عمّان - صلاح العبّادي- يشارك الأردن اليوم العالمين العربي والإسلامي الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج الشريفين.
وتقيم وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية تحت الرعاية الملكية السامية احتفالا دينيا في قاعة المؤتمرات في المركز الثقافي الإسلامي التابع لمسجد الشهيد المؤسس عبد الله بن الحسين طيب الله ثراه .
واعتبرت شخصيات دينية سياسية ان حادثة الإسراء والمعراج تذكر بالرباط الوثيق بين مسرى النبي عليه الصلاة والسلام ومعراجه ليبقى المسجد الأقصى المبارك صورة حية في أذهان الأمة على مر الزمان وقلبا نابضا بوحدتها.
وبهذه المناسبة استذكرت الشخصيات الظروف التي تحيط ببيت المقدس مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم وموضع عروجه الى السماء, فهو اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين الذي حرص الهاشميون وهم اصحاب الولاية الشرعية والدينية على رعايته وحمايته وصونه حتى يبقى نبراسا يضيء طريق عزة الامة وفخارها.
كما استذكرت تضحيات القيادة الهاشمية على مر التاريخ والاعمارات الهاشمية المتواصلة لبيت المقدس والمسجد الاقصى.

العبادي : الإسراء
والمعراج .. دروس وعبر


وقال وزير الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور عبد السلام العبادي إن ذكرى الاسراء والمعراج تفيض بمعان كبيرة ، وتثير في النفس مشاعر عظيمة، فهي تذكرنا بمراحل صعبة مربها رسولنا الاعظم عليه صلوات الله وسلامه ، وعانى فيها ما عانى في سبيل اداء رسالته ، وتبليغ دعوته، الرسالة التي حملها اياه المولى جل وعلا دينا خاتماً، وللناس كافة ، ينظم الواقع الانساني بكل ابعاده ، ويحقق الخير والسعادة للانسان في الدنيا والاخرة، قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) .
ولفت الى أن كلمات مشرقة تظهر بكل وضوح كيف سدت ابواب الارض في وجهه عليه السلام .. وتتجلى العناية الالهية به بأن تفتح له ابواب السماء ، ويكون حادث الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى ، ثم العروج إلى السموات العلى من المسجد الاقصى اليها ،حيث رأى من آيات ربه ما رأى ، فيكون لهذا الحدث الخالد دلالاته واثاره على الدعوة ، ودروسه وعبر مشكاة فياضة بكل انواعها والعبر... نقف عند بعضها في هذه المناسبة المحدودة في ظلال قوله تعالى الذي سجل هذا الحدث قرآنا يتلى على مر العصور والايام، (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ).
وقال العبادي إن هذا الحدث يؤكد ارتباط المسجد الاقصى بالمسجد الحرام ارتباطاَ خالداَ فكان روحياً دخل فيه هذا الدين الحنيف فلسطين وبلاد الشام ارهاصاً مباركاً للفتح المادي الذي جاء بعد ذلك يؤكد منزلته العظيمة في دين الاسلام وجهود المسلمين ، فلا يمكن لهم التفريط به والرضا بالاعتداء عليه وتدنيسه من غيرهم يهوداً وافرنجة او أي غازين فإنقاذه جزء من عقيدتهم وعنوان وفاء لنبيهم ، وتمسك بعقيدتهم ودينهم ، وصلاة الرسول الاعظم بالانبياء في المسجد الاقصى ابراز لوحدة الديانات السماوية وان الاسلام هو الرسالة الخاتمة للناس كافة.
واشار الى ان فرض الصلوات الخمس في السموات العلى بيان لان الصلاة المعراج الدائم لأرواح المؤمنين الى الملكوت الاعلى حرصاً على احكام الصلة بالمولى جل وعلا والتزاماً بالسير على شرعه وهديه سبحانه.
واشار الدكتور العبادي الى أن امورا عديده تتصل بهذا الحدث وخواطر كثيره منها ان رسول ومعراجه كان بروحه وجسده وهذا ظاهر في قوله تعالى (بعبده) وانه تم باليقظة ، وليس في المنام، وهذا ظاهر بقوله تعالى (اسرى) وان الارض المحيطة بالمسجد الاقصى قد بارك الله فيها وغير ذلك مما بين العلماء الاجلون في تفسيرهم لهذه الآية.

خيري : الإعمار الهاشمي مستمر
وقال السفير الفلسطيني في عمّان عطا خيري إن اعمال الترميم والصيانة من قبل الهاشميين في المقدسات الاسلامية والمسيحية في مدينة القدس لم تتوقف منذ بدايات القرن الماضي ، وانشأت لجنة اعمار المسجد الاقصى المبارك (قبة الصخرة المشرفة) لهذه الغاية التي تشرف على هذه الاعمال اضافة للرعاية الاردنية المتواصلة للاوقاف الاسلامية في المدينة المقدسة.
واضاف «أن الاردن يخوض معارك سياسية ودبلوماسية عديدة عبر المنظمات والهيئات والجمعيات العالمية العديدة دفاعا عن القدس في مواجهة الاطماع الاسرائيلية الى جانب اعمال الرعاية والصيانة والترميم والبناء ، ويكاد يكون الدولة العربية الوحيدة التي تتصدى بشكل دائم لسياسات الاحتلال في القدس وممارساته التهويدية» .
وعرض خيري لمراحل الاعمار الهاشمي للاقصى، وما رافقه من دعم سياسي ودبلوماسي ومعنوي للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة،
مشيرا إلى المستشفيات الميدانية الاردنية في غزة وجنين ورام الله التي تقدم العلاجات مجانا لابناء الشعب الفلسطيني، وقوافل الخير الهاشمية التي وصلت الى جميع المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.
وقال «نقدر جهود جلالة الملك عبدالله الثاني التي يبذلها من اجل دعم الحقوق الفلسطينية والقضية الفلسطينية العادلة ، وحرص جلالته الاكيد على اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
الخصاونة: مكانة «الأقصى» مميزة
من جانبه تناول المفتي العام الشيخ عبد الكريم الخصاونة مكانة المسجد الأقصى في قلوب المسلمين، وقال «إن الله تعالى جعل للمسجد الأقصى مكانة مميزة في قلوب المسلمين، وهي مكانة دينية تنبع من صميم عقيدتهم، وكفى بمعجزة الإسراء والمعراج تشريفاً وتعظيماً».
واشار إلى أن مكانة المسجد الأقصى الدينية تبعث في نفوس المسلمين الاعتزاز بدينهم، والتمسّك بحقوقهم، والثقة بربهم عز وجل .
كما اشار الى ميزات المسجد الاقصى وبين أن اولى الميزات تتمثل بأن البيعة تمت فيه؛ إذ اجتمع الأنبياء في بيت المقدس، ولم يجتمعوا في مكان آخر سواه، وأمَّهم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، ورحب كل نبي بمحمد صلى الله عليه وسلم وأثنى على رسالته، وتمت له البيعة، وتسلم القيادة، فكان لقاءً ربانياً تتعانق فيه قيم الأنبياء جميعاً.
وثانيها أنه قبلة المسلمين الأولى ، وثالثها أنه ثاني مسجد بني في الأرض بعد المسجد الحرام، وثالث الحرمين الشريفين في القدسية بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ، كما ان أرضه وما حولها مباركة ، وانه بيت المقدس مقام الطائفة المؤمنة المنصورة إلى قيام الساعة، حتى يقاتل آخرهم الدجال .

الفاعوري: محطة
مهمة في الدعوة الإسلامية
وبينت العين نوال الفاعوري أن «حادثة الإسراء والمعراج شكلت إحدى المحطات المهمة في تاريخ الدعوة الإسلامية، إذ انها كانت تكريما ربانيا لسيدنا محمد عليه السلام وإشعارا له بسمو منزلته وحتمية انتصار دعوته وبلوغها أهدافها في هداية الخلق بالرغم من شدة الكيد والصد الذي واجهه سيد الخلق محمد عليه السلام».
واوضحت ان قصة الاسراء والمعراج وأحداثها تمنحنا ثقة بالله عظيمة وفهما حقيقيا لطبيعة الصراع الدائر في هذه المنطقة ، ويتوافق ذلك مع ما يقدم من تضحيات في فلسطين وغيرها من البلاد الاسلامية، فضلا عن الجهود السياسية الكبيرة التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني لتوحيد صفوف المسلمين ونظرتهم للأحداث السياسية.

الحجاوي : ذكرى
عظيمة وحافز للأمة
وقال المفتي العام الأسبق الشيخ سعيد الحجاوي إن ذكرى الاسراء والمعراج التي تشكل ذكرى عظمة هذه الامة وبداية مجدها لأنها خير أمة اخرجت للناس، ولأنها وارثة الديانات، والرسول محمد عليه الصلاة والسلام ربط بين المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الاقصى بالسماوات العلى.
واضاف أن هذه المناسبة تتضمن تذكيرا للأمة بوحدتها خلف قيادة الرسول، وأن لا مجد ولا عز الا باتباع سيرة خير المرسلين لتعود للامة عزتها وكرامتها التي هي من عزة الله، وحافز لكل مسلم أن يراجع حسابه مع ربه ودينه، وحافز للامة لأن تجدد حيويتها وكيانها وتتصدر الامم بمكانتها التي ارادها الله.

كنعان: القدس خط أحمر
وقال أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان إن فضائل المسجد الأقصى تنسحب على القدس التي تحتضنه، فمن الطبيعي أن تحتل القدس بمقدساتها الإسلامية مكانة محورية في فكر وسياسة القيادة الهاشمية التي تتمتع بالشرعية الدينية بحكم انحدارها من صلب سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، وكذلك بالشرعية التاريخية المتجسدة في الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف الحسين بن علي المدفون الى جوار المسجد الأقصى بوصية منه.
وكذلك كان نهج نجله الملك الشهيد عبدالله بن الحسين الذي استشهد على باب المسجد الأقصى وهو يهم بدخوله لاداء صلاة الجمعة سنة 1951م، الأمر الذي يعبّر عن انتماء روحي وتاريخي للقدس وأقصاها ومقدساتها الدينية. لذا فإن مكانة القدس الدينية لدى الهاشميين لا بد أن تؤسس على المرتكزات الدينية والتاريخية من خلال روابط مقدسة .
واشار كنعان الى أن القضية الفلسطينية والقدس هما محور النشاط السياسي والدبلوماسي لجلالة الملك عبدالله الثاني منذ توليه لسلطاته الدستورية لذا فليس غريبا أبدا أن يحمل جلالته هاتين القضيتين حيثما رحل وحل في شتى أنحاء المعمورة باعتبارهما قضيتين وطنيتين، فضلا عن أنهما قضيتان قوميتان وإسلاميتان ولهذا ظلت تلك القضايا تستحوذ على تفكير جلالته, ومحور أحاديثه في كل لقاءاته مع مؤسسات ودوائر صنع القرار السياسي الدولي.
واكد كنعان اهمية وضع إستراتيجية عربية للدفاع عن القدس ومواجهة إجراءات المحتل بحقها وتعرية المواقف المتخاذلة أو المتواطئة مع المشروع الإسرائيلي ضدها.