يتذكر الأردنيون يوم التاسع من تشرين الثاني "نوفمبر" من كل عام، تفجيرات ثلاثة فنادق في عمان، تلك الذكرى الاليمة التي راح ضحيتها ابرياء لا ذنب لهم.



وبعد مرور سبع سنوات على تلك الحادثة الاليمة، التي وقعت يوم 9 - 11 - 2005، يؤكد الأردنيون مجددا حرصهم على المضي قدما نحو مكافحة الارهاب، واجتثاثه، ونبذ جميع اشكال التطرف والعنف.



ويقول سياسيون ومفكرون ان تلك الحادثة شكلت بداخل كل فرد من افراد المجتمع الأردني تحديا وشعورا بالمسؤولية تجاه الوطن ورسخت مفهوم المواطنة وعززت مبادئ الوسطية والاعتدال والوعي الذاتي وزادت الثقة بين المواطن والدولة واجهزتها المختلفة ليكون الأردن دوما حصنا منيعا في وجه كل مخرب أو حاقد.



نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الاسبق سعد هايل السرور يقول ان حادثة تفجيرات الفنادق العام 2005، حققت اجماعا بين الاردنيين للوقوف في وجه أي اعتداء يهدد أمن الوطن كما وتعد تلك الحادثة الأليمة نادرة يتذكرها الأردنيون باستمرار لأنهم لم يعتادوا على وقوع احداث تمس أمن الوطن واستقراره.

ويضيف ان الأردن بقائده وسياسته الحكيمة ووعي افراد شعبه واجهزته الأمنية ذات الكفاءة المشهودة استطاع ان يبقى آمنا مستقرا ، ولم يشهد ما حدث في بعض دول العالم من حوادث ارهابية عديدة ومن هنا علينا ان نستفيد من تلك الحادثة المؤسفة ، ونبقى حريصين كل الحرص ونرقب كل من يفكر ان يمس الوطن والنيل من استقراره .



ويشير الى ان الأردن لقن هؤلاء الارهابيين دروسا رادعة وافشل جميع خططهم، وقد عرفوا ان هذا البلد صعب المنال والاختراق وان المواطن الأردني لديه من الوعي الكبير ولن يسمح لأحد ان يساوم على أمن بلده، كما انه لم ينجر وراء ما يحدث في المنطقة من احداث مضطربة، ويدل على ذلك ان الشعب الأردني يعبر عن آرائه ومطالبه باسلوب سلمي اخلاقي وضمن القانون وتحت اطار الحرص على الوطن وامنه.



ويبين السرور ان النظام الأردني بجميع مكوناته يعمل باستمرار لتسير سفينة الأردن نحو شاطئ الأمان اضافة الى ان الشعب الأردني بصفاته واعرافه وتقاليده وافكاره غير ميّال لإراقة الدماء والاعتداء على الآخرين وتركيبته تتصف بالاحترام المتبادل بين الجميع وهذه الصفات لا تتماشى مع الافكار الارهابية ولم تجعل من هذا الوطن مكانا للارهاب.



وينوه بان هناك مخططات وعلى امتداد سنوات حاولت ان تدس الارهاب وافكاره داخل صفوف الأردنيين لكنها فشلت وواجهها وعي هذا المجتمع ونبذه لفكر العنف، كما ان المؤسسات الأردنية المدنية والأمنية الرصينة تصدت لجميع المحاولات حتى اصبحت اجهزتنا مثالا في مواجهة الارهاب يشهد لحسن ادائها وانضباطها الكثيرون.



ويقول وزير الاعلام الاسبق الدكتور نبيل الشريف ان هذه المناسبة ورغم انها مؤلمة وتذكرنا بما عانيناه جميعا وما تكبدناه من خسائر وشهداء لكن الوجه الآخر لها هو الحرص والاصرار على استمرار البناء والاستقرار وتجاوز المحنة.



ويضيف: علينا ان لا ننسى ايضا وحدة الصف التي يتسم بها الأردنيون جميعا والذين كانوا وما يزالون صفا واحدا خلف قيادتنا الهاشمية يعلنون وبكل وضوح رفضهم للارهاب وحرصهم على استقرار الوطن ونبذهم لكل مظاهر الفرقة والتشتت .



ويقول ان احداث تفجيرات عمان المؤلمة اظهرت وبصدق نبل المواطن الأردني واصالته اللذين تجليا بتعاضد الأردنيين وتوحدهم في تجاوز المحنة والسير قدما نحو المحافظة على أمن الوطن واستقراره بحيث أكدت ردود الفعل الايجابية من الأردنيين حول تلك الحادثة قدرة المواطن على تجاوزه للمحن وتساميه فوق الجراح.



ويزيد: اليوم ونحن نستذكر هذه الذكرى، ونسأل الله لشهدائنا الرحمة فاننا نؤكد على تمسكنا أكثر من أي وقت مضى باستقرار الوطن وامنه ووحدة صفه.



ويتابع: لا شك اننا نشعر ان هنالك استهدافا لأمن الوطن واستقراره، لكن يقظة اجهزتنا الأمنية وتكاتف الأردنيين الذين هم على أعلى درجات الوعي والمسؤولية والاشد حرصا على أمن الوطن واستقراره يحول دائما دون النيل من أمن وطننا ويحبط جميع المحاولات الواهية التي يخطط لها المغرضون والكائدون.



ويؤكد الدكتور الشريف ان هذه الذكرى لن تزيدنا الا ثقة واعتزازا بقيادتنا الحكيمة وقدرة اجهزتنا الأمنية على حماية الوطن واستقراره وبوعي المواطن الأردني الذي يشكل سدا منيعا تتحطم عليه كل محاولات النيل من أمن الوطن.



المؤرخ الدكتور بكر خازر المجالي يقول ان القاعدة الاساسية التي ميزت الأردن عن غيره من الناحية الأمنية هي ان العلاقة بين الفرد والدولة قائمة على توفير حاجات العدالة والحرية والحياة الافضل وهذه الحاجات متوفرة في الأردن وتسعى الدولة باستمرار الى تطويرها، وهذا سر تميزنا عن غيرنا من الدول المضطربة والمحيطة بنا والتي يفتقد الفرد فيها للعلاقة الصحية مع الدولة.



ويضيف ان ما يعيشه الأردن من آمان يعود الفضل فيه لسياسة الدولة التي يرعاها جلالة الملك عبدالله الثاني والقائمة على الاعتدال والوسطية واحترام حقوق الانسان اضافة الى كفاءة الاجهزة الامنية والابتعاد عن سياسة الاعتقال او تغييب الاشخاص او تكميم الافواه والتعامل بشكل مسؤول وحضاري مع احتياجات المواطنين الامر الذي ميّز الأردن عن غيره.



ويبين المجالي ان هناك من يريد النيل من بنية الدولة الأردنية بسبب صراع فكري عقائدي، لا يرغب بان تبقى هذه الدولة سدا منيعا ضد اهدافهم، فسعوا الى استهداف بعض الاماكن بهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وتشكيك المواطن في قدرة الدولة لكنهم لم ينجحوا ولن ينجحوا بمشيئة الله تعالى وعزيمة ابناء هذا الوطن.



ويشير الى ان الأردن شهد تفجيرات ارهابية على امتداد سنوات كاستهداف العقبة ببعض الصواريخ الصغيرة وصناعة العبوات الناسفة لاستخدامها في مخططات وتفجير في حدود الرمثا العام 1967 وذهب فيه العديد من الضحايا وايضا تفجير رئاسة الوزراء العام 1960 وذهب فيه العديد من الضحايا اضافة الى الكثير من المخططات التي تم كشفها قبل وقوعها وكلها تؤكد ان الأردن مستهدف من قبل البعض وواجبنا الوقوف دوما صفا واحدا في مواجهتهم .



ويوضح ان تفجيرات الفنادق العام 2005 شكلت حالة من التوافق الكبير لدى الشعب الأردني ضد الارهاب واصبحت هناك هبّة أردنية كبيرة لمقاومة الارهاب ورفضه بكل اشكاله، وكانت درسا تعلم من خلاله كل أردني بانه خفير يحمي الوطن من أي مكان هو به وان أمن الدولة وأمانها كأمن بيته وآمان اسرته.



ويقول ان للأردن سمعة طيبة في مجال مكافحة الارهاب ونبذ اشكال العنف والتطرف جميعها جاءت من اجراءات سياسية ومبادرات ملكية متمثلة باطلاق رسالة عمان والوصول لكل مكان في العالم والدعوة للتسامح والاعتدال وابعاد صفة الارهاب عن الدين الاسلامي.



ويضيف ان المواطن الأردني يتسم بالوعي السياسي والثقافة العالية ويستطيع ان يحلل ما وراء الاخبار والاحداث ويدرك تماما ومنذ تأسيس الدولة حجم الاستهداف الموجه لهذا الوطن، واستطاع ان يتعامل مع جميع الاحداث المضطربة في المنطقة بكل مسؤولية وادراك العواقب وتعمقت لديه المواطنة بكل معانيها.



اللواء الركن المتقاعد محمود ارديسات يؤكد ان اهم عنصر من عناصر الأمن والاستقرار الذي يتسم به وطننا هو وعي المواطن الأردني والتزامه الاخلاقي اضافة الى ان المجتمع الأردني يعد من اقل المجتمعات تطرفا وطائفية وأكثرها التزاما بالقانون واخلاقيات المواطنة.



ويضيف ان الاجهزة الأمنية الأردنية لديها الكفاءة العالية واحترام المواطن لهذه الاجهزة وثقته بها والتعامل الاخلاقي بينهما زاد هذه الاجهزة قوة وحرفية ومعنوية وعلينا هنا ان نحافظ على هذه الثقة ونعززها وان يستمر الترابط القوي بين المجتمع واجهزته ونبقى صفا واحدا ولا نقف في نقطة معينة في المحافظة على الأمن بل علينا ان نعمل دائما وباستمرار على تعزيزه.



ويبين ان مهمتنا الأولى هي المحافظة على أمن واستقرار الوطن ثم يأتي دورنا الانساني في مساعدة المجتمع الدولي في مكافحة الارهاب وضمن القانون وهذا الامر مشهود للاجهزة الأمنية الأردنية به والتي أكدت قدرتها وأمام الجميع على مكافحة الارهاب من خلال حفاظها على أمن واستقرار الدولة الأردنية.



ويوضح ارديسات ان مواقف الأردن المتزنة والمعتدلة ونشرها لمبادئ الوسطية يتضح من خلال رسالة عمان وما نشرته من مبادئ التسامح والسلام وما أدت اليه من توعية افراد المجتمع الدولي لعدم الانصياع وراء الافكار المتعصبة التي لا تمس أي دين من الاديان.



استاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن البراري يقول ادت تفجيرات الفنادق العام 2005 الى تغيرات كبيرة لدى المجتمع الأردني ، وانه اصبح شعبا بأكمله ينبذ الارهاب وفكره وتغيرت الكثير من الانطباعات بعد هذه الحادثة وكان الوعي وحب الوطن والارتقاء والنضوج الفكري والعقائدي لدى افراد المجتمع قد فوت الفرصة امام المخربين والعابثين .



ويضيف ان الاجهزة الامنية الاردنية كانت وعلى الدوام تركز جهودها الاستباقية والتي ضبطت من خلال ذلك الكثير من عناصر التنظيمات وفوتت الفرصة عليهم في الكثير من المحاولات التي تم كشفها والتي ارتقت بالثقة الكبيرة والموجودة اصلا بين المواطن والمؤسسات الامنية.



ويشير الى ان هناك توافقا شعبيا ورسميا بأن الأمن من الخطوط الحمر لا أحد يتجاوزه تحت أي ظرف من الظروف حيث يتسم المجتمع الأردني بالمواطنة بكل ما تعنيه من الالتزام الاخلاقي تجاه الدولة والمؤسسات والافراد، ولتبقى هذه الثقة وتزدهر وتتعزز فانه لا بد من السير قدما نحو الاصلاح الشامل وتعزيز التكافل الاجتماعي لنبقى في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الافضل.




المصدر: الحقيقة الدولية – بترا