عُرفت أوروبا دوما بالقارة العجوز، ولكن شاءت الأقدار أن تولد بطولتها لكرة القدم متأخرة عن أفريقيا التي سبقتها بثلاث سنوات، وأمريكا الجنوبية التي توشك على الاحتفال بالمئوية، فلم يكن كأس الأمم الأوروبية حدثا معروفا قبل الخامس من أبريل/نيسان عام 1959 حين انطلقت أولى مباريات تصفيات النسخة الأولى.



وكانت المواجهة آنذاك بين جمهورية أيرلندا وجمهورية التشيك وانتهت لصالح الأخيرة 4-2 بمجموع مباراتي الذهاب والعودة لتدخل أدوارا متقدمة من التصفيات انتهت بنصف النهائي الذي أقيم بنظام البطولة المجمعة.



واستضافت فرنسا النسخة الأولى للنهائيات عام 1960 بحضور التشيك والاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا، حيث اعتمد نظام البطولة على مباراتين لنصف النهائي يلتقي الفائز منهما في النهائي مباشرة.



ونجح السوفيت بقيادة الحارس المنيع ليف ياشين وأسماء مثل فالنتين إيفانوف وفيكتور بونيدلنيك في رفع الكأس الأولى بالتغلب على يوغوسلافيا في باريس بهدفين لواحد بعد اللجوء لوقت إضافي.



نظمت إسبانيا النسخة التالية في 1964 بعد أن انسحبت من تصفيات البطولة الأولى اعتراضا من نظام الجنرال فرانسيسكو فرانكو على فكرة مواجهة السوفيت في التصفيات.



وضمت النهائيات بجانب أصحاب الأرض كلا من السوفيت حاملي اللقب والدنمارك بالإضافة إلى المجر التي عرفت بعثا لجيل الخمسينيات بقيادة فلوريان ألبرت وفيرينك بيني.



قاد نجم ريال مدريد أمانسيو الإسبان إلى الفوز على المجر (2-1) في مدريد بتسجيله هدف الفوز في الوقت الإضافي في حين استمتع السوفيت بمعالم برشلونة واكتسحوا الدنمارك بثلاثية نظيفة ليواجهوا أصحاب الأرض في النهائي بحضور فرانكو.



عرف النهائي بداية مثيرة بهدف لكل فريق في الدقائق العشرة الأولى، ولكن التعادل ظل سيد الموقف حتى نجح مارسيلينو في خطف هدف الفوز للإسبان قبل النهاية بست دقائق، ليضيف جيل لويس سواريز كأسا إلى سجلاته.



تم اعتماد نظام جديد للتصفيات بعد ذلك بتقسيم المشاركين إلى ثماني مجموعات يتأهل أبطالها إلى ربع النهائي الذي يمنح جواز العبور إلى النهائيات والتي أقيمت عام 1968 في إيطاليا.



كان يعرف الإيطاليون أن ظهورهم الأول في المربع الذهبي وسط أنصارهم سيكون صعبا، وهو ما تحقق بالفعل بتعادل سلبي مع الاتحاد السوفيتي في نابولي دام 120 دقيقة ليلجأ الطرفان إلى القرعة لتحديد الفائز.



ابتسمت العملة لأصحاب الأرض بالفعل ومنحتهم موعدا في النهائي بروما مع يوغوسلافيا التي قادها الهداف دراجان دجاييتش لتحقيق فوز متأخر على أبطال العالم آنذاك: إنجلترا.



منح دجاييتش الأفضلية لليوغوسلاف في المباراة النهائية ولكن أنجيلو دومينجيني تعادل للأتزوري قبل عشر دقائق من النهاية.



وبدلا من القرعة، لجأ الفريقان إلى لعب مباراة فاصلة بعد يومين بسط فيها الطليان سيطرتهم وحسموها مبكرا بهدفين من توقيع جيجي ريفا وبييترو أناستازي ليتوج الفريق بطلا للقارة قبل عامين من بلوغه نهائي كأس العالم بفريق يضم أسماء ذات ثقل مثل جياني ريفيرا وجاشينتو فاكيتي وساندرو ماتزولا.



استضافت بلجيكا النسخة التالية في 1972 ولكنها خسرت أولى مبارياتها أمام ألمانيا بهدفين لواحد فيما واصل السوفيت حضورهم المميز وأزاحوا المجر بهدف دون رد.



كشفت ألمانيا السبعينيات عن أنيابها في المباراة النهائية ببروكسل، وحسمت اللقاء لصالحها بثلاثية نظيفة سجل منها جيرد مولر هدفين وأضاف هربرت فيمر الآخر ليرفع فرانز بكنباور الكأس الغالية.



للمرة الأولى غاب السوفيت عن النهائيات، حيث استضافت يوغوسلافيا نسخة 1976 بحضور الألمان حاملي اللقب وهولندا بقيادة يوهان كرويف وكذلك تشيكوسلوفاكيا.



خسر الهولنديون مباراتهم الأولى أمام تشيكوسلوفاكيا (1-3) في زغرب بعد الوقت الإضافي، فيما استفادت ألمانيا من ثلاثية ديتر مولر لتهزم أصحاب الأرض (4-2) بعد التمديد.



فاجأت تشيكوسلوفاكيا الألمان بهدفين في أول 25 دقيقة في المباراة النهائية، ولكن عزيمة الماكينات نجحت في انتزاع التعادل لتدفع بالمباراة حتى ركلات الترجيح للمرة الأولى في تاريخ النهائي.



أهدر أولي هوينيس ركلة ترجيح لألمانيا فيما أدهش أنطونين بانينكا العالم حين تقدم لتسديد الركلة الحاسمة لتشيكوسلوفاكيا ووضع الكرة بكل برود وبطء في منتصف المرمى ليسجل هذه الطريقة باسمه ويمنح شرق أوروبا ثاني لقب منذ تتويج السوفيت في النسخة الأولى.



توسعت النهائيات لتضم ثمانية فرق بدءا من نسخة 1980 في إيطاليا والتي شهدت الحضور الأول لليونان، فيما تم الاتفاق على أن يلعب متصدرو المجموعتين المباراة النهائية مباشرة دون دور نصف نهائي.



فازت ألمانيا بقيادة كارل هاينز رومينيجه وكلاوس ألوفس على تشيكوسلوفاكيا حاملة اللقب وهولندا وتعادلت مع اليونان لتتصدر المجموعة الأولى، وتقابل في النهائي مفاجأة البطولة بلجيكا التي فازت على إسبانيا وتعادلت مع إيطاليا وإنجلترا.



كان الفريق البلجيكي بقيادة المدرب جي تيس يضم مجموعة من الأسماء المميزة مثل الحارس جان ماري فاف ولاعب الوسط رينيه فاندريكين والمدافع إريك جيريتس والمهاجم فرانسوا فان دير إلست وهي النواة التي بلغت نصف نهائي كأس العالم 1986.



في المباراة النهائية بروما، سجل المهاجم الألماني هورست هروبيش هدف الأسبقية بعد عشر دقائق فقط من البداية، فيما انتظر البلجيك حتى آخر ربع ساعة ليتعادل فاندريكين بركلة جزاء.



وقبل دقيقتين فقط من النهاية، أثبت هروبيش أن استدعاءه للبطولة كان قرارا صائبا من المدرب يوب دريفال ومنح ألمانيا هدف الفوز واللقب القاري الثاني.