على الدوام هنالك أناس، لا تقف التحديات أمام إرادتهم ، وفي الأردن هم نماذج شابه امتلكوا الإرادة والعزم والقدرة، بتحقيق إنجازات شكلت نماذج وحكاية ملهمة لمن يريد الانجاز.
قصص نجاح، روادها شباب أردني، جسدوا من خلال إنجازات فريدة ومتنوعة، «قصة وطن»، لم تحل التحديات التي واجهته على الدوام من التفرد كنموذج يحتذى في تجارب اعتمدت دوما على إرادة قوية تغنيها ثروة بشرية، تتجاوز حدود الموارد لتصنع إنجازات تبشر بمستقبل وطن مشرق.
هذه القصص المتنوعة في الموضوعات، توحدت بعناصر نجاح ركيزتها الإرادة والعزم والمبادرة والوقوف على كل أسباب التأهيل، لتتبدل محدودية الامكانات إلى وفرة اقتصادية، أمنت فرص عمل لكثيرين من شباب الاردن، وقدمت نماذج على الحلول لمشكلات تكاد تكون مستعصية، لكن هذه الأعمال الريادية دحضت هذه النظرية، إذ أن لا مستحيل أمام «إرادة وعزم ومبادرة الإنسان» وهي ثروة الاردن التي لا تنضب وطالما فاخرت وراهنت عليها قيادته أمام العالم بأسره.
هؤلاء الرواد، عملوا بصمت، ليتركوا الإنجازات التي حققوها، يتحدث عنهم كرواد، نجاحهم لا تحتاج إلى دعاية وتسويق، بل تلك القصص تقدم نفسها من خلال نتائجها على ارض الواقع.
ومن بين العديد من هذه القصص، هنالك خمس قصص نجاح، تحكي كل منها قصة إنجاز وحكاية وطن، تحتار في أي منها تبدأ، فرغم تنوعها إلا أن لكل واحد منها ما يميزها عن غيرها، إلا أن عناصر نجاحها، اجتمعت لدى جميع القائمين عليها من إرادة وعزم .
فأحمد عيسى الخطيب، وفريق من زملائه ، الذين باتوا يملكون شركة للتجارة الالكترونية تعد الأولى في الوطن والمنطقة العربية، إلى الدكتور حسيب صهيون وزملائه الذي باتت مختبراته الطبية منتشرة في المملكة ودول عربية، ورامز كاليس وأصدقائه، مالكو مركز اتصال «كريستال كول» الى سمر حبايب التي طورت مشروع صلصال للتراث لتدخل منتجاته متحف اللوفر في باريس، الى ربيع زريقات الذي جسر العلاقة بين الغني والفقير في مشروع «السياحة التبادلية» بما يعود بالنفع للجميع وتنمية المجتمعات، جميعها قصص نجاح، تقدم للجميع نماذج تستحق أن تكون قدوة للآخرين بما يخدمه والوطن.





فبعد عودة أحمد عيسى الخطيب من الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2010، لم ينس دعوات جلالة الملك عبدالله الثاني للشباب الأردني هنالك من خلال لقاءاته بهم بضرورة خدمة وطنهم، وأخذ يفكر كيف يمكن لهم استغلال خبرته التي اكتسبها في مجال الانترنت وتجارتها في الاردن، ليجد فكرة إنشاء شركة أو مركز لتسويق بضائع الشركات العالمية في الاردن والوطن والعالم.
هذه الفكرة، لم تلق بداية استجابة من مستثمرين أردنيين في البداية، باعتبار إنها خطوة متقدمة على الواقع وان العمل بها يحتاج الى سنوات، فما كان منهم و(6) من الشباب أن يستأجر مخزن في منطقة بيادر وادي السير وبرأسمال يقدر بحوالي (7000) دينار، وفي أول خطوة عمل لهم، حيث توقعوا أن تبلغ قيمتها (6) ألاف دولار كانت نتيجة في أول شهر (60) ألف دينار
هذه النجاح المبدئي، حفز أحمد وزملائه للبحث عن مستثمر أجنبي يدعم فكرتهم، فحصلوا على دعم من مستثمر بلجيكي بقيمة (500) ألف دينار، وذلك في شهر تشرين ثاني من العام 2010، أي في الشهر الثاني من انطلاقة الشركة (markavip) ، وتوسع سوق العمل من الاردن ودول خليجية الى لبنان وتركيا وأمريكا ، وكذلك وارتفع حجم العمل وكذلك المستثمرين في المشروع الذي أصبح حجمه ألان (22) مليون دينار، بعد دخول مستثمرين أردنيين وهولنديين، وأصبح لديهم عبر موقع شركتهم على الموقع الالكتروني ( مليون عضو).
إلا أن الدكتور حبيب صهيون، انطلقت فكرته هو وزملاء أربعة في العام 1993، من باب ريادية في ضمان استمرارية إيجاد خبرات طبية مخبرية، إذ السائد آنذاك الاعتماد على أشخاص، وان فكرة إنشاء مجموعة مختبرات ستساهم في خلق أجواء تنافسية واعتمادات دولية.




هذا الطموح، تحقق، بإرادة القائمين عليه، حيث تطور مشروعهم، الذي في البدايات كان أربعة مختبرات طبية ( مدلاب) يعمل فيها (25) موظفا الى (42) مختبرا منها (31) في الاردن منتشرة في مناطق ومحافظات في المملكة و(11) في دول عربية منها الكويت ورام الله والسودان وقريبا في اربيل، وبحجم موظفين وجميعهم من أصحاب الاختصاص الى (250) موظفا منهم (11) من الأخصائيين و(7) حملة شهادة الدكتوراه والباقي من حملة الشهادة الجامعية.
هذا الإنجاز، لم يكن بالبعد الكمي، بل رافقه في البعد النوعي، فمختبرات «مدلاب)، بحسب رئيس مجلس إدارتها والرئيس التنفيذي لها الدكتور حسيب، حاصلة على الاعتماد الأمريكي، الذي يعد أعلى اعتماد عالمي، وكذلك على الاعتماد الأوروبي للطب المخبري، الى جانب إنها حصلت على جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز في القطاع الخاص.
فكرة أربعة أصدقاء، كانت تجمع ثلاثة منهم زمالة في إحدى شركات التسويق، جعلوا منها حقيقة وريادية في الإنجاز، تسمى الان «كريستال كول»، وهي عبارة عن شركة تقدم خدمة للرد على المكالمات الواردة والصادرة وتقديم الإسناد الى جهات خارجية.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة رامز كاليس انه في العام 2006 قرر هو وزملاء وأصدقاء له البدء بتنفيذ هذه الفكرة وانه بالعزم والإرادة تمكنا من تحقيق وتجسيد هذه الفكرة الى حقيقة على ارض الواقع ، حيث تم توفير مستثمرين أردنيين وانطلقت الشركة برأسمال (650) ألف دينار، نظرا الى أن ثمن المقاسم وبرمجيات الرد مرتفعة، ومن اصل (25) موظفا عند انطلاق الشركة بات لديهم (250) موظفا ن وارتفع قيمة الاستثمار الى مليون دينار، وباتت الخدمات تقدم الى شركات في دول عربية.
وأضاف أن الشركة بصدد فتح فرع لها في محافظة الكرك، ستقدم خدماتها هنالك وتوفر فرص عمل لـ(50) شابا هنالك.
أما قصة مبادرة ذكرى، ، كما يرويها مؤسسها ربيع زريقات (32 عاما) ، حيث قرأ في العام 2007عن جيوب الفقر المعلنة من قبل الحكومة الأردنية، وكان من ضمنها منطقة غور المزرعة - الكرك .
ويرى ان بعض الظروف المناخية والاقتصادية جعلت هنالك صورة نمطية لتلك المنطقة مرتبطة بالفقر، فقرر القيام بزيارة لتلك المنطقة بهدف المساعدة معتمداً على الأساليب التقليدية، في جمع المساعدات وتوزيعها.
ومن خلال زياراته المتكررة وتأمله لمحيط المنطقة، جاءت فكرة استغلال مواطن وأوجه الغنى في المنطقة الغنية بالعديد من العادات والتقاليد والحرف التي وجد نفسه فقيراً بها، حيث يقول ان للغنى أوجه عدة ولا تنحصر على المال فهنالك الغني أكاديمياً أو موسيقياً أو ثقافياً أو مهنيا أو رياضيا أو أخلاقيا، وإذا تبادل كل شخص بما هو غني فيه مع الآخر ستنتج لدينا علاقة تكاملية تعمل على تعزيز وتوطيد وتنمية علاقتنا بالآخر, ومن هذه الفكرة انبثق فكر «السياحة التبادلية» كوسيلة لمد جسور التواصل بين المجتمعات والعمل على سد الفجوات الاجتماعية فيما بينهم وخلق حلقة تواصل بين سكان الريف والمدينة ، وإبراز ثراء المجتمعات المهمشة.
ويقول ربيع انه «من خلال السياحة التبادلية يتم نشر العدل في المجتمع حيث تساعد مجتمع الريف على اكتشاف ثراءه وتأخذ مجتمع المدينة بعيدا عن بيئته، من خلال السياحة يشترك كلا طرفي المعادلة على قدم المساواة في عملية تبادل يتعلم منها ويساهم فيها الجميع». إضافة الى «استثمار عائد النشاط السياحي في تنمية المجتمعات مما يعمل على تضييق الفجوة الاقتصادية».
وترتكز أهمية المبادرة على دور الثقافة في نهضة المجتمعات، قامت مبادرة ذكرى بإطلاق برنامج التنمية من خلال الفن والثقافة، من خلال عقد ورشات ثقافية وفنية لشباب وأطفال المنطقة بهدف توسيع مداركهم وتشجيعهم على الإبداع والعمل على اكتشاف مكنوناتهم. مما يساهم في إيجاد حلول إبداعية للمشاكل التي تواجههم وتواجه مجتمعاتهم».
وحاز ربيع زريقات على عدة جوائز محلية وعربية وعالمية منها: زمالة اشوكا العالمية ,جائزة الملك عبدالله الثاني للإنجاز والإبداع الشبابي, وورلد ترافل ماركت جلوبال أورد في لندن, ومبدع اجتماعي من مؤسسة سينرجوس.
وبالإرادة والتصميم والعزم، تمكنت سمر حبايب، من ان تجعل مشروع ألام ريم والخالة رولا «الصلصال» مشروعا عالميا، تدخل منتجاته متحف اللوفر، وان تجعل من لكل واحد من القائمين والعاملين فيه قصة نجاح، حيث يعمل لديها ثلاثة من ذوي الاحتياجات الخاصة.





سمر بعد تخرجها وإنهائها دراساته الجامعية في العام 2008، أرادت بعزم وهمة ان تنتقل من المشروع الذي كان يركز على إنتاج المنتجات الصدفية التي تحاكي التراث الأردني والتراث الإسلامي وبدعم شخصي، وعبر أيدي نساء عاملات يعلن أسرهن الى إضفاء الصفة العالمية على «صلصال» ومنتوجاته التي أضيف عليها إنتاج الأثاث والتحف، بنموذج أكثر حداثة.
وتقول سمر مديرة «صلصال» حاليا، ان التطور الذي أحدث على المشروع لم يقتصر فقط على المنتج بل رافقه في مهارات العاملين فيها، وكذلك على العمل الذي يعتمد على التكاملية والتشارك بين جميع العاملين فيه، وبعد ان كان يعتمد على الخزف فقط واستخدامه في تصاميم معينة، أصبح هنالك مواد خام أخرى تدخل على منتجاته.
وبعد ان كانت المنتجات تسوق في الأسواق المحلية بات لها وكلاء في دول عربية مثل السعودية وسلطنة عمان والكويت والأمارات العربية ولبنان.
وتجاوز منتوجات «صلصال» ، المستند الى دعم بسيط بحسب سمر الى ما وراء البحار، حيث دخلت المتحف البريطاني، وستكون اعتبارا من أيلول المقبل حاضرة في متحف اللوفر في فرنسا.هذه المنجز الكبير، يقوم عليها (30) موظفا فقط منهم 3 من ذوي الاحتياجات الخاصة، بجهود هؤلاء تضاعف حجم المبيعات الى أكثر من ثلاثة أضعاف.
بالمحصلة هذا غيض من فيض، إذ يمتلئ الوطن الأردني بمن هم على هذه السوية ... فهم شباب أردني فكر ونفذ بعد ان امتلك إرادة لا تعرف الانهزام ليحققوا انجازات أمنت لهم ولغيرهم فرصا من العيش الكريم ومنه إلى تحقيق الرفاه.