كتبت - نسرين الضمور - تجد نسبة كبيرة من أبناء محافظة الكرك ومع إقتراب نهاية شهر رمضان المبارك نفسها أمام أعباء مالية مضاعفة، فبعد أن أتى مصروف الشهر الفضيل على ما لديهم من سيولة نقدية فإنهم أمام مناسبتين تحتاجان إلى الكثير من النفقات، حلول العيد وبدء العام الدراسي الجديد.
وبحكم العادات والتقاليد الإجتماعية فإن حلول عيد الفطر المبارك يلزم الكثيرمن أرباب الأسر بالوفاء بواجبهم تجاه أسرهم وتجاه محارمهم من النسوة ومن الأطفال أيضا، وخصوصا الشقيقات حيث واجب تقديم هدية عينية أو مبلغ نقدي لهن ملزم، الأمر الذي يعتبر بالنسبة لغالبية أرباب الأسر عسيرا بحكم ظروفهم وإمكاناتهم المالية.
ويقول رب الأسرة سالم أحمد أن نفقات شهر رمضان مرهقة لجيوب المواطنين من حيث إعداد الغذاء وغيره من لوازم الإفطار اليومية، خصوصا في ظل إرتفاع أسعار السلع والحاجيات وخصوصا التموينية منها والطازجة تحديدا من خضار وفواكه، مبينا أن إرتفاع الأسعار في رمضان الحالي هو أعلى بكثير مما كان عليه الحال في كل المواسم الرمضانية السابقة، أي بمعنى أن إعداد وجبة إفطار خفيفة للأسرة مع توابعها قد تحتاج إلى مبلغ عشرة إلى عشرين دينارا.
ولفت محمد الحمايدة إلى جانب آخر وهو جانب إقامة الدعوات وولائم الإفطار في شهر رمضان للأقارب ولاسيما الأخوات المتزوجات، مشيرا إلى أن هذه الولائم حتى لو كانت محدودة فإنها مكلفة بالنظر لإرتفاع أسعار اللحوم الحمراء ولحوم الدواجن وغير ذلك من مستلزمات الإفطار من خضار وفواكه وكلها غالية الأثمان، بحيث تصل كلفة أقل دعوة لمأدبة إفطار من مئة إلى مئة وخمسين دينارا.
أما المواطن سالم عمر، فيرى أن إنسياق الناس وراء بعض العادات والتقاليد الإجتماعية يدخلهم في أوضاع مالية حرجة، فالحكمة من الصوم ليس بكثرة ما نعرضه على موائد الإفطار، بل ببساطة هذه الموائد التي تشعرنا بحال الفقير المعدم الذي لا يجد على مدار عامه قوتا يكفيه، ثم أن أكثر ما يقيمه الناس من ولائم إفطار للأقارب او غيرهم غير مبررة لمن لا تسمح لهم ظروفهم المالية بتحمل نفقات إضافية، وحتى ما نقيمه من ولائم مبالغ فيها حيث تهدر كميات كبيرة من الطعام المتبقي دون وجه حق، وهذا كله من باب المظاهر ليس إلا، وأضاف أنني لا أدعو إلى البخل بل ومثلي كثيرون إلى ضبط النفقات سواء مايتعلق منها بشهر رمضان أو بقية أشهر العام وما تحمله من مناسبات إجتماعية مختلفة.
أما المناسبة الملحة الثانية التي ستفرض نفسها على المواطنين بعد إنتهاء رمضان المبارك فهي إفتتاح المدارس وما يعنيه ذلك من نفقات تجهيز الطلبة لبدء العام الدراسي الجديد، بتأمين حاجتهم من الملبس والقرطاسية وأثمان الكتب ودفع الرسوم المدرسية السنوية، بخلاف تلك الأسر التي تزداد أوضاعهم المالية إرباكا إن كان لديهم أبناء على مقاعد الدراسة الجامعية.
نفقات رمضان والإستعدادات لعيد الفطر وتحضير مستلزماته، وقرب بدء العام الدراسي الجديد ألزمت الكثيرين على الإستدانة أو الحصول على قروض بنكية لتأمين المتطلبات المالية التي فرضت نفسها عليه، صرف الرواتب قبل حلول العيد يراه علي الصعوب غير مجد، فالراتب مجتزأ أصلا بما عليه من إلتزامات ثابتة بدء من أقساط القروض البنكية ومرورا بأجرة السكن، ما يجعل ما يتبقى منه لايفي بشيء يذكر من إحتياجات الناس الفعلية للشهر الجديد الذي يعني ترقب 30 يوما حتى يصرف راتب هذا الشهر بعد أن تحمل هذا ما يفوق طاقته بكثير، وهذا يتسبب وفق الصعوب في معاناة متكررة لغالبية الأسر الكركية التي تعتاش على الدخل الوظيفي من خلال تراكم الديون عليها.
ويرى مهتمون بالشأن الإقتصادي في الكرك أنه مع كل موسم رمضاني تتكرر التجربة، وينفق الناس ما في جيوبهم بما يصاحب ذلك من إسراف وتبذير، ودعوا إلى تغيير الكثير من أنماط سلوكنا الإجتماعي، وخصوصا ما يتعلق منها بثقافة الإستهلاك، حاثين المواطنين على مراعاة إمكاناتهم المالية وأن يكون الإنفاق مبرمجا بما يتناسب مع قيمة الدخل وأوجه الإنفاق الثابتة والمتوقعة، وبخلاف ذلك فإن المعاناة ستزداد وستتسع قاعدة الفقر وتتفاقم الحاجة بين مواطنينا.