الدار البيضاء - خديجة الفتحي

طلبت وزارة العدل والحريات المغربية من كل قاض يعتبر أن استقلاله مهدد أن يبلغ المجلس الأعلى للسلطة القضائية، معتبرةً أن مطالبة قضاة المملكة بالاستقلال الفعلي للقضاء أمر محسوم، وفق ما نص عليه الدستور.

وذكرت الوزارة في بيان لها أن الدستور أكد على الرقي بالقضاء إلى سلطة مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ومنع التدخل في القضايا المعروضة على القضاء.

وأكدت الوزارة على أن الدستور "أوجب على القضاة كلما اعتبروا أن استقلالهم مهدد أن يحيلوا الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية"، وأنه يعاقب كل من حاول التأثير على القاضي بطرق غير مشروعة.
احتجاج القضاة

وجاء بيان وزارة العدل المغربية الذي صدر، أمس الأحد، بمثابة رد على الشعارات التي رفعها القضاة أول أمس السبت أمام محكمة النقض بالعاصمة الرباط، في إطار وقفة احتجاجية تعتبر الأولى من نوعها في تاريخ السلطة القضائية بالمغرب. وكانت الشعارات المرفوعة قد أكدت على المطالبة بالاستقلال الفعلي للقضاء وتحسين الوضعية الاجتماعية للقضاة ومحاربة الرشوة.

وردت وزارة العدل مؤكدة أنها "فتحت حوارا وطنيا حول الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة (...) سيعرض على البرلمان الذي تبقى له الكلمة الأخيرة في تنظيم السلطة القضائية وعلاقات المؤسسات بعضها ببعض على أساس فصل السلطات وتوازنها وتعاونها".

وأقر بيان الوزارة أن الحكومة واعية تمام الوعي بعدم ملاءمة أجور القضاة، مضيفاً أنها عازمة على الرفع منها وأن مشروع قانون المالية المرتقب سيأخذ بعين الاعتبار الكلفة اللازمة للإصلاح. كما جاء في البيان أن موضوع تحسين الوضعية المادية للقضاة أصبح محسوما ولم يكن القضاة في حاجة إلى الوقفة المذكورة للتنبيه إليه.

وفي السياق نفسه أكد الكاتب العام لنادي القضاة عبد اللطيف الشنتوف في حديث لـ"العربية.نت" أن الوقفة التي نظمها نادي القضاة والتي عرفت تبعا له نجاحا ومواكبة إعلامية واسعة، تأتي للمطالبة بالاستقلال الفعلي الذي دعا إليه العاهل المغربي في خطابه يوم 30 يوليو/تموز 2012 مباشرة بعد مصادقة المغاربة على الدستور الجديد.
حالة النيابة العامة

وأضاف الشنتوف أن الوثيقة الدستورية واضحة بشأن استقلال القضاء، لكن المشكلة تكمن تبعا له، في ضمانات هذا الاستقلال بالنسبة للقاضي، معتبراً أن هذه الضمانات سوف تكرسها النصوص التنظيمية التي يتم إعدادها الآن، وهي مثار تخوف مشروع لدى القضاة، لأنها هي التي تهمهم في عملهم اليومي وضمان استقلالهم الفردي، حسب قوله.

وشرح أن الوثيقة الدستورية تتضمن المبادئ، كاشفاً أن بعض الجهات في الحكومة تحاول أن تفسرها وفق مصلحة السلطة التنفيذية، خصوصاً ما يتعلق بمسألة استقلال النيابة العامة. وفي هذا السياق قال الشنتوف إن نادي قضاة المغرب قام بجمع حوالى 2300 توقيع من القضاة للمطالبة بفصل النيابة العامة عن السلطة التنفيذية، وسيرفعون ذلك إلى الجهات المعنية لاحقا.

وأكد أن البعض ما زال يقول بوجوب بقائها تحت سلطة الحكومة، وهذا أمر حسب وجهة نظر القاضي، فيه التفاف على روح الدستور ومطالب الجمعيات المهتمة بمجال العدالة بالمغرب ويجعل القضاة غير مطمئنين. إلا أنه أضاف: "لكن مع ذلك سوف نكون إيجابيين في التعامل مع مشاريع النصوص التنظيمية بعد خروجها إلى حيز الوجود إذا تضمنت أشياء إيجابية بالنسبة للقضاة والقضاء المغربي".

وأعلن الشنتوف أن نادي قضاة المغرب مُتشوق للحوار الجدي مع السلطة التنفيذية التي أوجبت عليها المواثيق الدولية توفير المواد اللازمة للسلطة القضائية، إلا أنه شدد على أن معظم القضاة عبروا عن استعدادهم لتصعيد الاحتجاج إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم، مشيرا إلى أن وجود خطاب ملكي منذ سنة 2009 دعا الحكومة إلى تحسين الوضعية الاجتماعية للقضاة، لكنه لم ينفذ لحد الآن.