كتب – محرر الشؤون المحلية
لم ينتظر الاخوان المسلمون انتهاء يوم الجمعة المقبل، موعد «زحفهم المقدس» ،لاظهار الخلافات بين قيادييهم ، التي بدت واضحة هذه المرة للمراقبين والمتابعين لحراكهم الشعبوي .
المتابع لبيانات وتصريحات الحركة الاسلامية، يلاحظ انها بدأت في التنصل من تعهد نائب المراقب العام للجماعة زكي بني ارشيد، الذي ورطها في أرقام كبيرة، تفوق قدرات الحركة على حشد خمسين الف مواطن في الشارع، بل ذهب بني ارشيد في تصريحات حملت طابع التحدي «ان الحركة الاسلامية قادرة على جمع مئة الف مواطن بمسيرة واحدة ».
تصريحات بني ارشيد التي وصفت داخل اروقة الجماعة بـ «الورطة» ، تركت حالة استياء عام واثارت الخلافات وعدم الرضا وسط القواعد الاخوانية في المحافظات والبوادي والمخيمات التي تعاني التهميش، وتم التعامل مع تلك المناطق السكانية على مبدأ « الطاعة العمياء»، دون الاخذ بمبدأ الشورى الاسلامي، على اعتبار ان بني ارشيد يملك الحل والربط داخل الجماعة دون الرجوع للقيادات والقواعد الاخوانية ، مما يشي بحالة نفسية «ديكتاتورية»، يتلون بها بني ارشيد، بعيدا عن رأي الناس وأمزجتهم .
ورغم «ورطة بني ارشيد» ، آثرت قيادات جماعة الاخوان على تبني الدعوة لمسيرة الخمسين الف تحت مسمى الزحف المقدس ، ولا ندري الى اين سيزحفون هذه المرة ، ولا نعلم ان اصبحت ساحة النخيل او سوق السكر او مطعم هاشم اماكن مقدسة في معتقد الجماعة، لا بد من حشد الجماهير للزحف اليها، ومع اقتراب موعد المسيرة ، بدأت التصريحات الاخوانية تتهرب من استحقاق الخمسين الفا، ومن قدسية الزحف ، لتخفيف وطأة الفشل على قواعد الجماعة في مخيمات ومحافظات المملكة، والتمهيد «للصدمة»، التي ستتمخض عنها المسيرة الفاصلة في حراكهم الشعبوي .
اصرار قيادات الجماعة على المضي قدما في المسيرة، رغم تحذيرات بعض الحراكات الشعبية والعشائرية ومؤسسات المجتمع المدني، تكشف ان هناك تصميما داخل قيادة الحركة ، للدخول في معركة كسر عظم مع الدولة والنظام، غير آبهين بوقوع ما لا تحمد عقباه .
ومن المعلومات المتوفرة لدينا ان المراقب العام السابق للجماعة الشيخ سالم الفلاحات، دخل هو الاخر معركة كسر عظم، ولكن هذه المرة مع اقرانه من قيادات الجماعة، لما ألم به من خسائر متتالية في الانتخابات الداخلية وعمليات الاقصاء والتهميش التي عانى منها خلال الشهور الماضية، اذ بدا الفلاحات من اشد القيادات المتحمسين للمسيرة «الكبيرة»، وفي احدى اجتماعاته الداخلية التعبوية، تحدث عن فضائل المشاركة في المسيرة وان أفضت الى «الشهادة» !.
اهداف الفلاحات، واضحة وهادفة الى توريط القيادات المتصلبة الرعناء، التي تقود الجماعة حاليا في الصدام مع الدولة والنظام، لتصفية حساباته الداخلية، ومن هنا جاء قبوله بتولى رئاسة لجنة المسيرة، للمضي بها قدما والتحشيد، لها بكل الوسائل المتاحة، بما فيها اغداق الاموال والمزايا، لتحقيق الصدام، واسقاط القيادات المتصلبة سياسيا، واعادة انتاج نفسه، للعودة الى موقع المراقب العام للجماعة .
كما ان انشاء المجلس الاعلى للاصلاح المنبثق عن الجماعة، جاء من افكار الفلاحات، لزيادة القيادات المتصلبة رعونة وتهورا، اذ كانت اولى خطواته العملية – اي المجلس – التحشيد للمسيرة ، دون مراعاة العواقب الوخيمة التي قد تنتج عنها، واطلاقه مسميات عدة عليها من معركة بدر الى الزحف المقدس (...) .
وبهذه الخطوة « الرعناء» تكون الجماعة بقيادتها المتشددة وقعت في «الخطيئة» ان حدث ما لم يحمد عقباه، لا قدر الله، واثبتت انها تعتمد لغة «الدم» بدل الحوار ، والمشاركة في صنع القرار ، وبناء الدولة العصرية الحديثة من خلال الانتخابات النيابية التي تعهد جلالة الملك في اكثر من مناسبة ، بضمان نزاهتها .
رد مع اقتباس
المفضلات