عمان - بترا - مؤيد الحباشنة - أوعز جلالة الملك عبدالله الثاني امس الاثنين بإعداد تصور شمولي للنهوض بقطاع التربية والتعليم في الأردن، تمهيدا لعقد مؤتمر وطني متخصص للتطوير التعليمي والتربوي يضم جميع الجهات المعنية بهدف إقرار خطة عمل وفق جدول زمني واضح لرفع سوية التعليم وتحقيق الإصلاح التربوي الشامل بناء على ما تحقق من إنجازات خلال السنوات الماضية، ولمعالجة التحديات التي تواجه قطاع التعليم في المملكة.
وأكد جلالته خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس التربية والتعليم في وزارة التربية والتعليم، أهمية اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة استعدادا لبدء العام الدراسي الذي يصادف يوم الأحد المقبل، مشددا على أهمية التركيز على النوعية لا الكمية في المخرج التعليمي.
وأشار جلالته إلى ضرورة تضافر جهود جميع الجهات المعنية لتطوير العملية التربوية والتعليمية بما ينعكس على نوعية التعليم ومخرجاته وربطه بالاحتياجات الفعلية لسوق العمل الداخلي والخارجي.
وشدد جلالته على أن الطالب والمعلم هما أساس العملية التربوية والتعليمية في المملكة التي تعد أنموذجا متقدما بهذا المجال في المنطقة.


واستمع جلالته إلى إيجاز قدمه وزير التربية والتعليم الدكتور فايز السعودي أشار فيه إلى استعدادات الوزارة لاستقبال العام الدراسي الجديد، وأبرز إنجازات الوزارة والتحديات التي تواجهها وتطلعاتها المستقبلية.
وعرض وزير التربية والتعليم أبرز المؤشرات الكمية لأداء النظام التربوي للعام الحالي، حيث أشار إلى ان عدد الطلبة الجالسين على مقاعد الدراسة على مستوى المملكة بلغ حوالي مليون و690 ألف طالب وطالبة، فيما بلغ عدد المعلمين106 آلاف، وعدد المدارس6172 مدرسة، مثلما بلغت نسبة الالتحاق الصافي في الصف الأول الأساسي3ر93 بالمئة.
وأشار السعودي خلال استعراضه للمؤشرات النوعية، إلى أن الأردن انتقل من الفئة ذات الاحتمالية المتوسطة في تحقيق أهداف التعليم للجميع إلى الفئة ذات الاحتمالية العليا، حيث تم تحقيق أربعة من ستة أهداف، فقد حقق تقدما في الهدف المتعلق بمرحلة الطفولة المبكرة ويشير المؤشر إلى ارتفاع النسبة إلى37 بالمئة. وبين انه تم تحقيق الهدف الخاص بمحو الأمية حيث وصلت نسبة الأمية إلى7ر6 بالمائة وهو الهدف المطلوب عام 2015، وتحقيق تقدم في إزالة التفاوت بين الجنسين.
واوضح أن الأردن احتل المرتبة الرابعة عربياً من أصل14 دولة عربية، والحادية والستين عالمياً من أصل127 دولة توفرت بشأنها بيانات من بين194 دولة، وذلك في تحقيق أهداف التعليم للجميع.
وتشير التوقعات بحسب السعودي إلى إن الأردن هو الدولة العربية الوحيدة المرشحة لتحقيق أهداف التعليم للجميع عام2015، حيث تم إحراز تقدم في تحقيق التكافؤ بين الجنسين في مرحلتي التعليم الأساسية والثانوية بناء على تقرير الرصد العالمي للتعليم للجميع لعام2011.
وقال الوزير إن الوزارة تبنت نظام إدارة الجودة في مدارسها، ونظام الجودة في ألف روضة أطفال حكومية، مشيرا إلى أن15 مدرسة حكومية وعدة مدارس خاصة حصلت على شهادة نظام إدارة الجودة العالمية.
وأظهرت التقارير الدولية حصول الأردن على مراتب متقدمة في نتائج الاختبارات الدولية عربيا وعالميا. وفيما يتصل بالاستعداد للعام الدراسي أشار السعودي إلى انه تم تجهيز37 مدرسة جديدة، وتوفير وطباعة22مليون كتاب مدرسي بقيمة10 ملايين دينار.
وبين انه تم تعيين3275معلماً جديداً وفقاً لخطة التشكيلات المدرسية في جميع المديريات، وتدريب1600 معلم جديد ضمن برنامج تهيئة المعلمين الجدد، وصيانة الأبنية المدرسية في710 مدارس منتشرة في مناطق المملكة، وإنشاء إضافات صفية في33 مدرسة، وبناء40 روضة أطفال بمعدل غرفة صفية واحدة لكل روضة.
وفي إطار حديثه عن التحديات والخطة المستقبلية للوزارة لخص السعودي أبرز مخرجاتها، وتتمثل بمنح الأولوية في الأبنية المدرسية بمواصفات جيدة وآمنة للأطراف والمناطق البعيدة لترسيخ مبدأ العدالة في التعليم، وإعداد نظام المدرسة الأهلية الحكومية تمهيداً لإقراره، وتوظيف التكنولوجيا في التعليم في الغرفة الصفية وحوسبة المناهج، وتوفير فرص التحاق اللاجئين من الدول الشقيقة بالتعليم الأساسي للتخفيف من آثار الأزمات والظروف الطارئة وتأكيد الدور الأردني في الإقليم.
وبين أن الخطة تتضمن اعتماد التصور المقترح لتطوير امتحان الثانوية العامة، والتركيز على تنمية المعلمين مهنياً، وغرس مفهوم المسؤولية المجتمعية تجاه المدرسة كمؤسسة اجتماعية، والاهتمام بالجوانب الاجتماعية والنفسية للطلبة بجميع فئاتهم بمن فيها الموهوبون وذوو الاحتياجات الخاصة.
وأوضح أنها تشمل تحقيق رؤية الإرادة الملكية في دعم العاملين في وزارة التربية والتعليم وتوفير الحوافز والعلاوات وربطها بالتقدم في مسارات التنمية المهنية، وتعديل قانون التربية والتعليم وخاصة السلم التعليمي، وبناء وترسيخ ثقافة العمل المؤسسي في الوزارة من خلال إعادة بناء التنظيم الإداري فيها، وإيجاد مظلة موحدة للقرارات التربوية.
وقال السعودي إن الخطة تشمل كذلك تعزيز مفهوم مجتمع المعرفة في سياسات واستراتيجيات الوزارة، ودراسة إنشاء مؤسسة مستقلة للتعليم والتدريب المهني، وتحديد الأدوار التشاركية والتكاملية بين الوزارة ونقابة المعلمين وفق القوانين النافذة.
وأكد أن الوزارة تنطلق في برامجها وسياساتها من أن التعليم الأكثر مقدرة على تحقيق أهداف التربية هو القادر على استيعاب حاجات المتعلمين ومواكبة المستجدات، مشيرا إلى الجهد الوطني ودعم ومبادرات جلالة الملك وجلالة الملكة رانيا العبدالله التعليمية والذي توج بتحول الأردن من تحدي الكم إلى تحدي النوعية.
وجرى خلال اللقاء نقاش موسع بين جلالته وأعضاء المجلس تناول جميع الأبعاد التي تحيط بالعملية التربوية والتعليمية وسبل النهوض بها بما يتلاءم مع المكانة التي أحرزها الأردن في هذا القطاع على مستوى المنطقة.
وتطرق النقاش حول منظومة استثمار الموارد البشرية وسبل دفعها، وسياسات التعليم والتدريب المهني وسياسات التشغيل والريادة، وإعادة النظر بمسارات التعليم، وتوفير مدرسة مهنية بكل لواء، وتطوير المناهج، وآلية اقتران التعليم بالتطبيق، وضرورة وجود جهة مرجعية واحدة لتنمية الموارد البشرية، وإصلاح منظومة التعليم والتدريب المهني، والتأكيد أن الإصلاح التربوي جزء من المسيرة الإصلاحية، والتركيز على نوعية التعليم، ووضع تصور شمولي لتطوير التربية والتعليم، والتعليم العالي، وسوق العمل والتشغيل.
وأكد وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور عبدالسلام العبادي خلال اللقاء، ضرورة وضع دراسة شمولية لتطوير قطاع التربية والتعليم، والتعليم العالي وسوق العمل والتشغيل، وطرح حلول شمولية ودقيقة وملموسة في هذا الشأن.
وأوضح وزير الثقافة الدكتور صلاح جرار أن الإصلاح التربوي هو جزء أساسي من المسيرة الإصلاحية الشاملة، مشيرا إلى إن هناك جانبين لتطوير العملية التربوية والتعليمية تتمثل في العناية بالمرحلة الأساسية التعليمية والحرص على وضع أسس للعلاقة بين الطالب والمعلم.
واعتبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وجيه عويس أن التركيز على نوعية التعليم يجب أن ينعكس على شخصية الطالب وصقلها، مشيرا إلى أن اخطر ما يواجه المسيرة التعليمية في الأردن ازدياد اعداد الخريجين من الجامعات، ومرحلة شهادة الدراسة الثانوية العامة التي يجب أن يعاد النظر في آليتها.
ودعا رئيس المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية الدكتور عبدالله عبابنة إلى ضرورة تبني سياسات تعليمية جديدة تعتمد التوازن في مسارات التعليم، مشيرا إلى أهمية معالجة منظومة استثمار الموارد البشرية من الاختلالات التي ظهرت فيها.
وطالبت أمين عام المجلس الأعلى للسكان الدكتورة رائدة القطب بتوفير الدعم اللازم لسياسات التعليم والتدريب المهني وكذلك سياسات التشغيل والريادة التي تبناها المجلس بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
ولفت مدير عام مؤسسة التدريب المهني ماجد الحباشنة إلى إنه لا بد من وجود جهة مرجعية واحدة لتنمية الموارد البشرية، والتسريع بإنشاء المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية، وتوحيد الجهات المزودة للتدريب، وإصلاح منظومة التعليم والتدريب المهني، والاسترشاد بتوصيات الأجندة الوطنية فيما يتصل بتنمية الموارد والتدريب.
وأِشار نقيب المعلمين مصطفى الرواشدة في اللقاء، إلى جهود جلالة الملك الموصولة لدعم عملية التعليم في المملكة ورعايته للمعلم والطالب على حد سواء، مؤكدا أن المعلمين هم جنود أوفياء للوطن يحرصون على صون منجزاته وحماية مكتسباته.
ودعا الرواشدة إلى ضرورة إعادة النظر بمسارات التعليم وتوفير مدرسة مهنية بكل لواء في المملكة إلى جانب إعادة النظر بامتحان الثانوية العامة، ومنتجات التعليم والمناهج.
واكد المشاركون في اللقاء الذين يمثلون مختلف المؤسسات التعليمية والتربوية في المملكة ضرورة إعادة التوازن بين جميع المسارات التعليمية خصوصا التعليم الاكاديمي والتقني والمهني بناء على الاحتياجات الفعلية للسوق وبما يضمن تناغم مخرجات التعليم مع سوق العمل.
واقترحوا إعادة النظر في آلية امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة (التوجيهي) للوصول إلى توافق حول انسب الطرق لتطويره بما يواكب احدث الممارسات التعليمية والتربوية في هذا المجال.