تونس - منذر بالضيافي

أعلن الباجي قائد السبسي، الوزير الأول السابق، ورئيس حزب "نداء تونس" اليوم "أن شرعية الحكومة التونسية، التي يقودها حزب النهضة الإسلامي، تنتهي يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول القادم، لتحل محلها الشرعية التوافقية".

وقال السبسي "إن الحكومة الحالية انتهى أمرها، وفشلت في مهمتها، وأوصلت البلاد إلى طريق مسدود". وأشار إلى كون "النهضة غير قادر على احتلال المشهد السياسي وحده". ومن جهته قال الأزهر العكرمي، القيادي في حزب "نداء تونس" لـ"العربية.نت" إن الحزب لن يشارك في حكومة وحدة وطنية، وعلى الحكومة الحالية أن تلتزم بما تم الاتفاق، عليه قبل انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011، والقاضي بأن لا تتجاوز الفترة الانتقالية الثانية، والمخصصة أصلا لكتابة الدستور مدة السنة".
أزمة ثقة

وأضاف العكرمي "ليس من مصلحة البلاد إطالة الفترة الانتقالية، لأنها ستزيد في إضعاف الدولة ومؤسساتها، خاصة بعد بروز ضعف كبير في القدرة على التسيير والحكم، وأن الحكومة الحالية كثرت أخطاؤها، ما جعلها تدخل البلاد في حالة من الضبابية، زاد في حدتها تنامي مظاهر العنف من قبل الجماعات السلفية، التي تشعر بكونها فوق القانون، بسبب التساهل معها من قبل الحكومة، وخاصة النهضة التي تدير وزارة الداخلية".

ويتميز المشهد السياسي التونسي الحالي، بعد مرور أكثر من سنة وتسعة أشهر على إنجاز الثورة، وتسعة أشهر على تشكيل حكومة الترويكا بقيادة حركة النهضة، بتواصل "أزمة الثقة" بين قطاعات واسعة من النخبة والإسلاميين، الذين يرون في النهضة خطرا على النمط المجتمعي التونسي. ما نجم عنه تنامي الاستقطاب السياسي والأيديولوجي، بين الإسلاميين وخصومهم، الذين بدؤوا يتجمعون حول حزب "نداء تونس"، هذا الحزب الذي استطاع أن يحقق انتشارا واسعا، وأصبح "يزعج" الحزب الحاكم.
خارطة طريق سياسية

بعيدا عن حالة التجاذب والاستقطاب، يستبعد المراقبون للشأن التونسي حصول "ردة" في المسار الانتقالي الديمقراطي، مثلما أكد ذلك المحلل السياسي قيس سعيد في لقاء مع "العربية.نت". الذى أوضح أنه "برغم تراجع "الوفاق" وغياب أطر الحوار، بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، وخاصة بين الحكومة والمعارضة، فإنه لا يمكن العودة للدكتاتورية".

ويرجع سعيد ذلك إلى "وجود حركة اجتماعية وسياسية قوية في تونس، جعلت من الديمقراطية "مطلباً اجتماعياً"، وكذلك وجود معطى أو ظرف إقليمي ودولي مناسب لحصول التغيير الديمقراطي".

ويجمع المتابعون للشأن التونسي، على أن المنهج الذي اختارته كل من الحكومة والسلطة في التعاطي مع الشأن الجاري واستحقاقات مرحلة ما بعد الثورة، في حاجة إلى "تعديل" وإلى تفعيل لـ"التوافق"، وإدراك أن استمرار "الحالة الثورية" من شأنه أن يدفع البلاد نحو سيناريوهات يصعب التحكم فيها. خاصة بعد ظهور دعوات إلى "إسقاط الشرعية" بعد 23 أكتوبر القادم، ما يجعل البلاد مقبلة على أزمة سياسية ومؤسساتية - بعد سنة من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي –

وتتالت خلال الفترة الأخيرة "المبادرات السياسية"، بهدف العمل على استباق حدوث أزمة سياسية، وهي بحسب الحقوقي وسام السعيدي "دعوات من أجل تسريع النسق للخروج من حالة "الضبابية"، والاتفاق على خارطة طريق انتخابية ملزمة".

ودعا السعيدي في تصريح لـ"العربية.نت"، "إلى ضرورة الشروع في الإجراءات والخطوات التمهيدية التي تسبق وتهيأ للعملية الانتخابية، والمتمثلة في بعث الهيئة المستقلة التي ستشرف على الانتخابات القادمة، وإقرار القانون الانتخابي الذي سينظمها. إضافة إلى تجاوز النقاط الخلافية في الدستور، والتسريع بوضع صياغة نهائية - وعرضها على الخبراء - وتجنيبه كل ما من شأنه أن يمس – من قريب أو بعيد – بمدنية الدولة والمكاسب المجتمعية وخاصة حرية المرأة".