كتب - حاتم العبادي - قيّمت نتائج استطلاع الرأي، الذي نفذه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية، مرحلة مهمة ومفصلية، في مسيرة الاصلاح الشامل، التي تشهدها المملكة، تمثلت في مرحلة الانتخابات النيابية، قبل وبعد عملية الاقتراع.
تعرض اسئلة الاستطلاع الى تفاصيل دقيقة، وبناء اسئلة على الاسئلة، اتى بنتائج «دقيقة ومفصلة» للمشهد بكل حيثياته، بما يعكس واقع المشهد السياسي الحالي، وكذلك وجهة النظر إزاء التعامل مع معطيات نتائج المرحلة المقبلة.
ودللت النتائج التفصيلية، على دقة محصلة النتائج، التي خرج بها الاستطلاع، بحيث ان الباحث فيها يقف على مبررات واسباب الالتقاء والتقارب في وجهات النظر بين العينة الوطنية وقادة الرأي، وكذلك تباعد وجهات النظر بينهما في محاور اخرى.
فالقائمون على الاستطلاع، حاولوا من خلال الاسئلة التي بُني عليها الاستطلاع، الوصول على «الواقعية» في الحكم، بعيدا عن الانطباعات، التي عكستها بعض النتائج، وهذا متمثل في محاور متعددة تناولها الاستطلاع ونتائجه.
ففي محور قدرة الهيئة المستقلة للانتخاب على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، حصلت الهيئة المستقلة على نتيجة «ناجح»، سواء في الحالة الانطباعية او الواقعية، وهذا كان واضحا، في نتيجة السؤال الموجه للمستطلعين بشكل عام سواء شارك بالانتخابات ام لم يشارك، وإجابة الذين شاركوا في الانتخابات فعليا، ففي الحالة الاولى كانت النتجية (53%) للوطنية و(52%) لقادة الرأي، بينما في الحالة الثانية ارتفعت الى (79%) و(86%) على التوالي.
وتعكس هذه النتيجة نوعين من الحكم الاول «انطباعي» والثاني «حقيقي» مبني على ممارسة حقيقة وفعلية.
هذا التقييم، ينسحب على محاور وموضوعات الاستطلاع، التي قدمت في مجملها العام صورة حقيقية، للواقع والمشهد السياسي في المملكة، فكان رأي الاردنيين أن الانتخابات كانت نزيهة سواء من شارك فيها او لم يشارك، بإيجابية أكثر لدى المشاركين، وليس العكس، إذ كانت نتيجة الاعتقاد (74%) للعينة الوطنية و(70%) لقادة الرأي، ارتفعت الى (76%) و(83%) عند من مارس حقه، واطلع على الواقع،وليس من بنى اعتقاده على انطباعات ومعلومات متناقلة.
حالة التطابق والتقارب، بين نتائج الاستطلاع الاخير المتعلقة بحجم المشاركة، ونظيرتها التي تضمنها استطلاع سابق، اجري قبل الانتخابات النيابية، وما أعلنته الهيئة المستقلة للانتخاب، ليس مأخذا على نتائج الاستطلاع، بل يعكس «دقة وموضوعية» نتائج الاستطلاع، لمن يتتبع النتائج بموضوعية دون مواقف مسبقة منها، خصوصا وان الحكومة والهيئة المستقلة للانتخاب علمت بنتائج الاستطلاع، من خلال وسائل الاعلام كما أكد مدير المركز الدكتور موسى شتيوي، والذي اكد ايضا ان تمويل تنفيذها ذاتي من قبل المركز.
ففي استطلاع اجراه المركز في كانون الاول 2012 افاد (58.1%) بأنهم سيشاركون في الانتخابات، وفي الاستطلاع الاخير افاد (58.1%) انهم شاركوا في الانتخابات، وفي وقت اعلنت الهيئة ان (56.69%) نسبة الاقتراع الرسمية.
ومّيزت نتائج الاستطلاع، بنظرة التحليل لا النص، بين موقف الرأي العام إزاء بعض الموضوعات «الانطباعي» و»الواقعي»، ففيما اشارت الى أن (69%) من العينة الوطنية و(93%) من قادة الرأي، انهم «سمعوا بعملية شراء اصوات خلال الانتخابات، انخفض النتيجة الى (16%) و(14%)، للذين افادوا بأنهم شاهدوا عمليات شراء اصوات بأنفسهم، لا بمجرد السمع عنها.
نتائج الاستطلاع، اشرت الى جوانب كثيرة في المشهد السياسي الاردني، ما يزال الاردنيون يقيمونها بسلبية، خصوصا فيما يتعلق بالملف الحزبي، إذ (45%) من المستطلعين يرون ان «الاحزاب والحراكات والاشخاص الموجودين في المجلس النيابي» غير مؤهلين لتشكيل حكومة برلمانية، وكذلك رفض (55%) من العينة الوطنية و(33%) من قادة الراي وصول حزب سياسي او كتلة برلمانية حصلت على اغلبية خلال الانتخابات تشكيل حكومة برلمانية، ما يعكس حالة من «نخبوية في العمل السياسي وعدم شعبية الاحزاب».
كما وضعت نتائج الاستطلاع اعضاء مجلس نواب الحالي امام تحدي «اثبات وإحداث التغيير» الذي يلبي طموح المواطنين، خصوصا وان (44%) اعتبروا ان المجلس سيكون بنفس مستوى المجلس السابق و(11%) اقل تفاؤلا، بانه سيكون «اسوأ»، في حكم انطباعي مبني على تراكم انطباعاتهم للمجالس السابقة، وكذلك في حكمهم على قدرته تشكيل حكومة برلمانية إذ لا يرى ذلك (41%) من العينة الوطنية و(72%) من قادة الرأي.
وتساهم نتائج الاستطلاع بدعم مجلس النواب لتغيير الحالة الانطباعية والموقف المسبق عنه، بما تضمنته من اولويات الاردنيين، التي يتوجب على المجلس العمل عليها.
نتائج استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية، تقييم واقعي لمرحلة انجازات في مشروع الاصلاح الاردني، نتائج بلغة «الارقام» تتحدث عن المشهد الوطني كما هو، بعيدا عن التسيّس المرتبطة بمواقف سياسية مسبقة.