رام الله - عبدالحفيظ جعوان
تنادى أطفال أحد الأحياء القديمة في مدينة رام الله بدافع الفضول لمشاهدة منظر غريب لم يعتادوه من قبل، شاب في مقتبل العمر أسمر البشرة، بثياب رثة وشعر أشعث، بسط بطانية بالية بجوار حائط ونام عليها، مختبأ من حرارة الشمس الحارقة، وبجواره كيس بلاستيكي يحتوي على عبوة مياه لريّ ظمأه.

أطفال الحي أزعجوا "عصمان" ونغصوا عليه قيلولته، فما لبث إلا أن لمم بطانيته عن الأرض، وغادر المكان الذي استظل فيه بسرعة، غير أن الأطفال تبعوه، وهو الأمر الذي أغضبه ودفعه ليوقفني ويطلب مني نجدته بكفّ الأطفال عنه.

عصمان عيسى جاك درزم، لعله أول مواطن سوداني يتجول في شوارع مدينة رام الله، لكنه لم يأتِ سائحاً أو لعمل ما، بل جاء إلى رام الله طالباً اللجوء السياسي من السلطة الوطنية الفلسطينية.

ويقول عصمان لـ"العربية نت" جئت إلى إسرائيل من خلال الصحراء، وقد سجنت فيها لفترة من الزمن، كل ما أريده هو جواز سفر وهوية، أنا أرجو من الرئيس أبومازن أن يمنحني جواز سفر وهوية، هذا هو الأمر الوحيد الذي أحتاج اليه".


إسرائيل تعتبر السودان دولة معادية





عصمان يحاول الهروب من التصوير

وكانت لغة عصمان العربية معقدة وصعبة الفهم، ورغم المحاولات الجاهدة التي بذلتها معه لأعرف تفاصيل قصته، إلا أن لكنته الصعبة، وارتيابه مني أفشلا الأمر، كل ما عرفته أن عصمان من الناحية الغربية من السودان، على حد قوله، وقد جاء الى إسرائيل منذ عامين من خلال الصحراء، وسجن في إسرائيل لمدة عام من الزمن، ثم قرر التوجه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، علّه يجد حلاً لمأساته.

يُذكر أن منح عصمان السوداني الجنسية الفلسطينية والهوية بشكل رسمي يعتبر ضرباً من الخيال، فبدون الموافقة الاسرائيلية لا يمكن ان يحصل أي فلسطيني على جواز سفر أو هوية رسمية فلسطينية. كما أن إسرائيل تعتبر السودان دولة معادية، ولا تمنح تصاريح لمواطنين سودانيين لزيارة الاراضي الفلسطينية، وكذلك السودان التي تمنع مواطنيها من زيارة اسرائيل.

وقد أصبح اللاجئ السوداني في اسرائيل إنساناً ملاحقاً، اذ تعتبره اسرائيل الرسمية خطراً استراتيجياً على كيانها، وقد باشرت السلطات الاسرائيلية عمليات تهجير قصرية بحق مئات السودانيين الذي وصلوا الى إسرائيل طلباً للجوء السياسي والاجتماعي وهرباً من ظروف حياتهم الصعبة في أوطانهم.

يُذكر أن عدد اللاجئين السودانيين في اسرائيل قد وصل الى 7 آلاف لاجئ.