الرياض - محمد عطيف
يعد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي الجديد، أحد أكثر من يوصفون بأنهم (الوجه الشعبي) للأسرة الحاكمة، لما عرف خلال خمسين عاماً من إدارته لإحدى العواصم البارزة في العالم بقربه من المواطنين وعلاقته الاجتماعية الوثيقة بهم، سواء في مجالسه الرسمية أو تلك التي يلتقيهم فيها بشكل خاص، ويرفض فيها الحديث عن أية أمور رسمية. وأيضا هو المعروف بعبارته الشهيرة "لا توجد قبيلة أو عائلة في المملكة إلا شاركت في وحدة هذا الوطن".
حرص على التقارب الشعبي
من الأمور المعروفة عن ولي العهد الجديد - بالإضافة لقدراته الإدارية القوية - حرصه على التقارب الاجتماعي والشعبي، وكما يقول من حوله ومن يحضرون لقاءته الدورية إنه يرفض طرح أي قضايا أو أطروحات تتعلق بالعمل, مشدداً على "حميمية اللقاء وأجوائه التي يداعب فيها الأمير سلمان مواطنيه، بل إن الأطروحات الاجتماعية هي التي تسود اللقاء.

يقول الأمير سعود بن ثنيان آل سعود، رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع، الذي اقترب من شخصية الأمير سلمان بن عبدالعزيز منذ عام 1398هـ: "العلاقة بين الأمير سلمان وأهالي الرياض متينة جداً، بنيت على الطابع الأسري أكثر من الطابع الرسمي، مجلسه هو امتداد لأسلوب والده المؤسس الملك عبدالعزيز "يرحمه الله".
من أعمدة الدولة الحديثة
ويعتبر المراقبون الأمير سلمان من أبرز من بنوا أعمدة الدولة السعودية الحديثة، يقول الكاتب والصحافي سمير عطا الله إن: "الكثيرين في العالم العربي يعرفون عن الأمير سلمان أنه رجل الدولة النادر، متعدد الصفات والخبرات والصداقات الرفيعة، عربياً وعالمياً".

أما الكاتب جهاد الزين فيصف الأمير سلمان بأنه "يعد قائداً سياسياً بارزاً، ويشكل أحد أعمدة السعودية، يعتبر جزءاً أساسياً في صناعة القرار السعودي، وهو شريك أساسي في القرارات التي تتخذها المملكة داخلياً وإقليمياً".

يقول الأمير سلمان في أحد تصريحاته للإعلام، وأثناء زيارة لقطاع عسكري: "أنا أريد المسؤول منكم لا يتأخر إطلاقاً، بل أريده أن يلفت نظري إذا كانت هناك مخالفة نظامية أو مخالفة لإجراء سبق أن تم أو لأمر سبق أن تم؛ لأن هذا أسلوبي اتبعته في عملي السابق في إمارة منطقة الرياض".

وبرغم قصر الفترة التي أمضاها الأمير سلمان قبل توليه اليوم ولاية العهد فإن الصفقات العسكرية التي حصلت عليها السعودية مؤخراً، تحمل دلالات واضحة على جهود حثيثة لتعزيز الأمن السعودي، وحتى الخليجي والإقليمي، ولعل آخرها الصفقة الأخيرة المتضمنة طائرات مقاتلة متقدمة من طراز f-15 للسعودية بقيمة تصل إلى 29.4 مليار دولار.

وبذلك تُعَدّ السعودية ثالث دولة في العالم بعد إسرائيل واليابان تشتري هذا النوع من الطائرات المتقدمة والحديثة من الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك صفقة الدبابات الألمانية الأخيرة.
العناية بالتاريخ السعودي
هذا بالإضافة لجانب مهم آخر لدى ولي العهد، هو كونه أحد أبرز رعاة ودعم وتدوين التاريخ السعودي، فهو المشرف العام الذي يقود مسيرة المؤسسة التاريخية المعروف بدارة الملك عبدالعزيز التي تتولى مسؤولية تدوين وحفظ تاريخ السعودية والموروث والعناية بهما.

وفي شهادة له يؤكد الأمير الدكتور عبدالعزيز بن عياف، أمين منطقة الرياض وهو أحد من عايشوا الأمير سلمان لـ15 عاما أن "الأمير سلمان قدم مفهوماً مبتكراً للإدارة الجديدة". مستشهداً بعبارة كان يقولها الدكتور محمد عبده يماني، رحمه الله، عندما خاطب الأمير سلمان في إحدى المناسبات بـ"أصحاب السمو الملكي الأمراء سلمان بن عبدالعزيز". وظن البعض أنه خطأ مطبعي، ولكن قصد ما قاله بدقة وعناية عن معرفة.

يقول الكاتب في صحيفة "الوطن" علي الأمير في تعليق له بعد تولي الأمير سلمان لحقيبة وزارة الدفاع: "سلمان بن عبدالعزيز.. وإن اختلف عنوان مكتبك: سوف تفتقد منطقة قصر الحكم بأكملها لتلك الإطلالة الصباحية النشيطة والمحفزة لسلمان بن عبدالعزيز، الذي تعودت الرياض أن توقظه كل صباح، كما توقظ الأمهات أبناءهن الكبار. كان يشق طريقه في موكب متواضع لا تكاد تشعر به الطرقات، بل يشعر به نبض الرياض وطموحها".

مضيفاً: "الرياض لم تكن "بحاجة إلى إدارة بالمعنى التكنوقراطي فقط، بل إلى إدارة ثقافية واجتماعية تلك التي يحتاج التعامل معها إلى استيعاب كل ذلك، وتحويله إلى عوامل تؤثر إيجاباً في عملية البناء والتنمية والنهضة".
معلم يشتكي والحق في اليوم التالي
أما الموقف فهي كثيرة جدا عن الأمير سلمان، ومنها ما ذكره الكاتب محمد بن عبدالله المشوح عن أحد المعلمين، الذين تعرضوا لاعتداء وشتيمة من أحد الشباب؛ فتوجه شاكياً للأمير سلمان في مجلسه، "ليسأله الأمير وماذا تعمل، قال: أعمل مدرسا، فقال له: لا ولن نسمح لأحد أن يتطاول أو ينال من معلم أبنائنا، وقدم له رقم السيارة وهاتفه، وبعد يومين اتصل به مسؤول من الإمارة وأخبره بأن الشاب موقوف وعليك المراجعة لأخذ حقك.

يقول: لم أتمالك نفسي من هذا الموقف الذي شعرت فيه بأننا بحق في عصر ولاية عادلة راشدة".

ويضيف "المشوح": "إنها صورة من صور حكم سلمان بن عبدالعزيز لعاصمة يتجاوز سكانها ستة ملايين نسمة، الوصول إلى الأمير لن يكلفك سوى إيقاف سيارتك لتدلف إلى مجلسه مباشرة، تتحدث ببساطة وتقدم ورقتك وشكواك".

الجانب الآخر الذي قد لا يعرفه الكثيرون هو العلاقة الوثيقة بين الأمير سلمان والإعلاميين فهم يعتبرونه نصيرهم. الأمير سلمان الذي منحه الملتقى الإعلامي العربي الثامن بالكويت الجائزة العربية للإبداع الإعلامي 2011.

يقول وزير الإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة في كلمة في الملتقى: "تكريم الأمير سلمان بن عبدالعزيز بجائزة الإعلام العربي 2011 نظراً لحكمته ورعايته الكريمة للإعلاميين, يطيب للإعلاميين إطلاق لقب "صديق الإعلاميين" على الأمير سلمان بن عبدالعزيز لحبه للإعلام ودفاعه عن الإعلاميين في مواقف كثيرة أصبحت علامات على طريق الإعلام العربي".