احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: الدفاع عن اللغة العربية

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Oct 2008
    الدولة
    jordan land
    العمر
    33
    المشاركات
    21,612
    معدل تقييم المستوى
    21474873

    الدفاع عن اللغة العربية






    ناقشَ خبراء وأكاديميون المخاطر التي تواجه اللغة العربية في زمننا هذا، بسببٍ من أبنائها أو من التغوّل الكبير للّغة الإنجليزية وانتشارها عالمياً بحيث أصبحت لغةَ العلم والاقتصاد والتواصل عبر شبكة الإنترنت.

    ورأى المشاركون في الطاولة المستديرة التي نظمها مركز «الرأي» للدراسات، حول «الدفاع عن اللغة العربية»، أن هناك «أزمة» (لا هجمة) تمر بها هذه اللغة، وأن واقع هذه اللغة وواقع التعامل معها وبها يتطلب آليات فاعلة لتتخطى أزمتها، وهو ما دفع عدداً من الحريصين على اللغة إلى إطلاق المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية.

    وتبادل القائمون على المشروع وثلّة من علماء اللغة والمفكرين والباحثين، الآراء بشأن تفعيل المشروع على الوجه الأكمل، وإنجاحه عبر إقرار قانون يحمي اللغة العربية في بلادنا ويضع تدابير وعقوبات في وجه الذين لا يمتثلون لنصوصه. وهو ما شرعت اللجنة التنفيذية للمشروع به، عبر تقديم مقترَح قانون للحكومة، أملاً في أن يقرّه البرلمان المقبل.

    أدارها وأعدّ لها: جعفر العقيليarabi
    حررها للنشر: بثينة جدعون

    كانون اول 2012

    تالياً أبرز ما جاء من نقاشات ضمن «الطاولة المستديرة»:

    العقيلي: هجمة على اللغة

    بدأ الزميل جعفر العقيلي تقديمه للفعالية بدعوته إلى عدم التوقف عند واقع لغتنا طويلاً، فواقعها يعرفه الداني والقاصي، كما أن عنوان الطاولة «الدفاع عن العربية» يقتضي بالضرورة الإقرار أن ثمة هجمةً على اللغة، وهي هجمةٌ يتورّط فيها أبناؤها قبل «الآخر» أو «الآخرين».

    وأكد العقيلي أهمية وجود قانون للّغة العربية، يحميها ويدافع عنها، مضيفاً أن ما يحدث هو أن «متحمّساً» يثير المسألةَ، فتجد وقعاً طيباً لدى مسؤول يُصادَف أنه متحمّس أيضاً للعربية وحمايتها، وفورَ أن تنطوي صفحةُ أيّهما عن موقعه تقلّ الحماسةُ حتى تكاد تنعدم.

    وأضاف أن ثمة هياكل شُيّدت في مجال الدفاع عن العربية، لكنها لم تغادر مربع الإنشاء الأول، مشيراً إلى أن الحديث يجري في مجمع اللغة العربية عن خطط عمل ومشاريع لم تعد مجْدية في زمنٍ يشهد ثورةً كبرى في التكنولوجيا ووسائل الاتصال، فلا جدوى من ترجمة أو تعريب كتاب في المصطلحات الطبية يتطلب إنجازُه عشر سنوات، وعند صدوره يكون العاملون في هذا المجال قد تجاوزوا ما فيه، لنشوء مصطلحات أخرى جديدة.

    التل: تعبير عن حال الأمة

    بدوره، قال الرئيس التنفيذي للمشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية بلال حسن التل: «لم يعد خافياً لأي متأمل في واقع اللغة العربية حجم ما تتعرض له هذه اللغة من هجمات يشارك بها أبناؤها، فلا يكاد المرء يجلس في مجلس حتى يستمع إلى مَن يتحدث بكلمة عربية ثم يرقع لسانه ويتحدث برطانات مختلفة، ما يشكل خطراً داهماً على اللغة العربية، إذ أصبح من السهل نسيان الكثير مما تعنيه هذه اللغة».

    وتابع ان كثيراً من الأسر صارت تفكر باختيار المدارس «الأقوى» بهذه اللغة بدلاً من العربية لتعليم أطفالها، وهو ما يشكل خطراً على نشأة الأطفال. كما أن معظم لافتات المحلات في عمّان بأسماء غير عربية، رغم أن كثيراً من أصحابها لا يتقنون اللغة الإنجليزية، ولكنهم جزء مما وصفه ابن خلدون «تعلُّق المغلوب بالغالب»، ورغبته في تقليده.

    وأشار التل إلى ظهور جيل من الشباب في مجتمعنا لا يتقن «العربية» ولا علاقة له بها، وخاصة بعد بروز ما يسمى «العربيزي»، واستعماله في تبادل الخطابات بين أبناء هذا الجيل.

    وأضاف: هذا ما دفعنا للتصدي للدفاع عن اللغة العربية، كوننا لا ندافع عن اللسان كوسيلة للتواصل بين الناس، إنما عن فكر الأمة وثقافتها، فاللغة أداة الفكر والثقافة، وهي أداة من أدوات الدفاع عن وحدة الأمة وسيادة الوطن، وهي مكوّن أساسي من مكونات السيادة والاستقلال الوطني، فالمستعمِر الفرنسي اتجه أولاً إلى اللغة لفرنسة الجزائر، كما أن هناك محاولات لفرض اللغة العبرية في فلسطين.

    وتساءل التل: كيف نتحدث عن ضعف اللغة العربية وعدم قدرتها على مواكبة علوم العصر والمخترعات، في حين استطاع المحتلون الصهاينة إحياء لغة ميتة كـ «العبرية» وتحويلها إلى لغة علوم تنتظر المراكز العلمية ما تنجزه لترجمتها، مؤكداً أن اللغة تعبير عن حالة الأمة، فإذا كانت الأمة بخير فإن لغتها تكون بخير.

    وحول مشروع «الدفاع عن اللغة العربية» قال التل إن وضع ملامحه استغرق ما يقارب العامين، بعمل جاد ودؤوب بعيداً عن الاستعراض، «كوننا نريد التأسيس لنهضة لغوية تقودنا إلى نهضة ثقافية وعلمية كاملة وشاملة»، موضحاً أنهم يعملون من خلال مجموعة فرق متخصصة، فهناك فريق قانوني تمكن من وضع مشروع قانون حماية اللغة العربية وتم تسليمه للحكومة، وهو الآن في مراحله الدستورية، والخطوة المقبلة هي إصداره في البرلمان المقبل، داعياً الإعلام للقيام بدوره في توعية الناخبين للضغط على المرشحين نحو إصدار هذا القانون، بحيث يكون إقراره جزءاً من برامجهم الانتخابية.

    وأشار التل إلى وجود فريق للتواصل مع الشباب تبلور عبر تشكيل مجموعات «فرسان الضاد» في المدارس والجامعات لنشر اللغة العربية. إضافة إلى فريق الحوار المجتمعي، الذي ينتشر في المحافظات ويقوم بتنظيم الندوات والمحاضرات واللقاءات مع الفئات المختلفة.

    وأضاف: امتد العدوان على اللغة العربية ليشمل كل مكونات مجتمعنا، بدءاً من ألسنة أطفالنا وصولاً إلى استخدام الأسماء والمفردات واللغات الأجنبية في أسماء أبنائنا وشوارعنا ومتاجرنا ومطاعمنا ومقاهي بلادنا وقوائم الطعام والشراب والأسعار في جل مرافقنا، وكأننا لا نعيش في بلاد الضاد. وهو الأمر الذي يوجب علينا جميعاً العمل على إصلاح هذا الخلل بالنصح والتوعية.

    وأوضح التل أن المشروع يتصدى في دفاعه عن اللغة العربية للمخاطر التي تنجم عن استخدام لغة غير اللغة العربية، ومنها: اختلاف نمط التفكير، ما يسبب تبايناً في الرؤى خاصة حول القضايا الأساسية، وتمزق الوحدة الثقافية للوطن الواحد والنسيج الاجتماعي، إضافة إلى خطر تمزق الذوق العام للمجتمع نتيجةً لتباين الثقافة ووحدة الفكر. وكذلك خطر ضياع الموروث الحضاري المدون باللغة العربية بمكوناته العلمية والأدبية والفقهية والقضائية.

    ورأى التل في الدفاع عن اللغة العربية من خلال «المشروع الوطني» دفاعاً عن دين الأمة لأن اللغة العربية هي وعاء القرآن الكريم والسنة النبوية وفقه العلماء على مدار العصور، ودفاعاً عن فكر الأمة ووسيلة التعبير عن هذا الفكر، ودفاعاً عن مكانة أمتنا بين الأمم بمكانة لغتنا بين لغات الأمم، ودفاعاً عن مكون رئيس من مكونات الاستقلال السياسي والثقافي الذوق العام للمجتمع، ودفاعاً عن الركيزة الأساسية من ركائز بناء المشروع الحضاري النهضوي، ودفاعاً عن الوسيلة الرئيسة لبناء العواطف والمشاعر والمفاهيم الدينية والوطنية والقومية والتعبير عنها، ودفاعاً عن الهوية الحضارية والوطنية لمدننا التي أخذت بالتلاشي نتيجة لكثرة اللوحات المعلقة على واجهات المحال التجارية وفي الشوارع بغير اللغة العربية.

    البعد الوطني

    وعرض التل أبعاد المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية، بدءاً من البُعد الوطني، إذ يهدف المشروع إلى المحافظة على استقلالنا وسيادتنا الوطنية والقومية من خلال الحفاظ على لغتنا العربية بوصفها واحداً من أهم مكونات هذه السيادة والاستقلال المستهدفَيْن.

    وبيّن أن علماء السياسة والاجتماع أجمعوا على أن اللغة مكوّن رئيس من مكونات السيادة والاستقلال الوطني، وأن مكانة الأمة بين الأمم تقاس بمكانة لغتها، منوهاً بذلك إلى ما أشار إليه مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون عندما قال في مقدمته: «إن غلبة اللغة بغلبة أهلها، وإن منزلتها بين اللغات صورة لمنزلة دولتها بين الأمم».. وإلى ما أشار إليه مصطفى صادق الرافعي عندما قال: «ما ذلّت لغة شعب إلا ذَلَّ، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار، ومن هنا يفرض الأجنبي المستعمِر لغته فرضاً على الأمة ويركبها بها ويشعرهم عظمته فيها، ويستلحقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثة في عمل واحد: أما الأولى فحبس لغتهم في لغته سجناً مؤبداً، وأما الثاني فالحكم على ما فيهم بالقتل محواً ونسياً، وأما الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال يضعها، فأمرهم لأمره تبع».

    وتابع التل: بسبب الدور الذي تلعبه اللغة في تثبيت هوية الأمم والأوطان، ينصرف المحتل إلى إبعاد الشعوب عن لغتها. فالشعوب الحية ترفض المساومة على لغتها أو إضعافها، فقد وافق اليابانيون على كل شروط الاستسلام في الحرب العالمية إلا الشرط المتعلق باللغة اليابانية. وطيلة حرب تحرير فيتنام ظل القائد «هوشي منه» يردد لشعبه قوله: «لا انتصار لنا على العدو إلا بالعودة إلى ثقافتنا القومية ولغتنا الأم».

    البُعد الوحدوي

    وحول البعد الوحدوي، قال التل إن اللغة من أهم مكونات وحدة الشعب والأمة العربية التي يسعى أعداؤها إلى إبعادها عن لغتها واستبدال لهجات عامية هجينة بها لتقطيع أواصر وحدتها، فالشعب هو وحدة الشعور والسلوك والإرادة وليس مجموعة من الناس تعيش في بقعة واحدة فقط. مضيفاً أن الدفاع عن اللغة العربية هو دفاع عن الوحدة الوطنية للشعب الواحد، وعن الوحدة القومية في إطار الأمة كلها بكل أديانها، وبكل مذاهبها ومدارسها الفكرية.. يتساوى في ذلك المسلم والمسيحي.

    بُعد دولة القانون

    وأكد التل أن المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية يهدف أيضاً إلى الدفاع عن دولة القانون من خلال الانصياع للدستور الأردني الذي ينص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، وكذلك سائر القوانين النافذة التي تنص على احترام اللغة العربية.

    البُعد التعليمي

    وبالنسبة للبعد التعليمي، قال التل إن الدراسات والبحوث تكشف أن تراجع مستوى مناهجنا وكتبنا الدراسية هو أحد أهم أسباب تراجع استخدام اللغة العربية في بلادنا، خاصة في مجال تعليم اللغة العربية، وكذلك تقليص الأوقات المخصصة لتعليمها في مدارسنا وجامعاتنا. مضيفاً أن فريقاً من خبراء التعليم تم تشكيله لدراسة واقع المناهج والكتب الدراسية، وتقديم المقترحات المناسبة بهذا الشأن، من منطلق إيمان المشروع بأن الإصلاح اللغوي هو المدخل لإصلاح التعليم في بلادنا.

    البُعد التنموي

    ولفت التل إلى أن الدراسات والبحوث وتجارب الأمم دلّت على أن توطين العلوم والمعارف باللغة الأصلية للبلاد هو من أهم أسباب نهضتها العلمية والصناعية والاقتصادية، وأن استيعاب الطلبة للمواد العلمية بلغتهم الأصلية يكون أضعاف استيعابهم باللغات الأجنبية. لذلك، فإن المشروع الوطني يهدف إلى توطين العلوم والمعارف باللغة العربية، ليكون ذلك أساساً متيناً لنهضة حقيقية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

    البُعد الأخلاقي

    وقال إن الباحثين ذهبوا إلى أن من أسباب حالة الانهيار الأخلاقي، ابتعاد الناس عن لغتنا العربية، ومن هنا فإن الدفاع عن العربية هو دفاع عن الأخلاق الحميدة للأمة..مبيناً أن لكل لغة أخلاقها؛ فاللغة تحمل في مفرداتها دلالات أخلاقية تشكل بمجموعها منظومة أخلاقية كاملة، وهي أبرز ما تكون في اللغة العربية.

    البُعد الاجتماعي

    أما البعد الاجتماعي، فأكد التل بخصوصه أن الدفاع عن نظامنا الاجتماعي، والسعي لبناء الذوق العام لمجتمعنا ولذائقته الفنية هو دفاع عن اللغة العربية. فاللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، إنما هي نظام اجتماعي متكامل يربط أبناءها بوصفها إدارة للتنشئة والتربية للفرد ونمط شخصيته وأسلوبه بالتفكير، فهي وسيلة لتنمية العادات والسلوك الاجتماعي لأفراد المجتمع، كما أنها من أهم مكونات الذوق العام للمجتمع، خاصة على صعيد بناء الذائقة الفنية للأعمال الإبداعية.

    ورأى أنه بحسب الكثير من المهتمين، فإن الابتعاد عن اللغة العربية الفصيحة، هو أحد أسباب ما يعانيه مجتمعنا من تخلُّف اجتماعي وتراجع الذائقة الفنية، وغياب الذوق العام عن سلوك الكثير من أبنائه.

    البُعد المدني

    وبيّن التل أن المشروع ينفَّذ بإرادة وتعاون مؤسسات المجتمع المدني الأهلية في بلادنا، فهو يساهم في وضع بلادنا على خريطة العصر الذي يتميز بأنه عصر المؤسسات المدنية والأهلية، مشيراً إلى أن هذا المشروع جاء ليؤكد هذا الدور.

    البُعد الديني

    قال التل إن اللغة العربية تتميز عن غيرها من اللغات بقدسيتها وبعالميتها، فهي لغة كل مسلم موحِّد مهما كان عرقه، فلا تجوز صلاة لمسلم أو تلبية أو قراءة للقرآن الكريم بغير اللغة العربية، فبحسب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعلموا العربية وعلّموها للناس» وقول علماء الأمة وفقهائها: «إننا مأمورون -أمر إيجاب أو أمر استحباب- أن نحفظ القانون العربي ونصلح الألسنة المائلة عنه»، وأيضاً قولهم: «إن على الخاصة أن تقوم بكفاية العامة في ما يحتاجون إليه لدينهم وفي تعلم لسان العرب ولغتها»، فكل المسلمين مأمورون بتعلم العربية والدفاع عنها، مضيفاً أن هذا البُعد من أبعاد «المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية» يستوعب كل الأبعاد الأخرى ويجعل نجاحه ووصوله إلى أهدافه واجباً شرعياً ووطنياً وقومياً لكل فرد من أفراد الأمة.

    آليات المشروع

    وحول الآليات التي يتبناها هذا المشروع لتحقيق أهدافه، قال التل إنه يتم بناء الوعي اللغوي لدى الجمهور من خلال سلسلة الندوات والمحاضرات وورشات العمل والمسابقات وسائر الأنشطة التي ينظمها المشروع في جميع مناطق المملكة، والتي من خلالها يتم تنبيه الجمهور إلى وجود مشكلة تتعلق باللغة العربية، لأن الانتباه للمشكلة جزء أساسي من حلها، مثلما هو التشخيص السليم للمرض جزء أساسي من علاجه.

    وأضاف: أن من آليات عمل المشروع، السعي لإشراك كل مواطن في الدفاع عن لغته العربية من خلال إشعاره بأن ذلك مسؤولية شخصية يفرضها الدين، بوصف اللغة العربية جزءاً لا يتجزأ من الإسلام، حيث لا تجوز صلاة مسلم بغير اللغة العربية، مثلما أن التلبية في الحج تتم باللغة العربية، كذلك الدعاء -وهو «مخ» العبادة- يتم باللغة العربية، ثم تدوين سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقه علماء الأمة؛ فالدفاع عن اللغة العربية فريضة شرعية أفتى بها علماء الأمة وفقهاؤها على مر العصور.

    وتابع التل: الدفاع عن اللغة العربية هو مسؤولية شخصية يفرضها الانتماء الوطني والقومي بوصف اللغة مكون أساسي من مكونات شخصية الأمة والاستقلال والسيادة الوطنية؛ فالمشروع يحث كل مواطن على الدفاع عن اللغة العربية من موقعه ومن خلال سلوكه الشخصي، بأن يتحدث مع أطفاله وأفراد أسرته باللغة العربية فقط، وأن يختار لأطفاله المدرسة التي تحرص على تعليمهم اللغة العربية. وأضاف التل أن على كل مواطن في إطار المسؤولية الشخصية أن يمتنع عن التراسل وخاصة عبر الهاتف، وعبر البريد الإلكتروني، وعبر صفحات التواصل الاجتماعي بغير اللغة العربية.

    وقال إن من آليات المشروع أيضاً، تشكيل مجموعات عبر «فرسان الضاد» لبناء رأي عام يتبنى قضية الدفاع عن اللغة العربية من خلال الضغط لإصدار قانون لحماية اللغة العربية، سواء كان هذا الضغط على الحكومة أو على مجلس النواب، وكذلك الضغط لتعريب التعليم الجامعي وحث أساتذة الجامعات وسائر العلماء على التأليف العلمي باللغة العربية، وكذلك الترجمة منها وإليها.

    وتابع التل: كما يسعى المشروع أيضاً إلى تحسين مناهج اللغة العربية، وزيادة الحصص المخصصة لها في مدارسنا، مع العمل على تحسين ظروف معلمي اللغة العربية، والضغط على مظاهر العدوان على اللغة العربية مثل اللافتات التي ما زالت تُكتب بغير اللغة العربية خاصة تلك التي تحمل أسماء المحلات التجارية والشركات، وسائر المرافق، وقوائم الطعام والشراب في الفنادق والمطاعم والمقاهي.

    وأوضح التل أن المشروع يهدف إلى تشجيع الشركات والمؤسسات والبنوك والأفراد القادرين على تشجيع استخدام اللغة العربية، سواء من خلال الإنفاق على التأليف والترجمة والأنشطة التي تهدف إلى تعميم اللغة العربية، أو من خلال تعريب مراسلات هذه الشركات والمؤسسات والبنوك ووثائقها.

    وأضاف أن المشروع يتبنى سلسلة من الأنشطة التي تصبّ في مجرى الدفاع عن اللغة العربية، مثل المسابقات والمؤتمرات العلمية والفكرية، وإقامة أندية الشعر والخطابة، وإنشاء محاضن اللغة العربية لأطفالنا، والتركيز على مهارات اللغة العربية وتعلمها بالسليقة من خلال الحديث والقراءة والكتابة.

    وأكد التل أن المشروع يؤمن بالعمل الميداني بين الناس، وفي كل القطاعات، لحثّهم على احترام لغتهم، فذلك أكثر نفعاً من مجرد كتابة بحوث تظل حبيسة الأدراج أو ندوات تظل مجرد صدى في القاعات.

    شرف: التحدّيات

    من جانبها، قالت عضو اللجنة العليا للمشروع، وزيرة الإعلام وعضو مجلس الأعيان (سابقاً) السيدة ليلى شرف، إن بعض التحديات التي واجهت القائمين على المشروع خلال العمل من أجل «إنقاذ اللغة العربية»، هو في كون اللغة في حياتنا «لُغَتان»، فالطفل عندما يتكلم لا يتكلم الفصحى، إنما لغة البيت، بينما يتعلم الفصحى في مرحلة متأخرة من حياته، مضيفة أننا مضطرون لتعلم لغات أجنبية، كون مصادر العلوم والمعارف ليست موجودة لدينا، إنما موجودة في الخارج. وإضافة إلى أن حركة الترجمة محدودة وضعيفة، فإن موْلد الشبكة المعلوماتية أثّر في استعمالنا للّغة العربية.

    وأضافت شرف أن هذه التحديات الأساسية، وصعوبة اللغة بالنسبة لمن يتكلم العربية غير الفصيحة الدارجة تجعل منا «أمماً»، وهو ما يمثل تحدياً سياسياً، إذ إن اللغة تتطور لتصبح مستقلة بحيث يمكن أن تفصل بيننا في المستقبل وبتسارع كبير.

    ورأت أن بعض التحديات يمكن التغلب عليها، فإذا استطعنا البدء بتعليم اللغة للطفل في سن مبكرة، فسيكون من السهل عليه أن يُقْبل على اللغة العربية واستعمالها في المستقبل.

    وأوضحت شرف أن الهجمة على اللغة، ليست كلها واعية ومقصودة، كما أنها ليست مؤامرة استعمارية بقدر ما هي هجمة جماعية فرضتها ظروف الحياة الحالية. فأيّ تحدٍّ ليس عقبة بحدّ ذاته، بل هو محفّز للوصول إلى الغاية المنشودة. مشيرة بذلك إلى ما مرّ به لبنان من ظروف استعمارية كبيرة، وبالرغم من ذلك استطاع أن يحافظ على اللغة العربية ويحول دون محوها، ويعيدها إلى الحياة.

    أبو البصل: الاقتراب من الفصيحة

    وقال عضو اللجنة العليا للمشروع، رئيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية د.عبد الناصر أبو البصل إننا في هذا الزمن لا نطالب الناس الحديث باللغة العربية الفصيحة، لافتاً إلى قول د.ناصرالدين الأسد بأن «الفصيحة أخفّ من الفصحى»، فالفصحى تمثل «المرتبة العليا».

    ودعا أبو البصل إلى عدم الخوف من اللحن اللغوي، في سياق حديثه عن أن كثيراً من الناس يحجمون عن التحدث بالفصيحة خوفاً من اللحن، فالعربية ليست «النحو» فقط، فهناك البلاغة والبيان أيضاً.

    وقال إننا نريد أن نشيع ثقافة حب العربية ونوسع دائرة الحديث بالعربية حتى نقترب من العربية الفصيحة، ولتكونَ اللغة المحكية معظمها من العربية الصحيحة، ولتصبح لغةَ التدريس بالمدارس والجامعات.

    وأضاف أبو البصل أن المطلوب هو كسر حاجز الخوف من العربية الفصيحة، فحينما تتم مقابلة أحد، سواء في المدرسة أو في الجامعة أو في الإعلام والصحافة والعلاقات العامة، لا يستطيع أكثرهم التحدث لمدة ربع ساعة بالعربية السليمة الصحيحة، دون أن يتردد كثيراً في الحديث، مبيناً أن الدول العربية لم تستطع حتى الآن أن تُدخل العناوين العربية للإنترنت، فأنت مضطر لكتابة (WWW) باللغة الإنجليزية ولا تستطيع أن تكتب «الإنترنت ويب» بالعربية!

    وأوضح أن الهجمة حينما تشتد، فإن المقاومة للحفاظ على العربية تقوى، مستدركاً: «لكننا لا نريد أن نصحو في وقت يصعب فيه التراجع»، ومضيفاً أن الجزائر ودول المغرب العربي شهدت تركيزاً على إشاعة اللغة الفرنسي زمن الاستعمار، لكن الحال انقلبت اليوم لصالح اللغة العربية.

    وأوضح أن ثنائية اللغة ليست خطراً، إلا إذا صار الحديث بالعربية سخرية، وصرنا نحارب العربية ونستحيي من الحديث بها، وضَعُف التدريس العملي بالعربية، فتصبح اللغة العربية الموجودة عندئذ لغة سطحية، أي ستغيب مجموعة من المصطلحات من التداول، فتصبح مجموعة كلمات لا تتجاوز ألف كلمة أو ألفين، ما يضطرنا إلى اللجوء القاموس كي نفهم هذه الكلمات.

    وقال أبو البصل: لا نريد محاربة تعلّم اللغة الأجنبية، لكن في الوقت نفسه نريد الحفاظ على لغتنا الأصلية ونريدها أن تنمو بمستوى نمو التقدم العلمي لتكون لغة للعلم، كبعض اللغات التي حرص أهلها أن تكون كذلك.. موضحاً أن الدفاع عن العربية لا يعني الهجوم على اللغات الأخرى، فنحن نحب الاستماع للغتنا، وهذا أمر ثقافي نوّد بثه في المجتمع حتى لا يصبح الحديث بالعربية سخرية أو يحتاج أن نطعّمه ببعض الكلمات الأجنبية ليكون صحيحاً.

    العرموطي: القانون وتفعيله

    قال عضو الفريق القانوني للمشروع المحامي علاء العرموطي، إنه اطلع قبل فترة على تقرير لليونسكو وُضع قبل سنوات عدة، جاء فيه أن لغات العالم زهاء 6700 لغة، نصفها معرض للانقراض، وقد وُضعت اللغة العربية من ضمنها، واصفاً هذا الأمر بـ «المعيب»، بأن توضع العربية مع لغات أسترالية وإفريقية لا يتحدثها إلا العشرات.
    وأضاف: كنا نتحدث في الدفاع عن سلامة اللغة العربية، وصرنا نتحدث في الدفاع عنها، مؤكداً خطورة ذلك، ووجوب قرع الأجراس، فالموضوع داهم ويستحق من الجميع كل الجهد.

    وبيّن العرموطي أن التفكير انصبّ على وضع مشروع قانون يكون فيه القانون بعد إقراره فاعلاً. فقوانين الجامعات تُلزم بتدريس اللغة العربية، ويُمنَع التدريس بغير العربية، لكن هذا ما لا تفعله كثير من الجامعات، وفي هذا مخالفة للقانون.

    وأضاف أن معظم القوانين، وأربعة بلاغات حكومية رسمية، صدرت منذ الثمانينات، تتحدث عن وجوب حماية اللغة العربية، لكن الواقع العملي يكشف أن الأمور في هذا الجانب تسير إلى تدهور.

    وتابع العرموطي: عندما تداولنا مشروع القانون وجدنا أنه يجب أن يكون هناك آليات لتنفيذ ما جاء فيه، بحيث تكون هناك جهة تضطلع بواجب الحفاظ على سلامة اللغة العربية وتكون هناك آليات تنفيذية متطورة، مبيناً أن نصوص القانون تتضمن إنشاء ما هو نظير «الشُرَطة اللغوية»، وأن هناك آليات وُضعت لتلقي الشكاوى لإعطاء هيئة المشروع الوطني للدفاع عن العربية صفة الادعاء العام على المخالفات، وفرض غرامات مالية باهظة، وأن القانون يدعو الهيئات المختلفة إلى تسوية أوضاعها في مدة لا تتجاوز السنة.

    وأضاف العرموطي أن علينا أن نشكّل قوة ضاغطة على السياسيين وذوي السلطة من الحكومات والبرلمانات للدفع باتجاه تبني هذا المشروع وعدم قصقصة جناحَي القانون المقترَح.

    ورأى أننا كعرب مسلمين خسرنا الأرض والتاريخ والجغرافيا، وليس لدينا متسع من الوقت لخسارة اللغة أيضاً، فهناك هجمة من اللغتين الفرنسية والإنجليزية على اللغة العربية، فالفرنسية تهاجم العربية من جناحها الغربي والإنجليزية من جناحها الشرقي. مضيفاً أنه يهولنا مدى سيطرة المفردات الأجنبية على الإعلانات والمعاملات الرسمية والمؤتمرات، كما أن كثيراً من المفردات العربية يتم تلاشيها، مقابل آلاف المفردات الأجنبية التي تدخل في التداول اليومي، ما يعني بالضرورة الدفع بآلاف المفردات العربية إلى زوايا النسيان.

    الأعرج: أزمة كينونة

    قال عضو الفريق القانوني للمشروع المحامي د.موسى الأعرج إن واقع العربية معروف للقاصي والداني، متسائلاً: هل وقفنا على الأسباب التي أنتجت هذا الواقع؟ إذ لا يمكن معالجة الأسباب الحقيقية إذا لم نقف عليها.

    ونفى أن تكون اللغة العربية تواجه هجمة، إنما هي تعيش أزمة كينونة ممتدة بدأت مع منتصف القرن المنصرم، ووصلت إلى نقطة الخطر الشديد.

    ورأى الأعرج أن ابتعادنا عن اللغة العربية بدأ منذ أن صارت الرضاعة صناعية، وأصبحت الخادمة الأجنبية أماً بديلة. كما فاقمت ثورة الاتصالات خلال العقدين الأخيرين من المشكلة، وألقت بظلالها عليها. مضيفاً أن اللغات كالكائنات الحية، إذالم تتحرك وتتطور فإنها ستضمر.

    وأكد أن المشكلة ليست مستعصية، وأنها قابلة للحل، لكن الحل لا يكون بإصدار قانون فقط، بل يكمن بالعمل الجماعي على المستويات كافة، من أشخاص يحبون اللغة ويتخصصون بها.

    وقال الأعرج أن اللغة العربية قادرة على استيعاب المستجدات والتطورات العلمية والتكنولوجية، وكل ما يحدث في هذا العالم المتنامي، مستدركاً أن كثيراً ممن يتلقون علومهم بالخارج يتعلمون بلغات البلاد التي يدرسون فيها، إلى درجة أنهم يتأثرون بنمط الحياة التي يعيشونها، وهذا ينعكس على لغتهم.

    وصنّف الأعرج الخطر الذي تواجهه اللغة العربية إلى شقين: خطر يتعلق بالمفردات والتراكيب والنحو والصرف، وآخر يتعلق بالحرف العربي، مضيفاً أن التجربة التركية خير مثال على ذلك، فالأتراك غيّروا حرفهم في بداية العشرينات، فصاروا منفصلين عن تاريخهم كون لغتهم حديثة، وكل تاريخهم وأدبياتهم بالحرف العربي.
    وأوضح أن مشكلتنا ليست في الفصحى والعامية، بل بوجود عامية هجينة من عاميتنا ومن استعمالنا للّغة الإنجليزية.

    وركزّ على أن قوانين الجامعات تقول إن اللغة العربية هي اللغة الأساسية والمعتمدة، ويؤصل هذه الفكرة ويؤكد عليها قانون التعليم العالي، مضيفاً أن مشكلة القوانين الحالية الموجودة ليس لها أسنان، أي أن القواعد القانونية «لا يوجد لها مؤيد جزائي»، فالفعل إذا لم يكن عليه عقوبة، يصبح عملاً أخلاقياً بعضهم يمارسه والآخر لا يفعل ذلك، أما إذا كان عليه عقوبة (كالغرامة المالية) فإن ذلك كفيل بأن يجعل من يمارس الفعل يتردد قبل القيام به.

    وحول واقع التردي في اللغة، قال الأعرج إن الخطورة فيه تتمثل في تردي اللغة في التشريعات والقوانين، فاللغة هي القوالب التي تصب فيها الأفكار القانونية، والقواعد القانونية أغلبها ملزمة، فعندما تصب الأفكار القانونية لا بد أن تكون القوالب صحيحة حتى تكون الأفكار صحيحة، وهو ما ينطبق أيضاً على الأحكام القضائية.. فعندما تكون التشريعات متردية في اللغة تصبح الأحكام القضائية متردية، وعدم صياغة التشريع بلغة صحيحة ينعكس سلباً على الحكم القضائي ما يجعله غير صحيح.

    وبالنسبة إلى القانون، أشار الأعرج إلى أهمية إصداره ولو بالحد الأدنى الذي نطلبه، على أن تكون له قوة تنفيذية ومؤيد جزائي للقواعد الموجودة فيه. مشيراً إلى خطر آخر يواجه اللغة العربية، هو «الإعلام والإعلان».

    عبد الحق: الأمن اللغوي

    قال أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة اليرموك د.فواز عبد الحق إن هناك قضية كبرى هي الأمن اللغوي، الذي يرى أنه «مخترَق»، مدللاً على ذلك من خلال مقارنة النصين الإنجليزي والعبري في اتفاقية وادي عربة، بالنص العربي، حيث ثمة «شرخ كبير» بين النص الإنجليزي والنص العربي، مضيفاً أن اللغة في التشريع قد تخسر بها -أو تكسب- وطناً.

    وحول قضايا التشريع اللغوي، لفت عبد الحق إلى اللجنة الملكية التي كان عضواً فيها، والتي ترأسها د.خالد الكركي لسن قانون لحماية العربية في العام 2009، إذ تم الانتهاء من القانون الذي أُودع رئاسة الوزراء، لكنه لم يرَ القانون النور إلى الآن.

    وقال عبد الحق إن الإبداع في العربية نحواً وصرفاً وبناءً ينتج إبداعاً في اللغات الأخرى. ورأى أن اللغة العربية مهمشة، داعياً الدولة إلى تبني سياسة لغوية، تقوم على أهداف تضعها الأمة، بحيث يتم تنفيذها بدءاً من مناهج المدرسة ثم الجامعات.

    كما دعا إلى وضع أهداف عامة تضعها أقسام اللغة العربية وكليات الآداب والجامعات بشكل عام وتهتم بها، بحيث تصبح هذه المادة رئيسة وإجبارية، كما الإنجليزية. ودعا كذلك إلى تنمية الوعي اللغوي وتقوية الشارع اللغوي، ويشمل ذلك لغة التخاطب اليومي والمراسلات وصياغة المحاكم وكتابة الاستدعاءات والكتب، والتدريب على ذلك، مطالباً بتدريس مساقات في قسم اللغة العربية كـ «كتابة الاستداعاءات»، أسوة باللغة الإنجليزية التي تتضمن مساقاتها دراسات متخصصة تسمى «ESP» في الطب والسياحة والهندسة والتجارة.

    بدران: مجموعات «الفرسان»

    وحول مجموعات «فرسان الضاد»، قالت عضو اللجنة التنفيذية للمشروع المهندسة رنا بدران، إن هذه المجموعات من أهم مكونات المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية؛ وهي تهتم بالدرجة الأولى بشريحة الشباب لتنمية علاقتهم باللغة العربية، ومن ثم بدينهم وتاريخهم وثقافتهم وحضارتهم. مضيفة أن المجال مفتوحٌ لكل محبي اللغة العربية من كل شرائح المجتمع وفئاته العمرية والمهنية، للمساهمة في تحقيق أهداف المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية من خلال نشاط مجتمعي فاعل ودائم.

    وأوضحت أن هدف «فرسان الضاد»، هو أن ينخرط أبناء المجتمع وفي طليعتهم الشباب من الجنسين، في جهد جماعي للدفاع عن اللغة العربية وحمايتها وإحلالها في المكانة اللائقة بها كحاضنة لثقافة أمتنا وتاريخها وحاضرتها، وقبل ذلك لدينها. وأن «الفرسان» يسعون لتحقيق ذلك من خلال بناء الوعي حول اللغة العربية ليكون هذا الوعي اللغوي أساساً لنهضة ثقافية تقود إلى حالة نهوض حضاري شامل للأمة.

    وقالت بدران إن «فرسان الضاد» تعمل أيضاً على تشجيع استخدام اللغة العربية السليمة من خلال التحدث مع الأخرين بلغة عربية سليمة خاصة مع الأطفال، واستخدام اللغة العربية في الرسائل الهاتفية، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني.

    وأضافت أنه تم تشكيل مجموعات ضغط لتحقيق أهداف المشروع، خاصة على صعيد رفع مستوى تعليم اللغة العربية في مراحل التعليم الإلزامي والإعدادي والثانوي والجامعي، والتأكد من تركيز المدرسة «الخاصة» التي يختارها أولياء الأمور لأبنائهم على اللغة العربية، وتعريب أسماء المحلات والشركات والمرافق السياحية ولوحاتها وقوائم خدماتها وأسعارها.

    أما الآليات لتحقيق تلك الأهداف، فمنها: تشكيل مجموعات «الفرسان» بمعدل خمسة إلى سبعة فرسان في كل مجموعة، بحيث تنتشر في المدارس والجامعات ومراكز الشباب والأندية؛ وعقد الندوات والمحاضرات التثقيفية حول اللغة العربية وأدوارها الدينية والأخلاقية والثقافية، ودور اللغة في بناء الاستقلال والسيادة، في المدن والقرى والبوادي بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي.

    ومن الآليات بحسب بدران: عقد الدورات للشباب لتعليمهم الأصول الصحيحة للّغة من حيث النطق والكتابة وفق القواعد الصحيحة، وتنظيم المسابقات التي من شأنها تنمية القدرات اللغوية والذائقة الفنية للّغة العربية، مثل مسابقات الشعر والخطابة، وتنظيم الحملات بمختلف أنواعها -خاصة الإعلامية- لحماية اللغة العربية، وضرورة احترامها كمقوم من مقومات السيادة والاستقلال، وكحاضنة للثقافة والحضارة. إلى جانب تنظيم النشاطات الشبابية المشوّقة، مثل مسابقات المشي والجري والمباريات الرياضية المختلفة.

    جدعون: إشاعة الصواب

    قال الخبير اللغوي سلامة جدعون إنه يرى أن لا خطر على اللغة العربية «فالله حَصّنها»، مضيفاً إن ما نحتاجه هو «تنمية الحس اللغوي لدى الناس وتعميقه».

    وبيّن أن القوانين الناظمة إذا لم تُفَعَّل فهي غير قادرة على إنتاج شيء، آملاً في حال وُضع قانون حماية اللغة العربية أن يفعَّل تفعيلاً صحيحاً يؤدي إلى مخرجات مفيدة يمكن أن تساهم في تعزيز هذه اللغة الشريفة الرشيقة.

    وقال جدعون إن مؤسسة الأُسرة والمؤسسات التربوية والإعلامية والدينية، عوامل مهمة ومواقع ينبغي أن يُعمَل فيها بجد واجتهاد حتى نستطيع أن نحقق ما نبتغي تحقيقه.

    وحول المؤسسات التربوية، أكد أنه ينبغي أن يعمَّم الوعي اللغوي وأن يُعمَّق بالنظرة إلى المناهج، مشيراً إلى أنه أمضى في التعليم أكثر من أربعة عقود، وعاصرَ المناهج التي كانت موضوعة منذ الستينات، فوجدَ أنها كانت تُختزل وتنكمش وتتراجع في كل عام، فضلاً عن أن المناهج الموجودة «تُنفّر الطالب باللغة بدلاً من أن تحبّبه بها»، داعياً إلى إعادة النظر فيها.

    وبيّن أنه إذا أحب الطالب المناهج أحب اللغة العربية، وهو ما يتكرس بوجود المعلم المناسب الذي ينبغي أن يتحدث في العربية الفصيحة أو اللغة التي يمكن ان تُفصّح، داعياً إلى وجوب أن تكون القواعد وظيفية، لا أن ننفر الطالب من العربية نتيجة القواعد المملة.

    وعلى مستوى الإعلام المرئي والمسموع والمطبوع، قال جدعون، إن اللغة مجموعة من المهارات في النطق والإملاء والتعبير والكتابة، علاوة على أنها الوعاء الفكري بالأساس، وتابع أن هناك أخطاء شائعة، لكنه في عمله في «الرأي» يحاول الوصول إلى إشاعة الصواب فيها، مؤكداً أننا إذا كررنا على مسامع أبنائنا وقرّائنا لفظة صحيحة فإنها بعد فترة من الزمن لا بد أن تشيع وتصبح دارجة على ألسنتنا.

    وأكد جدعون أهمية دور المؤسسة الدينية، فخطب الجمعة يجب أن تخلو من أخطاء اللغة وأن تكون قريبة من فهم الناس. وأضاف أن اللغة نامية وتتطور كالكائن الحي، ويمكن بمرور الزمن أن تسقط كلمات وتتجدد كلمات، وأن التعريب هو إخضاع اللفظة الأجنبية إلى مقاييس اللغة العربية، وهذا إثراء للغتنا.

    وأشار جدعون إلى أن بعض المدارس الخاصة تتغول في اللغة الأجنبية على حساب العربية، وقال إن الكثيرين من الغيورين على هذه اللغة ليسوا من خريجي اللغة العربية، في حين أن كثيراً من خريجي كلية الآداب وفي اللغة العربية، لا يتقنونها لا نحواً ولا صرفاً ولا إملاءً ولا كتابة.

    وقال جدعون إن مخارج الحروف في الإعلام والألفاظ واللهجة العامية ودخول المفردات بين العربية والانجليزية و»الأرابيزي» تشكل ثغرات في اللغة. وأكد أن المؤسسات التي أشار إليها منوط بها دور مهم، في إشاعة هذه اللغة «الأنيقة» بين أوساط مجتمعنا، وأن على القائمين على المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية مسؤولية كبيرة في إشاعة هذه اللغة الشريفة.

    القيّام: إصلاح المناهج

    قال عضو فريق مناهج اللغة العربية المنبثق عن المشروع د.عمر القيّام، إن اللغة العربية هي الإطار الجامع لجميع الشرقيين، ينهض بأعباء حمايتها المسلم والليبرالي والقومي والمسيحي والأيديولوجي، فهي أوسع إطاراً بحيث أنها تشكل يقظة اجتماعية، وهذا أحد أسباب نجاحها المأمول.

    وفي سياق حديثه عن الملحوظات المنهجية التي توصل إليها فريق العمل حول مناهج اللغة العربية، لفت القيام إلى أهمية تشكيل الإحساس باللغة، مؤكداً أهمية إصلاح المناهج.

    وحول النصوص في المناهج، قال إن اختيارها كان عشوائياً، ولم يعكس خبرات تربوية ونفسية، فلغة النصوص غير منسجمة مع مستويات الطلبة، ولم تكن هناك عوامل مساعدة، فالإنسان يستمتع باللغة عندما يتذوقها ويفهمها.

    ورجّح أن يكون قد اشترك في تأليف البرنامج أشخاص ليسوا من أهل الخبرة الدقيقة في هذا المجال. مؤكداً أننا نحتاج في المستقبل إلى فريق من الخبراء المتخصصين يمتلكون روح وقوة اللغة، إضافة إلى الخبرات النفسية والتربوية ليشرفوا على تأليف برامج تنشئ الإحساس اللغوي عند المتلقي وترسخه وتعمّقه.

    وقال القيام: نريد أن نستعيد وضع المتلقي القديم للغة، فنحن بحاجة إلى تجسير المسافات وتنقية اللغة من الغريب وغير المفهوم، وأن نعي تماماً كيف نُدخل اللغة في وجدان الطالب. مضيفاً أنه لا يمكن بناء تذوق لهذه اللغة إذا لم تنشأ لحظة التذوق عند المدرّس والطالب معاً.

    وأضاف أن النصوص في المناهج تقوم على لغة الوعظ المباشر، لا على أسلوب الإيحاء والذكاء في تسريب المعلومات والقيم والأخلاقيات والمواقف. وتابع: «الطالب يسمع القيم الوعظية في البيت والشارع والمسجد، وما نريده هو آلية جديدة في المناهج، إذ إن تكرار القيم على العقل والذائقة، يُفقدها قيمتها.. نحن بحاجة إلى نهضة روحية وعلمية وأخلاقية».

    وأكد القيام أهمية التدرج في بناء الذوق اللغوي للطلبة ابتداء من المستوى الصوتي وحتى المستوى التركيبي، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن في افتقار المنهجيات إلى الروح العلمية.

    وعزا القيام تراجع العملية التعليمية إلى أسباب منها: أن هناك قطيعة بين فرقاء العمل في التأليف وعلى مستوى الصياغة والتدريبات، والإخراج الفني الرتيب وغير الجذاب للكتب، ما يؤثر سلباً في الطالب الصغير. وأكد حاجتنا إلى فنيين متخصصين وخبراء في مخاطبة الطفولة، لخلق حس سليم لديهم.. لافتاً إلى عدم وجود نشاطات لامنهجية مرافقة للمنهاج في مدارس الحكومة، وإلى «الوضع المهتز» للمعلم من النواحي القانونية والتعليمية والاجتماعية مقارنة بوضعه في سبعينيات القرن الماضي.

    ودعا القيام إلى «ترسيخ الجذر الأخلاقي الروحي لدى التلميذ»، لتصبح لديه مسؤولية أخلاقية تجاه اللغة، إضافة إلى وضع حوافز كبيرة للإنسان المنخرط في التعليم، ما يقود إلى السلامة اللغوية والنهضة اللغوية.

    الجبر: أزمة ذاتية

    قال الشاعر والناقد والأكاديمي د.خالد الجبر إن اللغة العربية تواجه أزمة ذاتية، فنحن ندور في حلقة مفرغة، وكل الجلسات التي تتحدث عن أزمة واقع اللغة العربية تدور في حلقة مفرغة أيضاً، مضيفاً أن علينا البدء من نقطة انطلاق، فإذا لم تتحدد نقطة انطلاق واقعية وحقيقية قابلة للقياس والتقويم لا يمكن أن يتحقق شيء.

    ونفى الجبر أن نكُون «مجتمعاً لغوياً»، مبيناً أن المجتمع اللغوي لم يتحقق إلا في العصر الجاهلي ونادراً في الأسواق والمحافل التي تجتمع فيها القبائل وتتداول العربية الفصيحة، لكن عندما تعود إلى قبائلها تتداول لهجاتها، مضيفاً أنه ليس هناك مجتمع لغوي خالص في العالم، فاللغة الإنجليزية التي موطنها بريطانيا هي اللغة «رقم واحد» عالمياً، ومع ذلك فإن المجتمع البريطاني ليس مجتمعاً لغوياً، بمعنى أنه لا يتحدث لغة واحدة تماماً، وكذلك الأمر في كندا وأميركا وأستراليا.

    وأضاف الجبر أنه ينبغي التركيز على أن تمثل اللغة لساناً مشتركاً بين الجميع، ورأى أن لا مشكلة لو تحدث الناس في بيئاتهم بلهجتهم، فالمهم أن يكونوا قادرين على استعمال اللسان. وأكد أن اللغة ليست صعبة، لكن هناك صعوبة في تعلمها وتعليمها، فنحن لم نخدم لغتنا كما خدم آخرون لغاتهم، ففي اللغة الإنجليزية يُعقَد مؤتمر سنوي منذ عقود لتدريس تلك اللغة بوصفها لغة ثانية لغير الإنجليز، ونحن ليس لدينا مؤتمر واحد على صعيد قطْر عربي يُعقد لهذه الغاية، لا لتدريس اللغة العربية لغة ثانية، بل على الأقل لتدريسها بوصفها لغة الأمة.

    وحول ما أشير إليه من أن العربية معرّضة للانقراض، قال الجبر إن هذه «دراسة قديمة»، فاللغة العربية الآن هي الخامسة عالمياً، وهي ليست معرضة للانقراض إلا لجهلنا بها وإساءتنا لها، مضيفاً أن جورج بوش قرر بعد أحداث 11 أيلول صرف ميزانية مقدرة بـ 114 مليون دولار لتشجيع تعلم اللغة العربية، وهو مبلغ لم تصرفه كل الدول العربية على لغتنا.

    وأكد الجبر أن الأزمة تكمن في «الاستنسابية»، فرؤساء الجامعات الذين يعينون أساتذة لتعليم العربية في مراكز تعليم اللغات، يعينونهم بالاستنساب وهم غير أكفياء، مبيناً أن الأجنبي عندما يأتي في هذه الحالة إلى مركز اللغات فإنه سرعان ما يهرب إلى الدروس الخصوصية في الخارج.

    ورأى الجبر أن الاستنسابية هي «مقتَلُنا في تشكيل اللجان، ومقتَلُنا في تأليف المقررات الدراسية والمناهجية»، وأضاف أن تعليم اللغة العربية هو الذي يواجه صعوبة لأن الذين يعلمونها لغيرنا لا يعرفون أساليب تدريسها بشكل جيد.

    وأشار إلى أن اللغة العربية استوعبت قديماً علوم الفرس والهند واليونان، كما أن الأمة العربية استوعبت تلك الأمم بصعودها الحضاري، فقد كانت متعطشة للفكر والثقافة والعلم والفلسفة، أما الآن فإنها متعطشة للجهل والتخلف.

    وتابع بقوله: إن التركيز يجري على مهارة المحادثة، واللغة ليست محادثة فحسب، بل هي أربع مهارات أساسية: الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة.. مضيفاً أن المحادثة لا تنتج إلا عن الاستماع، فالأطفال يتحدثون بالعامية، وما نحتاجه هو بيئة لغوية يستمع إليها الأطفال، فعندما يشاهدون برنامجاً كرتونياً ويكون ناطقاً بالعربية الفصيحة، يتحدثون ما يدور فيه بطلاقة، إذ إن السمع كما يقول «ابن خلدون» أبو الملكات اللسانية.

    وأكد وجوب أن نغير مناهجنا الجامعية في اللغة العربية، حينها سيتخرج طلبتنا في الجامعات ويذهبون إلى التدريس وأقسام التدقيق في الصحف والإذاعة والتلفزيون، وهم يمتلكون مهارة اللغة، وسيخجلون من استعمال غيرها. ولفت إلى أن الطالب يتعرض خلال أربع سنوات في الجامعة، لأكثر من أربعين مادة لغوية، ومن ثم يتخرج وهو لا يتحدث العربية، وإذا كتب يخطئ في الكتابة، وإذا تكلم فإنه يكسر النحو، وإذا قرأ لم يفهم ما قرأ.

    واقترح الجبر عقد مؤتمر سنوي لأساليب تعليم الجامعات في اللغة العربية، والاستفادة من تجارب الآخرين المميزة في التدريس، فإذا جاء أستاذ وقال: «أنا أدرّس الصرف بهذه الطريقة»، نقوّم طريقته، فإذا كانت طريقته ناجحة، يمكننا أن نعممها على الجامعات والمدارس.

    مسعود: أزمة اللغة في الجامعات

    قال الباحث الاقتصادي د.سميح مسعود إن هناك أزمة في استخدام اللغة في الجامعات العربية والكليات العلمية ومجالات الطب والهندسة، مستثنياً جامعة دمشق من ذلك، علما أن جامعة «مونبلييه» الفرنسية كانت تجبر طلبة الطب قبل 250 سنة على تعلم العربية ليقرأوا الرازي وأبو القاسم وابن سينا.

    وتساءل مسعود عن السبب في أن اللغة العربية الآن غير مطواعة للعلم، بينما كان هناك تمثال للرازي قبل ستة قرون في كلية الطب في «سان جيرمان»، وكان هناك كتاب له في مكتبة كلية الطب، يسمى «معجم الطب»..

    وتحدث عن تجربته في تأليف موسوعة اقتصادية باللغة العربية من 1300 صفحة، حيث رأى بعضهم أن «العربية» غير مطواعة لكتابة الاقتصاد، فكان رده أن ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع كتب في الاقتصاد، وأن القسمة التي تحدث عنها ابن خلدون هي نفسها التي تحدث عنها آدم سميث.

    ثم استعرض تجربة «الشرطة اللغوية» في ولاية «كيوبيك» الكندية، فعندما أُسست كندا قبل حوالي 200 سنة تم الاتفاق أن تكون اللغة فيها ثنائية (الفرنسية والإنجليزية)، لكن «الانجليزية» كانت لغة الجانب المنتصِر على الفرنسيين في حروبهم، فأصبحت «الفرنسية» لغة ثانية.. وعندما جاء ديغول إلى «مونتريال»، قال عبارة شهيرة: «يا إلهي.. إنكم فرنسيون»، ما منح للّغة الفرنسية أهمية لدى أبناء الولاية الذين شعروا أن اللغة تعبير عن الهوية.

    وحول «الشرطة اللغوية»، أوضح مسعود أنهم يجولون الشوارع، وأينما رأوا لافتة مكتوبة بغير «الفرنسية»، يتم اتخاذ إجراء بحق صاحبها. وتوقّف عند مشروع «مونتريال بتتكلم عربي» الذي أُطلق ضمن فعاليات الصالون الثقافي الأندلسي بكندا، في سياق «تحبيب» الآخرين باللغة العربية التي تُعَدّ الثالثةَ بعد الفرنسية والإنجليزية.

    قدّيس: تصنيم اللغة

    وقال الشاعر طارق قدّيس إنه متفائل بالرغم مما تواجهه اللغة العربية من أزمة، ذلك أنها قادرة على تجاوز أزماتها، لأنها بطبيعتها متطورة ومحصّنة.

    ولفت قديّس إلى أهمية ما تحدث فيه المشاركون من ضرورة وجود قانون للدفاع عن «العربية»، على ألاّ يكون هدف هذا القانون «تصنيم اللغة»، مضيفاً أن لغتنا لغة متطورة، لكننا لا نريدها صنماً، والشعر أبرز مثال على تطورها، حيث استطاع دائماً مواكبة التطور في معطيات الحياة الاجتماعية.

    الخطيب: صعوبات

    قال الأستاذ الجامعي د.إبراهيم الخطيب إن كل اللغات الإنسانية تحتاج إلى إصلاح، وأضاف أن اللغة العربية عند الطفل وغير الناطقين بها تنطوي على صعوبات، «فالجذر الواحد في اللغة العربية له 70 تصريفاً بين الماضي والحاضر والمبني للمجهول والمستقبل والأمر والمستقبل، مقارنة مع اللغة الإنجليزية».

    بدران: الحالة الحضارية للأمة

    قال وزير التربية والتعلبم الأسبق المفكر د.إبراهيم بدران إنه لا خوف على اللغة العربية من الانقراض، ما دام أن هناك شعوب تتحدث بها وأمم تستعملها، مضيفاً أن ما نريده للّغة هو أن تكون جزءاً من الآلة الحضارية العليا للمجتمع العربي، لا مجرد أداة من الأدوات الاعتيادية، كما نريد للفكر والعلم والتكنولوجيا والاتصالات والفلسفة والمعلومات والإبداع أن تكون كلها في إطار اللغة العربية، وبالتالي ترتفع قيمة اللغة العربية التاريخية لدى العرب والآخرين.

    وأشار بدران إلى أن اللغة وموقعها مرتبط بالحالة الحضارية للأمة، فكل أمة تتردى حضارياً تتردى لغتها استعمالاً وشكلاً وموضوعاً، وإذا ما ارتقت هذه اللغة فإنها تصبح ذات أهمية، لافتاً إلى أن الصين الحديثة استطاعت بنهضتها أن تجعل اللغة الصينية مطلباً للدارسين والباحثين ورجال الأعمال وأصحاب الاهتمام.

    ورفض فكرة أن يكون هناك «من يتقصد اللغة العربية ويريد الانقضاض عليها ويفترسها ويأكلها ويمزقها»، لكن القضية هي أن اللغة واحدة من أهم الآليات للتفكير والإبداع لصياغة رؤية المجتمع والأفراد ولرؤية العلماء والمفكرين، فكلما كانت الآلية في شكل جيد صار بالإمكان التعامل مع المنتجات التي ستخرج من آلة اللغة بشكل أفضل.

    وأكد بدران أن هناك مثلثاً أساسياً في عصرنا الحاضر، يتحكم بحالة اللغة على المستوى المجتمعي، موضحاً أن ركنه الأول يتألف من التعليم (الأساسي والثانوي والجامعي والمهني)، فإذا رجعنا إلى مناهج اللغة العربية سنجد أنها لا تنشئ مهارات أو حالة من الإبداع والانطلاق، لذا لا بد من مراجعتها مراجعة كلية.

    أما الركن الثاني فهو الإعلام الذي أصبح جزءاً أساسياً من البيئة التي تتحرك فيها اللغة، ويكمن التحدي هنا في كيفية تعاملنا مع الوسائط الإعلامية المختلفة بحيث نجعل اللغة الفصيحة جزءاً أساسياً منها؟

    وأضاف بدران أن الركن الثالث يتمثل في المراجع التخصصية، وتساءل: إذا أراد فني إصلاح السيارات أن يقرأ عن السيارات، ماذا يقرأ؟ وبأي لغة يقرأ؟ وكيف يوسع معارفه؟ وكذلك الأمر للمختص في الطب والزراعة والإلكترونيات، فحتى إذا أراد طالب في الصف الرابع الابتدائي أن يكون لديه قاموس باللغة العربية، فأي قاموس نعطيه؟ «المنجد» أم «لسان العرب»؟ لافتاً إلى أن المكتبة العربية تفتقر إلى الكتب المرجعية في التخصص، سواء في التخصص المهني أو المرحلي أو العمري. وتساءل في هذا السياق: هل هناك مرجع لغوي للقانونيّ مثلاً؟

    وحول قضية التأليف والترجمة، قال بدران إن من السهل القول إن التعليم في الجامعات يجب أن يكون باللغة العربية، ولكن هل تتوفر الكتب الكافية والمراجع المتعددة باللغة العربية؟ موضحاً أن عدد الكتب التي تُؤلف باللغة العربية سنوياً لا يتجاوز 5000 عنوان، وما يُترجم لا يتجاوز 4000 عنوان، وثلاثة أرباع هذه العناوين لا تصلح أن تكون مراجع معرفيةً جديدةً، وإنما هي تكرار وإعادة إنتاج.

    وتابع بدران: ما لم يكن هناك استثمار مالي وبشري وزمني في موضوع اللغة، فلن نجد تجاوباً، حتى لو أُصدر القانون. وتساءل: «كيف نستجيب لغوياً لثورة الاتصالات والمعلومات التي تفاجئنا كل يوم بشيء جديد؟»، فالكثير من المصطلحات يلجأ الشباب والفنيون الآن إلى استعمالها، لأنهم لا يجدون المقابل لها بالعربية. كما أننا لم نستطع إلى الآن أن نحل مشكلة الرموز والمختصرات في اللغة لعربية.

    وأضاف أن ثورة العلم والتكنولوجيا تفاجئنا كل يوم بمخترعات وأفكار جديدة، فالصين ترجمت ما يزيد على 500 ألف كتاب، خلال العقد الأخير، ما يعني أن الثورة العلمية والتكنولوجية تضع أعباءً وضغوطاً يجب التفكير في كيفية مواجهتها.

    وختم بدران بقوله إن العمل في اللغة جزءٌ منه عمل مجتمعي، وجزءٌ آخر عمل نخبوي، إضافة إلى أن جزءاً منه عمل تخصصي لدى أصحاب المهن والقطاعات المختلفة. فبقدر ما ينبغي أن نكون متحمسين للغة العربية، ينبغي أن نكون عقلانيين في وضع الخطط والاستثمار الحقيقي والبحث عن الحلول الفعلية.

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474973

    رد: الدفاع عن اللغة العربية


    اشكرك على نشر الخبر
    ارق التحية

  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu May 2012
    المشاركات
    401
    معدل تقييم المستوى
    12

    رد: الدفاع عن اللغة العربية

    شُكراً جَزيلاً أخي الفآضلْ على نَقل الخَبر ..

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Oct 2008
    الدولة
    jordan land
    العمر
    33
    المشاركات
    21,612
    معدل تقييم المستوى
    21474873

    رد: الدفاع عن اللغة العربية

    [align=center][tabletext="width:70%;"][cell="filter:;"][align=center]الف شكر على المرور
    تحياتي [/align]
    [/cell][/tabletext][/align]

المواضيع المتشابهه

  1. مقتل مئات المتمردين المسلحين في جنوب السودان
    بواسطة محمد الدراوشه في المنتدى اخبار السودان
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18-11-2011, 05:56 PM
  2. فرح
    بواسطة ENG. OMAR في المنتدى عذب الاماكن والمشاعر
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 08-05-2010, 08:46 AM
  3. سؤال يخالف سؤال
    بواسطة برق المغرب في المنتدى منتدى الالعاب
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 21-07-2008, 09:24 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك