جدة - حسن حاميدوي
أثار الجَسيس الحجازي فيصل اللبان، موجة من الجدل وسط المعنيين بالمجال التعليمي والتربوي بعد أن أطلق مبادرة "المناهج" التي تمحورت حول إعادة إنتاج المناهج والمقررات الدراسية صوتياً، وتسجيلها على طريقة "المجسات الحجازية"، معتبرين أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى ضعف الدافعية نحو التعلم والتهاون بالمقررات والعملية التعليمية، والتي تحتاج إلى جهد واجتهاد وعمل متواصل.

الجَسيس الحجازي فيصل اللبان
وكان فيصل اللبان قد أطلق مع بداية العام الدراسي الجديد، موقع ومبادرة "المناهج"، والتي اعتمدت على التسجيل الصوتي للمقررات المعتمدة في استذكارها على الحفظ وإعادة إنتاجها على طريقة المسجات، وذلك بهدف جعل التعليم عملية ممتعة ومشوقة، فيما تضمنت المناهج المنتجة جميع المقررات الصفية للمراحل الدراسية الثلاث، وذلك في تجربة تعتبر الأولى من نوعها على مستوى المملكة.

وتعتبر المجسات، أحد أبرز ألوان الفن والتراث الثقافي بمنطقة الحجاز، وهي خليط بين الغناء والإنشاد والمواويل، يقوم بأدئها شخص يعرف بالجسيس يترنم بأبيات من الشعر العربي الفصيح على شكل مقامات وإيقاعات متعددة هبوطاً وصعوداً، فيما تتنوع مضامين المجسات بين الصلاة على النبي، والدعاء ومديح العروسين، وذلك في توليفة فنية أصبحت جزءاً أساسياً من أفراح ومناسبات أهالي الحجاز.
انتقادات

اللبان انتهى من التسجيل الصوتي لجميع المناهج بالسعودية
وأحدثت المبادرة موجة من الانتقادات وسط بعض المعنيين بالمجال التعليمي الذين رفضوا فكرة إقحام الطلاب والمناهج الدراسية في هذه التجربة، حيث قال محمد الغروي، الاختصاصي التعليمي، إن المبادرة ستُفقد عنصر العلاقة الإنسانية بين المعلم والطلاب إذ سيكون التركيز الأكبر على جانب الحفظ فقط أكثر من الاهتمام بالجانب المهاري والوجداني.

وأشار الغروي في حديثه لـ"العربية.نت"، إلى أن المجسات ستوفر بيئة تعليمية للحفظ فقط، لكنها غير قابلة للتفاعل لأنها تعتمد بالدرجة الأولى على الوسائط الإلكترونية.

كما رفض خالد الشهري، الاستشاري التربوي، فكرة المبادرة جملة وتفصيلا، مبينا أن التعليم بهذه الطريقة من شأنه أن يضعف المهارات الاجتماعية لدى الطلاب خاصة في المراحل الأولى، حيث إنهم في حاجة للنماذج والقدوات من المعلمين للاكتساب والاستفادة المباشرة.

وأضاف أن هذا النمط من الاستذكار قد يؤدي إلى ضعف الدافعية نحو التعلم، والتهاون بالمقررات الدراسية التي تحتاج إلى جهد واجتهاد وعمل متواصلين في سبيل إتقانها.
التعليم بصورة محببة

فيصل اللبان قلَل من الانتقادات التي طالت المبادرة
من جانبه، قال الجسيس فيصل اللبان، لـ"العربية.نت"، إن المبادرة تهدف إلى إعادة إنتاج المناهج الدراسية وتنفيذها صوتيا في قالب حجازي، بغرض تعليم الطلاب النصوص المراد استذكارها بصورة محببة ومشوقة، مشيرا إلى أن المناهج المنتجة وفقا لهذا القالب ستعمل على إكساب الطلاب ثروة لغوية راقية، وستنمي خيالات الطلاب في الصور المجازية والذوق الجمالي، لاسيما أن إدخال المؤثرات التعبيرية على النصوص الدراسية الجامدة، ستؤدي إلى إضفاء حالة من الاندماج والتعايش مع النص، إلى جانب تنمية مواهب الطلاب في إتقان الأوزان اللغوية وزيادة الإحساس بالأدوار أثناء استذكار الدرس.

كما قلل فيصل اللبان من الانتقادات التي طالت المبادرة، مؤكداً على أحقية المعلم والمدرسة في تمثيل النماذج والقدوات لإكساب الطلاب المعارف والمعلومات بل السلوكيات والقيم، وأضاف "المبادرة دورها تكميلي لدور المدرسة والمعلم، ولن تكون أبدا معارضة لأهداف العملية التعليمية بل على العكس ستسهم في جذب الطلاب إلى بيئات التعلم وتحببهم في المدرسة، وستكون اتجاهات إيجابية نحو عناصر العملية التعليمية بشمولها، وأوضح اللبان أنه انتهى تقريبا من التسجيل الصوتي لجميع المناهج بالسعودية وسيشرع بعدها في تسجيل بقية مناهج الدول العربية.

تجدر الإشارة إلى أن الهجرات المتعددة إلي منطقة الحجاز، والتي تتضمن مدن مكة والمدينة وجدة والطائف ساهمت بشكل كبير في ثراء وتنوع الحياة الثقافية في تلك المناطق، وحولتها قبل مدن لندن وباريس ونيويورك، إلى مدن عالمية متعددة الجنسيات والألسن والأعراق، وما يميزها أنها تفوقت بمراحل على أي تنوع مماثل في أي منطقة عربية، حيث لا يمكن تمييز أي جنس أو مجموعه هاجرت واستقرت في الحجاز بعد أن توحدت فيها اللغة والهوية والممارسة الثقافية.