يكرم المهرجان الدولي للفيلم الأمازيغي في دروته السادسة قبائل الطوارق من خلال عرض 5 أفلام، 3 منها لمخرجين طوارق، فيما يحمل فيلمان توقيع مخرجين سويسريين، وهي أفلام جديدة تعرض لأول مرة، كما يشارك وفد مصري ولأول مرة في هذه التظاهرة بفيلم أمازيغي.

أحد الأفلام المشاركة من إخراج الصحافي داود حسن، ويروي قصة الأمازيغ المصريين الذين نزحوا إلى مصر قبل ثلاثة آلاف عام من شمال إفريقيا، ولم يتبق منهم بعد هذه الفترة الطويلة إلا نحو 24 ألف شخص، يعيش معظمهم في واحة سيوة.

وتجري فعاليات المهرجان بمدينة أكادير (جنوب غرب المغرب) خلال الفترة الممتدة بين 26 و 30 من الشهر الجاري، وتنظمه كل سنة جمعية "إسني إن وورغ - Issni N Ourgh".

وتتوزع فقرات المهرجان بين المسابقة الرسمية على جوائز المهرجان وورشات تكوينية وعروض للأفلام في الهواء الطلق ولقاءات فكرية وتثقيفية مع المهنيين والحرفيين، كما سيتخلّل البرنامج ندوة دولية حول "السينما والذاكرة"، وهو موضوع اختارته إدارة المهرجان شعاراً مركزياً لهذه الدورة، وسيتم تدعيم الندوة بعرض أفلام وثائقية تعالج تيمات الذاكرة ومجال حقوق الإنسان.

رشيد بوقسيم، مدير المهرجان أشار في حديث لـ"العربية.نت"، إلى أن اختيار إدارة المهرجان موضوع "الذاكرة" شعارا للدورة، يأتي في سياق تزايد اهتمام الأفلام الوثائقية طيلة الدورات السابقة بتيمة الذاكرة، ليس على مستوى المغرب فقط تبعا لبوقسيم، بل بتناولها أيضا المجال الجغرافي المرتبط بشمال إفريقيا والصحراء الكبرى (بلاد الطوارق).

وأشار إلى أن لجنة تحكيم الدورة الرابعة برئاسة المنتج والمخرج التونسي رشيد فرشيو وبتثمينٍ من إدارة المهرجان، كانت قد خصصت منذ تلك الفترة جائزة تحت اسم "الجائزة الكبرى للذاكرة"، نالها آنذاك الفيلم الوثائقي "بوكَافر 33 Bougafer" من إخراج أحمد بايدّو وسيناريو الباحث في الأنثروبولوجية التاريخية مصطفى القادري.
الذاكرة التاريخية للمغرب
ويقول في هذا السياق إنه سيكون من المفيد جدّا الكشف عن جزء من الذاكرة التاريخية للمغرب وشمال إفريقيا عموماً من خلال مسلك توظيف الإبداع السينمائي والاستفادة من التقدم الحاصل في هذا المجال، فالسينما من وجهة نظره تساهم في الحفاظ على الذاكرة الجماعية في جميع أزمنتها.

ويضيف، ما دامت الذاكرة هي المغذي القوي للهوية فإن استثمارها والتعبير عنها في قالب سينمائي سيلبي لا محالة جزءا من الحاجة الاجتماعية المرهفة التي ما فتئت تتزايد تجاه كل ما له علاقة بالثقافة والهوية، مشيراً إلى أن الاحتفاء بالطوارق يندرج في هذا الإطار خاصة على ضوء التطورات الراهنة، التي تعرفها مناطق جنوب الصحراء.

وفي تصور بوقسيم، فإن الطوارق كانوا ضحية الفترة الاستعمارية حين تم توزيعهم على خمسة دول، وهو ما جعل منهم أناسا دائمي الترحال في شعاب ووديان وصحارٍ جافة "كحبة رمل في عين الزمن"، كما جاء على لسان شاعرة لهم، مضيفا أنهم يعيشون وضعا مهملا، لا تعليم، لا ماء، لا خدمات، لا برامج تنمية رغم توزعهم على مناطق غنية بالمواد الخام من نجيريا ومرورا ببوركينا فاسو ومالي إلى المغرب العربي.

واعتبر بوقسيم واستنادا إلى بعض الباحثين في الأمازيغية، أن قبائل الطوارق "جزء من مكونات الشعب الأمازيغي، ولهم رمزية لأنهم جزء من قبائل صنهاجة، التي يتحدر منها (المرابطون) الذين أسسوا مدينة مراكش، ودافعوا عن حكم الإسلام في الأندلس، ثم إن لغتهم التي تعرف باسم (تماشق) تعتبر أكثر اللغات الأمازيغية صفاء، لبعدها عن جميع المؤثرات التي عرفتها اللهجات الأخرى"، إضافة إلى تأثرهم وتفاعلهم مع الثقافة الحسانية والحضارة الصحراوية.

وأكد على أن الثقافة والسينما جزء منها، وتعد عاملا أساسيا في حل النزاعات، وفي توحيد الشعوب بإبراز قيمها المشتركة، وتحفيزها على التعاون بدل الصراع، معتبراً أن شعب الطوارق يمكن أن يلعب دورا أساسيا في توحيد شمال إفريقيا، وفي فض النزاعات الدائرة على مستوى الصحراء الإفريقية الكبرى والمغرب العربي إذا ما توفرت الإرادة الصادقة في الانفتاح على هذا الشعب، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصياته الإثنية والثقافية.