القاهرة - رويترز - يثير فوز محمد مرسي في انتخابات الرئاسة في مصر قلق بعض المسيحيين الذين يتوقعون تراجعا في الحريات.
ورغم أن محمد مرسي أول حاكم ينتخب في اقتراع حر في مصر لم يتول السلطة إلا قبل نحو شهرين فقد عبر بعض المسيحيين عن استيائهم من عدم تحقيق وعود قطعها الرئيس على نفسه خلال حملته الانتخابية.
وعين الرئيس خلال الشهر التالي لتوليه السلطة حكومة جديدة لا تضم سوى وزير مسيحي واحد الأمر الذي يعتبره البعض غير كاف لتمثيل الأقباط بينما يعتبره آخرون خطوة إلى الأمام.
كما يثير تكوين الجمعية التأسيسية التي تعكف حاليا على صياغة دستور جديد مخاوف الكثير من الأقباط بخصوص حقوقهم الدينية في مصر بعد الثورة.
وأعطى كثير من الأقباط أصواتهم لمنافس مرسي في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة خشية أن يؤدي وصول إسلامي إلى السلطة إلى تقويض حريتهم في ممارسة شعائر دينهم وخوفا من تحول اجتماعي محتمل نحو "التشدد".
يتولى يوسف سيدهم رئاسة تحرير صحيفة وطني خلفا لوالده الراحل أنطون سيدهم الذي أسس الصحيفة عام 1958.
وذكر سيدهم أن الكثير من الأقباط الذين يتحدث إليهم يشعرون بالقلق بعد وصول رئيس مرسي إلى السلطة.
وقال "المستقبل بالنسبة للأقباط لا يحمل شعورا بالتفاؤل. ومعظم الأقباط لديهم هواجس بشأن المستقبل إلى الدرجة التي لا يخفون معها رغبتهم في الهجرة إذا استطاعوا أن يغادروا مصر. أنا أعتقد أنه تحد سيحسم في القريب ولن ينتظر أكثر من عام من الآن لأن التحدي كله يكمن في كيفية كتابة الدستور الجديد لمصر".
وانسحب الأقباط من تشكيل سابق للجمعية التأسيسية احتجاجا على هيمنة الإسلاميين عليها. وأعيد تشكيل الجمعية في وقت لاحق بعد انسحاب عدة فصائل من التشكيل الأول.
ويشارك الأقباط قلقهم على الاتجاه الذي تسير فيه مصر أطياف وفصائل أخرى منها الليبراليون الذين يقولون إن حصول الإسلاميين على أكثرية مقاعد البرلمان السابق في الانتخابات التي أجريت العام الماضي لا يمنحهم حقا في الهيمنة على كتابة دستور البلد الجديد.
وقال سيدهم "بعد الثورة ظهرت بكل قوتها مجموعة الإخوان المسلمين.. جماعة الإخوان المسلمين والظهور المفاجئ للسلفيين. وهذه الجماعة وهذا التيار يمثل صعوداً قوياً للإسلام السياسي. ولذلك ما تشهده مصر الآن هو عملية مستمرة لمحاولة اختطاف الثورة..
من جهة أخرى يرى بعض الأقباط أيضا أن مرسي لا يستطيع اتخاذ القرارات على نحو مستقل لصلته بجماعة الإخوان المسلمين.
وقال مصري يدعى كميل بشارة "ح تؤثر طبعا وجود الريس بحكم إخواني.. ح يؤثر أولا لأنه مش ح يقدر يقلع عباءة الإخوان. وبالتالي هو ح يفضل مستمع لهم وعايز يرضيهم لأن ممكن ينقلبوا عليه. لو انقلبوا عليه هي دي اللي ح تبقى مشكلة".
وفاز التيار السلفي أيضا بثاني أكبر عدد من مقاعد البرلمان السابق في الانتخابات بعد حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين. وزاد ذلك بواعث قلق البعض من تزايد صعود الإسلام السياسي في مصر.
وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة حاليا في مصر يخشى كثير من الشبان المسيحيين أن يتعرضوا للتمييز في سوق العمل.
وقال شاب يدعى رفيق نبيل "بس أنا مش شايف إلا أن.. اللي جاي بعده أنا لسه ما شفتش منه حاجة حاليا. هو دلوقتي داخل على ثلاث شهور وما شفناش منه حاجة. بيقول لك أنا فترة المئة يوم مفيش حاجة زي دي. أنا شايف أن أشياء كثير قوي وقعت في مصر. أنا واحد أنا بادور على شغل جديد.. أنا مخلص جامعة ومش لاقي شغل. فأنا مش عارف إيه اللي ح يحصل في البلد بعد كدا بس أنا نفسيا.. أنا تعبان نفسيا بسبب اللي بيحصل في مصر".
وكان مرسي يحرص خلال حملته الانتخابية على أن يؤكد للمسيحيين أنهم لن يتعرضوا للإقصاء والتمييز إذا تولى السلطة. بل وتعهد خلال أخد المؤتمرات الصحفية قبل الانتخابات "بمشاركة حقيقية" للمسيحيين في الحكم.
وقال "الأقباط لهم كل الحقوق كما عليهم الواجبات. وموجودين في مؤسسة الرئاسة. وسترون إن شاء الله مستشارين أو حتى نائب إن أمكن و.. و.. إلى آخره. مشاركة حقيقية وليس مجرد ذر للرماد في العيون".
وشدد عصام العريان القائم بأعمال رئيس حزب الحرية والعدالة على أن كل الأطياف المصرية ممثلة في الجمعية التأسيسية.
وقال العريان خلال مقابلة مع تلفزيون رويترز "الكنيسة تشارك في صياغة الدستور والأزهر يشارك في صياغة الدستور. والليبراليون والإسلاميون والطوائف والجميع يشارك. هناك حالة توافقية حول كتابة الدستور المصري لم يسبق لها مثيل عند كتابة أي دستور آحر. ويكفي للمصرييين أنهم يكتبون الدستور بأنفسهم اليوم ولا يفرض عليهم. وأنا أعتقد أنه باكتمال كتابة الحقوق والحريات يجب أن يطمئن الجميع إلى أن الدستور يكفل كافة الحقوق والحريات للمواطنين المصريين على قدم المساواة".
وقال العريان عن أحداث العنف الطائفية في مصر "هذا تراث نظام مبارك الذي لعب على وتر الفتنة الطائفية. وأعتقد أن هذا التراث سيندثر مع مرور الوقت".
ويمثل الأقباط نحو عشرة في المئة من المصريين الذين يبلغ عددهم زهاء 83 مليون نسمة.
رد مع اقتباس
المفضلات