انطوى الحديث المسهب الذي ادلى به رئيس الوزراء د. فايز الطراونة للتلفزيون الاردني يوم اول من امس على سلسلة من الحقائق والمعطيات يجدر بالمعنيين اخذها في الاعتبار وبخاصة عند تناولهم لمسألة تعديل الاسعار كمقدمة لمعالجة كثير من التشوهات في الاقتصاد الوطني وبخاصة تلك التي فرضت علينا من الخارج اضافة بالطبع الى اعتماد الاردن الكبير على استيراد الطاقة والمواد الغذائية..
ولعل ما لفت اليه الرئيس الطراونة من ان هناك بعض المواد لا يستطيع المواطن مواجهتها كون كلفتها عالية جدا ما يعني ان الحكومة لن تمس اسعارها الراهنة مثل الكاز والسولار والغاز والقمح والشعير، الأمر الذي يشي بأن الحكومة وهي تستعد للاقدام على قرارات صعبة لا بد منها تجد نفسها أمام مسؤولية وطنية مضاعفة فهي لن تثقل على كاهل الفقراء ومحدودي الدخل وستواصل دعمها لهذه المواد الأساسية الا انها في الآن ذاته لن تقدم على تعديل الأسعار في شكل عشوائي بل من خلال دراسة تجريها في هذا المجال وعد الرئيس الطراونة بأن تكون دراسة جادة وموضوعية تستوجب من القادر ماديا ان يتحمل جزءا من العبء.
واذ اعرب رئيس الوزراء عن ثقته بأننا قادرون على تجاوز هذه الظروف فان ما يزيد من الثقة والاطمئنان بأن الحكومة مدركة لصعوبة ودقة المرحلة التي نمر بها هو ما حسمه الرئيس الطراونة عندما قال في وضوح ان الحكومة ستبدأ بنفسها وبحلقة كبيرة من الحال التقشفية، الأمر الذي يزيد من قناعة المواطن الاردني الذي يعيش ظروفا اقتصادية صعبة بأن حكومته تشد هي ايضا «الأحزمة» حول نفسها وانها ترشد من استهلاكها وانفاقها غير الضروري والكمالي وربما غير المبرر اعادة تأكيد الرئيس الطراونة على التزام الحكومة التوجيهات الملكية وما ورد في كتاب التكليف السامي حول الشأن الاقتصادي وما تنوي الحكومة القيام به على المدى المتوسط سواء من حيث اعادة النظر في عدد من التشريعات (بعضها موجود في مجلس النواب) او في شأن مسألة التصاعدية في ضريبة الدخل، يؤمل ان يفضي الى نتائج ايجابية تنعكس على نحو ملموس ومباشر على الاقتصاد الوطني حيث بات من الضروري ان تساهم بعض الشركات والمؤسسات ذات الربحية العالية في موضوع ضريبة دخل، ناهيك عن صحة ودقة ما لفت اليه رئيس الوزراء من ان المسألة لا تتعلق بالتشريع فقط وانما في تحسين عملية التحصيل لزيادة ايرادات الخزينة ومنع التهرب الضريبي..
من هنا جاءت اشارة الطراونة الى ان قانون حماية المستهلك سيخرج الى حيز الوجود والاستعجال في قانون الضمان الاجتماعي لتضع الأمور في سياقها الطبيعي حيث يجب ان ننظر الى الموضوع من جوانبه المختلفة وفق نظرة متكاملة تلحظ عدم زيادة اعباء الموازنة او زيادة العجز فيها عبر اللجوء الى تعديل اسعار المواد التي بات استمرار دعمها يشكل عبئا مرهقا وتحسين سبل تحصيل ما يستحق على المؤسسات والشركات ومكلفي الضريبة من اموال في الوقت ذاته الذي يجب فيه حماية محدودي الدخل والفقراء من الآثار السلبية لارتفاع الاسعار التي قد تصاحب عملية تعديل اسعار بعض المواد وكان جلالة الملك قد لفت اكثر من مرة الى ان الاصلاح السياسي وحده لا يكفي بل يجب ان يتزامن مع اصلاح اقتصادي واجتماعي وهذا ما يطمح اليه الاردنيون ويتمنون تحقيقه في اقرب الآجال وربما يكون تفعيل صندوق المحافظات لتحقيق التنمية المنشودة هو احدى ابرز الوسائل الناجعة في هذا الاتجاه..
رد مع اقتباس
المفضلات