسكندر المقدوني، حتى أوائل القرن الماضي. خاطب الدول العربية، داعيا إياها إلى التوحد مع تركيا وإعادة صياغة العلاقات الثنائية بما فيه مصلحة الطرفين، "فاليوم الوقت مناسب أكثر من أي وقت مضى. إننا نعيد اكتشاف بعضنا البعض على مختلف الصعد، لاسيما على ما يمكننا أن نقوم به على المستويات الاقتصادية".
وقال "أننا نحتاج اليوم إلى قيام سوق مشتركة بين بلداننا، فالناس لا يجتمعون في القاعات بل في الأسواق، ويتفاعلون. منذ وصولنا إلى السلطة خلقنا استراتيجية جديدة مع الكثير من البلدان العربية كمصر وتونس، ونتطلع إلى تكرار الأمر مع المغرب وليبيا. نريد أن نلغي كل الحواجز بين بلداننا وشعوبنا. وهذا الانفتاح السياسي يجب أن يترافق مع تطوير للعلاقات الاقتصادية كذلك بالمستويات المطلوبة".
ورأى داوود أوغلو أن "كل من يسعى إلى حرب طائفية أو مذهبية في المنطقة، يسعى إلى تدمير ثقافة التنوع وقبول الآخر الذي قامت عليه الحضارات في كل من اسطنبول ودمشق وبغداد ومراكش. نريد أن نرى منطقة جديدة، منطقة يسير فيها الراكب من اليمن إلى اسطنبول بسيارته دون حاجة لتأشيرات دخول في أي من البلدان التي يمر بها."
وردا على إتهام البعض لتركيا بأنها تسعى لاستعادة دور الامبراطورية العثمانية، رد أوغلو "السلطنة العثمانية التي يتهموننا بأننا نسعى وراءها هي مجرد تاريخنا المشترك مع بلدان المنطقة. لقد اتحدت الدول الاوروبية رغم الحروب التي خاضتها بلدانها فيما بينها. ولم يقل حينها أحد أن هناك سعي لاستعادة الامبراطورية الرومانية. لم نتقاتل مع بعضنا إلا لفترة بسيطة."
وتابع "إذا جلسنا سويا، يمكننا أن نجترح المعجزات خلال سنوات قليلة فقط. نتطلع إلى منطقة مستقرة، منطقة خالية من السلاح النووي، لذلك نحن ضد امتلاك إيران للسلاح النووي، وكذلك إسرائيل. حين زرت طهران أواسط العام 2011 قلت للمسؤولين هناك لا نريد حربا باردة جديدة في منطقتنا تكون نتائجها سلبية على كل ما سعينا جميعا لتحقيقه من نمو واستقرار."
وفيما يتعلق بالموضوع السوري، أعاد داوود أوغلو تأكيد الموقف التركي من الأزمة، واعتبر أنه كان بإمكان بشار الأسد أن ينهي الأزمة منذ بداياتها، "لو قرر أن يستقل طائره ليقدم واجب العزاء بالأطفال الذين قتلوا في درعا، نصحناه لكنه قرر أن يلجأ إلى الخيار العسكري، وهو لا يعلم أنه لا يمكن لأي حاكم أن ينتصر في حربه على شعبه. سوريا ستعود لتركيا بوابتها على الدول العربية."
من جهته، أكد موسى أن الديمقراطية هي الحل لجميع المشاكل التي تشهدها المنطقة، مشددا على أنه رغم التطلع إلى الإسلام السياسي للحكم لدى غالبية شعوب المنطقة، إلا أننا نعيش في مرحلة حيث الحكم فيها للمواطنة فقط.
وبالنسبة إلى الموضوع السوري، رأى موسى "أنه ليس هناك من شيء اسمه الأزمة السورية، بل هناك الأزمة السورية - الإيرانية، فإيران هي الأساس في الموضوع السوري."
في مداخلته، استغرب العطية من الذين يتهمون تركيا بمحاولة إحياء الإرث العثماني، وقال "عندما سعت تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قال كثير من العرب أنها تتركنا باتجاه أوروبا، اليوم يقولون أنها تحاول استعادة الامبراطورية العثمانية."
وأكد العطية أن الأعمدة الاقتصادية الأبرز في المرحلة المقبلة ستكون قائمة على العلاقة التي ستحكم دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا ومصر، لأنها تكمل بعضها في الكثير مما يتطلبه الموضوع الاقتصادي.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمير محمود ابوزيد
المفضلات