احباب الاردن التعليمي

صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 46

الموضوع: رواية يوميات عمر وسارة

  1. #11
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة الحادية عشر

    قــالت ســارة:
    إستقرت حياتي أنا وعمر بعد الخطوبة الرسمية وشعرنا سوياً باستقرار نفسي كبير .. أصبح لكل منا شريك يستريح على شاطئه ويلقي على كتفه همومه .. أصبحت لا أخجل من وجود رجل فى حياتي ..أكلمه على الملأ أمام أبي وأخوتي وأتحدث عن آراءه وأفكاره وأستشهد بها بدون خجل .. وهل يخجل المحامي عندما يستشهد بمواد القانون؟ .. وإن كان الأمر لا يخلو من المشاحنات والخلافات البسيطة التي تزداد بعصبية عمر التي تشتعل سريعاً وتخبو سريعاً .. ولكنني أخاف كثيراً من هذه العصبية والتسرع في ردّ الفعل الخاطىء له فى أحيان كثيرة .. ومما يزيد عصبيته عنادي الطفولي الذى هو من أبرز عيوبي للأسف ..

    قـال عمــر:
    شعور جميل أن يكون لك صديق وحبيب في حياتك تتبادل معه الأخبار والأوجاع والضحكات .. أشعر أنني قبل معرفتي بسارة لم أكن موجوداً في هذه الحياة .. أشعر معها وكأنني طفل صغير يعود سريعاً في نهاية يومه ليقصّ على أمـّه كل ما حدث له فى يومه .. أحبّ ردودها التلقائية وضحكاتها البريئة وخوفها الطفولي عندما يرتفع صوتي في عصبية، ولا أطيق غضبها مني وأبادر دوما لمصالحتها ..

    كم أحب وجودك معي يا سارة ..

    قــالت ســارة:
    لاحظت أن أكثر أوقات خلافنا أنا وعمر هي عند عودتي من عملي فى الرابعة .. ولو اتصل بي ووجدني نائمة أو رددت عليه في تعب يختلق أي مشكلة تافهة ويغضب عليها ..
    هل يغار عمر من عملي؟ أم من انشغالي عنه لمدة ساعات في اليوم؟ ..
    رغم أنني أحادثه من عملي تليفونياً وأصلاً عملي من الثامنة حتى الرابعة زي ناس كثيرين جداً .. أمّال لو كنت طبيبة وأبات في المستشفى كان عمل ايه؟ .. أكيد كان انتحر ..
    راودتني شكوك حول الموضوع ده واشتكيت لأمي فقالت لي: طبيعة الرجل دوماً أنانية، لا يريد أن يشغلك عنه أحد أخر حتى لو كان عملك ونجاحك .. إستحملي يا بنتي ولا تفتحي معه هذا الموضوع حتى يفتحه هو .. ولم أنتظر طويلا حتى جاء يوم وكلمني فى التليفون بعد عملي كالمعتاد، وكنت ح أموت وأنام ساعة، فكنت أرد عليه سريعاً، فلاحظ ذلك وقال لي مباشرة : سارة إنتي الشغل ده مهم عندك أوي؟
    قلت: يعني إيه مهم يا عمر؟ هوّ يعني فستان آخده ولا أسيبه؟ ده شغلي ونجاحي .. وبعدين قصدك إيه؟
    رد عليّ بحدة: قصدي إنـّك ياريت تسيبيه بعد الزواج وياريت من دلوقتي ..
    رددت عليه بذهول: بتقول إيه يا عمر ليه ده كله؟ هوّ شغلي مضايقك في إيه بس؟
    قال: أنا ما أحبش مراتي تشتغل وترجع البيت الساعة خمسة وتتبهدل فى المواصلات .. علشان إيه ده كله؟
    قلت له في صوت عالٍ بعض الشيء: طيّب ما قلتش ده ليه قبل الخطوبة؟ وإتقدمت ليّ ليه أصلا وانت عارف إني باشتغل؟
    فوجىء عمر من رد فعلي الهجومي وكأنه كان يتوقع الطاعة المطلقة: يعني لو كنت قلت لك ده قبل الخطوبة كنتي ما وافقتيش عليّ؟
    رددت بعناد وبتسرع: طبعاً ..
    صمت عمر وتألم من ردي القاسي ولم يرد ..
    حاولت تهدئة الجو قبل أن تثور ثائرته وقلت له: ياعمر من فضلك إفهمني .. ليه دايماً الرجل أول ما يشوف بنت وتعجبه يعجبه نشاطها ونجاحها فى العمل وطموحها وثقافتها ويتقرب لها من الجانب ده .. ولمّا خلاص تصبح ملكه يسعى جاهداً أن يجعلها صورة من جدته لا تخرج ولا تعمل ولا تبدي أى آراء إلا من خلاله؟ .. ثم بعد هذا يشتكي من تغيرها بعد الزواج؟!!
    رد عمر: أنا مش عاوز أخليكي زي جدتي ولا حاجة .. أنا بس مش عاوزك تشتغلي .. فيها حاجة دي؟
    فقلت أنا: كان مفروض تكون صريح معايا أول ما اتقابلنا وتقول لي الكلام ده وأنا اللي أقرر حياتي ح تكون إزاي معاك، وإما أوافق أو أرفض .. لكن إنت كده بتضعني أمام الأمر الواقع ..
    رد بعصبية كبيرة: يعني أنا خدعتك يا سارة؟ .. قصدك كده؟
    حاولت تهدئته فقلت له: يا سيدي ولا خدعتني ولا حاجة .. طب إنت إيه اللي مضايقك من شغلي؟
    قال: تقدري تقوليلي لما نتجوّز ح تراعي البيت إزاي وإنتي بترجعي المغرب؟ .. ولما نخلّف ح تسيبي البيبي فين الوقت ده كله؟
    رددت عليه: هوّ أنا أوّل إنسانة في الكون بتشتغل؟ .. أكيد كل دي حياة ملايين السيدات مش أنا بس؟
    قال بضيق: أهو أنا باتضايق من عنادك ده يا سارة ..
    إستفزتني الكلمة فقلت: ده مش عند .. ده حق ليّ إني أكون ناجحة .. المفروض وجودنا في حياة بعض يخلّينا إحنا الإتنين ناجحين، مش واحد ينجح والتاني يكون مجرد ظل باهت للآخر وخلاص ..
    قال بعصبية: يعني إنتي مش عاوزة تسمعي كلامي؟
    رددت بعناد كبير: اسمع كلامك لما يكون فيه منطق .. لكن لما يكون تحكّم وخلاص وفرض رأي، فأنا آسفة .. مش ح اقدر أسيب شغلي بدون مبررات كافية ..
    قال: ده آخر كلام عندك؟
    أحسست أن كلمته دي بداية مشكلة كبيرة، ومع ذلك رددت بعناد كبير: أيوة ..
    وانتهت المناقشة بقوله: خلاص إنتي اللي اخترتي يا سارة ..

    بعـد أيـّـام

    قــالت ســارة:
    أول مرة نتخاصم أنا وعمر من يوم ما اتخطبنا .. اتخانقنا كتير لكن كنا بنتصالح سريعاُ .. والحق يقال كان هو دائماً من يبادر بصلحي حتى لو كنت أنا المخطئة ..
    إحساس البعد سيء جداً .. شعرت أن أيام الخصام القصيرة مرت كأنها شهور طويلة ..
    لم يحادثني فى التليفون، ولم يرسل لي رسالة، ولا حتى رنّة من الموبايل .. وأنا كرامتي منعتني أن أبدأ أنا بالحديث ..
    لماذا يضغط عليّ بهذا الأسلوب كي يرغمني على التنازل عن مستقبلي .. وهل هذا آخر تنازل أم أن سلسلة التنازلات لن تنتهي؟
    انا لا أعرف وجه تصميمه على تركى العمل .. وهل وأنا تعديت الخامسة والعشرين آخذ مصروفي من أبي مثل الأطفال؟ .. ومتى أنضج وأتعلم الإستقلالية إذن؟ .. فى سن الستين؟
    يبدو أن الرجل يريد من زوجته أن تكون تابعاُ له بلا أي شخصية ..
    كده يا عمر هنت عليك؟!!

    قـال عمــر:
    كده يا سارة هنت عليكي؟!!
    لم تفكر أن تتصل بي ولا مرّة حتى ولو من باب الإطمئنان عليّ .. أنا الذى عوّدتها على هذا الأسلوب .. في كلّ مرة نختلف أبادر أنا بمصالحتها حتى لو كانت هي المخطئة .. أنا بجد دلـّعتها كتير وممكن تظن إنها متحكمة فيّ بهذا الأسلوب أو أن شخصيتي ضعيفة .. لا أنا مش ح أسأل عليها المرة دي، مع إني ح اتجنن وأسمع صوتها .. بس هيّ لازم تسمع كلامي وتطيعني بلا نقاش!! .. وبرضه مش ح اتصل ..

    قــالت ســارة:
    درجة حرارتي إرتفعت من الإنفلونزا وأشعر بصداع رهيب ألزمني الفراش .. يبدو أن هذا مرض نفسي زي ما بيقولوا .. ووجدتها حجة مقنعة كي أبكي براحتي وأتحجّج بالصداع ..
    لاحظت أمي أن عمر لا يتصل ولا يأتي منذ أسبوع، فسألتني عن السببن فتحججت بحجج واهية ..
    فقالت لي: أسألي عنه إنتي يا سارة .. الراجل بيحب دائماً أن يشعر باهتمام كبير مثل الطفل تماماً .. فرفضت بشدة .. ففهمتْ أن هناك مشكلة، ولم تلح عليّ في معرفة الأسباب .. وخرجت من غرفتي وتركتني أنام .. وبعد قليل سمعت صوتها يتحدث في التليفون مع حماتي العزيزة، وتجتهد أن تجعل الحديث عادياً جداً، وختمته بخبر هام جداً من أجله كان كل هذا الاتصال وهو: أن سارة عيانة جداً جداً .. ونايمة ياعيني في السرير درجة حرارتها 60 ..
    تابعت الحديث وابتسمت من حنيّة أمي ورقّتها .. تريد أن تصالحنا أنا وعمر بدون أن تتطفل أو تتدخّل .. يا حبيبتى يا ماما، بس لو عمر ما اتصلش برضه بعد ما يعرف إنى تعبانة، يبقى…..
    معقول؟ معقول يا عمر؟!!

    قـال عمــر:
    سارة تعبانة؟ يا حبيبتى يا سارة؟
    علشان كده ما اتصلتش بيّ .. وأنا ظلمتها ..
    لازم أروح لها حالاً .. أهو المرض جه حجة كويسة علشان أروح بسبب مقنع، أصلي خلاص بجد مش قادر على البعد والخصام الرهيب ده ..

    قــالت ســارة:
    “كده يا عمر ولا حتى رسالة؟”
    قلتها لنفسي وأنا لا أنزل عيني من على الموبيل، وكأنني اخاف لو أبعدت عينى عنه لن أسمعه لو رن ..
    منتظرة إتصال عمر الذى لا يأتي .. يبدو أنـّه فعلاً قاسي ويرغمني بكل الطرق أن أتنازل عن كل شىء حتى يضغط عليّ وأنا مريضة .. لا يمكن أكلمه بعد اليوم .. ولا أعتقد أنـّني سأكمل الخطوبة أصلاً .. بجد مش عاوزاه و…. صوت ماما يرن في أذني: عمر جه يا سارة ..

  2. #12
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة الثانية عشر

    قـال عمــر:
    نسيتُ كل خلافي مع سارة وزعلي منها عندما رأيتها وهي متعبة محمرّة العينين مرهقة كأنها لم تنم من سنين وهتفت بها في قلق كبير أول ما رأيتها: ألف سلامة عليكي .. إن شا الله أنا وإنتي لأ ..
    ردّت عليّ: بعد الشر عنك يا عمر، أنا الحمد لله بخير ..
    همستُ بالكلمات فى صوت خفيض: أول ما عرفت إنـّك تعبانة جيت جري .. خلي بالك من نفسك يا سارة، إنتي دلوقتي مش بتاعتك لوحدك .. لا بتاعتي أنا كمان ..
    سارة: ……..!؟
    أنا: انتي زعلانة مني؟
    سارة: ……..!؟
    أنا: خلاص بقى حقك عليّ .. أنا فعلاً أخدت الموضوع بعصبية شوية، بس أنا خايف عليكي مش أكتر ..

    سارة: كان ممكن نتناقش فى الموضوع بهدوء ومن غير ما حد يفرض سيطرته ولا يحاول يلغي شخصية الطرف التاني ..
    أنا: طيب لو قلت لك علشان خاطري فكري في موضوع الشغل ده تاني .. هتقولي إيه؟
    سارة: أقول خاطرك غالي عليّ جداً .. وإني بالأسلوب ده فعلا ممكن أفكر في حل وسط .. مثلاً إني بعد الزواج أدور على شغل مواعيده بدري عن كده .. في حضانة مثلاً .. علشان البيت والبيبي .. موافق؟
    أنا: موافق جداً .. و ح نسميه إيه؟
    سارة: مين؟
    أنا: البيبي؟
    سارة: ……..!؟

    قــالت ســارة:
    الأيام تمر سريعة جداً، لا أصدق أن مر على خطوبتنا 4 أشهر أنا وعمر، وخاصة عندما بدأنا في المأساة المسماة جهاز العروسة .. أو “الشوار” زي ما فيه ناس بيسموه .. وكلا الإسمين إسم على مسمى .. فسموه جهاز لأنه بيجهز على كل طاقتك المادية والجسدية والمعنوية .. والشوار لأنك بتدخلي فى مشاورات وخناقات رهيبة بتنتهي غالباً بحروب ..
    لا أدري لماذا كل هذه التعقيدات التي يضعونها في طريق تجهيز عش الزوجية، وخاصة مستلزمات العروسة المسماة ظلماً وافتراءاً: الرفايع .. على إعتبار إنها أشياء بسيطة لا تذكر من رفعها!! وهي في الأصل تقايل مش رفايع..!!
    بجد العروسة مطلوب منها جبال من الأشياء التي أكاد أجزم أن ربعها فقط الذي يستخدم فى الواقع، والباقي يرص فقط في النيش والدواليب لزوم المنظرة فقط ..
    الآن فقط عرفت لماذا كان أبي وأمي يصرّون أن أدّخر نصف مرتبي لجهازي .. قال وأنا كنت زعلانة .. ياريتهم إدخروه كله علشان المليون طلب اللي ورايا ..
    (ملاحظة من أدمن البيج: هذا في مصر، أما في بلدي فلا يطلب من العروس تجهيز أي شيء، فالعريس مطالب بكلّ شيء بدءاً من كأس الماء وانتهاءاً بثلاجة المطبخ، فعندنا فعلاً نسميه “إجهاز” على طاقة العريس المادية والجسدية والمعنوية بكلّ ما تحمل الكلمة من معنى (*~*))

    قـال عمــر:
    يا بخت العروسة !!! إيه الظلم الرهيب اللى واقع على العريس ده؟ مطلوب منه يشترى أو يؤجر شقة ويجهزها على الاقل 3 غرف، ده غير الأجهزة الكهربائية والفرح والشبكة… الخ الخ الخ… ليه ده كله؟
    ما أنا كنت سلطان زماني .. والعروسة تجيب شوية رفايع وتقول أنها جهّزت؟!! والله حرام ..
    سارة رفضت رفض تام أن نسكن مع أبي وأمي، وبصراحة معاها حق .. كيف نشعر أنا وهي أن لنا مملكتنا المستقلة وعشّنا الدافيء؟!
    لكن الشقق الإيجار الجديد إيجارها نااااااااااار .. والتمليك طبعا من عاشر المستحيلات..!!! .. ربنا يستر ونلاقي شقة إيجارها معقول وتكون مناسبة ..
    الحمد لله إن سارة ما وافقتش على ترك الشغل، كان زمانا كل أول شهر وافقين على باب الحسين أو السيدة .. طبعا مفهوم بنعمل إيه!!

    قــالت ســارة:
    إيه لزوم إن الواحد يجيب من كل حاجة نسختين؛ واحد للاستعمال والتانية منظرة؟!!
    يعنى طقم صيني للإستعمال وسرفيس ماركة غالية جداً يبقى محنط في النيش؟!! ومعالق للإستعمال وأخرى في حقيبة دبلوماسية براقة سعرها فلكي!! هددتني أمى لو لمستها ستبلغ عني البوليس.!!!
    وأغلب الظن أن الحاجات دي سأستعملها لما خطيب بنتي كمان 30 سنة ييجي يزورنا!! .. ده غير ألف طقم مثل طقم للشربات، وطقم للتورتة، وآخر للكاكاو، وآخر للآيس كريم، وآخر للخشاف .. مش عارفة خشاف إيه ده؟
    مش ممكن المنظرة دى كلها .. ويقولوا البنات بيعنّسوا ليه؟ أكيد من قائمة المتفجرات التي تنفجر فى وجة أي اثنين بيفكروا مجرد تفكير فى الإرتباط الحلال .. رغم إن أمي أخبرتني أنها فى زواجها كانت لا تملك أيّاً من الاجهزة الكهربائية غير البوتجاز ومن عملها هي، وأبي أحضروا الغسالة العادية ثم الثلاجة، ولم يفكروا في التليفزيون إلا بعد سنين، رغم أنهما هما الإثنين من عائلات محترمة، ولكن كانت النظرة للزواج عملية و بسيطة، ولا وجة للمقارنات الفارغة بين أي بيت والآخر .. وأنا رأيي عندما يبني الإثنين عشـّهما سيكون من المستحيل أن يفرّطوا فيه أبداً .. لكن الآن نرى حالات طلاق بعد شهور، لأن العروسين وجدوا منزلاً جاهزاً من كل شىء، حتى التكييف والدش، ولم يتعبوا فيه لحظة .. فلماذا يتحملوا كي يظل هذا المنزل قائماً؟؟

    قـال عمــر:
    ياااااسلااااااام .. معارض الموبيليا في مصر معمولة علشان العريس الّلي في الخمسين ربيعاً .. الحجرة الواحدة المعقولة محتاجة إني أوفر مرتبي لمدة عشر شهور متواصلة على الأقل بدون أكل ولا شرب ولو أمكن بدون ما أنام .. لا حل إذن إلا ان ننفذ الحجرات عند نجار شاطر، وبالطبع أبي هو من سيدفع .. طيب ومن أهله لا يستطيعون مساعدته كيف يتزوج؟ .. وكيف يقي نفسه من الوقوع فى الخطأ وفي دائرة الحرام؟ معادلة مستحيلة الحل، وتزداد تعقيداً بطلبات الأهل المغالى فيها ..
    ورغم إني مهندس وخريج إحدى كليات القمة وأعمل عشر ساعات يومياً ومع ذلك لا أستطيع تزويج نفسي .. واضح أن زماننا هذا ليس لنا ..

    قــالت ســارة:
    لا يمكن أشتري مفرش للسرير ليوم الزفاف بـ700 جنيه من أجل يوم واحد، الناس يتفرجوا عليه وخلاص يترمي ..!!!
    بجد ربنا يحاسبنا على هذا التبذير وح نُسأل عليه يوم القيامة .. ولأول مرة أنتصر فى معركتي مع أمي وأصررت على عدم شرائه واستبداله بمفرش بسيط جداً بمائة وخمسين جنيه فقط .. ولم أستجب لتهديدات أمي أن حماتي لن يفوتها هذا و… و… و… فلتقل ما تريد، هذا منزلي أنا وليس أي أحد، ولو تركت نفسى خائفة من تعليقات كل الناس لن أتزوج إلا بعد أن أبلغ من العمر أرذله!! .. وبرضه لن أرضي أحد ..
    قارنت بين مجلة نسائية قديمة إشتريتها من سور الأزبكية يرجع تاريخها لأواخر الستينات زمن تحقيق الأحلام، وبين مجلة حديثة نسائية برضه .. وجدت في القديمة باب كامل إسمه المنزل السعيد، وكله أفكار عملية رائعة عن فرش المنزل وتجميله بأبسط التكاليف، وكيفيه الإستغناء عن أشياء كثيرة لا لزوم لها .. وبجد الصور في غاية الرقة والعملية والبساطة .. والمجلة الحديثة تتحدث عن الفورفورجيه في غرفة النوم .. وكيفية تلميع الباركية .. ومزايا التكييف السبليت عن الشباك في منزل العروسين .. يبدو أنهم يتحدثون عن عرائس من القمر وعرسان من المريخ ..

    يـوم الـزفـاف

    وأخيراً جاء اليوم المنتظر .. اليوم الذي تتوقف فيه عقارب الساعة وتبدأ دورة جديدة غامضة .. اليوم الذي تصمت فيه الكلمات وتتحدث القلوب وتتوحد .. اليوم الذي يشهد فيه الله وهو خير شاهداً على ارتباط شابين رباطاً وثيقاً وميثاقاً غليظاً كما أسماه القرآن ..
    يوم الزفاف؛ كل ما كان محرماً يصبح حلالاً بكلمة الله .. كل ما كان مجهولاً غامضاً يصبح سهل المنال .. يوم تتغير وجوه الأحبة ونفارق وجوهاً عاشرناها سنوات طوال، ونعشق وجوهاً أخرى ونسكن منازل جديدة غامضة، لا نعرف ماذا ينتظرنا بها السعادة أم الشقاء ..
    الفتاة التى طالما خجلت من وجود أخيها أو أبيها معها في منزلها تصبح زوجة وأنثى مكتملة الانوثة، لها رجل لا تخجل معه من شيء .. تشاركه أفراحه .. وأحزانه .. وكلماته .. وغضبه .. وحنانه .. ومشاعره .. وتهدهده كطفلها البكر .. وتربت على كتفه اذا غضب .. ويلقي على صدرها كل همومه واسراره .. ومع هذه الأسرار والأحلام ينمو البيت الصغير وتكبر جدرانه وتمتد جذوره في أرض الواقع، ليصبح هذا البيت القلعة الحصينة التي يرفض الزوجان المساس بها من أي غريب .. ويصبح البيت الجديد أحب مكان على الأرض يأوي الحبيبين .. أفكار كثيرة تدور اليوم في عقل العروسين سارة وعمر بلا تفرقة اليوم، لأنهما اصبحا كياناً واحداً ..

    سارة جالسة تضيء جمالاً بفستانها الأبيض الملائكي الذي يحمل كل أسرار العذارى، وغموض الأنثى ودلالها .. وعمر المكتمل الأناقة فى بدلته السوداء والذي يشعر باكتمال رجولته لأنه أخيراً سيكتمل وجوده فى هذا العالم باقترانه بنصف روحه وأنثى حياته سارة .. وقلوب الجميع خاشعة من فرط السعادة والدعاء لله أن يكلل هذا الإرتباط ببركته ورضاه سبحانه وتعالى .. وآذان الجميع متعلقة بشفاة المأذون الذي يتلو آيات المودة والرحمة ويقول خطبة الزواج ويتوقف عند آية: { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}، ليوصي بها عمر أن الرجل يأخذ زوجته أميرة من منزل أهلها ويعقد معهم ميثاقاً غليظاً بألا يجعلها أسيرة فى منزله .. فلا ينسى هذا العهد أبداً ويوصيه بأخلاق الرسول مع زوجاته .. ثم يوصي سارة أن تجعل زوجها قرّة عينها ووطنها الذي لا ترضى عنه بديلاً .. وتلمع العيون سعادة وخشوعا عندما يعلن المأذون أنهما الآن زوجين أمام الله وأمام العالم ..
    وتبكي سارة، فيقترب منها عمر ويلمس يدها لأول مرّة ويقبّلها ويعدها ألا تبكي أبداً مادام هو حياً على هذه الارض .. فتبتسم وترتعش من لمسة يد زوجها الحبيب وتقول: فلنعقد الآن قراننا بنفسنا .. وتهمس له: زوّجتك نفسي على سنة الله ورسوله، وعلى مذهب الامام ابي حنيفة النعمان وعلى الصداق المسمى بيننا .. فيهمس لها: وأنا قبلت زواجك يا زوجتي وحبيبتي وسكني وداري وجنّتي .. وقرّة قلبي ..

  3. #13
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة الثالثة عشر

    يوم الزفاف

    قــالت ســارة:
    أخيراً أصبحتُ في شقتي، عشّي الصغير، إحساس جميل أن يكون للبنت بيت خاص اختارت فيه كل ركن وكل جزء على ذوقها الخاص، تفعل فيه ما تريد وتشعر بالفعل أنها ملكة متوّجة ..
    أخيراً إنتهت الترتيبات والمشاوير والسهر والخناقات من أجل فرش هذا العش الرائع الصغير ..
    أخيراً انتهى ضجيج الفرح وتفحص المعازيم فيّ كأنـّني هابطة من المريخ، وكل واحدة من عواجيز الفرح تمصمص شفايفها وتقول: مش كانت بنتي أحسن؟
    تعبت جداً من حمل الفستان الثقيل والحذاء الضيق .. سبحان الله .. هوّ كل أحذية العرايس بتكون ضيّقة ليه؟
    وأخيراً أخيراً ح اكون لوحدي ..
    إيه ده .. صوت عمر بيقول: “مدام عمر اجمع عندي بالخطوة السريعة” ..
    مدام؟ .. انا يا بيه؟

    عمـر: إيه يا ستي سرحانة في إيه ده كله؟ .. هو علشان مفيش حد فى جمالك النهاردة يبقى خلاص؟ .. لا يا هانم أنا لما أنده عليكي تيجي قبل ما أنده مفهوم؟ .. وبعدين فين القطة علشان أدبحهالك؟
    سـارة: انت عاوز تاكل قطط النهاردة ولا إيه؟ .. لو دبحتها ح اطبخهالك فوراً ..
    عمـر: تطبخيها ؟!! .. بنات آخر زمن .. يعني مش خايفة مني؟
    سـارة: لا مش خايفة.. أنا فرحانة جداً .. وإنت؟
    عمـر: أنا أسعد إنسان في الدنيا .. أول مرة بنتكلم أنا وإنتي من غير ألف محرم وعزول في بيتنا .. بجد البيت جميل أوي .. ذوقك طلع يجنن يا سارة لما كل حاجة إتفرشت .. وأجمل ما فيه إن حبيبتي فيه ..
    لا لا .. مفيش كسوف خالص .. خلّصنا الحدوتة دي .. شوفي أنا باقول علشان ربنا يكرمنا في حياتنا نصلي أنا وإنتي ركعتين نبدأ بيهم حياتنا علشان ربنا يبارك لنا كل خطوة .. ماشي؟
    سـارة: ماشي يا حبييبي ..
    عمـر: حبيبي؟!! .. لا يا ستي قومي غيّري هدومك واتوضى أحسن كده مش مصلّيين خالص ..

    قــالت ســارة:
    قمت ودخلت حجرة النوم .. ولا أدري عندما دخلتها لماذا ارتجفت؟؟
    الله يسامح كل البنات اللي رعّبونا لما اتجوزوا .. ليه يعني هيّ حرب؟ .. أنا مش ح افكر فى حاجة علشان ما اديهاش عياط من أولها ..
    يا خبر .. إيه كل الجيبونات اللي في الفستان دي، أنا كنت شايلة حديد زي المصارعين مش فستان .. لازم يعذبوا البنات فى كل شىء .. والله حرام الغلب ده ..
    غيّرت الفستان باعجوبة وارتديت عباءة جميلة مطرّزة ولم أجرؤ أن أرتدي الطقم الذى أوصتني أمي ان أرتديه .. العالم دي بتهرّج أكيد ..
    وتوضئت في حمام غرفة النوم، وأزلت ماكياج الفرح وأسدلت شعري ليراه عمر لأول مرة، وخرجت له لأجده غيّر البدلة وارتدى البيجاما التي أوصاني العالم كله أن أهديها له، وكأن الجوازة ستفشل لو لم تُهدي العروس عريسها بيجاما يوم الزفاف وسيُكتب الخبر فى الصفحة الاولى!!
    وجدته ينظر لي نظرة كلها إعجاب وحب واستقبلني مهللاً: أنا عرفت دلوقت ليه الحجاب فُرِض .. لو كنتي بتخرجي بشعرك الجميل ده كانت حصلت مظاهرة .. يالاّ يا ستي نصلي أحسن كده مش ح ينفع خالص ..
    وصليتُ وراء زوجى لأول مرة وأحسست إحساس رائع أن زوجي الإمام وأن الله شاهد علينا ونحن نبتهل بين يديه أن يرزقنا السعادة والتوفيق .. ودعا عمر دعاء طويل وأمّنت عليه وأنا أدعو من قلبي أن يحقق الله كل كلمة فيه، وأن يكون زوجي الحبيب حبيباً طوال العمر وألاّ يفرقنا إلاّ الموت وألا يدخل الشيطان بيننا ابداً ..
    وأنهينا الصلاة وجلسنا واحتضن عمر يدي فى يده لأول مرة، فارتجفت وظهر عليّ ارتباكي وصاحبني خوفي واسترجعت كل الحكايات المفزعة التى سمعتها من أغلب البنات .. وواضح أن خوفي كان ظاهر .. وكأن عمر قرأ أفكارى فوجدته يحنو عليّ ويقول: إيه يا سارة الرعب ده كله .. إيه يا حبيبتي هيّ حرب؟ .. ما تخافيش من أي حاجة خالص وسيبك من الأوهام دي وحواديت البنات الفارغة .. لو كانت الإرتباط مفزع كده ما كانش الإسلام سمى الليلة دي ليلة البناء .. يعنى الزوجين بيبنوا حياتهم فى الليلة دي .. وكان سماها ليلة الحرب العالمية .. مش كده؟ .. وياستي علشان تطمني أنا عاوز أتكلم معاكي وأستمتع إن أنا وإنتي لوحدنا لأول مرة، وبعدين كل حاجة تيجي على مهلها ..
    أحسست بجبل أزيح من فوق صدري وشكرت تفهم عمر ورقته المتناهية ..
    وتحدثنا طويلاً طويلاً كأني طوال عمري لم أتحدث .. وكان أعذب حديث شعرت به في حياتي .. أتكلم مع زوجي وحبيبي وفتحت له قلبي وسقط حاجز الخجل مني وأخرجت كنز المشاعر التي كنت أخبؤها من يوم أن تشكلتُ أنثى إلى اليوم، وأعطيتها إلى الرجل الذي ارتبطت به ..
    ووقتها عرفت عظمة الإسلام فى تحريم العلاقات المحرمة .. وإلا كيف تشعر الفتاة بهذا الشلال من المشاعر الفياضة البكر لو كانت ألقت مشاعرها لهذا وذاك، ووصلت إلى زوجها وهى مليئة بمرارات التجارب الفاشلة؟
    وشيئا فشيئا سقطت الرهبة و الحواجز بيننا، وتحدثت القلوب والعيون و… سكتت شهرزاد عن الكلام المباح ..

  4. #14
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة الرابعة عشر

    قــالت ســارة:
    استيقظتُ من نومي وأنا لا أدري أين أنا، وأخذتُ أتفحص المكان بدقة وأنا أبحث عن حجرتي القديمة فلا أجدها، ووجدت عمر نائم على السرير فانتفضت وكدت أصرخ فى وجهه .. ثم تذكرت كل شيء .. وأخذت أضحك في سرّي وأنا أتذكر أمي وهي تقول لي: إنتي يا سارة لما بتصحي من النوم ممكن تطلبي البوليس للّي قدامك عقبال ما تعرفي إنتي فين!!
    عندها حق، لازم أتخلص من العادة دي، مش كل يوم ح أصحى الراجل مفزوع كده ..
    وأفقت لأجد أن جرس التليفون يرنّ منذ فترة وخرجت على أطراف أصابعي حتى لا أوقظ عمر .. ووجدتها ماما كما توقعت .. الحمد لله أنها لم تكن حماتي ..
    ماما: صباح الخير يا ست العرايس .. صباحيّة مباركة ..
    أنا: صباح النور يا حبيبتي ..
    ماما: أنا ما نمتش خالص قلقانة عليكي ..
    أنا: الحمد لله كويسة ..
    ـ آه لو الامهات تبطل القلق ده ـ

    ماما: طيب يا سارة إحنا ح نيجيلك بعد الظهر شوية ..
    أنا: تنوّري يا ماما ..
    طبعاً ماما أُحبطت من ردي .. خلاص فعلاً حاسة إن لي حياة مستقلّة وأني لست في حاجة إني أقول كل شيء لماما .. وبعدين عاوزة ماما تتعود على الوضع ده علشان ما يحصلش مشاكل بعد كده ..
    وضعت السماعة لأجد التليفون يرنّ مرة أخرى ـ واضح ان تليفوننا هو الوحيد في مصر ـ لأجد مكالمة مشابهة من حماتي وإنهم برضه ح ييجوا بعد الضهر .. والدعوة عامة وحتبقى لمّة ..
    إستيقظ عمر وهو يبتسم ويقول: صباح الفل يا حبيبتي، أهو ده الصباح ولاّ بلاش .. بجد ملكة حتى وإنتي صاحية من النوم ..
    إبتسمتُ له وقلت أسدّ نِفسه بسرعة، فأخبرته إن كل العالم ح ييجيلنا بعد الظهر، يعني بعد ساعة تقريباً ..
    ووجدته يقول: يا ستي يشرّفوا، بس بجد المفروض إن الأهل يسيبوا العرايس شوية ياخدوا على الوضع الجديد وعلى الحياة الجديدة، مش هجوم كده من أولها .. ماهمّ لسه سايبنّا من كام ساعة .. حيكون حصل لنا إيه يعني؟ .. وبعدين أنا ما نمتش طول الليل من شخيرك يا سارة ..
    شخيري !!!؟
    وكان ردي أن قذفته بكل مخدات الأنتريه، ولقّنته درسا لا ينساه فى احترام حرمه المصون اللي هيّ أنا ..
    عمـر: يا ساتر يا رب ده إنتي شرّانية أوي .. الواحد ما يعرفش يهزّر معاكي شوية؟
    أنا: لا يا سيدي ما عندناش رجالة يهزروا .. يالاّ تعالى نشوف ح نقدم للجماعة إيه ..
    ودخلنا المطبخ وأعددنا ما سنقدمه للضيوف، وأعدنا ترتيب المنزل علشان الناس اللي ح تيجي تتفرّج على الفرش الجديد .. وغيّرت ملابسي وارتديت طقم جديد وحذاء بكعب عالي لأول مرة، وربنا يستر وأعرف أمشي فيه ..
    وخلاص بقى ح اعيش في دور المدام .. وجدت الباب بيرن ووجدت الأسرتين سوا مش عارفة ازاي؟
    لقيت نفسي مفروض أستقبل حوالي 18 فرد مرة واحدة .. ليه كده بس؟
    ما علينا .. المشكلة الأزلية إن الناس اللي بتيجي بتتفرّج على كل الشقة حتى المطبخ .. يعني المفروض إن أول ما الناس يشربوا حاجة أغسل الكاسات فوراً علشان الفرجة تبقى كاملة .. وهكذا لقيت نفسي تحولت إلى نحلة مكوكية أشيل وأحط وأغسل وأفرّج الزباين، أقصد الضيوف، على الشقة حتة حتة .. ومش عارفة ليه العروسة بتفتح النيش والدواليب وكل الفرش وكل الأطقم لكل واحد ييجي؟؟ .. فعلاً حرب .. المفروض الضيوف ييجوا يقعدوا في الصالون فترة بسيطة ويلقوا نظرة سريعة على الفرش ويباركوا ويمشوا وخلاص، وبلاش التفتيش الذاتي ده .. لكن تقول إيه الواحد كان إتجوز فى الصين أحسن ..

    قــال عمــر:
    إيه الشغلانة دي؟ .. ده بيت أبويا ما كانش زحمة كده .. الناس دي ح تمشي إمتى؟
    أنا تعبت .. وسارة ياعيني ما قعدتش لحظة .. ولمّا جيت أشيل معاها الصواني ماما قالت لي: يعني عمرك ما ساعدتني في البيت يا عمر!!
    الحمد لله إن سارة كانت في المطبخ، مش ناقصين نكد ..

    قــالت ســارة:
    وأخيراً أخيراً مشيوا وأنا اكاد أبكي من التعب، لأني اصلاً لسه تعبانة من مجهود الفرح .. حرام الظلم ده ..
    وجدت ماما تميل علي وهيّ ماشية وتقول لي: خلي بالك من نفسك يا سارة وماتتعبيش نفسك (مش عارفة ازاي؟) .. وعلى فكرة خالك وخالتك وأولادهم جايين لكم بعد العصر شوية .. وعمة عمر وجوزها وأولادها جايين بالليل!!!!
    حرااااااااااااااااااااااااام

    قــالت ســارة:
    يااااااااااه .. دي فعلاً حرب .. إيه كل المهنئين دول، أنا حاسة إني كنت عانس مثلاً ومصر كلها مش مصدقة إنى اتجوزت فجايين يتأكدوا بنفسهم أحسن تطلع إشاعة ..
    ضيوف ضيوف ضيوف طول النهار والليل، ومفروض أكون طول الوقت مستعدة ولابسة لبس في منتهى الشياكة وكعب عالي، حتى لو لطعونا ساعتين تلاتة مش مهم .. كعادة المصريين يقولوا لك: حنعدي عليك آخر النهار .. الكلمة دي بتثير جنوني .. يعني الساعة كام؟!! وطبعاً لازم البيت يبقى مفيش فيه ذرة تراب أو طبق في الحوض طوال اليوم، علشان حملة التفتيش الذاتية، وتكون النتيجة إننا مش عارفين نخرج ولا نتفسح ولا حتى الواحد يقعد على راحته .. حاجة تفلق ..

    قــال عمــر:
    هو الجواز ح يطلع مقلب ولا إيه يا رجالة؟!! أنا حاسس إني في الصين الشعبية .. رجالة وستات والكارثة في الأطفال اللي مش بيحلى لهم أكل الشيكولاتة ومسح إيديهم إلا فى الصالون اللي الواحد دافع فيه دم قلبه .. واللي يفرس أكتر موضوع الهدايا ده .. كل واحد جت له هدية مش عاجباه ييجي ويديهالنا، وطبعا إحنا كمان مش محتاجينها وقليل جداً الهدايا النقدية .. الواحد بقى على الحديدة من مصاريف الجواز والفرح وقلنا ح تفرج من نقوط الفرح يقوموا يدوها هدايا مالهاش لازمة؟ ده الواحد كده مش ح يعرف يعمل منظر في شهر العسل ولا إيه؟ ومش ح اعرف أفسح سارة في مكان كويس؟! شكلها كده ح ترسي على شقة خالي في اسكندرية مع سلفة أبويـّة لا ترد .. وربنا يستر وما تحصلش مشاكل ..

    قــالت ســارة:
    نقعت رجلي في ماء وملح من كتر الوقوف وأخذت قرص مسكن وأنا أعاني من علامات “كساح مبكر” .. ونزعت فيشة التليفون كي لا يتصل أحد آخر ويتحفني بالخبر الميمون: إنه جاي في السكة .. وأغمضت عيني ..
    وجدت عمر يضع يده على جبيني ويقول لي: سلامتك يا حبيبتى من التعب .. معلش أنا ح اريحك حالاً .. يالاّ قومي رتبي الشنط ح نسافر حالاً ..
    رددت كالملسوعة: إيه .. أقوم؟!! .. وكمان نسافر؟!!! حرام عليك أنا ح اموت خلااااااااااص .. أنا مش ح اتحرك أبداً من هنا ..
    عمـر: يا حبيبتى مفيش حل تاني .. أنا خلاص ح اتجنن من كتر الدوشة .. لازم نهرب من هنا ونستمتع بشهر العسل .. إنتي ناسية إننا ح نرجع شغلنا بعد أسبوع؟
    أنا: طيب والفلوس يا عمر؟
    عمـر: ولا يهمك يا حبيبتي، جوزك اتصرّف .. جيب السبع ما يخلاش ..
    أنا: طيب والناس اللي عمّالة تيجي دي، حيتجي ما تلاقيناش؟
    عمـر: أحسن .. يبقوا يقعدوا مع البواب .. والله ده أنا مسافر مخصوص علشان أهرب منهم ونكون أنا وانتي بس في الدنيا ..
    أنا: طيب مش أستأذن ماما وبابا الأول؟
    !!!!!!!!!!!!!!!!!
    فنظر إليّ عمر بغضب هائل وقال لي: قومي دلوقتي يا سارة حضري الشنط حالاً حنسافر بعد ساعة قبل ما أفقد أعصابي ..
    فانتفضتُ من أمامه لأحضر الشنط فوراً وأنا لا أعرف ما الذي أغضبه إلى هذا الحد .. علشان قلت أستأذن بابا؟ طيب ما أنا لسه مش واخده على دور المدام ده.!!! واضح إني متجوزة أسد وأنا مش واخدة بالي!!.
    وفي السيارة أخدت بالي إني أول مرة أركب مع عمر لوحدنا .. كان إحساس رائع، والأجمل إني تركته هو يقود الدفة ويوجهنا إلى حيث يشاء .. إحساس جميل بإلقاء المسؤولية على الرجل وإنتي تنعمي بالراحة والاطمئنان .. سبحان الله، حتى القوامة للرجل التي تغضب منها النساء، ما أجمله من إحساس ..
    وأغمضت عيني ونمت .. واستيقظت لأجد نسيم الإسكندرية الرائع وعمر يوقظني كطفلة صغيرة ويقول لي: قومي بقى يا عروسة .. وصلنا شقة خالي اللي حكيت لك عنها ..
    وصعدنا الشقة ووجدتها صغيرة لكن مشرقة وجميلة، وأخذ عمر يفرجني على جميع الغرف وخرجنا البلكونة لنستمتع بمنظر البحر الرائع، ولكني وجدت فتاة جميلة وجذابة ذات شعر حريري وقوام ممشوق في مثل سني تقريباً فى البلكونة المجاورة لنا تماماً .. صاحت عندما رأت عمر وقالت بدلال كبير: حمد الله على السلامة يا عمر، مش كنت تقول لي إنك جاي؟!! كده أنا زعلانة منـّك .. ثم انتبهتْ أخيراً إلى “الحشرة” الموجودة بجواره ـ اللي هي أنا ـ وقالت بتساؤل ممزوج بغضب: مين دي يا عمر؟!!!

  5. #15
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة الخامسة عشر

    قــالت ســارة:
    وقفتُ أرتجف من الغضب والدهشة والحيرة من هذه التي جاءت لتهدم أحلامي في السعادة، وتحادث حبيبي بكل هذا الدلال، والذي يحمل في طيّاته الكثير من الذكريات المشتركة بينهما .. من أولها كده ياربي؟
    لا أقدر حتى على المواجهة .. أشعر أن كلامي سيكون صراخاً .. وأنا لا أحب أن تسمع الآنسة المبجّلة الملاصقة لنا أنني أتشاجر معه بسببها، فهي هكذا ستشعر بانتصار ..
    نظرتُ لعمر نظرة ناريّة تحمل غضب العمر كله، وتركته ودخلت لحجرة النوم ووجهي مشتعل من الغضب، وأخذت أغرز اظافري في الوسادة حتى كادت أن تتمزق من ضغط يدي (يا مصيبتك يا عمر (*~*)) وأنا أغالب الدموع بشدة .. فتبعني عمر ووضع يده برقة على كتفي وقال لي بكل براءة: مالك يا سارة فيه حاجة؟
    فنظرتُ إليه نظرة نارية أخرى وأزحت يده من على كتفي وصرخت فيه: وكمان بتسأل مالِك؟ .. أنا اللي عاوزة أعرف مين الهانم دي، وازاي تكلمك بالدلع ده كله؟ .. وإيه اللي كان بينك وبينها، أو يمكن لحد دلوقتي كمان؟

    رد باستنكار: لحد دلوقتي؟ حاسبي يا سارة إنتي كده بتغلطي ..
    قلت بعصبية: طب يا سيدى ما تزعلش .. إيه اللي كان بينك وبينها؟! يالا احكيلي أنا نفسي أشوف فيلم رومانسي من زمان .. وأوعى تقولي مفيش حاجة .. من فضلك أنا مش طفلة قدامك ..
    رد برفق كأنه خائف عليّ أن أموت من فرط ثورتي: طيب ممكن تهدّي نفسك علشان نعرف نتفاهم؟
    رددت وأنا أرتجف: مش ح اهدى إلا لما تقول لي كان فيه حاجة ولاّ لأ؟
    صمتَ طويلا قبل أن يجيب بصوت لا يُسمع: أيوة كان فيه!!!!!!
    انهرتُ عندما سمعت هذه الكلمة الكريهة وتمنيت ساعتها لو كان كذب عليّ أو أنكر أو فبرك لي أي حكاية .. وأنا كي أُرضي غروري الأنثوي سأبتلعها .. لكن أن يعترف أمامي هكذا…!!
    ولم أستطع أن أواصل التفكير أكثر، فانهارت دموعي بلا توقف ..
    أخذني عمر بين أحضانه وهو يهدهدني كطفل صغير يرفض النوم وقال لي: الحمد لله .. أنا عرفت دلوقتي حاجتين؛ إنـّك مجنونة، وعرفت إنـّك بتحبيني جداً .. وإلا ايه لازمة الجنان اللي انتي عاملاه ده؟
    وهممت ان أرد ولكن أغلق فمي بيده وهو يقول: بصّي ياسارة، لغة الصراخ دي مش ح توصّل لحاجة أبداً، أنا ح أقول لك على كل حاجة بس لما تهدي الأول خلاص؟
    مسحتُ دموعي كالأطفال وأنا أقول: إتفضل إحكي، بس إياك تكدب ..
    مسح دموعى هو أيضاً برفق وقال لي: يا حبيبتي ما كنت كذبت من الأول وخلصت من الفيلم ده وضحكت عليكي وخلاص .. بصي يا ست: إنتي عارفة إن دي شقة خالي من زمان جداً .. ومن واحنا أطفال واحنا بنيجي نصيـّف هنا، وساعات نقضي بالشهرين هنا .. وإنتي شايفة إن الشقق لازقة في بعض، وطبيعي جداً ح يكون لينا علاقة بالجيران .. وشيرين يا ستي بنت الدكتور محمود جارنا، خريجة ألسن وخريجة مدارس لغات، وبنت مثقفة وجميلة زي ما انتي شفتي ..
    قلتً بعصبية: من فضلك بلاش الغزل ده قدامي .. إنتوا متفقين عليّ ولا إيه؟
    فقال لي: لا ياحبيبتي ده إنتي حبي وعمري كله والله .. المهم أنا يا ستي حسيت في فترة من الفترات إني ميّال لها، وهيّ كمان بادلتني نفس الشعور، بس عمري ما حسيت إنه حب مكتمل .. كل ما كنت آجي آخد خطوة أرجع خطوتين .. حتى إني لم أصارحها أبداً بحبي لأني ما اتأكدتش أبداً من مشاعري تجاهها، ولم تُشعرني هي أبداً بالاستقرار ..
    لا أدري لماذا وقتها بعدت الغيرة الحارقة قليلاً .. وشعرتُ أني أُحادث صديقا يقص عليّ مشكلة وليس زوجي .. وسألته: ليه؟ كانت إيه المشكلة بينكم؟
    قال: المشكلة كانت جرأتها الشديدة، وأنها دائما مقتحمة وتكلم أي شاب أو رجل بمنتهى البساطة والود، ولو ما كنتش عارف أخلاقها وتربيتها وأسرتها كنت شكّيت في أخلاقها .. ولكن تكويني كرجل شرقي متديّن ماقدرتش إني أقبل وضع زي ده، وكلمتها عدة مرات ولكن بلا فائدة، فثقافتها وطريقة دراستها وتربيتها المميزة تجعلها شديدة الثقة بنفسها حتى لا ترى أنّ حاجز الحياء فى الفتاة له مبرر .. وهكذا أخذت قرار نهائي بالابتعاد، وخاصة أنني لم أكلمها في شيء صريح عن مشاعري، وابتعدت عن هذه الشقة لمدة عامين حتى لا أراها .. ودخلتها فقط فى شهر العسل اللي حبيبتي عاوزة تقلبه غم.!!
    هدئتْ دموعى وأنا أشعر بحرارة صدق كلامه، لأنه لم يكن مضطراً أن يخبرني كلّ هذه التفاصيل لو لم يكن صادقاً، وسألته: طيب يعني حبيتها بجد؟
    أجاب بسرعة: لا والله .. بجد كان مجرد إنجذاب مش حب .. وإلا كنت اتغاضيت عن عيوبها وخطبتها .. أنا ما حبتش في حياتي إلا مجنونة واحدة، عمّالة تعيّط زي الأطفال ..
    سألته: أمال بتكلّمك كده ليه زي ماتكون مراتك وقفشتك مع واحدة تانية؟
    رد عليّ قائلاً: يا حبيبتي ماهي أسلوبها كده .. أعملّها إيه يعني؟ .. خلاص بقى يا سارة هو احنا نخلص من الضيوف تطلع لنا الست هانم دي؟ .. سبحان الله ده أنا سمعت عن شهر العسل ده حواديت الف ليلة وليلة .. واضح إنك أخدت مقلب ياواد يا عمر .. يا ريتك كنت اتجوزت شيري ..
    اغتظت من الكلمة فقلت: شيري؟! طيب روح لها بقى يا خويا خليها تنفعك ..
    وأخذتُ أدفعه خارج الحجرة وأغلقتُ الباب على نفسي من الداخل وأنا أشعر أن جبل قد أزيح من على صدري وأني ضخمت الموضوع بغباء قبل أن أعرف الحقيقة .. كم هي قاسية الغيرة، وكم أعشق هذا الرجل الأسمر بجنون ..
    وفي الخارج كان عمر يدق على الباب وينادي: إفتحى يا سارة الله يهديكي .. يا بنتي افتحي أنا تعبت .. طيب علشان خاطري ده الضيوف أهون يا شيخة .. يا مجنونة إفتحي ..
    طيب يا سارة خلاص براحتك أنا ح انزل شوية .. بس خلّي بالك الأوضة اللي انتي فيها دي كان دايماً فيها فار!!! .. باي يا حبيبتي بقى ..
    وطبعا فتحت الباب كالملسوعة وأنا اصرخ: فاااااااااار؟ .. وأجرى كي ألحق عمر قبل أن يتركني مع الفار وحدي نقضي شهر العسل سوياً!! وخطوت خطوة واحدة .. وجدت نفسى بين ذراعيه وهو يضحك، ولم أستطع الهرب ولا الكلام… وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح ..

  6. #16
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة السادسة عشرة

    قــال عمــر:
    الحمد لله إني لم أتزوج واحدة مجنونة تخنقني بغيرتها وخناقها وعصبيتها .. فعلاً الثقافة والقراءة بتفرق جداً في عقلية البنت .. لو كانت سارة واحدة دماغها فاضية من بتوع الموضة والأغاني وخلاص كانت قلبت دماغي على حكاية شيرين وقلبت بوزها 6 سنين، وكل ما ح نشوف واحدة حلوة ح تبصّلي زي المخبرين في قسم البوليس لما بيصطادوا مجرم وهاتك يا تحقيق .. بجد لو كانت عملت كده ما كنتش ح احكيلها حاجة أبداً بعد كده وأريّح دماغي وخلاص .. ربنا يهديكي يا سارة وتفضلي عاقلة كده ..

    قــالت ســارة:
    منظر البحر ساحر والأحلى إني مع حبيبي ولا أخاف أن يراني أحد، بل بالعكس أتمنى أن يعرف جميع الموجودين على الشاطىء أني عروسة في شهر العسل من فرط سعادتي وإحساسي بالراحة .. مر عليّ أجمل أسبوع في حياتي كله، فسح وخروج وسهر وحب في حب .. مش عاوزة أبعد عن عمر ولا ثانية .. فعلا لازم يسموه شهر عسل، قصدي أسبوع عسل، بس يا خسارة ده آخر يوم ونعود إلى القاهرة غداً ..
    نظرت إلى عمر فوجدته شارد يفكر .. ياترى بتفكر في مين يا عمر؟ .. في شيرين؟

    مش معقول .. كفاية تفاهة بقى يا سارة وإياكي تفتحي الموضوع ده أبداً .. أنا ما صدقت إني كسبت نقطة وخليته يثق فيّ كصديقة عاقلة قبل ما أكون زوجة غيورة، بس بجد كنت ح اموت من الغيرة .. بس يعني لو صرخت وبوّزت وخاصمته ح اخليه ينسى أي واحدة ومايبصش لواحدة غيري؟ مش ممكن طبعا ده ح يبعد عني أكتر ..
    لا ياسي عمر ده أنا ح اكون قدامك ووراك وجنبك وفي كل مكان حتى تحت جلدك ..
    ده أنا عاملة لك حتة خطة الليلة دي، مش ح تخليك تفتكر لا بشيرين ولا سعدية، وتحلف إن مفيش فى الدنيا بنت غيري .. بس استنى عليّا ..

    قــال عمــر:
    المصاريف خرمت خالص يا واد يا عمر!! .. وباين علينا ح نقعد قدام المرسى أبو العباس نكمل الأسبوع .. فطار وغدا وعشا برة البيت ده غير الفسح!! ماشاء الله على الشحاتة المتوقعة .. الحمد لله إن العربية فيها بنزين ترجّعنا مصر بكرة إن شاء الله، وراجع جري على بيت السيد الوالد طبعا علشان منحة أبوية تانية .. حاجة تكسف بجد .. بس الحقيقة كان أسبوع يجنن كان نفسي يبقى شهر .. دول العزاب دول غلابة يا عم .. قال ويقول لك محلاها عيشة الحرية ..

    قــالت ســارة:
    أنا: إيه يا سي عمر أنا ح اموت من الجوع وانت آخر طناش .. إيه خير؟. . إنت ح تصوم الستة البيض من النهاردة؟
    عمــر: يا ساتر يارب، مش أنا لسه يا بنتي مفطّرك من 8 ساعات!؟ .. ده انتي ح تاكلينا لما نروّح ..
    أنا: ياباي على الغلاسة .. يابني ح اموت من الجوع، والناس اللي جنبنا دول ما بطّلوش أكل من ساعة ما وصلوا .. وحتى الست صعِبت عليها لما لقيتنا مدينها ترمس ولب من ساعة ماجينا، قامت عزمت عليّ بطبق محشي وانت بتصلى العصر .. بس أنا عملت فيها العروسة الشيك وقلت لها ميرسي ياطنط .. يا خسارة المحشي ..
    عمــر: محشي؟!! .. ياريتك جبتيلنا طبقين .. دي الفلوس اللي معانا يادوب تأكّلنا كشري، واحتمال مفيش عشا كمان .. لازم يخلوا العرايس يطبخوا في شهر العسل علشان العرسان ما تشحتش ياحبيبتي ..
    أنا: طيب ح نموت من الجوع ولا إيه النظام؟ .. فهّمني علشان أروح الحق طنط بتاعة المحشي بسرعة .. دول دخلوا في المسقعة ..
    عمــر: لا يا ستي آخر وجبة ح ناكلها هنا وأمري إلى الله .. ح نروح ناكل في مطعم قريب من البيت، وبعدين بالليل فيه ناس قرايبنا هنا إبنهم عمل حادثة وح اضطر أروح أشوفه شوية .. تحبي تيجي معايا ولا بتخافي من المستشفيات؟
    أنا: لا باخاف .. روح إنت .. وبعدين عاوزة أحضر الشنط وأنام بدري النهاردة .. معلش يا عمر لو جيت ولقيتني نايمة ما تصحّنيش علشان خاطري ..
    عمـر: ياسلام؟ .. لا والله؟ كده يا سارة .. وتسيبيني أسهر لوحدي؟
    أنا: معلش يا عمر بجد تعبانة وعاوزة أنام بدري .. الظاهر ح اخد دور برد .. ما تزعلش علشان خاطري ..
    عمـر: لا يا حبيبتي خلاص .. أنا عاوزك ترتاحي .. بس افتكريها ..

    قــالت ســارة:
    اخيراً عمر مشي وراح المشوار بتاعه .. قدامي حوالي 3 ساعات علشان أرتّب أجمل ليلة ح يعيشها في عمره ..
    رتبت الشنط بسرعة جداً وكلمت حلواني مشهور في اسكندرية لأؤكد حجز تورتة حجزتها من امبارح على شكل قلب احمر ومكتوب عليها اسمينا انا وعمر وعليها كلمة: إلى حبيبي .. أحبك ..
    ثم أخرجت صندوق المفاجآت اللي كنت محضراه من القاهرة واللي رفضت أن يطلع عليه أحد حتى أمي .. وأخرجت منه مجموعة من الشموع الحمراء والوردية ووزعتها فى جميع أنحاء المنزل .. لن أوقدها إلا عندما يأتي حبيبي .. ومجموعة من الورود المجفّفة جميلة الشكل نثرتها على الأرضية بشكل أسهم تشير الى غرفة نومنا .. ثم مجموعة من البطاقات الوردية والملونة التي كتبت عليها عبارات غرامية إليه ووزعتها فى كل المنزل بشكل مرتب ومتسلسل .. ثم دخلت الحمام وأخذت شاور سريع .. ثم ملأت البانيو بماء ساخن ورغاوي صابون منعشة لعمر عندما يأتي، ونثرت فوق المياة مجموعة من القلوب الحمراء الطافية .. وكتبت على مراية الحمام بالروج بخط صغير: كان أجمل أسبوع عسل فى العالم ياحبيبي ..
    ثم دخلت الى حجرة النوم ورتبتها ورشيت معطر جو لم أستخدمه من قبل ولم أنسى الشموع طبعاً .. ثم ارتديت طقم جديد ساحر كنت أخفيه .. ورشيت عطر رائع، وجلست أضع الماكياج بدقة شديدة وكأني سأتزوج مرة أخرى هذه الليلة .. هكذا سينسى أي إمراة اخرى سواي وليس بالنكد .. يارب ارضى عنا ..
    عمر بيركن سيارته تحت المنزل، الحمد لله إننا فى الدور الخامس، أمامي وقت لبقية الخطة .. وضعت التورتة في الصالة وحولها الشموع ليراها أول ما يدخل .. ورتبت البطاقات وأغلقت أنوار الشقة كلها وتركت باب الشقة مفتوح قليلاً ودخلت أختبىء في غرفتي ..

    قــال عمــر:
    إيه يا سارة ده انتي نمتي وسبتي الباب مفتوح؟ .. ايه ده النور مقطوع ولا إيه؟ .. سارة .. إنتي فين؟
    إيه ده إيه ده، أنا مش مصدق عيني .. الله الله لا يمكن أنا اكيد فى حلم .. سارة إنتي فين؟
    إيه التورتة الرهيبة دي؟ .. يااااااااااااااه ده انا حاسس إني ملك .. ساااااااااارة ..
    وإيه الكروت اللي على الأرض دي؟
    أول واحد مكتوب فيه: لو كنت بتدوّر عليّا اتبع الأسهم ..
    آآه ده فيه أسهم بالورود على الأرض كمان .. إيه الرقة دي؟
    والكارت اللي بعده مكتوب عليه: حد يمشي ورا الأسهم برضه؟ .. إمشى ورا قلبك يا حبيبي وانت تلاقيني ..
    ودخلتُ الحمام وجدته مجهز لملك أو أمير .. بجد بجد بحبك يا سارة .. إنتي فين يا حبيبتي..؟ أكيد هنا في أوضتنا ..
    كمان كارت على باب الحجرة مكتوب عليه: أنا بعشق أحلى رجل في الدنيا .. هو إنت ..
    وفتحتُ الحجرة لأجد سارة تنتظرنى في أجمل صورة ممكن أن أتخيلها .. أميرة نائمة وسط الشموع والورود ..
    هل ممكن أن تُرضي زوجة رجلها وتسعده بهذا الشكل إلا زوجتي الرائعة و… سكت شهريار هذه المرة عن الكلام المباح ..

  7. #17
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة السابعة عشرة

    قــالت ســارة:
    “أنا بس عاوز أعرف إشتريتي كل الحاجات دي إمتى، ولحقتي ترتّبي كل ده إزاي؟” قالها لي عمر ونحن في السيارة عائدين إلى القاهرة .. قالها وهو يشعر بالفخر الرجولي أن زوجته أعدّت له ليلة من ألف ليلة من أجله هو فقط ..
    رديت عليه بدلال وأنا أغالب النوم بشدة: ده سر المهنة يا سيدي .. المهم تكون سعيد وراضي عني ..
    “ربنا يخليكي ليّ يا حبيبتي .. ويارب تفضلي كده على طول .. وأنا كمان محضرلك مفاجأة، ماما اتصلت وقالت إنها عازمانا على الغداء دلوقتي حالا أول ما نوصل” ..

    ياااااااااااسلااام على المفاجأت الحلوة!! .. إيه الهنا ده؟ .. بداية تفرح بصحيح!! .. ده وقته يا ربي؟!! الواحد يستعد لوصلة حرق دم محترمة ..
    ردّدت هذا في سري بالطبع ويبدو أن علامات خيبة الأمل كانت ظاهرة على وجهي، فسألني عمر: مالك يا سارة؟ إنتي مش مبسوطة ولاّ إيه من المفاجأة؟
    رددت بسرعة: لأ ازاي، ده أنا ح اطير من الفرحة دي، طنط وحشتني جداً .. بس كنت قولـّي علشان ألبس طقم حلو أروح بيه ..
    رد عليّ عمر: إنتي كده قمر، وبعدين ماما مش بتهتم بالحاجات دي خالص ..

    وأخيراً وصلنا لبيت حماتي العامر، وبعد الترحيب الرهيب بعمر كأنه راجع من الحجاز حالاً على جمل، ثم بعد ساعة سلمت عليّ بفتور: أهلا يا سارة، أخبارك إيه؟ ..
    وشـّك نوّر على الجهاز أوي ..
    ثم رمقتني بنظرة متفحـّصة من فوق لتحت وقالت بامتعاض: إنتي مش جايبة هدوم حلوة في الجهاز ولا إيه يا سارة؟
    ذبت من الخجل من قذيفتها القوية وقلت في سري: مش بتاخد بالها خالص خالص!! الله يسامحك يا عمر ..
    وهممت أن أرد ولكن أنقذني عمر بسرعة ورد عليها: دي سارة عندها هدوم تجنن يا ماما .. بس احنا جايين من السفر عليكي على طول، وكنت عاملها مفاجأة ليها ..
    لم يعجبها بالطبع دفاع عمر عنـّي فردت بفتور: طيب يا سيدي السفرة جاهزة .. أوعى تكون نسيت أكل أمك خلاص ..
    وجلسنا نأكل وهي منهمكة في الحديث مع عمر بشوق شديد، وتحكي له كلّ ما حدث في الأسبوع اليتيم الذي قضيناه بعيداً عنها وكأنه كان عاماً كاملاً .. وكل فترة طويلة تتذكر إن فيه شيء معاهم على السفرة فتلقي لي كلمة أو كلمتين ثم تواصل حديثها الدافيء مع حبيبها الأوحد إبنها الوحيد الحبيب ..
    دعوت الله في سرّي أن تنتهي هذه العزومة سريعاً كي أصل شقتي وأفرغ حقائبي وأناااااااااااااااااام .. لأني تقريباً لم أنم أمس مع السفر وإرهاقه .. وبينما أنا في أفكاري رن موبايلي ووجدتها أمي وطرت إلى البلكونة لأرد عليها ..
    ماما: ألو يا ست العرايس، نموسيتك كحلي .. أنا مش عاوزة أكلمك من الصبح علشان ما أقلقكوش يا حبيبتي .. يا ترى ح ترجعوا إمتى؟
    رددت ببراءة : لا ما احنا وصلنا من ساعتين يا ماما، ما تقلقيش ..
    ماما: طيب يا حبيبتي أسيبك ترتبي شنطك وترتاحي شوية وأكلمك بعدين ..
    أنا: لا يا ماما أنا مش في شقتي .. أنا عند حماتي ..
    ماما: حماتك؟!! يا سلام.!! جاية جري من اسكندرية عليها!! ..ولا حتى هان عليكي تعدّي على أمك ولو خمس دقايق؟! متشكرة يا سارة .. ربنا يخليهالك، ماهو خلاص الجواز بينسّي الأهل .. ألف شكر يا بنتي .. مع السلامة ..
    أنا: إستني بس يا ماما .. يا ماما .. يا ماما .. ياربي، أعمل إيه في الحدوتة دي؟!! .. هو عمر السبب فى المشكلة دي، كان لازم يقول لي من امبارح أقوم امهّد لماما علشان ما تزعلش مني كده ..

    فاجأني عمر من خلفي وهو يهمس لي: إيه شهرزاد قاعدة لوحدها ليه؟ .. وحشتيني ..
    رددت بعنف: بلا شهرزاد بلا نيلة! .. إنت عملتلي مشكلة كبيرة مع ماما يا سيدي ..
    عمر: مشكلة؟ .. ليه يا بنتي هو أنا شفتها أصلاً؟
    أنا: زعلتْ يا سيدي لما قلت لها إننا هنا، وافتكرتني نسيتها وبافضّل آجي بيتكم هنا قبل ما أروح أسلـّم عليها .. كان مفروض تقولّي من امبارح يا عمر أقوم أعرف أتصرف ..
    عمر: يا سارة ما أنا قلت لك إني أنا نفسي إتفاجأت، وماما كلمتني الصبح قبل ما نسافر مباشرة .. وبعدين يا ستي ولا تزعلي نروح لها دلوقتي ونصالحها حالاً .. هو أنا عندى كام أم سارة؟!
    رميت نفسي في حضنه وأنا أهتف: ربنا يخليك ليّ يا حبيبي ..
    وطبعا دخلت حماتي علينا وهتفت باستنكار: خلاص مش قادرين على فراق بعض؟! .. طيب الظاهر إن أنا اللي عزول وأطلع منها ..
    فضممت أمه إلى صدري هي الأخرى وأنا أقول لها: ده إنتي الخير والبركة يا حبيبتي .. وأنا أهمس في سري: يا ربي على صغر عقل الستات والغيرة اللي تنقط .. لأ والهنا إن أمي كمان بتغير ..
    طيب يا طنط معلش، إحنا مضطرين نمشي علشان لسه ح نعدي على ماما نسلم عليها .. قلتها ببساطة وندمت عليها من رد فعل حماتي الغاضب: تمشوا؟!!. هو أنا لحقت أقعد معاكم؟ .. هو انتو جايين تقضية واجب وخلاص؟!!. الظاهر إن أنا فارضة نفسي عليكم .. طيب يالا ماتعطلوش نفسكم ..
    نظر إليّ عمر بغضب وكأنه يقول لي فتحتي بقك إنتي ليه؟ .. وأخذ يهدأ من أمـّه ويبرر لها إنه لابد أن ينام بدري، لأن بكرة وراه أشياء كثيرة إلخ إلخ إلخ….
    وأخيييييييييراً جداً انتهت الزيارة، واستعدينا للمعركة الثانية في بيت ماما ..

    في السيارة قال لي عمر بهدوء: بصي يا سارة ماتزعليش من ماما، وأنا كمان مش ح أزعل من والدتك لو عملت حاجة .. كل واحدة فيهم فجأة فلذة كبدها إتخطف منها من إنسان غريب، فلازم فترة يعاملوا فيها الغريب ده بحذر، ويمكن غلاسة، لحد ما يبدأوا يحبوه فعلاً ويتأقلموا على الوضع الجديد .. ولازم نكون إحنا الشباب أعقل وصدرنا أوسع .. بس أوعي تعرضي نفسك لماما، يعني أي حاجة خليني أنا أقولها وكأنها فكرتي أنا علشان تتقبلها .. ونفس الشيء مع والدتك، علشان نقلل الخساير بقدر المستطاع .. ماشي ياقمر؟
    رديت عليه وقلت: خلاص يا حبيبي اتفقنا .. وفي سري قلت: ده الجواز ده عاوز نفس طويييييييييييييييييل ودماغ كبيرة جداً .. ربنا يستر ..

    قــال عمــر:
    أنا ذنبي إيه في الحرب دي يا ربي؟ كان مالي أنا ومال الجواز وشغل الحموات ده .. يا ربي ساعتين من لوي البوز من حماتي المصونة، وتبريرات طويلة عريضة من سارة ومنّي حتى ملّيت في الآخر .. أمّال لو كنا قتلنا قتيل كانت ماما وحماتي عملوا فينا إيه؟
    بجد كنت مفروس من حماتي، وسارة عمالة تراضيها وتصالحها، وكنت ح اعمل مشكلة بس قلت يا واد مش من أولها كده إعقل ربنا يهديك .. يارب الواحد يفضل محتفظ بأعصابه على طول وما يعملش مصايب ..
    فكرت في كل هذا وأنا أقود السيارة إلى منزلنا أنا وسارة، وأنا أقاوم النوم باستماتة بعد الحرب العالمية التاسعة اللي كنا فيها .. والتفتّ إلى سارة ووجدتها قد نامت بالفعل من شدة الإرهاق الجسدي والعصبي ..
    وصلنا البيت ولم أشأ أن أوقظ سارة إلا لما أفرّغ الحقائب من السيارة أولاً .. وأوصلتها إلى الأسانسير ثم أيقظت سارة بهدوء وكعادتها إتنفضت وصرخت: إنت مين؟ وإنت خاطفنى ولا إيه؟ يااااعوماااااااااار ..
    وقبل أن تكمل إستغاثتها الدولية برجال المطافي وتفرج علينا الشارع ويفتكروني خاطفها حطيت إيدي على فمها وانتظرت أن تتعرف عليّ، والحمد لله أخيراً فاقت وعرفتني وسألتني سؤال أغرب من الخيال: إيه ده عمر؟ إيه اللي جابنا في الحتة المقطوعة دي؟!!! أنا ح اموت من التعب .. لو رسمولي مخدة على الحيطة ح انام فوراً!! عاوزة أنام حالاً علشان بكرة الجمعة وبعده السبت حنرجع على شغلنا أنا وإنت، يعني بكرة يوم كله شغل وتجهيز أكل للأسبوع كله وتوضيب الشقة، وأكيد ح نتعب بكرة أوي ..
    قلت: ح نتعب؟ إيه الكلمة الغريبة دي؟ وأنا مالي أنا؟
    ردت سـارة: مالك ازاي؟ مش إحنا اتفقنا نتشارك في كل حاجة؟
    أنا: ياسلام؟ اتفقنا أخرّط لك البصل وأمسح الأرض؟ إيه يا بنتي الأوهام دي؟
    سارة: أوهام!!! يا سلام .. هو لما تساعدني تبقى عايش في الوهم؟ أمّال أنا حبيبتك إزاي؟
    أنا: يا ستي حبيبتي وروحي كمان، لكن اللي إنتي بتقوليه ده أنا ما أقدرش عليه أبداً، ولا يمكن ح يحصل، وده آخر كلام عندي فى الموضوع ده ..
    سـارة: كده يا عمر؟
    أنا: أيوة كده، وياريت ننام بقى قبل ما نتخانق ..
    سـارة: هو احنا لسه ما اتخانقناش؟!!. طيب تصبح على خير ..
    أنا: ……!!؟

  8. #18
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة الثامنة عشرة

    قــالت ســارة:
    يااااا سلام على رواقة الرجالة، بعد الغداء أخبرني عمر إنه نازل يقابل أصحابه، وبعدين ح يعدي على والدته وحيتأخر، ولما أخبرته إني ح اعمل أكل الأسبوع نظر لي باستغراب وقال لي: طيب، مع السلاااااااامة ..
    بجد أنا زعلانة منه .. طيب يا عمر لما ترجع ..

    قــال عمــر:
    لازم سارة تتعوّد إن كلامي يتنفّذ ولما أقول مش ح اساعد يبقي خلاص .. لازم تتعود على كده ويبقي هو ده نظام الحياة بيننا .. ح تزعل شوية في الأول وبعدين خلاص ح تتعود .. مع إن مش هاين عليّ زعلها ..
    طيب أكلمها على الموبايل بعد شوية؟!. لا .. إجمد بقي يا عمر، لو اتعودت إنك تساعدها في كل حاجة حيبقي حق مكتسب، ولو ما عملتوش حنروح النيابة !!.. لا وعلى إيه، تزعل شوية وخلاص ..

    قــالت ســارة:
    طيب أنا مفروض أعمل إيه دلوقتي بالضبط؟ أنا الأول أرتّب الشقة لأن التراب من قفلتها أسبوع يترسم عليه خرايط .. ولسه ح افضّي الشنط، وأغسل الهدوم اللي كانت معانا في اسكندرية، وبعدين أطبخ كذا صنف أشيلهم في الفريزر علشان يكفّوا الأسبوع كله .. يارب يخليكي لينا يا ماما كنتي شايلة الهم ده كله عني، وأنا كنت أتنّح قدام التليفزيون ولاّ أرغي في التليفون وخلاص .. والأهم إن معلوماتي عن الطبيخ محتاجة مترجم يفك رموزها الهيروغليفية .. ربنا يستر ..
    طيب أنا أحط اللحمة تتسلق الأول علشان بتاخد وقت، وبعدين أشغّل الغسالة .. بس لازم ألبس جوانتي علشان ريحة البصل، علشان عمر لما ييجي .. ولا ليه .. خلّيه يشم البصل .. مش هو اللي سابني في الحرب دي .. يستحمل بقى ..
    هي اللحمة شكلها غريب كده ليه؟ .. طيب مش مهم .. أعمل إيه تاني؟ مسقعة؟ ياسلام، ده أنا باموت فيها، بس عمري ما شفت ماما بتعملها إزاي؟ هي فيها باذنجان وحاجات تانية غريبة …… يامااااااااما الحقيني ..
    وجريت كلمتها على التليفون وقعدت تهزّأ فيّا الأول إنها ياما قالتلي أتعلم ومفيش فايدة إلخ إلخ إلخ ..
    المهم إنها قالت لي الطريقة مع استخدام ألفاظ غريبة؛ تعملي اللحمة ع الصاج الأول!!!.. أجيب منين صاج دلوقتي ياماما؟ وطبعا يصحب هذا وابل من التريقة والدعاء لعمر بالصبر على ما ابتلاه .. وطالت المكالمة ساعتين وماما تشرح لي كأن كلامها كله طبيعي ومفهوم، وأنا من كتر التريقة اللي خدتها لم أسأل عن أشياء كثيرة، وقلت أعتمد على خيالي الخاص .. وتوكلت على الله وبدأت المعركة الحقيقية؛ أضرب الطماطم؟ لا أسلق المكرونة الاول!! طيب أقطع البطاطس شرايح ولا قطع؟!!. أنا باقول مثلثات وخلاص ..
    إيه حدوتة الملوخية دي لازم أقعد أخرطها ساعتين؟ .. لا حأهريها في الكبة وخلاص، بس مش عارفة اتكورت كورة صلبة في قاع الحلة كده ليه؟
    صينية البطاطس وضعتها في الفرن مباشرة، بس حاسة إني نسيت حاجة فيها .. هيّ ليه لسه صلبة رغم إن بقالها ساعة ونصف في الفرن والقاع إتحرق ومع ذلك لسه ناشفة؟!!!
    ياربي إيه الوقعة دي، كان مالي أنا؟!!.. مانا كنت أميرة زماني وآخر رواقة .. خلاص اللي اتعمل اتعمل .. طيب لو عمر اتكلم؟؟!!!!
    ييييييييييييييييه .. أنا نسيت الغسيل .. طلعت البلكونة أنشره وقعدت أفتكر إيه بيتنشر الأول وإيه اللي ورا؟ طيب إيه من رجله وإيه من قفاه؟ إيه الفيلم ده.!؟؟
    دول الستات دول ناس رايقة، ما كله ح ينشف وخلاص .. ولاحظت وجود سيدة أروبة في البلكونة تراقبني كي ترى العروس الميمونة اللي هي أنا ح تنشر إزاي؟.. ولا همّني من نظراتها وعملت كرنفال من الهدوم؛ أبيض على أحمر على أخضر واديله .. المهم ينشفوا وخلاص ..
    ورجعت للكارثة الموجودة في المطبخ وتذوقت ما طبخته وصرخت: ياللهول .. على رأي يوسف وهبي .. طيب والحل؟
    فتحت الفريزر لأجد ماما حبيبتي وكأنها عارفة المصيبة اللي ح أعملها حاطّة كمية كبيرة من أكياس الهامبورجر والدجاج النصف مقلي والطبخات السريعة .. الحمد لله كنت ح أطلّق وأنا لسه في شهر العسل ..
    يااااخبر، ده عمر بيرن على الموبيل، إذن هو في الطريق، وطبعاً ملابسي لا توصف من القنابل اللي كنت باعملها في المطبخ .. كرنفال من البصل والثوم والزيت .. لمّيت الكوارث اللي عملتها ووضعتها في الثلاجة وجريت على الحمام وأزلت اثار العدوان وغيرت ملابسي .. أمال هم بييجوا في التليفزيون بيطبخوا وكأنهم رايحين سهرة ليه؟
    ودخل عمر وبسرعة أظهرتُ البوز المتين على غلاسته معايا قبل ما ينزل وانتظرت أن يأتي يصالحني كالمعتاد ولا فائدة .. ثم لاحظت أنه متعب ويتنفس بصعوبة، فجريت عليه أنا وقلت له: مالك يا حبيبي .. إنت تعبان؟.. وأخذت أمسح له عرقه وأسقيه الماء وأنا أكاد أبكي وأقول له: ان شا الله أنا وإنت لأ يا حبيبي .. وأنا ممسكة يده الضعيفة ..
    وفجأة .. اشتدت قبضته عليّ، وجذبني إليه، وضحك بقوة وقال: لما انتي بتموتي فيّا كده ما تكشّريش أبداً في وشـّي .. اتفقنا؟

    قــالت ســارة:
    استيقظت منتفضة على رنين المنبه المزعج وإعلانه الساعة السادسة والنصف صباحاً، وشعرت بألم في كل جسدي فأنا لم أنم سوى ساعتين بعد صلاة الفجر التي صليناها أنا وعمر .. واليوم هو أول يوم نعود فيه إلى لعمل .. وطبعا عمر ولا على باله، فعمله قريب من منزلنا الجديد، تقريبا ربع ساعة بالسيارة، أما انا فيبعد حوالي ساعة وربع في أفضل الظروف، ولم أكن أشعر بهذا قبلاً بل كان قريباً من منزل أبي وأمي، أما الآن فلازم ألف الكرة الأرضية علشان أوصل عملي ..
    والأسوأ أن عمر لن يستطيع توصيلي لأن جهة عملي وجهة عمله مختلفتان تماماً، فلو أوصلني أولاً فسيصل هو إلى عمله بعد أذان الظهر، وسيرفدوه بإذن الله ونشحت على باب السيدة بعد أسبوع على الأكثر .. إذن لا مفر من حرب المواصلات الرهيبة أن أخوضها وحدي ولا أستطيع حتى الشكوى، لأن عمر من البداية غير موافق على عملي، ولكني أصريت، فلا أستطيع حتى التنفس بكلمة واحدة ..
    الحمد لله أنا لا أفطر، يعني ح ألبس بسررررعة جداً وأجري لألحق بالميكروباص الشيك جداً، لعلي أصل في موعدي في أول يوم، مش ضروري كرامتي تتبعتر من المدير وأنا عروسة كده ..
    إرتديت ملابسي على عجل وأخّرت إيقاظ عمر إلى آخر لحظة كي ينام قليلاً .. وبعد إتمام ملابسي وارتدائي الطرحة والشنطة كمان إقتربت منه وقبلته في جبينه وهمست له: صباح الخير يا حبيبي .. إصحى بقي كفاية كسل .. رد عمر متثائباً وقال: صباح الفل يا حبيبتي .. إيه ده إنتي لبستي بسرعة كده؟ كان نفسي أوصلك، بس بعون الله لما نلف القاهرة كل يوم حنترفد أنا وإنتي جماعة ..
    أنا: ولا يهمك يا حبيبي أنا قدها وقدود .. على فكرة حتوحشني لحد ما أرجع .. يالا مع السلامة أحسن كده اتأخرت ..
    عمـر: وانتي أكتر يا حبيبتي بس امتي لحقتي تحضري الفطار؟ انتي صحيتي امتي على كده؟
    أنا: فطار؟!!! إيه الكلمة الغريبة دي؟ ما انت عارف إني مش بافطر يا حبيبي؟!! وبعدين مفيش وقت خالص ..
    فرد بعناد: بس أنا بقي بفطر وخصوصا قبل ما أروح الشغل، لازم أفطر فطار متين علشان مش باكل برة وبأفضل عليه لحد ما أرجع .. والدتي كانت معوّداني على كده ..
    رديت في سري وأنا أنظر للساعة: الله يسامحك يا حماتي، أي حاجة حلوة تبقي من ناحيتك على طول! طيب والفطار المتين ده يبقي إيه يا سيدي؟
    عمر: عادي زي كل الناس؛ بيض مسلوق أو عجة، وطبق فول بالزبدة، ولانشون، وجبنة، وزيتون، وزبادي، وطبق خضار كبير؛ خيار وطماطم وخس متقطعين شرايح رفيعة خالص .. وطبعاً كوباية حليب، وبعدها شاي وخلاص ..
    أنا: يا خبر أبيض، ده لو كل الناس بتفطر كده ممكن تحصل مجاعة في البلد .. وبعدين اللي إنت بتقوله ده عاوزله ساعة على الأقل، وأنا متأخرة يا عمر ..
    رد بعناد أكبر: ما أنا قلت الشغل مش ح ييجي منه غير وجع القلب .. يعني إنتي عاوزاني أنزل من غير فطار يا سارة؟!!
    أنا: لأ إزاي؟ .. أترفد أنا في داهية علشان تفطر الفطار المتين يا سيدي .. قلتها في سري طبعاً، وأنا أكاد أبكي وأنا متجهة إلى المطبخ لإعداد وليمة الفطار لسي السيد ..
    توجهت إلى المطبخ وأنا أجري مثل البهلوان، أضع البيض على النار، وأقطع الخيار، وأخرج الجبنة من الثلاجة، وأسخن الفول ووووو… مش ممكن كل ده حياكله .. أبداً .. ده أنا طول عمري باتريق على المسلسلات التي تجعل جميع الأسرة صباحاً يجتمعون على مائدة الإفطار وعليها عشرة أصناف على الأقل، وكان بيستفزني جداً طبق البيض المسلوق الموضوع به 40 بيضة، والشاي لابد أن يكون مقدم في طقم كامل؛ البراد والسكرية وخلافه .. يعني لازم الزوجة علشان تعمل الهيصة دي كلها تبتدي تحضر الفطار من أذان الفجر تقريباً، أو ما تنامش أسهل وخلاص، علشان الباشا يفطر الفطار المتين ..
    أخيييييراً .. إنتهيت ووضعت الأطباق على السفرة وكان الباشا بيقرأ الجريدة بمنتهي الرواقة، وصببت الشاي فصرخ وأنا أصبه: لا يا سارة، أنا قلت لك الحليب الأول وبعدين الشاي ..
    فنظرت إلى ساعة يدي وجدتها الثامنة إلا ثلث، فكدت أبكي، ولم أرد أن أبدأ اليوم بخناقة، فرديت عليه من تحت أسناني: معلش يا عمر، فيه شاي تاني كتير .. أنا نازلة بقى أصلي اتأخرت جداً جداً ..
    رد وقال: طيب يا حبيبتي إفطري الأول ..
    قلت: حبيبتك؟!!! طيب باااااااااااي ..
    ونزلت من العمارة وانا أجري تقريباً، وأكيد البواب قال يا عيني دي العروسة الجديدة الظاهر واخدة علقة على الصبح وهربت من العريس ..
    مشيت مسافة طويلة حتى موقف الميكروباص لأن الميزانية لا تسمح بتاكسي بالطبع!! وانتظرت طويلاً حتى وجدت مكان فاضي، وركبت وسرحت في الطريق وأنا أفكر أن هذه هي البداية الجادة للزواج، لابد فيها من تعب وإرهاق ومسئولية كبيرة ..
    الله يكون في عونك يا ماما طول عمرها بتشتغل وعمرها ما أشعرتنا بأي تقصير ..
    أنا كان مالي ومال الحدوتة دي؟ ما كنت مريّحة دماغي، ولا فطار متين لا مواصلات ولا بهدلة .. بس إيه البديل؟ الوحدة؟! الصمت؟! الفراغ والاكتئاب؟! .. العنوسة بكلمة أشمل؟ .. لا طبعاً، مهما بذلنا من جهد في دائرة الزواج أفضل بكثير جداً من الراحة خارجه .. ربنا يخليك لي يا عمر وتفطر كل يوم .. بس ربنا يستر من المدير وغلاسته ..

    قــال عمــر:
    “أهلاااااا يا سي عمر .. إيه يا عم جاي في ميعادك تمام .. ألف مبروك يا عريس، أيوة كده وشك نوّر على الجواز!!! يالا يا سي عمر إحكي لنا كل حاجة بالتفصيل!! ولا أقول لك بلاش، إنت إيه رأيك الجواز حلو ولا زي ما بنسمع من الرجالة؟”
    كان هذا إستقبال زميلي في العمل لي .. فرددت عليه قائلاً: يا سيدي الله يبارك فيك، والله الجواز ده أكبر نعمة للرجل، واللي يقول غير كده يبقي جاحد للنعمة بصراحة ..
    قال زميلي: ياعم ياعم، طيب يا سيدي ربنا يسعدك، لما نشوف رأيك إيه بعد سنتين ..

    قــالت ســارة:
    “ألف مبروك يا عروسة، ناموسيتك كحلي .. متأخرة ساعة بحالها .. طبعاً يا ستي مين قدك، ده انتي حتى شكلك ما نمتيش كويس .. طبعا يا ست العرايس ربنا يسعدك .. يالاّ بقي إحكي لنا كل حاجة بالتفصيل الممل .. إلاّ صحيح يا سارة العريس لازم يحضّر الفطار لعروسته بنفسه؟”
    كان هذا استقبال زميلتي لي .. فرددت عليها قائلةً: أيوة طبعاً، لازم يحضر لها فطار متين كل يوم!!!!
    وطبعاً إستدعاني المدير، وأخذت كم لا بأس به من الكلام البارد على تأخيري، وتلميح على إن لو كان الجواز حيغيّرني يبقي أقعد في بيتنا أسهل أقشّر بصل ..

    قــال عمــر:
    يا حبيبتي يا سارة وحشتيني الكام ساعة دول .. لمّا أبعت لها رسالة علشان تعرف إني بافكر فيها ..
    “يا تري يا قمر بتفكر فيـّا زي ما بافكر فيكي؟؟”
    فردتْ على الفور: “أنا كمان بافكر فيك يا حبيبي، وقلقانة عليك من طن الأكل المتين اللي أكلته الصبح .. ربنا يستر وماتاكلنيش وأنا نايمة” ..

    قــالت ســارة:
    أخيراً إنتهى اليوم، الساعة الثالثة وعمر ينتهي من عمله في الخامسة .. ياااااااارب ألحق أوصل بسرعة وأحضـّر الغداء ..
    ورجعت في نفس رحلة العذاب الصباحية في المواصلات، ولكن مع الحر والرطوبة، ما شاء الله ما أقدرش أوصف شعوري ..
    وصلت بيتي الساعة 4 وتلت تقريباً، يعني ساعة وعمر جاي، وأنا أكاد أقع من التعب وقلـّة النوم .. طيب ياربي ح ألحق آخد حمام من الحر الفظيع ده؟ ولاّ أجهز الغداء؟ ولا أرتب البيت؟.. فسيادته لم يرفع حتى أطباق معركة الفطار الصباحية ..
    لم أعرف ماذا أفعل، فوقفت في منتصف الصالة وصرخت: تعاااااالي لي يااااااااااامامااااااااااااا ……..

  9. #19
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة التاسعة عشرة

    قــالت ســارة:
    أخذت أجري في الشقة كالهاربة من حكم قضائي وأنا أحاول جاهدة أن أنهي تنظيف الشقة وتجهيز الغداء وتغيير ملابسي، ومفروض كمان أتزين وأقابله بابتسامة كبيرة .. طيب بجد إزاي وإمتى؟ .. إزاي تجتمع رواقة شهرزاد مع واحدة بتشتغل 8 ساعات، ويتحرق دمها بمعدل كل ربع ساعة، وبترجع بيتها محشورة في المواصلات زي قفص الطماطم؟!! طيب هو كمان ذنبه إيه يرجع يلاقيني مكشرة وتعبانة ومتوترة؟! ماهي أكيد ح تقلب بخناقة .. طيب أعمل إيه ياربي؟
    خلاص يبقي الأهم فالمهم .. أنا أهم حاجة أعملها دلوقتي إني أغيّر هدومي العجيبة دي، وألبس طقم جميل بسرعة، وأضع ماكياج خفيف .. وأي حاجة تانية تتأجّل ..
    كانت دايما والدتي تقولي أن الرجل لا يحب أن يضيع الأوقات الجميلة!!! يعني لو دخل البيت ولاقاكي عاملة وليمة طعام رهيبة موت، بس شعرك مضروب في الخلاّط، وريحتك بصل، وهدومك مبقّعة، ومش طايقة حد يكلمك، غالباً حيتصل بالبوليس أو يطفش من سكات!!! لكن لو جه ولاقاكي زي القمر ومشتاقة ليه والأكل يا حبيبي النهاردة فول وبيض حيبقي على قلبه زي العسل .. خلاص ح أجرب وأشوف ..

    وبالفعل هدّيت نفسي تماماً ووضعت الأكل في الفرن كي يسخن وعملت الأرز سريعاً وشربت كوب شاي بمنتهى الرواقة، ولااااااا كأن في حااااجة خااااالص، ثم دخلت الحمام وأخذت شاور سريع وارتديت طقم رائع، ووضعت ماكياج وتعطرت، وبدأت في ترتيب المنزل .. و بعد 5 دقائق جاء عمر، وكنت لا أزال أزيل اثار الفطار المتين!!! ولم أفعل شيء آخر ..
    دخل عمر، فجريت عليه واحتضنته وقلت له: وحشتني يا حبيبي ..
    فرد عليّ وقد سرّ من استقبالي الدافىء: وانتي كمان يا حبيبتي .. إيه الجمال ده؟ معقول إنتي راجعة من الشغل من شوية؟ ..
    أوعى تكون زوغت يا جميل ..
    أنا: لا ما زوغتش .. بس أنا زعلانة منك، ما تكلمنيش لو سمحت ..
    عمر: ليه بس عملت إيه؟
    رديت عليه بدلال: كده تبعت لي رسالة واحدة، وما تكلمنيش غير مرتين بس؟؟ لا يا سيدي أنا ما ينفعنيش القسوة دي ..
    فرد بسعادة من كلامي ولهفتي عليه: والله لو عليّ ما كنت نزلت من البيت وسيبتك .. ده انتي وحشتيني جداً .. إيه ده .. هو لسه الفطار مكانه .. معقول؟
    برطمت في سري: و هوّ يعني أنا اللي فطرت وسبته؟!! .. يعني الفليبينية اللي هيّ أنا ح تقطع نفسها؟ وكدت أرد بعصبية، ولكني وجدت أنها ح تقلب بغم فرددت بدلال: ما حبيبي هو اللي فطر وسابه، والله أنا كنت لسه ح أشيله ليك بس علشان ما اتعبكش خاااااااااالص ..
    عمر: هو صحيح أنا متعود إني ما أعملش حاجة في البيت خالص قبل الجواز، بس علشان خاطرك ح أشيله المرة دي .. بس ما تتعوديش على كده ..
    رديت عليه بدلال أكبر: وفيها إيه لما أتعود؟ هو حرام لما حبيبي يدلعني ويريحني؟ ده إنت كده تثبت لي إنك بتحبني بجد، ومش عاوز حبيبتك تتعب ..
    رد بنفاذ صبر: يا ستي هو الحب عندك إني أكنس وأغسل الحلل؟
    أنا: وإنت الحب عندك إنـّك ترتاح وترمي كل الحمل على أكتافي أنا؟ .. يعني ازاي أكون بحب إنسان وألاقيه تعبان جداً وماأحاولش إني أساعده بأبسط مساعدة؟
    عمر: يا حبيبتي أنا برجع تعبان وعاوز أرتاح، ومش معقول أشتغل جوة البيت كمان ..
    أنا: يا حبيبي يعني إنت بتشتغل أكثر من الرسول عليه الصلاة والسلام اللي كان قائد أمة بحالها؟
    عمر: عليه الصلاة والسلام .. لا طبعاً، وأنا آجي جنبه إيه؟
    أنا: طيب يا سيدي الرسول عليه الصلاة والسلام كان بيعمل عمل أهل البيت طول ماهو موجود معاهم، يعني بيساعدهم .. شوفت بقي يا سي السيد؟
    وأحب أن ينهي الحوار عندما وجد نفسه سينهزم، وقال بنفاذ صبر: طيب طيب يا سارة، سيبيني أغيّر هدومي علشان آكل وأنام شوية ..
    وأحسست أن الموضوع ح يقلب بحرب وأنا لسه في بداية حدوتة جوزك على ما تعوديه!! .. فابتسمت وقلت له برقـّة: طيب يا حبيبي قدامك 3 دقايق تغير فيهم هدومك علشان أكتر من كده حتوحشني، ويمكن أبلـّغ البوليس ولا حاجة ..
    فابتسم لي بغرور ولم يرد ..
    يا عيني على عقل الرجالة ..

    حضّرت الأكل سريعا وأنا أدعي في سري أن يعجبه، وإن كنت أشك في ده .. بس ربنا يستر .. والحمد لله الهامبورجر موجود برضه، علشان الجيران ما يسمعوش صوتنا ويقولوا العروسة الجديدة بتنضرب علقة سخنة ..
    وجلسنا سوياً حول الأكل وحاولت حماية نفسي سريعاً من العلقة المتوقعة فقلت له: دي أول أكلة يا حبيبي أعملها لك بإيدي وأنا عارفة إني لسه باتعلم الطبيخ، بس كفاية إني عملتها لأحلى راجل في الدنيا علشان تبقى تجنن، مش كده؟
    رد عليّ وقال: ربنا يخليكي لي يا حبيبتي، أنا مش قد الدلع ده كله .. ثم تذوق صينية البطاطس وكله أمل في الحياة، وفي ثواني ظهرت على وجهه ملامح واحد يبحث عن رقم بوليس النجدة ..
    ورديت بمنتهى الإستهبال: إيه يا حبيبي، رأيك إيه؟
    فرد بإحراج من مقدمة الدلع الجامدة: تسلم إيدك يا حبيبتي!!! بس هي مختلفة شوية عن اللي انا متعوّد عليها!!!!!!
    فرديت ببراءة الأطفال: ميرسي يا حبيبي، بالهنا والشفا ..

    قــال عمــر:
    ياسلام يا واد يا عمر .. أوّل مرة أشوف البطاطس ليها طعم السبانخ المخلوطة بالذرة!! .. والرز شبه كورة القدم خماسية الأضلاع .. أكلتين كمان من دول وييجي لي كساح .. بس معقول أزعلها وهي عمالة تدلّع فيّ كده؟!!
    ياااللا، ما احنا ياما أكلنا أكل حلو .. إدّيها هامبورجر واعمل نفسك من طنطا ..

    قــالت ســارة:
    الحمد لله عدّت على خير .. طيب لما أشوف ح يشيل معايا الأطباق ولا ح يستندل كالمعتاد، فقلت: عمر ممكن تشيل معايا الأطباق لو سمحت؟
    عمر: يوووه يا سارة، كفاية طلبات أرجوكي ..
    فرديت بمسكنة: طيب آسفة إني ضايقتك!! ومشيت بانكسار مفتعل وأنا أحمل الأطباق، فما هي إلا لحظة واحدة وقام طبعاً وقال لي: خليكي إنتي يا حبيبتي أنا حاشيلهم .. وإنتي إرتاحي ..
    ضحكت في سري من طيبته وأكملت خطـّتي بعدما فرغ من الأطباق، وقلت بدلال كبير: طيب يا حبييي أدخل إنت نام شوية وأنا ح اغسل الأطباق، هو أنا كنت عاوزة أتكلم معاك شوية قبل ما تنام، بس مش مهم أنا ح أغسل الأطباق لوووحدي، وإنت أدخل أرتاح .. بس تعرف إنت واحشني وكنت عاوزة أتكلم معاك وأحكي لك على اللي حصل كله النهاردة .. بس يوم تاني بقي ..
    عمر: لا يا سارة يا حبيبتي، سيبي الأطباق مش مهم، وتعالي نقعد مع بعض شوية ..
    أنا: أسيبها؟ لا يمكن أبداً أبداً أبداً ..
    عمر: طيب يا حبيبتي أنا ح اساعدك وأغسلهم معاكي .. ما تهونيش عليّ ..
    أنا: إنت أحلى زوج في الدنيا دي كلها .. وبجد وحشتني ..

    قــال عمــر:
    أخيرا جه يوم الجمعة .. يوم الإجازة .. مفيش صحيان بدري ولا جري على الشغل ..
    ياحبيبتي يا سارة، نايمة زي الملاك .. تعبتْ جداً الأسبو ع ده .. بس أكيد ح تتعوّد وحيبقي الموضوع أسهل عليها، وأنا كمان بقيت أساعدها شوية، بس علشان بحبها ..
    فرصة والدنيا لسه هادية أقوم أقعد لوحدي شوية، وأقرأ الجرايد على رواقة، وأشرب كوباية شاي موزونة، ومش ضروري فطار النهاردة .. الله، الشقة شكلها جميل أوي ..
    الصبح الشمس داخلة من الشبابيك والستائر الحرير معطيه نعومة ورقة للبيت .. كل البيت ده بتاعي أنا؟! ده أنا طول عمري لي أوضة واحدة في بيت والدي وكنت باعتبرها مملكتي الخاصة، وناقص أكتب عليها ممنوع الإقتراب أو التصوير!! .. فجأة ألاقي لي شقة كاملة جميلة زي دي وأنا راجل البيت؟؟! إحساس رائع باكتمال الرجولة .. يارب يديمه علينا ..
    وجلستُ أقرا الجرائد في روقان وهدوء حتى مر الوقت وباقي ساعة على صلاة الجمعة .. فرصة أقرأ سورة الكهف قبل أن أنشغل في أي حاجة تانية ..

    قــالت ســارة:
    أول مرة أصحى براحتي من أسبوووووع كامل مش مفزوعة من صوت المنبة الجبار .. صحيح الستات مفروض يقعدوا في البيت بس علشان يناموا براحتهم ..
    ايه ده عمر فين؟ الراجل طفش ولا إيه؟ باضحك جداً لما أشوف في التليفزيون واحدة صاحية من النوم وقبل ما تفتح عينيها تتحسس مكان نوم جوزها كأنها بتدوّر على فردة شراب مثلاً! طيب ما تفتح عينيها أسهل وح تكتشف إن المذكور فلسع من بدري؟ تلاقيه طلع نام في الصالة ولاّ بيتكلم في التليفون .. لأ مفيش وقت دي صلاة الجمعة قربت .. واقتربت لأشاهد منظر جميل طالما حلمت به قبل زواجي؛ وجدت عمر يجلس تحت شباك الصالة وممسكاً بالمصحف ويقرأ في خشوع بصوت رخيم وتجويد سليم حتى أنه لم يشعر بوجودي .. إقتربت لأجلس بجواره أستمع إليه .. ولكني وجدت نفسي لا شعوريا أجلس تحت أقدامه، فليس الرجل الغني أو الوسيم هو من تعشقه المرأة، ولكنه الرجل الذي يخشى الله ..
    جلست على الأرض أستمع لسورة الكهف وكأني أسمعها لأول مرة .. سعدتُ من صوته الرخيم وخشوعه وأحاط بنا هدوء واطمئنان وكأن الملائكة يباركون اجتماعنا .. وأنا اختلس النظر لوجهه وهو يقرأ لأستمتع بملامحه الخاشعة وأشكر الله على نعمته التي أنعمها عليّ، حتى انتهى من القراءة وجذبني من يدي لأجلس بجواره وسألني: ليه يا حبيبتي قعدتي على الأرض؟ .. ده انتي تقعدي جوّه عيني ..
    أنا: لا يا حبيبي، حسيت إنـّك كبير أوي وإنت في حالة الخشوع دي، ما قدرتش أقعد جنبك ..
    عمر: ياااه، إنتي مكبرة الموضوع، ربنا بس يتقبل .. وإنتي متعودة على قراءة سورة الكهف كل جمعة؟
    أنا: بصراحة، ساعات ساعات، مش دايماً ..
    عمر: لا يا حبيبتي، إن شاء الله نقرأها دايماً سوا .. وبعدين خليكي شطورة واسمعي كلام عمو عمر علشان أديكي الهدية اللي جبتهالك إمبارح ..
    نطّيت بسرعة: إيه ده هدية؟ كده وساكت من امبارح يا غلس؟
    عمر: أصلهم مش هدية واحدة، دول اتنين ..
    أنا: كمان؟ كفاية غلاسة بقى .. يالا مش قادرة استنى ..
    رد بمكر ذو مغزى: طيب تدفعي كام؟
    فهمت مقصده وقلت له: مش عاوزة منك حاجة ..
    ضحك وقال: طيب خلاص خلاص، أنا باضحك معاكي .. شوفي يا ستي دول أهم هديتين حتاخديهم في حياتك .. أول واحدة إتفضلي ياستّي .. تاتاتاتاتاتاتاتاتا ..
    وفتحت لفة الهدية البرّاقة ثم صرخت بخيبة أمل: يااااااااااااااسلام .. حصالة؟!!!!!!!!!! لا والله وجاي على نفسك كده ليه؟!! ودي أحط فيها مصروف البيت ولا أحوش لبنتك اللي في خامسة ابتدائي؟
    عمر: ياساتر يارب .. إستني شوية، إيه ده مدفع رشاش؟ إستني لما أفهمك حتعملي بيها إيه.
    أنا: إتفضل يا عم الموفِّر ..
    تجاوز عن التريقة ورد بصبر: دي يا ستي أنا وإنتي ح نحوش فيها كل يوم أي مبلغ، إن شا الله جنيه واحد .. أي فلوس والسلام، ونيجي آخر الأسبوع يوم الجمعة نفتح الحصالة ونتصدق بالمبلغ ده .. وبكده نكون كل يوم بنطلع صدقة حتى لو كانت بسيطة .. وممنوع إنه يعدي يوم من غير أي صدقة، حتى لو مش حناكل اليوم ده .. وبكد حنلاقي بركة في دخلنا غير عادية .. فهمتي يا حبيبتي؟
    رديت بانبهار وسعادة بالغة: يا خبر، إيه الفكرة الروعة دي؟ جبتها منين دي؟
    عمر: يعني موافقة ؟ .. طيب نيجي للهدية التانية .. شوفي يا حبيبة قلبي، ده مصحف مجزء لـ30 جزء .. حتيجي على الدرجين بتوع البوفيه وترمي كل الكوارث اللي فيهم وتفضّيهم خالص وتحطي أجزاء المصحف في الدرج اليمين .. وكل يوم أنا وإنتي كل واحد منا يأخد جزء محدد ويقراه .. ولما يخلصه سواء في يوم أو كذا يوم يحطه في الدرج الشمال وياخد جزء جديد، وهكذا لحد ما الدرج الشمال يتملي خالص، نعرف إن أنا وإنتي ختمنا المصحف مرة .. وبعد كده نرجعه تاني للدرج اليمين، وهكذا على طول .. إيه رأيك؟
    أنا: بجد مش عارفة أرد وأقول إيه غير إني أشكر ربنا إنه أهداني بيك ..
    عمر: بصي يا سارة، الحب مش بيستمر بين الزوجين بالكلام الحلو ولا بالفلوس ولا حتى بالأولاد .. لكن بيستمر بطاعة ربنا وبركته لهم .. وإحنا عاوزين بيتنا ده بيت طائع لله علشان ربنا يبارك لنا في حياتنا وأولادنا اللي جايين إن شاء الله ..
    أنا: ربنا يكرمك ويخليك لي يارب، وتفضل كده على طول ..
    عمر: ياااااااااااه، ده أنا كده ح أتأخر على الصلاة .. يالاّ بقى مع السلامة .. على فكرة ح اخرج مع اصحابي شوية بعد الصلاة وح أرجع على الغداء ..
    أنا: طيب ما تنساش تدعيلي .. مع السلامة ..

    خرج حبيبي وأانا أودعه وأشكر الله على أن أهداني هذا الزوج .. ثم توضئت وصليت الظهر وجلست أقرأ سورة الكهف، ووعدت نفسي ألاّ أقطعها أبدا في أي يوم جمعة ..
    ثم اخرجت محتويات درجين البوفيه ورصيت بالدرج الأيمن كل الأجزاء، وبدأت بأول جزء وسجّلت تاريخ هذه الختمة في ورقة صغيرة كي نعلم متى سننتهي منها .. ثم جلست أقرأ القران لفترة طويلة ..
    ثم قمت لتحضير الغداء والذي كان لحسن الحظ معونة إنسانية من ماما بعدما حكيت لها مأساتي مع الأكل، وإن ممكن أتطلّق وانا في شهر العسل من الكوارث اللي باعملها .. فالظاهر خافت إني أرجعلهم وهمّ ما صدقوا يخلصوا مني!!!! فطبخت لي كام صنف تحفة .. ربنا يخليكي لي يا مشرفاني ..

    أريد أن يكون هذا اليوم جميلاً لأكافيء عمر على هداياه الرائعة .. أعددت الغداء وجمّلت السفرة بورود، ورششت معطر جو هادىء، وبدلت ملابسي لأرتدي عباءة ناعمة، وتركت شعري منسدلاً على كتفي وتعطرت، وطلبت عمر فأخبرني أنه مع أصحابه .. طيب وبعدين؟
    رنيت عليه ثانية فلم يرد .. أرسلت له رسالة: تعالى بقى يا عمر، إنت اتأخرت أوي .. برضه لم يرد ..
    أرسلت رسالة ثانية: يا سيدي كفاية تقل، بجد وحشتنا .. لم يرد ..
    فأرسلت له الضربة القاضية: خلاص يا حبيبي خليك براحتك، بس شهرزاد كان نفسها تشوفك أوي .. خلاص بقى تدخل تنام أحسن ..
    وطبعاً كما توقعت جاء بعد دقائق معدودة .. وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح تاااااااااااااااني .

  10. #20
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Oct 2012
    المشاركات
    1,237
    معدل تقييم المستوى
    15032411

    رد: رواية يوميات عمر وسارة

    الحلقة العشرون

    قــالت ســارة:
    معقوووول مر شهرين على زواجي أنا وعمر؟
    مرو بسرعة جداً .. حياة جديدة في المسؤولية والمشاركة والمشاعر، في كل شيء .. حتى أصدقائي اللي كنت بارغي معاهم بالساعات في التليفون أصبحت لا أراهم ألا نادراً، ولو تكلمنا في التليفون يكون حديثاً سريعاً لألحق كلّ الأشغال اللي ورايا،
    وشقتي الجديدة أصبحت مملكتي بجد، وبعد ما كنت أنظف حجرتي في بيت ماما بالعافية وبعد استدعاء البوليس أصبحت لا أطيق أن أري منزلي غير مرتب، وأتخانق مع عمر لو رمي ملابسه أو كتبه كالمعتاد .. رغم أن كتبي وأشيائي الخاصة زمان كانت محتاجة خريطة للوصول لها!!! لكنه هو الحب الذي يجمعك بمكان تشعرين أنـّه ملكك وحدك تكونين فيه على راحتك وتفعلين ما تشائين ..
    حتى أن منزل والدي اضطررت أن أبيت فيه ليلة عندما مرضت أمي، بجد لم أستطع النوم، مش عارفة إزاي مش هو نفسه السرير اللي نمت عليه أكثر من عشرين سنة!! إحساس لا يعلم تفسيره إلا الله الذي يريد لنا أن نعمر بيوتاً وبيوتاً حتى نعمر الأرض جميعاً ..

    وانا وعمر ومتفاهمين جداً لكن لا يخلو الأمر من غلاسة وتحكم في أشياء تافهة كي يثبت لنفسه أنه سي السيد، ولا أعلق عليها وأجعلها تمر كي لا تصبح كارثة .. شيء واحد هو ما يحيرني ويضايقني فعلا بإستثناء حماتي طبعاً(!!) وهو مصاريف البيت، لا أعرف ماذا يمكن أن يفعل شابان يعملان عملاً شاقاً يومياً كي يوفرا مصاريف الإيجار والأكل والدواء والخروج والمجاملات الخ الخ الخ …؟!.. طبعا يحتاجان إلى معجزة من السماء كي تحل لهم لغز الأسعار .. وأصبحت بعد أن كنت أصرف مرتبي على العطور والكريمات والمجلات، أصبحت أبحث 10 ساعات قبل أن اشتري زيت الطعام كي أعرف أي نوع أوفر!.. وأصبحت أفاصل مع أي بائع رغم إني كنت باقول لماما دايماً إن ده تصرف بيئة!!! وأصبحت أحمل هم أي مناسبة غير معمول حسابها مثل فرح أو خلافه نضطر آسفين ان نجامل أصحاب المناسبة فيه لأن ده معناه أن بقية الشهر ح نقضيه تونة وجبنة ..
    ولكن ليس هذا ما يضايقني فقط، ولكن تصرف عمر الغريب تجاه مصروف البيت هو ما يضايقني جداً ..
    وهو أنه لا يخصص مبلغ معين لمصروف البيت، وأنا أساعده فيه ونصرف منه سوياً .. لا .. هو يدفع الايجار وبعض الأشياء الأخرى وأنا عندما أقبض مرتبي أسارع لأنفقه كلـّه تقريباً على خزين المنزل من سكر وزيت وخضار ولحوم وخلافه، وهو متقبل ده عادي وبدون مشاكل .. حتى إني طلبت منه مرّة مبلغ كي أشتري شيء للمنزل فرد عليّ ببساطة: ما إنتي معاكي فلوس يا سارة!! هي خلصت؟!!
    طبعاً إتضايقت جداً من رد فعله ده .. هل المفروض أن أنهي مرتبي كاملاً ثم بعد هذا هو يساعد!!! الغريب في الأمر أنه غير بخيل، أبداً بل بالعكس لا ينفق على نفسه تقريباً إلا الضروري جداً، ولكن ما يضايقني أنه معتبر مساعدتي في المنزل أمر مفروغ منه وفرض عليّ .. وتحملت هذا الأمر رغم ضيقي منه، أنا أحب أن أصرف على منزلي ولكن بإرادتي وليس فرضاً عليّ .. حتى جاء يوم رجعت من العمل وانتظرته بعد الغداء وقلت له: شفت يا عمر النهاردة بعد الشغل نزلت أنا ووحدة صاحبتي المحلات اللي جنب شغلي، كانت عاوزة تشتري شوية حاجات ..
    قال: طيب يا حبيبتي وإيه المشكلة؟
    أنا: لا أبداً، لقيت شنطة تحفة نازلة في التخفيض من 70 جنية إلى 50 بس، واشتريتها على طول .. تتصور دي جلد طبيعي ..
    فرد بعصبية: إشتريتيها؟ وما قلتيش لي ليه قبل ما تشتريها؟
    فاستغربت من رد فعله وقلت: عادي يعني يا عمر، يعني ح اطلبك أقول لك على حاجة هايفة كده؟
    قال: خمسين جنية حاجة هايفة؟
    أنا: يعني إنت زعلان من المبلغ ولا من إني ما قلتش لك؟
    عمـر: الإتنين .. كان لازم تستأذني مني الأول ..
    فرددت عليه وقد بدأ صوتي يعلو: عمر إنت بتقول إيه؟ .. دي فلوسي .. أنا ما خدتش منك حاجة علشان الزعل ده كله ..
    فصرخ بغضب: فلوسك؟ يعني إيه فلوسك؟ يعني أخرس أنا ولا إيه؟
    أنا: أنا ماقلتش كده .. بس ازاي يعني أستأذن قبل ما أصرف أي حاجة؟
    عمـر: أنا ياستي معقد نفسياً خلاص .. مش باحب إن مراتي تمسك فلوس وتزعق فيّ وتقول فلوسي ومالكش دعوة والكلام ده ..
    أنا: ياسلام .. واشمعني الكلام ده مش بيتقال لما باجيب حاجة للبيت .. ليه مش بتقولي إستأذني؟ ولا علشان دي حاجة ليّ أنا؟
    عمـر: دي ضروريات للبيت مش ممكن نستغنى عنها .. إنما الشنطة بتاعتك دلع ..
    أنا: والله أدلـّع نفسي مش مشكلة .. وبعدين الضروريات دي مسئوليتك إنت، وأنا إن كنت باساعد في البيت ده مش فرض عليّ ..
    قال بعصبيـة: والله أنا قلت من أيام الخطوبة تسيبي الشغل علشان وجع الدماغ ده وإنتي ما سمعتيش الكلام .. واللي كنت خايف منه حصل .. بقيتي بتعلي صوتك عليّ وتقولي فلوسي أنا ..
    أنا: هو إنت يا تحبسني في البيت يا تتحكم في كل مليم؟ ده إنت فعلاً معقد على كده ..
    إنتفض من مكانه والغضب يتطاير من عينيه وأمسك ذراعي بعنف وصرخ في: أنا معقد؟!! .. طيب أنا ح أوريكي العقد اللي بجد، من بكرة مفيش شغل، ولما أشوف كلامي ح يمشي ولا لأ؟
    إرتعبت من نبرته المخيفة وضغطه الرهيب على ذراعي والقسوة التي يتحدث بها فارتجفت، وانهمرت دموعي بلا توقف .. فلانت نبرته قليلاً وزفر بقوة وقال: طيب بتعيطي ليه دلوقتي؟ مانتي كمان زعقتي وجننتيني ..
    أنا: ……………؟؟
    عمـر: كده ياسارة توصلي حاجة هايفة لحد كده؟ خلاص بقي حقك عليّ ما تزعليش ..
    فرددت من بين دموعي: لا مش حاجة هايفة .. ده ربنا قال ذمة مالية منفصلة للمرأة، تيجي انت وتقولي استأذن؟
    عمـر: والله أنا عارف ده بس مش قادر أطبقه .. ما أقدرش أستحمل إن مراتي تقولي دي فلوسي وإنت مالكش لازمة .. طيب اعمل إيه؟
    أنا: ما اعرفش والله تعمل إيه؟
    عمـر: طيب إنتي شايفة إني بخيل ولاّ باصرف على نفسي حاجة؟ ولا إنتي بتطلبي مني حاجة ومش باجيبها؟
    فرددت وأنا أمسح دموعي: لأ .. أمّال إيه الفيلم ده طيب؟
    قال: أنا يا ستي ما بحبش الست اللي بتعمل كده .. وبعدين أنا مش عاوزك تدفعي حاجة في البيت تاني علشان مش كل شوية تقولي باساعدك باساعدك ..
    قلت: بقي أنا باعمل كده؟ الله يسامحك .. وبعدين هو انتا يعني أحسن من الرسول عليه الصلاة والسلام اللي كان بيتاجر للسيدة خديجة في مالها وهي زوجته ولا يخجل من أن يعلن إن ده مال زوجته؟ وفين؟ في قريش عز التعصب والجهل؟
    عمـر: ياستي أنا ما اقدرش أوصل للمنزلة دي .. ولو الموضوع ده ح يجيب مشاكل ح أقعدك من الشغل فعلاً ..
    أنا: من فضلك يا عمر ما تكبرش الموضوع كده .. أنا فعلا زعلانة منك جداً ومستغربة تفكيرك جداً ..
    عمـر: حقك عليّ إني انفعلت عليكي، إنتي عارفة قد إيه بحبـّك .. لكن مش ح أقبل أبداً إني أكون على الرف أو حاجة تحصل في بيتي من غير موافقتي، حتى ولو حاجة هايفة؟
    أنا: ………….؟؟

    مرّت أيام وأنا وعمر متخاصمين .. يعني بنتكلم في الضروريات بس .. لكن من جوايا أنا زعلانة منه جداً من عصبيته وموقفه الغريب وتفكيره الأغرب .. المشكلة إني متأكدة إنه مش بخيل ولا طمعان فيّ .. بس مش قادرة أفسر تفكيره لحد دلوقتي .. تحكم والسلام؟! .. ولاّ خوف من الفلوس إنها تقويني فأبعد عنه؟!! وكأن اللي رابط أي زوجة بزوجها هي إنه بيصرف عليها فقط .. ولو هيّ معاها فلوس حتقدر تعيش من غيره وتسيبه بسهولة!! بجد حاجة تجنن!! طيب وستات البيوت بيطلّقوا ليه لما هي الحكاية كده؟ .. مش معقول التفكير المقلوب ده ..
    عمر حاول يصالحني لكني لم أستطع أبداً .. لأني حاسة إن الصورة اللي كانت في خيالى إتهزت لأن موضوع الفلوس بين الزوجين ده حساس جداً، ودايما الزوجة بتكون راسمة لزوجها وحبيبها صورة الفارس النبيل الذي لا يتكلم قط في المال، لأن ده شيء بينقص من قدره كرجل، ودائماً تدور في عقلي عبارة الافلام الشهيرة: أنا برضه أمد إيدي لفلوس واحدة ست؟؟؟ .. فأصبح الأمر مقترن بالرجولة في نظري ..
    ولكن ظروف المعيشة البشعة الآن غيرت من شكل الصورة وجعلت الرجل مضطراً لعمل زوجته ومساعدتها له، والزوجة أيضا تقبلت هذا و تسعد عندما تفعله .. ولكن للأسف لم يتخلى الرجل عن الصورة القديمة في خياله بأنه صاحب المال والآمر الناهي الأوحد .. فأصبح يعذّب زوجته بحملين؛ حمل المشاركة وحمل التحكم ..

    قــال عمــر:
    سارة وحشة أوي وهي زعلانة .. صحيح هي لم تقصـّر في أي حق من حقوقي في البيت، وأجد طعامي وملابسي وكل شيء مرتـّب وترد عليّ عندما أسألها عن أي شيء .. ولكن روحها المرحة الدافئة والحيوية التي تنطق من عينيها والتي تجعلني أذوب فيها إختفت!! وحل محلها لوح زجاج بارد لا يعبر عن أي شيء ..
    حاولت مصالحتها بلا جدوي .. ياربي أعمل ايه؟ بس أنا كمان مش قادر أنفذ اللي هي عاوزاه!! يعني إيه أكون قاعد في البيت ألاقيها داخلة وشارية غسالة مثلاً وتقولي وإنت مالك؟ دي فلوسي، أقعد كمل الشاي اللي بتشربه وخليك في حالك!!
    معقول أستحمل كده؟ ولو كنت فوّت حكاية الشنطة كان حيبقي ده العادي .. أنا مش طمعان في فلوسها أبداً لكني مضطر لمساعدتها في البيت علشان ما نزورش السيدة أنا وهيّ كل يوم جمعة .. بس أعمل إيه .. تحت هدومي الكاجوال لسه فيه صدري جدي الصعيدي .. مش قادر أتقبل الموضوع خالص .. وهيّ كمان معذورة، وشكلي وحش قدامها .. برضه أنا انفعلت بصورة غبية!! ومش قادر أعيش من غير دفء عينيها وحنيتها .. طيب ما هي مش عاوزة تصالحني .. أعمل إيه؟؟ .. شغّل التفانين يا واد يا عمر دي سارة حبيبتك ..

    قــالت ســارة:
    ذهبت إلى عملي كالمعتاد وأنا ماليش نفس لأي حاجة في الدنيا، وطبعاً كان باين على وشي جداً فكل واحدة ظريفة تيجي تسألني بحشرية: إيه إبتدينا نكد الجواز ولا إيه؟؟؟ قلنا كده قالوا اطلعوا من البلد ..
    انا مش عارفة كل واحد ما بيحطش لسانه جوة بقه ليه؟ .. يا سااااتر ..
    خلاص الساعة 2 كلها ساعة وأروّح .. موبايلي بيرن .. إيه ده؟ ده عمر .. خير؟
    أنا: ألو أيوة يا عمر؟
    فرد بصوت أقلقني: أيوة يا سارة، إزيك يا حبيبتي؟ إنتي كويسة؟
    قلت: الحمد لله .. فيه إيه يا عمر؟
    عمـر: مفيش حاجة، بس ح اعدي عليكي بعد ساعة .. إستأذنت من شغلي بدري وح أجيلك .. إستنيني ..
    أنا: إيه فيه إيه؟ .. إنت رعبتني كده؟
    فرد بغموض: لما آجي ح تعرفي!! مع السلامة ..

    يارب سترك يارب .. دي أوّل مرة يعملها .. أكيد بابا تعب وهو مش عاوز يقول لي .. ولا ماما؟!! لا بجد حرام كده .. حاولت الإتصال به ألف مرّة بلا جدوى .. لا يرد، مما أكـّد شكي بأن مصيبة قد حصلت .. يارب أستر يارب ..
    وأخيييييراً جاء بعدما أصبحت على وشك الإنهيار .. ولكنـّي وجدته في قمـّة الشياكة مرتدياً القميص المفضـّل عندي وكمان البرفان اللي باموت فيه!! إيه ده؟ طبعا لو كانت والدته هي اللي تعبانة كان جه بالبيجاما!!! لا وكمان رايق وعمّال يسلم على زمايلي ويوصيهم عليّ!! لا بجد .. لو ما قالش فيه إيه ح اخبطه بحاجة في دماغه حالاً ..
    وأخيراً سلم عليّ بحرارة وهمس في أذني: وحشتيني .. وأخذني وانصرفنا .. وزميلاتي لسان حالهن يقول: جتنا نيلة في حظنا الهباب ..
    وفي السيارة كان ح يغمي على من شدة القلق وسألته: أبوس إيدك قولي فيه إيه، أنا خلاص ح أموت .. ماما ولا بابا اللي تعبانين؟
    فرد بلهجة المحقق كونان: إطـّمني همّ بخير، أنا واخدك لمشوار مهم جداً وما تسأليش على أي حاجة دلوقتي لحد ما نوصل ..
    فخف قلقي قليلاً وإن لم يختفي تماماً .. ولكني راقبت ملامح الغموض المرسومة على وجهه وهي ممزوجة بوسامته الظاهرة اليوم .. فلاحظ أني أراقبه فسألني: إيه وحشتك؟ .. فلم أرد ومديت البوز المتين .. وأغمضت عيني، ولكنـّي رأيت صورته ما زالت مرسومة بداخلها ..
    ياه الظاهر إني نمت شوية .. إيه ده؟ أنا فين؟ في الجنة؟ وأفقت لأجد القاهرة كلها تحت مستوى قدمي في منظر خلاب وجو رائع ونسيم يداعب المشاعر .. وعمر ينظر لي بحنان ويقول لي: صح النوم .. يالاّ انزلي بسرعة ..
    سألته: إيه ده إحنا فين؟
    رد قائلاً: في المقطـّم يا حبيبتي .. مش كان نفسك تشوفيه من زمان؟
    قلت: هو ده المشوار المهم؟؟ ح نعمل إيه هنا؟
    قـال: هشششششششش .. كفاية أسئلة وتعالي ..
    ومشيت وراءه وأنا أبعد يده التي تحاول الإمساك بيدي والبوز مازال موجوداً ..
    ودخلنا إلى كافيتريا لم أرى في جمالها من قبل .. كل حوائطها مستبدلة بزجاج دائري كي تري القاهرة من كل أركانها، وكل الأضواء أستبدلت بشموع تعطي الجو رومانسية وسحر غامض .. وأخذني الى طاولة بعيدة وجلسنا، وأنا لا أستطيع النطق بعد ما رأيته .. ونظر إلى عيني مباشرة وقال لي ثانية: وحشتيني ..
    أنا: …………..؟
    عمـر: بحبك ..
    أنا: ……..؟
    عمـر: مش عاوزة تردي عليّ؟ طيب أنا آسف ..
    أنا: خلاص يا عمر، أنا مش زعلانة .. أنا نسيت الموضوع خلاص ..
    قـال: واضح جداً بدليل البرود اللي بتعامليني بيه .. ياريتك خاصمتيني .. لكن إنتي إستعملتي أسلوب ذكي جداً ما قصرتيش في أي حاجة .. ولما أكلمك بتردي عادي .. لكن إنتي في دنيا وأنا في دنيا تانية .. ودي حاجة ممكن تموتني .. فين سارة حبيبتي؟
    قلت: أيوة حبيبتك أوي .. بدليل إنـّك مش عاوزني أشتري لنفسي حاجة، ولازم أرفع صباعي وأستأذن قبل ما أشتري حاجة ..
    قـال: يا حبيبتي أنا نفسي أجيب لك كنوز الدنيا وأحطهم تحت رجليكي .. بس إنتي عارفة الظروف .. وأنا مش عاوز أتحكم فيكي ولا حاجة .. دي حاجة نفسية جوايا بتخليني عاوز أعرف كل حاجة بتعمليها، وتحسسيني إنك مش بتعملي حاجة إلا لما أعرفها الأول ..
    قلت: بس دي حاجة تخنق ..
    قال: بصي يا سارة .. أنا بخيل؟
    رديت: لا ..
    قـال: عيني زايغة؟
    رديت: لا ..
    قـال: بأعامل أهلك وحش؟
    رديت: لا ..
    قـال: بأعاملك إنتي وحش قدام الناس أو حتى بيننا؟
    رديت برضه: لا ..
    قـال: مش عارف ربنا كويس؟
    قلت: الحمد لله ..
    قـال: طيب يا ستي إعتبري موضوع الفلوس ده عيب فيّ وخديني على قد عقلي فيه وريحيني .. وأنا اوعدك إني عمري ما ح أحرمك من حاجة أبداً بس عرّفيني الأول .. إتفقنا؟
    إنكسفت جداً من إني أريده كاملاً بلا عيوب .. من تكبيري الموضوع بالشكل ده ..
    ورددت عليه: إتفقنا يا حبيبي ..
    قال وابتسامة فرحة تملأ وجهه: الله أكبر .. أول مرة تنطقيها من أسبوع .. أيوة كده خلي الشمس تطلع يا شيخة ..
    قلت: خلاص بقى .. فرجت علينا الناس ..
    قال: طيب غمضي عينكي، أنا جـِبت لك هدية .. بس ما تتعوديش على كده أحسن ح نشحت بالشكل ده!! إتفضلي يا ستي ..
    فتحت العلبة التي قدمها وهتفت: الله .. إيه الصندل الجميل ده؟
    قال: ده يا ستي علشان يليق على الشنطة اللي إشتريتيها .. بس زي ما إتفقنا ح تعرفيني الأول على أي حاجة .. خلاص يا حبيبتي؟
    رددّت بكسوف: خلاص يا شهريار ..
    فردّ بلهفة: شهريار؟!!! الله أكبر ..
    ثم نظر لي وقال: سارة إنتي لازمك الغدا هنا أوي؟ .. ولاّ ممكن نروّح دلوقتي؟!!!

صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 24-01-2012, 01:01 PM
  2. نكت عشت على امل بناء سفينتي
    بواسطة جون سينا في المنتدى نكت 2018
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 22-01-2012, 04:24 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك