القدس المحتلة - كامل ابراهيم - صرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) بأن يده ممدودة للسلام مع إسرائيل مؤكداً أن خياره الأول والثاني والثالث يتمثل بالحل التفاوضي السلمي. وأوضح عباس في مقابلة مع القناة الثانية من التلفاز الإسرائيلي الليلة قبل الماضية أن اللقاء الذي كان مقرراً عقده بينه وبين النائب الأول لرئيس الوزراء شاؤول موفاز لم يُلغَ بل تم تأجيله إلى موعد لاحق عندما تتهيأ الظروف المناسبة له.
أما بالنسبة للقائه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو فقال عباس إنه لا يرفضه لكنه اشترط عقده بالإفراج عن مئة وثلاثة وعشرين فلسطينياً معتقلاً في إسرائيل قبل توقيع اتفاق أوسلو .
وأكد عباس أن القيادة الفلسطينية لن توافق بأي حال على انتفاضة مسلحة ثالثة مشيراً إلى وجود إجماع فلسطيني يشمل حماس أيضاً على أن تكون المقاومة شعبية وسلمية.
وبالنسبة لاحتمال صعود حماس إلى السلطة في الضفة الغربية أيضاً قال عباس إنه لن يعترض على ذلك إذا توافق مع رغبة الشعب الفلسطيني لكنه استطرد يقول إن المضي قدماً بعملية السلام سيعزز المؤمنين بالسلام .
وقال الرئيس "عباس" لقد تحدثت مع إسحاق مولخو وقلت له أنني جاهز للقاء والحوار مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكن أريد أن أطلب منه طلبين، وهما إطلاق سراح الأسرى، والمعدات الخاصة بالشرطة الفلسطينية وهذه أمور متفق عليها أكثر من مرة".
وأضاف:" إن يدي ممدودة للسلام مع إسرائيل، ولكن خيارنا الأول والثاني والثالث هي المفاوضات للوصول إلى سلام و إذا لم يكن هناك أفق للسلام فما العمل؟نحن سنذهب إلى الأمم المتحدة للحصول على دولة" ولكنه لم يحدد موعد للتوجه إلى الأمم المتحدة وقال" ليس لدينا مواعيد ولا يوجد إنذارات ولا نعطي إنذارات لأحد وإنما نطالب بالشرعية الدولية ونطالب بتطبيق الاتفاقات المعقودة بيننا وبين الإسرائيليين".
وفي رده على سؤال بشأن الدولة ثنائية القومية قال "عباس":" نحن ضد مبدأ دولة واحدة، نحن مع مبدأ دولتين وإنما ما تقوم به حكومة إسرائيل الآن بالاستيطان في كل مكان يجعل كثيرا من الناس ، في رام الله أو جنين أو طولكرم ، يقولون انه لم يتبقى ارض نتكلم عليها كدولة فلسطينية فلماذا لا نعمل دولة واحدة، أنا لا أوافق على هذا الكلام ولكن على إسرائيل أن تفهم أن ما تقوم به هو ضد حل الدولتين".
وفي رده على سؤال أن صواريخ تطلق من غزة قال الرئيس"اسأل من الذي يطلق الصواريخ، لا أريد أن أدافع عن حماس، ولكن أحيانا تفقد حماس السيطرة على كثير من التنظيمات الموجودة في غزة وفي سيناء وهذه هي التي تثير هذا الإرباك ".
هذا وبثّت القناة الثانية اللقاء الذي استمر لمدة 40 دقيقة تقريبا، اجراه المذيع الإسرائيلي داني كوشميرو وقام بطرح الأسئلة باللغة الانجليزية ورد الرئيس عليها باللغة العربية، فيما قام التلفزيون الإسرائيلي ببثها وهي مترجمة على الشاشة باللغة العبرية حيث تناول اللقاء 4 مفاصل، سياسية وعربية وامنية ومفاوضات.
وقد دارت الأسئلة الأولى في اللقاء حول ان الرئيس عباس يمنع ويعرقل اللقاء مع نتانياهو، ودار جدال بين الرئيس والمذيع لدرجة ان المذيع سأل ابو مازن: هل افهم انك تقول ان كونداليزا رايس كاذبة ؟ فرد الرئيس باصرار: انا لم اقل انها كاذبة لكنني أقول ان هذا الكلام المنقول غير صحيح.
ورفض ابو مازن ما تروّج له حكومة نتانياهو بشأن المفاوضات وتحدى امام الجمهور الاسرائيلي ان يكون هناك اي ملف ارادت اسرائيل انهاء التفاوض عليه وان الفلسطينيين منعوا ذلك. ما اضطر المذيع للاستعانة باقتباسات عن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس لتعزيز موقف حكومة اسرائيل لكن الرئيس رد بكل اصرار (هذا الكلام غير صحيح) ما صدم المذيع وتساءل مرة أخرى: هل كونداليزا رايس تكذب؟
والى سوريا طلب المذيع الاسرائيلي من الرئيس ابو مازن إدانة إراقة الدماء في سوريا وادانة بشار الاسد ورد الرئيس: وهل ترى انني رئيس سوريا. انا فلسطيني ولست سوري، وهذا هو موقفي كرئيس فلسطين: "نحن نطالب بالحفاظ على وحدة سوريا ونرفض تقسيمها وندعو لوحدة شعبها ونرفض التدخل في شؤونها وان الشعب السوري هو من يقرر مصيره وليس احد غيره".
ثم الى حماس حيث كان السؤال "ان حماس تطلق الصواريخ وهي منظمة إرهابية وستسيطر على الضفة الغربية اذا وقعت إسرائيل مصالحة مع الرئيس، فقال الرئيس هل تريدني ان أدافع عن حماس !! حسنا، حماس معنا وهي ملتزمة بالمقاومة الشعبية واحيانا لا تستطيع ضبط بعض التنظيمات في غزة وسيناء فيجري اطلاق صواريخ وهذه الحجة من اسرائيل غير عاقلة، كيف يمكن ان تقولوا اننا اذا وقعنا اتفاق سلام مع عباس فان حماس ستسيطر على الضفة وهي منظمة ارهابية؟ لماذا لا تقولون ان اتفاقية سلام ستقوي دعاة السلام هنا.
وسأله المذيع: وحتى في غزة يريدون السلام، فقال الرئيس طبعا وحتى في غزة، معظم الشعب الفلسطيني يريد السلام لكن حكومتكم لا تريد الالتزام باتفاقيات السلام ولا تجميد الاستيطان، وانا اقول لكم أطلقوا سراح الاسرى القدامى كي نعود للتفاوض والحديث.
ومن باب المفاجأة اخرج المذيع الإسرائيلي صورة للرئيس مع الاسيرة المحررة آمنة منى حين قابلها في تركيا وعرضها على الشاشة وقال له بلهجة اتهام: انت قابلت امنة منى وهي مخربة قتلت طفلا يهوديا؟
لكن إجابة الرئيس كانت شامخة وقوية فأمسك بالصورة وقال له: ان آمنة منى مواطنة فلسطينية وهي من حركة فتح وقامت بمقاومة الاحتلال وعفت اسرائيل عنها بعد معاقبتها عليه وهي لم تنته كإنسانة وكفتاة فلسطينية وكبشر وعلي رعايتها. فهل تعفون انتم عنها وانا ممنوع من مقابلتها؟!واكد الرئيس ان هناك الكثير من الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم بحق اعز أصدقائه، مشيرا الى ان السلام يعني نسيان الماضي ومحاولة تحقيق السلام.
و قال ابو مازن ان بابه مفتوح لاي مواطن فلسطيني وانه زار ويزور الناس وذهب الى الدهيشة والى قرى رام الله وشارك الناس أفراحهم ويشاركهم همومهم."نعم قابلتها وساقابلها، فهذه فتاة فلسطينية ومن حركة فتح نفذّت عملية ضدكم وانتم عفوتم عنها في صفقة شاليط ، فكيف تريدونني ان لا اقابلها. نعم بالتأكيد انا سأقابلها واقابل كل اسير محرر فأنا رئيس للشعب الفلسطيني وهؤلاء فلسطينيون" .
المذيع : ولكنها قتلت طفلا ؟ فاجاب ابو مازن : في الحرب تقع امور فظيعة وانتم لديكم قادة قتلوا من الشعب الفلسطيني وقتلوا اعز أصدقائي وها انتم ترسلونهم ليجلسوا معي ويفاوضونني ؟؟؟ فكيف ترى الأمر؟
في المقابل أكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الدكتور سامي أبو زهري أن تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال لقائه مع القناة الثانية تؤكد أنه "ماضٍ في التسوية مع الاحتلال دون أي ثمن حقيقي، وكل أحاديثه عن وقف المفاوضات أو تعليقها مجرد "ادعاءات ليس أكثر".
وقال أبو زهري في تصريح خاص "أن تأكيد عباس وتمسكه بلقاء شاؤول موفاز داخل رام الله هو استخفاف بمشاعر أبناء شعبنا، وبمشاعر المحتجين الذين خرجوا للتعبير عن رفضهم لهذه الزيارة وتعرضوا للقمع والتعذيب".
وأوضح أن تصريحات عباس التي قال فيها أن هناك توافق فلسطيني على رفض المقاومة المسلحة "غير صحيح"، مؤكداً تمسك حركته بالمقاومة بكافة أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة، "وكان التوافق على إعطاء المقاومة الشعبية أولوية في الضفة المحتلة، ولكن ليست على حساب المقاومة المسلحة، وعباس عملياً يحارب كل أشكال المقاومة".
وطالب أبو زهري بـ"استمرار الضغوط على السلطة لوقف كل أشكال التفاوض مع الاحتلال".