بصدور الإرادة الملكية السامية الموافقة على قانوني المحكمة الدستورية والأحزاب, يمكن القول باطمئنان وثقة ان مسيرة الاصلاح تتكرس في المشهد الأردني بزخم واصرار على المضي قدماً في تجسيد الدولة الديمقراطية التعددية التي تحترم حقوق الانسان وثقافة الحوار والاحتكام الى صناديق الاقتراع ودائماً وعلى الدوام دولة القانون الذي لا يعلو عليه أحد ولا يتميز فيه لصالح أحد وكل ما يكرس العدالة عملياً وملموساً لكل المواطنين..
ما تم انجازه من حزمة الاصلاح يؤشر في شكل لا يقبل التأويل ان لا رجعة عن الاصلاح بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأن القوانين التي جرى إقرارها وتم توشيحها بالارادة الملكية تضع الأمور في سياقها الطبيعي الذي أخذ مساراته ودلالاته بدءاً من التعديلات الدستورية وقانون نقابة المعلمين والهيئة المستقلة بالانتخابات وقانون الاحزاب والمحكمة الدستورية بكل ما يعنيه وجود هذا الصرح الكبير في حياتنا ومشهدنا الوطني والمهمة النبيلة المناطة بهذه المحكمة سواء في الرقابة الدستورية على القوانين أم في تفسير نصوص الدستور ناهيك عما تشكله من طمأنينة لدى كل الأردنيين الذين باتوا على قناعة أن قيادتهم الفذة جادة ومصرّة في انجاز ما تبقى من مسيرة الاصلاح وإقرار التشريعات الخاصة بها وبما يضمن حياة سياسية نشطة وجادة ومجتمعاً حراً وديمقراطياً ومؤسسات كفؤة تعمل لخدمة المصالح العليا لهذا الوطن ولا تتيح المجال لأي محاولة لإعاقة المسيرة الديموقراطية أو عرقلتها أو توظيفها لصالح حزب أو فئة أو جهة أو جماعة بل لصالح الوطن والمواطنين وبما يكفل حقوقهم ومشاركتهم في صنع القرارات التي تهمهم..
ولعل ما لفت إليه جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه يوم أول من أمس رئيس وأعضاء مجلس النواب بضرورة إدراك أهمية عامل الوقت في هذه المرحلة وما يتطلبه من عمل بالسرعة الممكنة لتلبية تطلعات المواطنين في مستقبل أفضل على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية يؤكد في جملة ما يؤكده اصرار جلالته على استكمال وانجاز القوانين الناظمة للحياة السياسية وفي مقدمتها قانون الانتخاب وبما يضمن إجراء انتخابات نيابية على أسس من الشفافية والنزاهة والحيادية قبل نهاية هذا العام.
ما تبقى إذا في رزمة القوانين الناظمة للحياة السياسية هو قانون الانتخاب وقائد الوطن يولي هذا القانون أهمية خاصة ولأجل ذلك فان جلالته حرص على التأكيد أمام ممثلي السلطة التشريعية بضرورة التسريع في انجاز هذا القانون داعياً اياهم الى النهوض بمسؤولياتهم تحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا التي هي فوق كل اعتبار وتعزيزاً لمسيرة الاصلاح الشاملة..
ما نقله رئيس مجلس النواب عما دار من حديث بين جلالة الملك والنواب وخصوصاً قول جلالته بأننا نريد قانون انتخاب ترضى عنه أغلبية الناس ويتوافق عليه الجميع بحيث يكون محققاً لأكبر قدر من المشاركة, يؤكد أن جلالة الملك يقف في مقدمة هذه المسيرة المباركة رائداً ومباركاً لمبادئها وأهدافها النبيلة ومصراً على تكريس الأردن نموذجاً يحتذى في المنطقة بأسرها واحة للحرية والديمقراطية وسيادة القانون وتكافؤ الفرص والمشاركة الشعبية.