الحقيقة الدولية – عمان – معاذ البطوش
صادف يوم الجمعة ذكرى رحيل الرئيس المصري الثاني بعد ثورة يوليو جمال عبدالناصر الذي غادر الدنيا في الثامن والعشرين من ايلول سبتمبر عام 1970 وسط حزن شعبي كبير.
وحظي الزعيم الراحل باحترام وتقدير لدى الشعوب العربية بشكل عام والشعب المصري بشكل خاص وهو الرجل القومي الذي كان يحمل مشروعا عربيا عنوانه وحدة الامة العربية وعدم تبعيتها للغرب.
ومع احياء ذكرى رحيل الزعيم الناصري يعيش الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي لحظات السعادة وهو يجلس بجوار الزعماء والقادة بالعالم بعد ان كان مصنف ضمن جماعة ارهابية محضوره في السابق.
جمال عبدالناصر الذي تولى سلطاته الدستورية عام 1954 من القرن الماضي كان يحمل مشروعا نهضويا عنوانه الوحدة والعزة لمصر والامة العربية، واعادة الاعتبار لمصر وللامة حيث اعلن عن تاميم قناة السويس التي تم بنائها بعرق ودماء واجساد ابناء مصر اضافة الى بناء السد العالي الذي لو استثمر من قبل الرئيسين السابقين انور السادات وحسني مبارك لاغنيا الشعب المصري عن كل العالم.
كذلك كان مشروع جمال عبدالناصر يهدف الى ضرورة تحرير فلسطين بكاملها من الكيان الصهيوني الغاصب وعدم زج مصر باي علاقات دبلوماسية مباشرة او غير مباشرة مع الامريكان والقوى الغربية والكيان الصهيوني.
ولم يتوقف حلم عبدالناصر عند هذا الحد بل ذهب الى محاولة تطبيق احلامه على ارض الواقع من خلال اقامة الجمهورية العربية المتحدة التي كانت تضم "مصر وسوريا" وتم تنصيبه كاول رئيس لتلك الدولة التي لم يطل عمرها كثيرا.
غادر الزعيم عبدالناصر الدنيا ولفط انفاسه الاخيره وهو يحلم بأمة عربية واحده بعيدة عن اي نوع من التبعيه.
اليوم تعيش الامة العربية لحظات تاريخية تجمع قادة ما يعرف بالربيع العربي وحكومات الربيع العربية والتي تعود جميعها الى احزاب وحركات وجماعات اسلامية في "مصر وتونس والمغرب وليبيا " والحبل على الجرار كما تطمح القوى الاخوانية بالشارع العربي.
ويقود تلك القوى الرئيس الاول بالعالم العربي رئيس جمهورية مصر محمد مرسي حاملا بين يديه وعلى اكتفاه مشروعا مشابها لمشروع عبدالناصر ولكن بمفارقات كبيرة وكثيرة.
المفارقات تتخلص في اصرار مرسي على التبعية للولايات المتحدة الامريكية واطلاع الامريكان على كل ما يمكن ان يطلعهم عليه سواء فيما يتعلق بالشان الداخلي او الخارجي لمصر والامة.
عبدالناصر بحث من اليوم الاول عن شيء جديد يخرج الشعب المصري من عباءة الغرب والاعتماد عليهم حيث قام بتاميم قناة السويس والاعلان عن البدء ببناء مشروع السد العالي في حين اعلن مرسي عن الذهاب الى صندوق النقد الدولي للاقتراض منه ما يقارب خمسة مليارات دولار وذلك لغايات اثبات الولاء والطاعة لهذا الصندوق المهيمن على مصر وانه لن يخرج من تحت جناحي الامريكان وقواهم الاقتصادية والسياسية.
ومن المفارقات ايضا ان عبدالناصر كان يحمل مشروع تحرير فلسطين بينما يحمل مرسي اليوم مشروع احترام اتفاقية كامب ديفيد مع العدو الصهيوني من خلال تاكيده على احترام كافة المعاهدات التي ابرمتها مصر سابقا اضافة الى قراره المتعلق بهدم جميع الانفاق التي بناها الشعب الفلسطينين في قطاع غزة على مدار سنوات طويلة حتى دفع بنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى ابو مرزوق يدلي بتصريحات يتحدث فيها عن ان ما اقدم عليه مرسي لم يقدم عليه حسني مبارك من قبل.
كذلك من المفارقات نجد ان مرسي يعمل اليوم على "صب الزيت على النار" فيما يتعلق بالازمة السورية مصرا على التحريض على استمرار العنف والقتال في سوريا ودعم طرف على حساب طرف اخر بدلا من العمل على عقد قمة في دمشق يديرها هو شخصيا تعمل على انهاء الخلاف برضى طرفي النزاع بدلا من احداث الفرقه بين الشعوب وهو عمل مخالف تماما لما فعله عبدالناصر الذي عمل على انشاء الوحدة المصرية السورية.
ومع كل المفارقات التي ذكرناها يبقى القول ان الامة ما زالت بخير ومهما خرج فيها من يخدعها ويضللها عن طريق الصواب فان من بينها من يحمل مشروع الوحدة لا مشروع التبعية والعمالة وان فيها الالاف من امثال عبدالناصر وصدام حسين وغيرهم من الشرفاء الذين نبكي عليهم صباحا مساء.
رد مع اقتباس
المفضلات