تشارلي روز: قال أحد الكتاب الأمريكيين أن التعليم هو نفطكم.

جلالة الملك: التعليم هو نفطنا فعلا. نحن نعتلي المراكز العشرة الأولى بالنسبة للتعليم، ونحن من بين الدول العشرة الأولى في العالم بالنسبة لإطلاق شركات التكنولوجيا الجديدة في العالم. نحن نشكل 2 بالمئة من سكان المنطقة، لكن في الوقت نفسه نقوم بتزويد ما نسبته 75 بالمئة من المحتوى العربي لشبكة الانترنت. أعني أن الأردن مركز قوة فيما يتعلق بهذا الموضوع بالنسبة لمثل هذا البلد الصغير.



تشارلي روز: هل يعني ذلك بأنه عندما تنظر إلى تجربة الأردن وتجد بالمقابل شخصا يظن أن الثقافة السائدة في البلدان العربية لا تعمل على تشجيع هذا النوع من المشاريع وفرص التعليم كما هو الحال في إسرائيل فهو على خطأ ببساطة؟

جلالة الملك: أعتقد بأنه يمكننا دائماً أن نأخذ في اعتبارنا الوضع المادي الجيد في إسرائيل. أعني أنه إذا نظرت إلى نتائج عملية التعليم وفق المعايير الدولية فيما يتعلق بالعلوم والرياضيات فنحن نقف ندا لإسرائيل ونتفوق عليهم في الكثير من الحالات.



تشارلي روز: في معرض حديثنا عن الانتخابات الأمريكية، هل تعتقد بأن الأردن سيكون أفضل حالاً إذا ما تسلم مهام الرئيس أحد الجمهوريين أم الأفضل لكم استمرار الرئيس الديمقراطي في السلطة لفترة رئاسية ثانية؟

جلالة الملك: الإجابة ببساطة هي أننا لا نُقحم أنفسنا في الشؤون الداخلية للأمم الأخرى، لذلك فإن الأمر يعود للأمريكيين لتقرير الأمر.



تشارلي روز: لكنك قلت أنه من الأفضل بالنسبة للقضية الفلسطينية الإسرائيلية. فمن الأفضل في بعض الأحيان أن يتسلم شخص ما الولاية الثانية غير الشخص الذي تسلم الولاية الأولى بسبب الأبعاد السياسية الكامنة وراء ذلك.

جلالة الملك: لقد شاهدنا تاريخيا رؤساء تسلموا مهامهم الرئاسية للفترة الثانية كانوا أكثر استعدادا في التعامل مع القضية الإسرائيلية الفلسطينية، حيث أنه عادة ما يقضي أي رئيس جديد أول سنتين من فترة حكمه في التعامل مع مهامه.



تشارلي روز: هل سيترتب على ذلك التخلي عن بعض صلاحيات ملكيتك الدستورية والتخلي عن بعض سلطاتك؟ هل هذه النوعية من الإصلاح قابلة للتفاوض؟

جلالة الملك: ذلك ما تحدثنا عنه فيما يتعلق بالإصلاح الدستوري، وعندما أنشأنا اللجنة الملكية لتعديل الدستور. لقد أردنا لها ، برأيي، أن تحدث تغييرا أبعد من دستور عام 1952، وهو ما طالب به الجميع بمن فيهم الإخوان المسلمون في البداية، وقلت بأننا ينبغي أن لا ننظر إلى دستور عام 1952, بل يجب أن ننظر إلى أبعد من ذلك، عندها خرجت الوثيقة النهائية المحتوية على تعديلات ثلث الدستور. وعندما تسلمت الوثيقة من اللجنة الملكية، خاطبتهم بأن هذا لا يعني نهاية التغيير، بل أننا ما زلنا في البداية، وأعتقد كمجتمع بأنه ما زال لدينا متسع من الوقت لمواصلة ذلك، وأن هذه ليست النهاية. وذلك حتى يستطيع الأردن والملكيات الأخرى الاستمرار في التطور.



تشارلي روز: عندما تنظر للتغييرات التي حدثت في البلدان التي شهدت الربيع العربي، يقول البعض أن هذا جزء من المظاهرات الساخطة وأن هناك ما يؤججها. هل تعتقد ذلك؟

جلالة الملك: لقد تم تنظيم أكثر من 5000 مسيرة وما شابهها في الأردن منذ بداية الربيع العربي ولم تسجل لدينا أية حالة وفاة جراء ذلك.



تشارلي روز: ولا حتى وفاة واحدة؟

جلالة الملك: لم يمت أحد. كان هناك أحد المتفرجين وكان قد تعرض لنوبة قلبية وتوفي رحمه الله. أعتقد أن هذا رقم قياسي حتى لو عدت بذاكرتك للمظاهرات في أوروبا وحتى في بلدك. أعتقد أن هذه حالة نادرة وهذا يُعزى للطريقة التي أعتقد أن مجتمعنا تعامل بها في بداية الربيع العربي من خلال إشراك الجميع في الحوار والجلوس معاً ومحاولة الوصول للطريقة التي يمكننا من خلالها السير بعملية الإصلاح قدما، ولكن أود أن اثني على أداء رجال الأمن الذين تعاملوا مع المظاهرات بهدوء. وفي كثير من الحالات، انتهى الأمر بالعديد من رجال الأمن جرحى في المستشفيات حيث كانت الأوامر الموجهة لهم بتلقي الضربات وأن يكونوا حماة للمظاهرات بدلا من الانقضاض على المتظاهرين. إن أشد ما كان مزعجاً من اليوم الأول للمظاهرات عندما كنت أعلم يقينا بأن عدد المتظاهرين في نهاية الأسبوع هم 850 متظاهراً وعندما أطلع على وسائل الإعلام أجد أن عدد المتظاهرين 10.000، وعليه فإن وسائل الإعلام كانت السبب في إيجاد مثل هذا التوتر. ولسوء الحظ كان هذا الوضع في الأردن، وكما سبق أن قلت فقد تم تضخيمه من قبل بعض المواقع الالكترونية، ولسوء الحظ من قبل بعض الصحفيين والذين لم يتحلوا بأية روح من المسؤولية.



تشارلي روز: هل يبرر ذلك اعتقالهم؟

جلالة الملك: لا على الإطلاق، ليس في الأردن، وأعني أنه لو نظرت إلى الأردن، أعتقد أننا أكثر مستخدمين لموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك في الشرق الأوسط، حيث ازدادت نسبة المشتركين بالموقع 100 بالمئة خلال السنة الماضية. ولدينا جمعيات خاصة بالمناقشات والمناظرات يقودها الشباب، وأنا شخصياً أشجع هؤلاء وأعتقد أن هذا كان له دور في أن نكون قصة مختلفة في الأردن عن بقية دول الشرق الأوسط.



تشارلي روز: أريد الانتقال إلى الحديث عن القضية الفلسطينية. مع كل الحديث عن الربيع العربي والأحداث التي تمت وجميع التغييرات التي حدثت، هناك تقدم قليل إن لم يكن تراجعا في الوضع الإسرائيلي الفلسطيني، وأمنيتك وأمنية العديد من الناس أن يحدث تقدم بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ما هي المشكلة وما هو الشيء الذي يمكن أن يصنع نوعا من الاختلاف في هذه البيئة؟

جلالة الملك: ما زلت أعتقد وأنت تعلم ونحن جميعنا نعلم بأن القضية الأساسية في الشرق الأوسط هي عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية. إن الربيع العربي، وما يحدث في سوريا وإيران في النهاية مجرد قضايا جانبية مقارنة مع القضية الجوهرية التي تشعل فتيل المنطقة كلها، وهي المحنة التي يمر بها الإسرائيليون والفلسطينيون. مهمتنا في عام 2012 هو الإبقاء على عملية السلام حتى نستطيع تجاوز عملية الانتخابات الأمريكية. سواء شئنا ذلك أم أبينا، فإننا لا نستطيع المضي قدماً في القضية الإسرائيلية - الفلسطينية بدون وجود دور للولايات المتحدة الأمريكية. وعندما نصل لسنة الانتخابات، لأسباب تفهمها أنت وأفهمها أنا، فعلينا جميعا أن نحاول إبقاء الأمور في نصابها. وهذا ما بدأنا نفعله بالأردن لأننا وجدنا هناك فرصة في بداية هذه السنة لاستضافة هذه المحادثات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لقد كانت لنا بداية جيدة في كانون الأول وشباط ولكن وتيرتها هدأت مرة ثانية، وكان لدينا بداية أخرى خلال الأشهر العديدة الماضية، ولكننا وصلنا لطريق مسدود الآن بسبب اجتماع الأمم المتحدة في شهر أيلول. إن الأمل يدفع الفلسطينيين بفكرة الذهاب إلى الأمم المتحدة.



تشارلي روز: إلى الجمعية العمومية.

جلالة الملك: إلى الجمعية العمومية التي مروا بها خلال السنة الماضية.



تشارلي روز: وهل تساند تلك الفكرة؟

جلالة الملك: من الأكيد أننا ندعم ما يريده الفلسطينيون.



تشارلي روز: يريدون أن يذهبوا ليطلبوا تصويت الجمعية العمومية، الأمر الذي يخلو من أية قوة، ولكنه رمزي إلى حد ما.

جلالة الملك: بالضبط، فهذا موضوع عاطفي، ولكن جوهر الموضوع في المحصلة أن ما سيحصل في اجتماع الهيئة العمومية سيعتمد على ما سيحصل في الانتخابات الأمريكية، الأمر الذي سيكون نقطة مفصلية في الطريقة التي سيستخدمها الفلسطينيون والإسرائيليون للسير قدما، وهو منوط بمن سيصبح رئيسا.



تشارلي روز: ولكن، هل أنت راض عما قام به الرئيس الأمريكي أوباما للتقدم بجهود السلام الفلسطينية الإسرائيلية خلال سنواته الأربعة؟

جلالة الملك: لقد قدم كل ما في وسعه، ولكن هناك أمور تحدث على الأرض. ما أعنيه هو أنه من الواضح أن المشاكل تقع، بشكل جزئي، على عاتق الولايات المتحدة الأمريكية. حتى المجتمع الدولي قد تشتت بسبب تحديات اقتصادية كبيرة وكان على الولايات المتحدة الأمريكية أن تهتم بشأنها الداخلي وبسبب الربيع العربي. أنا أفهم ذلك بالكامل، ولكن – كما تعلم – هذا لا يعني أن الرئيس قد قام بمساندة جميع المبادرات التي قمنا بها. لقد عملت السيدة كلينتون من دون كلل معنا ومع آخرين في المنطقة لتقريب الفلسطينيين والإسرائيليين من بعضهم البعض. لقد قمنا بالعديد من الأعمال هذه السنة، وأعتقد أن مهمتنا لعام 2012 كانت، نتيجة لفهمنا للأمور المتعلقة بالولايات المتحدة الأمريكية، أن نحافظ على عملية السلام.



تشارلي روز: هل سيصبح الأمر أصعب على الإسرائيليين نتيجة للربيع العربي؟ توجد الآن حكومات إسلامية، وقد رأينا - كما تعلم - تغيير فيما يتعلق بالمجتمع الفلسطيني؟

جلالة الملك: يوجد ضغط أكبر على إسرائيل الآن. لقد ساءت العلاقات مع مصر بشكل كبير، بينما توجد مشاكل بين تركيا وإسرائيل – لقد أصبحت إسرائيل محاصرة بشكل أشد، ولذلك يجب عليها حل مشاكلها عاجلا وليس آجلا.



تشارلي روز: ولكنك تعرف رئيس الوزراء، وهناك علاقة تجمعكما.

جلالة الملك: لقد كان مستوى الحوار والتفاهم المتبادل بيننا أفضل فيما سبق. في المناقشات التي خضناها، أعتقد أنه فهم، على الأقل من خلال تلك الحوارات، أنه يجب أن يحل مشاكله.



تشارلي روز: يعرف أنه يجب أن ينتهي من القضية الإسرائيلية – الفلسطينية.

جلالة الملك: أجل.



تشارلي روز: وهل تعتقد أنه يفهم التغيير الذي طرأ على الواقع الجو السياسي الذي تعتقد أنت شخصيا أنه يزيد من الضغط عليه؟

جلالة الملك: أعتقد أن أغلب الإسرائيليين يؤمنون بذلك.



تشارلي روز: بما في ذلك رئيس الوزراء؟

جلالة الملك: رئيس الوزراء أيضا. أعتقد أنك إذا نظرت إلى الأمور التي حصلت في مصر خلال العام المنصرم، فإن العديد من الإسرائيليين قلقون إزاء أمن إسرائيل، وأنهم كلما أسرعوا في حل القضية الفلسطينية، أصبحت إسرائيل أكثر أمنا. وبالتالي، فإن الطريقة التي تدفع بالقضية الفلسطينية أسفل السلم لن تخدم مصلحة إسرائيل، ومن الواضح أن العامل الثاني الذي لازلت أشير إليه مجددا هو موضوع التعداد السكاني؛ لقد قمت بالاجتماع مع العديد من كبار الشخصيات في الدول الغربية، وقد قالوا لنا أن المشكلة في إسرائيل أنها خلال 8 إلى 9 سنوات ستضطر للإجابة على السؤال التالي: ماذا لو لم يكن هناك حل الدولتين، وهل سيضطرون للعودة إلى حل الدولة الواحدة، الأمر الذي سيكون ذو تداعيات كارثية على إسرائيل، وهل ستكون دولة فصل عنصري أم دولة ديمقراطية؟ ولكنهم لا يزالوا يتجاهلون هذا الأمر، ومع مرور السنين، تضمحل خيارات إسرائيل ويزداد الضغط عليها نتيجة لذلك، ولا يزالوا يتجاهلون هذا الواقع.



تشارلي روز: لماذا؟

جلالة الملك: تنحصر معظم المشكلة في أن الإسرائيليين يفكرون في اليوم وحسب، وقد سألت هذا السؤال لكل سياسي إسرائيلي جلست معه، وقلت، أين ستكون إسرائيل خلال عشر سنوات قادمة؟ نحن نعمل بالعكس، ولذلك أفهم كيف أن الجميع قد يتشابكون مع بعضهم البعض، ويبدوا أنه من المستحيل على إي من الإسرائيليين أن يجيبني على هذا السؤال. والسبب، جزئيا، هو التهديد الأمني في عقولهم، الذي يمنعهم من التفكير في أي شيء غير الوضع الحالي، ولا يفكرون في المستقبل. أعتقد أن أغلبهم يفهمونني، ولكن أحس بأن السياسة الداخلية الإسرائيلية لا تسمح لهم بأن يسألوا هذا السؤال الهام. ولكن، عاجلا أم آجلا، سيضطرون إلى مواجهته، ولن يتمكنوا من تجاهله حينها.



تشارلي روز: أحد المشاكل التي تواجههم هي إمكانية تطوير إيران قدرتها لصنع قنبلة نووية.

جلالة الملك: هذا سؤال قد طرح مرات عديدة. بدلا من قصف إيران وتداعيات ذلك، لا أزال أنوه إلى حل أقل كلفة وهو حل القضية الفلسطينية – الإسرائيلية، لأن السبب الوحيد الذي تريد إيران كما تدعي لأجله تطوير برنامج نووي هو لقصف إسرائيل دفاعا عن العالم الإسلامي ودفاعا عن الفلسطينيين بسبب المحنة التي يمرون بها ومستقبل القدس. ولكن إذا وجدنا حلا للقضية الفلسطينية، ما الذي سيدفع إيران إلى تطوير أسلحة نووية؟



تشارلي روز: هل تعتقدون أن نوعاً من الهجوم سيتقرر قريباً؟

جلالة الملك: إن ما أفعله لدى مواجهة أي أزمة، وخاصة قضية ضرب إسرائيل لإيران، أنني أحاول دائما أن أعطي لذهني فسحة لعدم اتخاذ القرار قبل وقوع الحدث. وفي حالة إسرائيل، أعطي لنفسي دائماً نافذة من أربعة أشهر، وهذا يمكنني من القول إنني مرتاح لأننا لن نضطر إلى مواجهة تلك المشكلة لأربعة أشهر قادمة.



تشارلي روز: لأربعة أشهر؟

جلالة الملك: عندما أصل إلى نهاية تلك الأشهر الأربعة، فإنني أعدل ذلك مرة أخرى، لقد كنت أفعل ذلك خلال السنتين الأخيرتين.



تشارلي روز: إذن، أنتم تعتقدون بأنه ليس من المرجح أن يحدث شيء في غضون الشهور الأربعة القادمة.

جلالة الملك: فيما عدا أي مفاجآت، نعم.


تشارلي روز: لماذا أنتم واثقون إلى هذا الحد؟

جلالة الملك: فقط لأن هناك الكثير من الأشياء التي تحدث في الشرق الأوسط، ومجموعة كاملة من الحسابات المختلفة.



تشارلي روز: إذن، اسمحوا لي بأن أعود بينما نختتم هذا الحوار بهذا السؤال. إنك تعتقد بأن الربيع العربي سوف يستغرق 15 عاماً من العمل حتى تتضح معالمه، بمعنى رؤية ما إذا كان الطرف الذي يتولى السلطة يمكن أن يثبت شرعية أنه لم يكن يسعى إلى السلطة من أجل السلطة في حد ذاتها، وإنما كانت لديه أهداف وغايات لها علاقة بخدمة الناس.

جلالة الملك: آمل أن يكون الأمر أسرع من ذلك، لكن كل بلد يختلف عن غيره، كما قلت، وأعتقد أن سوء فهم المجتمع الدولي يجعلنا نعتقد بأننا متشابهون جميعاً في العالم العربي. إن لكل بلد إحساسه الخاص المختلف بالتحديات. وكما قلت، أعتقد بأن اللحظة الفارقة بالنسبة لبلداننا الآن هي كيف يعرّف كل بلد نفسه على حدا. كيف يمكن للمصري أن يكون مصرياً والأردني أردنياً. وسوف يستغرق هذا بعض الوقت. أنت تعرف أفضل من غيرك أنه عندما يتعلق الأمر بتحديات الأردن، فإن الأمر يتعلق بخلق نظام جديد للأحزاب السياسية، يكون قائماً على تقسيمة اليسار واليمين والوسط. ولعل من أحد التحديات الرئيسية للأردنيين باعتباره مثالاً رائداً، هو السعي لجعل المجتمع يقرر من خلال تحديد ما يعنيه أن يكون المرء أردنياً، وما الذي يعنيه الوسط. أن أكون يسارياً قليلاً عندما يتعلق الأمر بالصحة والتعليم. وأكون يمينياً عندما يتعلق الأمر بالدفاع. وكيف يمكن سحب ذلك على الإنسان الأردني؟ وهكذا، ينبغي أن يطور كل فرد ذاته بوصفه أردنياً، وعلى الأحزاب السياسية أن تبتعد عن الخطابة، وأقصد تلك الأحزاب التي تنشأ في الوقت الحالي. على الأحزاب السياسية الجديدة أن تضع برنامجاً اقتصادياً، وبرنامجاً اجتماعياً حتى يتسنى لنا تغيير من يصوت لك لأنك أخي أو عمي أو شيخ قريتي أو زعيم قبيلتي، إلى أناس يصوتون لك بناء على البرنامج السياسي الذي تقدمه. وذلك يستغرق بعض الوقت، كما تعلم. هذا هو ما يعنيه لنا الصيف العربي، إذا جاز التعبير، وهذا هو التحدي الذي نواجهه.

إذن، بالعودة إلى ما إذا كانت جماعة الإخوان المسلمين أو الشعب راضين عن قانون الانتخاب أو لا، فإن الأمر لا يتعلق كثيراً في نهاية المطاف بقانون الانتخابات في ربيعنا العربي. إنه سيصبح صيفنا العربي بمجرد أن نشكل برلماناً، لأنه سيكون لدينا رئيس للوزراء وحكومة من المؤمل أن تستمر لمدة أربع سنوات، وبالتالي ولادة نظام جديد للأحزاب السياسية يسمح بالانتقال إلى شيء يكون مألوفاً أكثر لديكم في الغرب.



تشارلي روز: كنا نتحدث عن قانون الانتخابات، ونتحدث عن التغيير والإصلاح، هل أسمعكم تقولون إنكم تعتقدون بأن الملك يريد إصلاحاً أكثر مما يمكنه تنفيذه في هذا الوقت؟

جلالة الملك: أعتقد أن الجواب العادل هو أنني قد شعرت بالإحباط لدى التعامل مع الكثير من نوعية العقليات التي كان عليّ التعامل معها. إن التحدي القائم هو على قانون الانتخابات. لقد كان هناك الكثير من رجال الدولة من ذوي الوزن الثقيل في مجتمعنا، ممن أعطوني وجهة نظرهم حول قانون الانتخابات، ولدي وجهات نظر مختلفة، والمشكلة هي أنه ليس هناك توافق في الآراء. الكل لديه وجهة نظره الخاصة، والكل ينزعج إذا لم نأخذ بوجهة نظره بعينها.

معظم الناس لا يعون القوانين التي يطلعون عليها، وهم يفوتون النقطة. إنهم يفكرون في أجنداتهم الخاصة، إنهم لا ينظرون إلى الفرصة فيما يمكن عمله داخل البرلمان الجديد.

عندما أنظر إلى هذه الأحزاب السياسية الجديدة. عندما أنظر إلى أولئك الذين كانوا يتحدثون دائماً عن إنشاء أحزاب سياسية جديدة. الكثيرون منهم أصدقاء لي، وكانوا يتحدثون عن إنشاء أحزاب جديدة منذ 18 شهراً. لكن معظمهم لم يفعلوا أي شيء فعلياً. ولذلك، فإن مصدر الإحباط الذي لدي في الواقع، هو: وعي الجميع أن العمل الشاق سيأتي في نهاية العام. متى ننشئ البرلمان الجديد؟ وحكومة تأتي من مجموعة من الكتل السياسية؟ وتكون لدينا حركة من 4 سنوات لخلق يسار ويمين، ووسط؟ على الجميع عدم تضييع الوقت.

أنا أنظر إلى 4 سنوات و8 سنوات إلى الأمام، وأعتقد بأن غالبية الأردنيين ينظرون فقط إلى الأربعة أو الستة أشهر القادمة. هذا هو الذي يجعلني أشعر بالإحباط وأعود إلى الحديث عن اليسار واليمين، والوسط، وإنشاء خمسة أحزاب سياسية في أسرع وقت ممكن كما آمل، ويستمر الناس في تناسي ذلك. هذا هو مصدر الضيق بالنسبة لي.



تشارلي روز: هناك أيضاً أناس يقولون ما يلي: أن الناس قد سمعوا حديثاً عن الإصلاح، لكنهم لم يروا إصلاحا منذ مدة.

جلالة الملك: إذن، ستكون الخطوة الكبيرة التالية، كما قلت، هي إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في نهاية هذا العام. وإفراز برلمان جديد. وهكذا، فإن الصيف العربي بالنسبة لنا سيأتي بعد الانتخابات. الانتخابات الشفافة أولاً ثم برلمان جديد يمكن أن يراجع قانون الانتخاب، وخلق يسار ويمين ووسط. هذا ما ينبغي علينا القيام به.



تشارلي روز: هل تعتقد أن النظام الملكي في خطر؟

جلالة الملك: لا، لأنك تعرف أننا كنا دائماً منفتحين، وكنا دائماً نصغي. وأعتقد، كما تعلمون، أن الدليل كان في نوعية وكمية العمل الذي قمنا به خلال 18 شهراً، إذا قارنته بالتحديات التي عالجتها الدول العربية. إذا نظرتم إلى الطريقة التي تطورت بها الأنظمة الملكية، إذا نظرتم إلى الطريقة التي عمل بها الملك محمد في المغرب وما الذي استطاعت الملكية عمله هناك. إن مهمتنا هي تحقيق إجماع الناس حتى نظل في حالة تطور لكي ندعم فعلاً رغبات الشعب. أعرف أن ذلك يبدو مثاليا بعض الشيء، لدينا علاقة محبة مع الشعب، ومهمتي هي تحقيق آمالهم وطموحاتهم. وهكذا، فإن الأمور تتطور وينبغي على الملَكيات أن تستمر في التطور.



تشارلي روز: والتغيير.

جلالة الملك: والتغيير بالتأكيد. من التطور يأتي التغيير.


تشارلي روز: جلالة الملك، لقد كان من دواعي سروري دائماً أن آتي إلى الأردن، وان أجري حواراً معك وأن ننظر إلى ما يحدث، وهذه لحظة رائعة بكل تأكيد.

جلالة الملك: شكراً لك، إن ذلك من دواعي سروري أيضاً.



تشارلي روز: جلالة الملك عبد الله ملك الأردن، من القصر الملكي هنا في عمان. شكراً لانضمامك إلينا.