العربية.نت
يتوجه الليبيون، اليوم السبت، إلى مراكز الاقتراع في أول انتخابات تشهدها البلاد منذ خمسين سنة، في أجواء أمنية مشحونة جدا، وذلك لانتخاب أعضاء المؤتمر الوطني الذي سيحل محل المجلس الوطني الانتقالي، الذي تأسس لإدارة البلاد خلال الثورة ضد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي.

وحسب المفوضية العليا للانتخابات، فقد تم تسجيل نحو 2.8 مليون ناخب ليبي، من المنتظر أن يدلوا بأصواتهم، وهم يمثلون أكثر من 70% من الذين يحق لهم الانتخاب. وكانت الانتخابات تأجلت بعد أن تم تحديد يوم 19 يونيو/حزيران لإجرائها وذلك لأسباب تنظيمية.

وتقسم مقاعد المؤتمر الوطني (الذي سيعمل كبرلمان انتقالي) وعددها 200 مقعد بين 120 مقعدا للأعضاء الذين يتم اختيارهم عبر الانتخاب المباشر و80 للقوائم الحزبية.

ويتنافس نحو 2500 مرشح على مقاعد الانتخاب المباشر، بينما هناك 1202 على القوائم الحزبية. يذكر أن الليبيين المدانين بالفساد وأنصار القذافي وأعضاء المجلس الوطني الانتقالي جميعهم مستبعدون من الترشح وفق مبدأ العزل السياسي السابق تطبيقه في عدد من بلدان الربيع العربي كذلك.
أبرز الأحزاب المتنافسة
يغلب على أغلب البرامج الانتخابية مراعاة التصالح بين الديني والسياسي سواء بين الأحزاب ذات الطبيعة المدنية التي يتقدمها تحالف القوى الوطنية، الذي يتزعمه محمود جبريل أو الأحزاب ذات الطبيعة الدينية التي يتقدمها حزب العدالة والبناء للإخوان المسلمين وحزب الوطن، الذي يمثل أعضاء الجماعة الإسلامية المقاتلة سابقا.. بقيادة عبدالحكيم بلحاج.

- تحالف القوى الوطنية: وأعلن عن تأسيسه في 22 فبراير/شباط سنة 2012، وهو ائتلاف ينضوي تحت لوائه 65 حزبا ليبراليا، ويتزعمه محمود جبريل، وهو رئيس وزراء المعارضة خلال الانتفاضة الليبية، ودرس العلوم السياسية في الولايات المتحدة. يرفع شعار ليبيا للجميع وبالجميع، ويبدو حسب موقعه الأكثر تنظيما ومدنية، أما جبريل نفسه فلا يخوض هذه الانتخابات.

- حزب العدالة والبناء: وهو الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، وأنشئ على نسق جماعة الإخوان المسلمين في مصر. ويتزعم الحزب الآن محمد صوان، وهو معتقل سياسي سابق في عهد القذافي، ومن المتوقع أن يتلقى الحزب دفعة معنوية في هذه الانتخابات بعد أن انتخبت مصر الشهر الماضي مرشحاً كان عضوا قياديا في جماعة الإخوان، رئيسا للبلاد لأول مرة.

وفي خطوة رمزية يؤكد فيها حزب العدالة والبناء على وفائه وتخليده لذكرى شهداء سجن أبوسليم، قامت مجموعة من قيادات الحزب، ومعهم عدد من مرشحيه وفرق الجوالة الشبابية بالتجمع في سجن أبوسليم والتجول في أنحاء المعتقل الذي ارتقت في ساحاته أرواح شهداء مذبحة عام 1996، والتي بقيت تطارد نظام القذافي لتكون الشرارة التي تشعل ثورة السابع عشر من فبراير/شباط، وتحرر ليبيا من نير الاستبداد، وتفتح أمام أبنائها آفاق الحرية وبناء الدولة المدنية القائمة على التعددية وتداول السلطة.

- حزب الوطن: منبثق عن الجبهة الوطنية للتغيير، وهو يعبر عن توجه بقايا الجماعة الإسلامية المقاتلة بقيادة عبدالحكيم بلحاج معارك في صفوف حركة طالبان في أفغانستان، حيث ارتبط بعدد من كبار أعضاء تنظيم القاعدة. إلا أنه بات بمنأى عن الجماعة المتشددة منذ ذلك الوقت، وهو حزب ذو مرجعية إسلامية، وكان بلحاج استقال من منصبه كقائد للمجلس العسكري في طرابلس من أجل الترشح للانتخابات، ويتنافس على 58 مقعدا من بين 200 مقعد هي مجموع مقاعد المجلس الوطني التأسيسي.

- الجبهة الوطنية: وهي مرتبطة بالجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المنبثقة، بدورها عن جماعة الإخوان المسلمين بزعامة المعارض الليبي محمد المقريف.

- حزب الأصالة: وهو جماعة سلفية يتزعمها الشيخ عبدالباسط غويلة. وتقدم الحزب ببعض المرشحات اللائي ظهرن بالنقاب في الملصقات.

- التجمع الليبي الديمقراطي: ويرأسه الدكتور يونس فنوش وتقوم مبادئه على الشرعية الدستورية واستعادة هيبة الدولة وتحقيق السلم الأهلي والأمان الاجتماعي في ليبيا المتنوعة قبليا والناشطة عنفيا.

- تجمع طرابلس: تجمع مستقل يضم عدداً من الشخصيات الطرابلسية البارزة والتي تخوض الانتخابات بشكل مشترك.

- حزب الوفاق الوطني: تأسس في ديسمبر سنة 2011 ويقوم على مبادئ إسلامية وطنية أهمها احترام الدين الإسلامي واعتباره مصدرا رئيسا للتشريع واحترام حقوق المرأة واستقلال القضاء، وبناء الدولة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، واحترام النظام الديمقراطي ومبدأ تداول السلطة.
قتيل في هجوم على طائرة
قبيل ساعات من انطلاق الانتخابات التأسيسية لانتخاب برلمان ليبيا الجديد، قتل موظف في مفوضية الانتخابات الليبية، الجمعة، عندما تعرضت مروحية كان على متنها لإطلاق نار من سلاح رشاش في شرق ليبيا أثناء نقل لوازم انتخابية، كما أفادت مصادر متطابقة.

وقال العقيد علي الشيخي لوكالة الأنباء الفرنسية إن "المروحية كانت تنقل صناديق اقتراع وكانت تحلق فوق منطقة الحواري، جنوب بنغازي عندما تعرضت لإطلاق نار من سلاح خفيف، فقتل أحد ركابها".

وأضاف أن المروحية هبطت من دون مشكلات بعيد ذلك في مطار بنينة في بنغازي. وقال مصدر في مفوضية الانتخابات في بنغازي إن القتيل موظف في المفوضية.

من جهة ثانية، تعرض مركز بنغازي الطبي لإطلاق قذيفتين صاروخيتين لم توقعا ضحايا أو أضرارا، وفق مسؤول المركز علاء بن الكزة. ولم تعرف دوافع الهجوم، لكن بعض السكان يقولون إن المستشفى يحتوي على بعض لوازم الانتخابات.
غضب أنصار الفيدرالية
وتأتي أعمال العنف هذه بعد أن عمد مسلحون من أنصار الفيدرالية في ليبيا إلى إقفال مرافئ نفطية، ليؤججوا بذلك المخاوف حول هشاشة الوضع الأمني، عشية أول انتخابات في البلاد منذ عقود.

ودعا أنصار الفيدرالية الذين ينتقدون توزيع المقاعد في المؤتمر الوطني العام الذي سينتخب السبت (100 مقعد للغرب و60 مقعدا للشرق و40 مقعدا للجنوب) إلى مقاطعة الانتخابات وهددوا بنسفها.

وقاموا الأحد الماضي بتخريب مكاتب مفوضية الانتخابات في بنغازي، فيما أحرق مجهولون مستودعا يحتوي على مستلزمات انتخابية في أجدابيا الواقعة بين راس لانوف والبريقة.

وعمد المجلس الوطني الانتقالي إلى نزع واحدة من أبرز صلاحيات المؤتمر الوطني المقبل، وهي تعيين أعضاء اللجنة المسؤولة عن صياغة الدستور الجديد.

وأكد المجلس الوطني الانتقالي أن انتخابا جديدا سيجري لتشكيل اللجنة، وإن كلا من المناطق الثلاث ستمثل بعشرين عضوا، معلنا عن تعديل في هذا الصدد للقانون الانتخابي.

وستقتصر مهمة "المؤتمر الوطني العام" الذي سينتخب أعضاؤه السبت، على اختيار حكومة جديدة وإدارة مرحلة انتقالية جديدة وخصوصا إعداد القانون الذي سيجري بموجبه انتخاب اللجنة التأسيسية.