عمان - بترا - وجه جلالة الملك عبدالله الثاني رسالة الى العمال بمناسبة الاحتفال بيوم العمال العالمي الذي صادف امس الثلاثاء اعرب فيها جلالته عن أعمق مشاعر الاعتزاز والمحبة والتقدير لهذا القطاع المهم والمعطاء من أبناء الوطن، الذين يواصلون البذل والعطاء تعزيزاً لمسيرة الاردن الخيرة في جميع المجالات.
واكد جلالته ضرورة تكامل جهود مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لتوفير فرص العمل المستجيبة لقدرات وطاقات وحجم القوى العاملة، مثلما اكد أهمية صقل مهارات العمال من خلال استمرار عمليات التدريب والتأهيل، للارتقاء بمستوى تنافسيتهم، وترسيخ مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص بينهم.
وتاليا نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد، النبي العربي الهاشمي الأمين،
إخواني وأخواتي عمّال الوطن،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فيطيب لنا في هذا اليوم العالمي والوطني للاحتفال بفضل العمل، والعمّال البناة أصحاب العطاء، أن نتقدم لكل واحد منكم، في كل مواقع المساهمة في مسيرة البناء والتنمية والإنجاز، بتحية التقدير والاعتزاز، مهنئين الوطن بكم، وبجهودكم وعطائكم وتميزكم، فكل عام وأنتم بألف خير.
وفي يوم تكريمكم هذا، نسعى معكم وبكم إلى مراكمة الإنجاز واستكمال مسيرة التنمية، التي تسطرون عناوين نجاحها بإرادة صلبة تتحدى الصعب ولا تلين في سبيل تحقيق أهدافها النبيلة.
إن عقيدة ورسالة عمّال الوطن الراسخة كانت على الدوام ولا تزال تستند الى التفاني والإخلاص والعطاء، الذي قهرتم به الظروف الصعبة، وصنعتم من خلاله لأنفسكم حضورا لا يعرف اليأس، فكانت الإيجابية وروح التحدي مرشدكم وموجهكم على طريق العمل والتنمية، الذي شقه أسلافنا من الأجداد والآباء بالعزم والإصرار والتضحيات.
وها أنتم تسيرون على ذات المبادئ والقيم، ولم تحيدوا عنها أبدا، فبرز الأردن بلدا يواكب التطوير والتحديث وواحة للعمل الجاد بفضلكم وبتفانيكم، حتى أصبحت قوى العمل الوطنية مكونا أساسيا في ثقافة التميز الأردني الذي نعتز به، وأحد أهم عناوين الهوية والشخصية الوطنية الأردنية، المعتدة بقدراتها على مستوى المنطقة والعالم.
إخواني وأخواتي عمّال الوطن، اليوم، وأنتم تؤدون كما عهدناكم عملكم على أكمل وجه، وتضعون بصماتكم الواضحة في نهضة الأردن وتقدمه وازدهاره، فإن بلدنا العزيز الذي نفديه بالمهج والأرواح، لا زال ينتظر منا جميعا المزيد من البذل والعطاء وزيادة في الانتاجية. فالأوطان، لا يقام بنيانها ولا تشتد أعمدتها إلا بسواعد أبنائها وبناتها المخلصين، الذين يكرسون حياتهم خدمة لوطنهم ورفعته وازدهاره.
وإن من واجبكم علينا، وأنتم تواصلون مسيرة البناء والإنجاز بعملكم وعطائكم، أن نولي قضاياكم واحتياجاتكم كل الاهتمام والرعاية، حتى تنعموا بحياة كريمة، فتنطلقوا واثقين في مواجهة كل الظروف والتحديات، ومواكبة التطورات والمستجدات.
وبالرغم من أننا قطعنا شوطاً كبيراً في تحسين بيئة العمل السليمة والآمنة وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية للعمال، والسعي دوما وضمن الامكانيات المتاحة إلى تحقيق ما يصبو إليه عمّالنا من ظروف عمل تتيح لهم تعظيم الأداء وتعزيز الإنتاج، فإننا نؤكد هنا على ضرورة تكامل جهود مؤسسات الدولة والقطاع الخاص لتوفير فرص العمل المستجيبة لقدرات وطاقات وحجم القوى العاملة، وعلى أهمية صقل مهاراتكم من خلال استمرار عمليات التدريب والتأهيل، للارتقاء بمستوى تنافسيتكم، وترسيخ مبادئ العدالة وتكافؤ الفرص بينكم، آملين أن تبقى أطراف الإنتاج الثلاثة متعاونة في إبداع برامج تدريب فاعلة تستجيب لواقع السوق، وتمكنكم من تطوير مهاراتكم وتميزكم على مستوى الإقليم وبما يصب إيجابا في تعزيز إنتاجيتكم.
إخواني وأخواتي عمّال الوطن، إن توفير فرص عمل جديدة، وتطوير الاستفادة من الفرص القائمة، وتشجيع المبادرات الفردية في مجال الأعمال، يستوجب تعزيز الوعي المجتمعي بقيم وأهمية ثقافة العمل، خاصة لدى الشباب القادر المؤمن بأن العمل عبادة، وأن الأيدي التي تعمل أحب إلى الله عز وجل، فبوركت اليد التي تبادر وتبني، لأن حبّ الوطن والولاء والانتماء له لا يكون إلا بقدر ما نعمل لأجله، وما نقدم في سبيل رفعته ونهضته وتطوره، وتعزيز مسيرته وشحذ طاقات أبنائه وبناته ورص صفوفهم نحو المزيد من الإنجاز.
وفي هذه المناسبة الطيبة التي تجمع الإنسانية على أهميتها، ندعوكم إلى إيلاء الريادة والتميز أهمية قصوى في حياتكم العملية، فالحمد لله، لدينا جيل يمتلك أفكارا إبداعية رائدة، وإذا ما توفر له الدعم والرعاية، سيترجم هذه الأفكار إلى مشاريع وأعمال تشكل انموذجا يحتذى به، وقد بات لدينا اليوم العديد من التجارب والنماذج الخلاقة التي تشكل قاعدة لنجاحات العمل الريادي في العديد من القطاعات الحيوية. ومرة أخرى، نتوجه لكل أخ وأخت منكم بتحية الاعتزاز والمحبة والتقدير، وأنتم تواصلون البذل والعطاء تعزيزاً لمسيرة هذا الوطن الخيرة، ولتكن هذه المناسبة فرصة للدعوة إلى العمل البناء في سبيل رفعة الوطن وخير الأمة امتثالا لقول الله تبارك وتعالى في محكم كتابه (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
سائلين المولى عزّ وجلّ أن يحفظكم جميعاً، وأن يبارك جهودكم لخدمة أردننا الغالي، إنه نعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أخوكم عبدالله الثاني ابن الحسين
عمّان في 9 جمادى الآخر 1433 هجرية
الموافق 1 أيار 2012 ميلادية.